انه ذكرى وفاتها، اتكأ على عصاه بعجز متوجها نحو غرفته. برعشة عجوز مد يده نحو جيبه بحثاً عن مفتاح لا يفارقه كروحه.
فتح خزانته على مهل وأخرج صندوقه العتيق، خشبي اللون الذي قد وضع فيه كل محتوياتها من هدايا تذكارية الى عطرها الذي أحبه ورسالة يعيد قراءتها في كل عام منذ ذلك اليوم.
فتح رسالتها بأنامل أضعفها جبروت الزمان وأخذ يقرأ لتتجسد صوراً من الماضي البعيد وكأنها أمامه من ذكرياته الغنية التي أحيت بعضها على مسمعه والتي أضنته حزنا.
"أمي, حبيبي, اخوتي, صديق عمري و أعزائي...
مكاني ليس بينكم هنا, أنا على موعد مع الرحيل ولكني سعيدة. صدقوني سأتحرر من عبء الحياة الذي يفتقر الى المعاني, سأتحرر من تناقضاتها المنهكة وسأتحرر من أبناء ابليس الذين قد يدفعوني للمزيد من الخطايا, صدقوني..صدقوني.
أمي, أوصيك بالحذر من خيانة الدمعة عيونك الطاهرة, فاذا وصلت حد الضعف تذكري كم عانيت وليال كم تنهدت وستدركين حينها حق المعرفة مدى سعادتي هناك.
أخوتي, لست أنا ببعيدة ما زلت أشارككم لحظاتكم كافة, فخورة بكم وبطريقكم السوي الذي وبانجازاتكم كافة التي تزداد يوما بعد يوم وتزدادني طمأنة وسعادة هناك.
صديق عمري, بقاؤك في جوار عائلتي امتداد لي, ستراني في كل فرد منهم يا من عرفت معك الصداقة.
حبيبي, يامسك ختام حياتي ما زلت على العهد, روحي لن تفارق روحك. أتذكر كم تآمروا على حبنا وكم عانينا البعد؟ لكن حبنا الروحي كان أقوى. أتذكر كيف كنت أحدثك في غيابك عني قسرا؟. حبيبي أذكر لحظاتنا سويا وابتسم وسيبقى حضني لك أبدا تستودعه شكواك وسرورك.
ويا كل من عرفني وأحبني, ستبقى كلماتي صلة بيننا لا تنقطع ولن أقول وداعا, فليس من فراق بيننا.
سامحوني جميعا..أحبكم.
أقفل الرسالة على مقعده القش بحلول المغيب الذي جمعهما ولن تجل النهاية.
بقلم غنى جرجوعي.
مكاني ليس بينكم
Tags:
0 comments: