سيناريو "المستقبل" للتخلص من الأرثوذكسي"!
هتاف دهام - "البناء"
لا يحقق اقتراح اللقاء الأرثوذكسي فكرة الانصهار الوطني والوحدة الاجتماعية، فهو ليس قانوناً عصرياً عادلاً يصحّح التمثيل في مجلس النواب، فوظيفة هذا الاقتراح تقتصر إذا جاز القول على تحقيق ما يُسمّى العدالة الطائفية. لا يغبن "مشروع الفرزلي" الذي وصل الى الهيئة العامة، على الرغم من تهويل وتهديد تيار المستقبل، أي حزب طائفي كحاله، بل يعيده إلى حجمه الحقيقي.
إلا أنّ السؤال هل ستبصر الانتخابات النيابية النور في السادس من حزيران المقبل وفق هذا الاقتراح؟ أم أنّ وظيفة "الأرثوذكسي" لا تعدو كونه ضرورة لإقناع الفريق المستقبلي بأنّ أحلامه في الإبقاء على قانون الستين قد ولّت إلى غير رجعة.
وإّذا كان مصير هذه الانتخابات يتحدّد في مهلة لا تتعدّى الأسبوعين من الآن، فإنّ مصادر سياسية في الثامن من آذار تشير إلى "أنّ لبنان اليوم أمام مفترق طرق وعلى احتمالات ثلاثة:
1 ـ أن يتمّ الاتفاق على تأجيل تقني للانتخابات لمدة ثلاثة أشهر، من حزيران إلى تشرين الأول.
2 ـ أن تتمّ الانتخابات وفق النظام المختلط الذي يجمع الأكثري على أساس الدوائر الصغيرة، والنسبي على أساس الدوائر المتوسطة، ما يؤمّن للمسيحيين القدرة على الارتقاء من انتخاب 34 نائباً إلى 54 نائباً، وهو الحدّ الأدنى الذي يمكن أن تقبل به التيارات والأحزاب المسيحية الرئيسية، اضافة إلى خيارات أخرى لم تظهر حتى الان .
3 ـ الاحتمال الثالث، وهو الأرجح بحسب المصادر، هو ألا تحصل الانتخابات من أصلها، لأنّ المتضرّرين من إجرائها وفق القانون الأرثوذكسي، وأولهم تيار المستقبل ومن معه من قوى متطرفة، لن يعدموا وسيلة في سبيل عدم إجراء الانتخابات.
وتشير المصادر النيابية إلى أنّ الكلام التهديدي الذي صدر عن المتحدث باسم "الجيش السوري الحر" لؤي المقداد ضدّ حزب الله، لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالأزمة السورية، لافتة إلى أنّه جاء بعد أربع ساعات فقط على إقرار اللجان النيابية المشتركة اقتراح اللقاء الارثوذكسي، وبعد ثلاثين دقيقة من وصف الرئيس سعد الدين الحريري يوم الثلاثاء بأنه اليوم الأكثر سواداً في تاريخ لبنان.
وتلفت المصادر إلى "أنّ الحريري يريد عبر التهديد بلسان المقداد، الذي يتلازم كتفاً بكتف مع النائب عقاب صقر، أن يقول ما مفاده: "إذا أردتم السير بالارثوذكسي فأنا سأسير بإعدام الأمن في لبنان"، ما يعني قطع الطريق على الانتخابات.
وتربط هذه المصادر بين الحوادث الأمنية المتنقلة، بدءاً من حالة إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا أحمد الأسير، وهي حالة محتضنة من تيار المستقبل، ومدعومة منه مالياً، وهذه ورقة احتياط، وصولا الى تحريك الوضع في طرابلس.
وتؤكد هذه المصادر أنّ الضغط على حزب الله من الداخل، هو لكون هذا الحزب أنه ركن أساسي في تمرير الاقتراح الارثوذكسي، الذي يطيح بأيّ أمل سياسي للرئيس سعد الحريري ويضرب كل آماله في العودة إلى السلطة.
وتلفت المصادر النيابية إلى الخارطة السياسية للطائفة السنيّة وفقاً لاستطلاعات أجراها بتكليف قطري أكثر من مركز ومؤسسة إحصاء، حيث تبيّن أنّ نحو 30% من الناخبين السنّة هم مع السلفيين بكل ما لهؤلاء من عناوين وجمعيات ومجموعات، فيما لا يتعدّى حجم مؤيدي تيار المستقبل الـ23%، بينما يصل حجم مؤيدي قوى 8 آذار إلى نحو 35%، هذا فضلاً عن الحالة الوسطية التي يمثلها الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي.
وتعتبر الأوساط النيابية أن تيار المستقبل، انطلاقاً من هذا الاستطلاع، هو على تحالف مع السلفيين، وبالتالي لا يزال يمثل الغالبية داخل طائفته، وما الهجوم "الأسيري" على حزب الله، بين الفينة والأخرى، والداعية الشهال، وبعض السياسيين والنواب، إلا دليل على تحويل الحريري الصراع من سياسي إلى مذهبي، بحجة أنّ حزب الله هو المسؤول عن إقصاء الممثل الأبرز للسنّة عن السلطة.
وأمام هذا المشهد، تتوقع هذه المصادر النيابية "أن يعقب التوتر الأمني، حوار، فاتفاق وطني جديد يقلب صفحة اتفاق الطائف. وتذكر بمشهد العام 1988، حيث تمّ تشكيل حكومة عسكرية، وفي مقابلها استمرت الحكومة السابقة، والحكومتان حينذاك، قادتا إلى اتفاق الطائف.
إلا أنّ المصادر تتخوف من هذا السيناريو، لأنه في العام 1988 كانت المنطقة يومذاك هادئة، أما اليوم فهي كلها مشتعلة وعلى فوهة بركان، وإذا بدأت المواجهة فاننا نعلم متى تبدأ ولا نعلم متى ننتهي. وتنبّه الأوساط تيار المستقبل إلى أنه وحده من يتحمّل مسؤولية الوضع في لبنان، لأن من يريد أن يبني وطناً كما يدعي، عليه أن يخفض من نزعة الإقصاء التي اعتمدها في السنوات الماضية.
0 comments: