Friday, May 3, 2013

لخط الأحمر الرفيع: هل إيران تجيد فن المناورة أفضل من الولايات المتحدة وإسرائيل؟

هآرتس
24 نيسان/أبريل 2013
تجنب حتى الآن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، الذي قام بزيارته الأولى إلى إسرائيل في منصبه الجديد، استخدام علناً العبارة التي هيمنت على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل خلال النصف الثاني من عام 2012 ألا وهي: "الخط الأحمر".
لقد جذب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتباه العالم عندما رسم خطاً أحمر فعلياً على صورة قنبلة في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي. وقد أشار خطابه إلى أنه ينبغي إرجاء المسألة إلى هذا الربيع، وهو الوقت الذي ستستطيع فيه إيران ظاهرياً تجميع يورانيوم مخصب إلى نسبة 20 في المائة يكفي لتصنيع قنبلة واحدة، وتستطيع حينها الانطلاق خلال فترة من 30 إلى 40 يوماً من وقود تشغيل المفاعلات إلى وقود تصنيع الأسلحة إذا اختارت إيران "تجاوز العتبة".
ومنذ ذلك الحين، وقعت سلسلة من الأحداث الأخرى التي ألقت بظلالها على مسألة الخط الأحمر، بما في ذلك الانتخابات الأمريكية والانتخابات الإسرائيلية وزيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل. وبخلاف هذه الأحداث المحددة، كان هناك تطور فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني خلال الأشهر القليلة الماضية منح إسرائيل بصيص من الأمل.
وللمرة الأولى في الخريف الماضي، أظهر تقرير "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول البرنامج النووي الإيراني انخفاضاً في كمية اليورانيوم المخصب حتى 20 في المائة -- وهو تغير من الزيادة الثابتة في مستويات التخصيب الأعلى التي ذكرتها التقارير السابقة. ويُحتمل أن إيران اتخذت قراراً بتحويل بعض اليورانيوم المخصب بعيداً عن برنامجها النووي.
ويرى أحد المسؤولين الإسرائيليين الكبار أن هذا يشير إلى أن إيران "حولت خطنا الأحمر إلى خط داخلي"، على نحو يعزز بعض الأمل الهش بأن القضية النووية يمكن تسويتها دبلوماسياً. لقد شعر العديد من الإسرائيليين بالحماية عندما رسم نتنياهو خطه الأحمر في الأمم المتحدة.
لكن الوضع يبدو أكثر تعقيداً مما يبدو، بحسب ما يقوله نائب المدير العام السابق للضمانات في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وكبير المفتشين النوويين أولي هاينونن في مقال نُشر مؤخراً بالاشتراك مع سايمون هندرسون. وفي حين اعترف هاينونن بانخفاض اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة الذي يأخذ شكل وقود أجهزة الطرد المركزي، إلا أنه توصل إلى نتيجة مختلفة: وهي أن إيران اكتشفت طريقة لتجاوز الخط الأحمر لإسرائيل، بدلاً من الالتزام به.
فإيران قادرة على إعادة تحويل مادة اليورانيوم إلى الغاز المطلوب لبرنامجها النووي. واليورانيوم المحول المخصب بنسبة 20 في المائة -- الذي أصبح في شكل أكسيد أقل مدعاة للقلق حالياً -- يمكن " تحويله ثانية إلى مادة أولية لأجهزة الطرد المركزي في غضون أسبوع". ويوضح هاينونن أن إيران ربما تكون قادرة على فعل ذلك بدون خطر اكتشافها. والسؤال يتعلق فيما إذا كانت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أو الولايات المتحدة يستطيعان كشف عملية إعادة التحويل، مع انخفاض نسبة اليورانيوم المؤكسد وزيادة مستوى اليورانيوم المناسب لتغذية أجهزة الطرد المركزي. ويشك هاينونن في قدرة الأطراف الخارجية على كشف مثل ذلك التغيير: "لو أن هناك محطة جديدة لأجهزة الطرد المركزي لم يُعلن عنها بعد، فسوف تتغير الحسابات مرة أخرى".
ولو استطاعت إيران خلال هذه العملية إخفاء كمية اليورانيوم المخصب التي تمتلكها بالفعل، فقد يكون الخط الأحمر الإسرائيلي الذي لاقى الكثير من الثناء مجرد خط سطحي. ويرى هاينونن أن إيران تجاوزت الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو والمقدر بنحو 250 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب حتى 20 في المائة -- حيث تشير تقديراته، استناداً إلى معرفته بالتقارير التي نشرتها "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، إلى أنهم يمتلكون 280 كيلوغرام، مع استبعاد أي مادة مرت بالفعل عبر عملية التحويل.
وعلاوة على ذلك، يتفق كل من هاينونن ونتنياهو على أن التخصيب حتى 20 في المائة ليس هو المقياس الوحيد. ففي ضوء الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي، تستطيع إيران كذلك أن تتجاوز العتبة من وقود المفاعلات إلى وقود الأسلحة بدءً من التخصيب بنسبة خمسة (وليس 20) في المائة خلال ثلاثة إلى خمسة أسابيع.
وبالنظر إلى هذه الاحتمالية، وإن كانت غير مؤكدة، بأن إيران تتلاعب بالخطوط الحمراء، يجب أن يكون التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل أشد دقة من أي وقت مضى. ففي الماضي، عكس التنسيق الوثيق بين وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق إيهود باراك رغبة الجانبين في العمل معاً على أعلى المستويات. والآن، ومع انتقال القيادة إلى وزيرين جديدين للدفاع -- تشاك هيغل وموشيه يعلون -- يجب أن تبقى الديناميكية قوية.
لقد كان باراك معروفاً في واشنطن وكان يستطيع بسهولة التحرك بين مستويات القيادة العليا في البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأمريكيتين. وقد قضى يعلون هو الأخر بعض الوقت في واشنطن خلال فترة خدمته كرئيس لأركان جيش الدفاع الإسرائيلي وفي مناصب رفيعة في قوات جيش الدفاع الإسرائيلي وكذلك في أحد المراكز البحثية في واشنطن (حيث كنا زميلين). غير أنه يرجح أن يواجه في منصبه الجديد تحديات أكبر مما سبق. وسوف يرغب هيغل، الذي وصف أثناء جلسات استماعه بأنه مناصر للتعايش مع القنبلة الإيرانية، في أن يثبت توافقه الحقيقي (وليس الشكلي) مع عداء الرئيس أوباما للاحتواء والتعاون مع إسرائيل فيما يتعلق بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية.
يُنظر إلى يعلون في واشنطن من ناحيتين: في حين أنه يعتبر أكثر تشدداً بشأن القضية الفلسطينية من الإدارة الأمريكية، إلا أنه يُنظر إليه أيضاً بأنه مؤيد لاستخدام القوة ضد إيران كملاذ أخير فقط -- على عكس باراك، الذي تم إظهاره كمناصر متحمس ومؤيد للعمل العسكري. ومع ذلك، لا يُفضل يعلون الاحتواء -- وإذا أخفقت الدبلوماسية ولا تتخذ الولايات المتحدة أي إجراء، فيمكن للمرء أن يفترض أنه سيدفع في اتجاه توجيه ضربة إسرائيلية.
كما أن يعلون هو أحد العضوين الباقيين في "مجموعة الثمانية" من الكنيست الأخيرة (والآخر هو نتنياهو نفسه)، حيث كان البرنامج النووي الإيراني بؤرة اهتمام واضحة. وهذه التجربة تمنحه دوراً أكبر في عملية اتخاذ القرار الإسرائيلية وينبغي أن تساعده خلال محادثاته مع واشنطن. إن زيارة هيغل ليعلون في إسرائيل هذا الأسبوع ما هي إلا جولة أولى في جهود التنسيق التي يجب أن تتم بين الوزيرين.
ومع قدرة إيران على التلاعب بالخطوط الحمراء، سيتعين على هيغل ويعلون ومستشاريهم العمل معاً بحيث لا يمكن مراوغة الولايات المتحدة وإسرائيل.
 
ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن. غابرييل تودين هو مساعد باحث في المعهد.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: