حزب الله": فليرتح ميقاتي
الإثنين 25 آذار 2013، آخر تحديث 08:05علي ضاحي - "صدى البلد"
صار محسوماً ان تبدأ الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة جديد بعد عطلة نهاية عيد الفصح وفي اول نيسان. فجأة تغيّرت خريطة التوجهات الداخلية من مطالب معيشية وامنية وطروحات متعددة الاشكال والالوان فقانون انتخاب توافقي الى مطلب وحيد وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة او تكنوقراط تنقذ ما يمكن انقاذه من استحقاقات مع التسليم بانعدام الافق في الازمة السورية. الكل في لبنان تجاوز تداعيات اعلان الرئيس نجيب ميقاتي عن استقالته واستمرت محركات الوزراء في العمل لاستكمال ما كان بدأ. دخلت البلاد في "عهدة" حكومة تصريف الاعمال التي يمكنها تسيير شؤون البلاد من كبائر الامور حتى صغائرها من دون ان تنعقد في جلسات دورية. ويذهب بعض المشرعين القانونيين الى الجواز للحكومة ادارة الانتخابات النيابية والاشراف عليها. التعاطي الباهت الذي لاقى فيه فريق 8 آذار استقالة ميقاتي عاكس كل الانطباعات والكلام الذي كان يردده فريق 8 آذار قبل شهر خلا حيث كان صقور وحمائم 8 آذار لا يوفرون مناسبة الا ويبدون تمسكاً بالحكومة واستمرارها منعاً لدخول البلاد في الفراغ وعدم التمكن من تشكيل حكومة جديدة لتنتقل مطالبتهم في اليومين الماضيين الى رغبة عارمة في اشراك كل مكونات الوطن في حكومة تدير الازمة وتجتاز بلبنان ضفة الاستحقاقات بنجاح. ويوحي تصاعد نبرة خطاب كل من التيار الوطني الحر وحزب الله في وجه ميقاتي على لسان كل من العماد ميشال عون وصهره جبران باسيل والنائب محمد رعد ومسؤول البقاع في الحزب محمد ياغي ان ميقاتي خرج من حسابات قوى 8 آذار بعدما حاول ابتزازهم طوال العام و8 اشهر الماضية من عمر الحكومة ولم يدع مناسبة الا وامعن في التدلل فيها حتى ضاق حزب الله ذرعاً بتصرفات وطلبات وغنج ميقاتي الذي لا ينتهي. ووفق مصادر قريبة من حزب الله فان العلاقة بين الطرفين لم تكن في احسن احوالها رغم حرص الحزب المتواصل على عدم تفجير الاوضاع بينهما. فمنذ دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة والاول في عهد حكومة ميقاتي كان الحزب يغض النظر عن تجاوزات ميقاتي لخطوطه الحمر ومنها المحكمة التي تتهم 4 قيادات منه باغتيال الرئيس رفيق الحريري فتمويل المحكمة في حكومة يشارك فيها حزب الله يعني اعترافا واضحا بمحكمة لا يعتبرها الحزب موجودة اصلا. ومنذ شهرين مر التمويل الثاني للمحكمة ايضاً بسلاسة من دون ان يعلق حزب الله مجدداً. لم تنته المشاحنات بين الطرفين عند المحكمة فقط بل عادا للاصطدام في ملف بواخر الكهرباء والهيئة المشرفة على قطاع النفط وملف المياومين وداتا الاتصالات ومطار القليعات الى التعيينات في الفئة الاولى والتي حصرها ميقاتي فيه من دون السماح لحزب الله بارضاء حلفائه من السنّة. القشة التي قصمت ظهر البعير بين الطرفين كانت التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين بعد تصريح لافت لسفيرة اميركا في لبنان مورا كونيللي، الامر الذي اعتبره حزب الله رضوخاً للاوامر الاميركية وتجاوزاً للاجماع الاكثري حول رفض الستين والانتهاء منه الى غير رجعة، ورأى الحزب في تصرف ميقاتي هذا منافياً للمنطق وعمل الحكومة فكيف تقر الحكومة قانون انتخاب على اساس النسبية وتعود لتلتف عليه في مجلس النواب لتسحبه بنعومة وسلاسة من التداول مراعاة للنائب جنبلاط ولتيار المستقبل.
منذ اكثر من عشرة ايام برزت لهجة حادة وغير معهودة على لسان الوزير محمد فنيش في اتجاه رئيس الحكومة وتعاطيه في ملف سلسلة الرتب والرواتب واعلن ان الحزب لم يعد يغطي سياسة ميقاتي في لعبة شراء الوقت والتسويف والذي بدأ يؤلب النقابات المعتصمة عليه ويفسح في المجال امام محاولات شق الصف وتلقي الاتهامات والسهام المجانية.
العلاقة المأزومة بين ميقاتي والتيار الوطني الحر من جهة وبين الأخير وجنبلاط من جهة ثانية هزت في اكثر من مرة العلاقة بين حزب الله والتيار ولا سيما في ملف المياومين والتعيينات وهذا الاهتزاز كان يرى فيه حزب الله ثغرة ينفذ منها كل من جنبلاط وميقاتي لتقديم تنازلات من مصلحته ومن حصته لارضاء العونيين واحتواء التوتر وسحب فتائل التفجير من الحكومة.
ولم تكن هذه الملفات وحدها وفق المصادر القريبة من الحزب فقط محور التوتر بين الجانبين فالرئيس ميقاتي يعرف منذ مدة طويلة ان لا مجال للتمديد للواء اشرف ريفي من دون ان تكون هناك سلة متكاملة حول قضايا كثيرة تعد مصيرية ومفصلية، فالتهويل بالشغور الامني مجرد تهويل اما الحديث عن اعادة اللواء علي الحاج فلم يكن مطروحاً من اساسه وهناك اكثر من طريقة لرد الاعتبار للحاج بعد رفع المظلومية عنه.
الرهان الميقاتي على متغيرات سريعة في سورية وانعكاس هذا التغيير على المعادلة الداخلية اللبنانية كان يثير الريبة لدى حزب الله فبات الحزب ومع تأزم الوضع السوري يشعر اكثر بحصار يمارسه ميقاتي عليه ويحاول في كل مرة ان يحشره في زاوية ما ليس اسبابها الا التزامات تجاه الاميركيين والفرنسيين والقطريين.
قبل استقالة ميقاتي ليس كما بعدها العلاقة بين ميقاتي والحزب تضررت ويشعر الحزب اكثر انه تحرر من عبء ميقاتي والحكومة والتزاماتهما معا وليس العكس. وخلال الاستشارات سيكون الحزب واضحاً... فليرتح ميقاتي.
0 comments: