Wednesday, May 15, 2013


معركة القصير: ماذا تحقّق حتى اليوم... وماذا بعد؟

الأربعاء 15 أيار 2013،    ناجي س. البستاني - مقالات النشرة
منذ إندلاع معارك ريف القصير في محافظة حمص، وتدخّل "حزب الله" فيها، إلى جانب وحدات من الجيش السوري وقوّات من "اللجان الشعبيّة" التي جرى إستحداثها وتسليحها وتدريبها على عجل، كانت الأمور واضحة أنّ المسألة تتجاوز حماية قرية هنا وإستعادة قرية هناك، وتدخل في إطار خطة عسكرية محكمة ذات أهداف وأبعاد إستراتيجية. فكيف جرى تنفيذ هذه الخطة، وأي مرحلة بلغتها حالياً، وإلى ماذا تهدف كل هذه المعارك؟
في المرحلة الأولى: بدأ الهجوم على تل النبي مندو المطلّ على أغلبية مناطق ريف القصير، وكذلك على جسر مهم يصل ضفتي نهر العاصي، وذلك لكشف مواقع المقاتلين المعارضين، وللحؤول دون تسلّلهم إلى مناطق غربي النهر لنصب الكمائن. وتمّ أيضاً إقتحام كل من البرهانية والرضوانية القريبتين أيضاً من الحدود اللبنانية لعزل خطوط الإمداد من الداخل اللبناني.
في المرحلة الثانية: تمّ إسقاط بلدة آبل التي تصل بين بلدة القصير ومدينة حمص، في إطار خطة قضت بتضييق الخناق على القصير بالتدريج.
في المرحلة الثالثة: جرى شنّ عمليّة عسكرية كبيرة للسيطرة على قرى تقع غربي نهر العاصي، أُتبعت بعد أيّام قليلة بهجوم واسع ثان على قرى تقع شرقي النهر. وفي النتيجة، تمّت السيطرة على بلدات وقرى ومزارع جوسيه والسعدية وسقرجة والخالدية وقادش والمنصورية والسلومية والخالدية والجروسية والسكمانية والأذنيّة، إلخ. الأمر الذي أجبر المسلّحين المعارضين إلى التراجع إلى داخل بلدة القصير.
في المرحلة الرابعة: تمّ شنّ هجوم ناجح على ثلاثة قرى في ريف القصير هي: الحيدريّة، والدمينة الغربيّة، وعش الورور. وبذلك جرى قطع طرق تصل بين مدينة حمص وبلدة القصير، وتُستخدم للإمداد اللوجستي بالعديد والعتاد إضافة إلى التموين الغذائي، الأمر الذي جعل بلدة القصير في عزلة كاملة من الناحية العسكرية. 
في المرحلة الخامسة: وهي المرحلة الحالية، يواصل سلاح الجوّ السوري الغارات الجويّة على بلدة القصير التي تحوّلت أحياء واسعة فيها إلى كتل من الدمار، تحضيراً لشنّ هجوم برّي عليها من مختلف المحاور بعد النجاح في محاصرتها تماماً. وفي حين تتحدّث مصادر النظام السوري عن إحتماء المسلّحين بالمدنيّين الذين منعوا من مغادرة البلدة، تتهم المعارضة النظام السوري بالتحضير لارتكاب مجزرة دموية مشابهة لمجزرة بانياس، وتتهم المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتقاعس عن حماية المدنيّين.
وبالنسبة إلى الأهداف من كل هذه المعارك الدموية، فهو:
أولاً: التحضير لمعركة حمص التي لطالما إعتبرت "مهد الثورة السورية" قبل أن تتصدّر أسماء مدن وبلدات سورية أخرى العناوين في وسائل الإعلام المختلفة، مع الإشارة إلى أنّ السيطرة الحالية على حمص هي شبه مناصفة بين النظام ومعارضيه.
ثانياً: منع تمدّد وجود المعارضين المسلّحين نحو ريف دمشق الشمالي، وخصوصاً منع قطع طريق حمص - الشام. وكذلك إبقاء طريق طرطوس – دمشق مفتوحة.
ثالثاً: التخلّص من مسألة مد المعارضين السوريّين في الوسط السوري، بالدعم اللوجستي من داخل قرى وبلدات لبنانية معارضة للنظام. وبالتالي، منع إقامة أي منطقة عازلة حدودية بين لبنان وسوريا.
رابعاً: إيجاد مساحات جغرافية واسعة في الداخل السوري تحت سيطرة النظام، محميّة بسيطرة أمنية خلفيّة ل حزب الله في البقاع اللبناني.
خامساً: التفرّغ في المستقبل القريب لمعركة حلب وكل الشمال السوري، في حال النجاح في إسقاط بلدة القصير، وبعدها مدينة حمص.
في الختام، الأكيد أنّ سقوط بلدة القصير، بعد ريفها، سيشكّل ضربة موجعة للمعارضة السورية، لكنّه يبقى معركة واحدة ضمن حرب شاملة. وإذا كان صحيحاً أنّ عدم توحّد المقاتلين المعارضين ضمن هيكليّة عسكرية منظّمة، شكّل "نقطة ضعف" أساسيّة في هذه المعركة الأخيرة، ولعب دوراً كبيراً في سقوط قرى وبلدات ريف القصير، فإنّ الأصحّ أنّ هذا التفكّك يعني أيضاً، عدم تأثّر القوى المعارضة في الكثير من المناطق السورية الأخرى، بهزيمة وحدات كاملة حليفة لها، إلا من الناحية المعنوية فقط.   
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: