يقين إسرائيل بانعدام الرد السوري على الغارات يجلعها "روتين"
تحليل خاص زمن برس
قبل الخوض بالحديث عن الغارات الأخيرة تنبغي الإشار إلى حقيقة هي الأهم من بين المعلومات التي تواترات حول الغارات والتي تشير إلى تغيير أدخلته إسرائيل بقوانين اللعبة: لعبة التهديدات والخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل أمام سوريا وحزب الله بشأن تزويد الأخير بأسلحة تصنفها العقيدة الأمنية الإسرائيلية على أنها "أسلحة مخلة بالتوزان" القائم في مواجهة حزب الله، ويتجلى التغيير في قواعد اللعبة هو استهداف الغارات الإسرائيلية الأخيرة تدمير مخزونات من صورايخ "فاتح 110" الذي يصنع في إيران وهذا الطراز من الصورايخ الذي يسمى " M600" والذي تملك منه حزب الله عدة مئات وهذا النموذج من الصورايخ لا تصنفه إسرائيل بسلاح مخل بالتوزان.
والسؤال الذي يطرح بعد هذه المقدمة لماذا تخاطر إسرائيل وتهاجم صواريخ فتح 110؟ والإجابة تكمن في أن غارات إسرائيل الأخيرة على سوريا عدا أنها تهدف إلى منع حزب الله من الحصول على كمية جديدة من الصورايخ القادرة على إلحاق خسائر فادحة بإسرائيل في أي مواجهة محتملة.
إسرائيل تريد من وراء هذه الغارة أن توضح لسوريا ولحزب الله أنها جدية بتهديداتها التي توعدت فيها بالعمل بأي وسيلة بغية إحباط نقل سلاح متقدم من سوريا إلى حزب الله وتعتقد إسرائيل أن تكرار الإغارة خلال فترة وجيزة سيوصل الرسالة إلى إيران.
وأجمع غالبية المعلقين العسكريين الإسرائيليين إلى أن الغارات الأخيرة تطلب نجاحها معلومات استخبارية دقيقة ليس بالإمكان الحصول عليها بسهولة من عدو متشكك ومتحفظ.
أيضا تنفيذ هذه الغارات تطلب دقة بالتنفيذ لتقليص المخاطر التي تحدق بالطائرات المهاجمة في مثل هذه الهجمات.
وقبل التفكير بدوافع ثقة إسرائيل بانعدام الرد السوري على الغارات هو الاعتقاد السائد لدى منظري الجيش الإسرائيلي أن النظام السوري لن يجرؤ حتى بالتفكير على الرد على أن هجوم إسرائيل مهما بلغ قسوته لأن نظام الأسد وفقا لاعتقاد إسرائيل يخوض معركة المصير مع شعبه وليس مع إسرائيل، ولأن الأسد يدرك أن أدوات تفوقه في حربه مع قوات المعارضة هو سلاح الطيران والمدراعات والمدفعية، وهذه الأسلحة ليس بالإمكان الاحتفاظ بها لو اتخذ النظام قرارا بالرد على أي هجوم إسرائيلي لأن تفوق سلاح الجو الإسرائيلي لن يجعل لمطارات وطائرات ومدرعات ومدفعية ومستودعات الوقود السورية أثرا للعين خلال جولة واحدة من الغارت، لذلك فإن إسرائيل على قناعة أن النظام لن يرد على أي هجوم لأن الرد لا يعني تقليم أظافر النظام وزوال وقوته وإنما بداية الحلف الإيراني السوري وهذا ما
لن تسمح به إيران وفقا لما لقناعات منظري الحرب الإسرائيليين.
أيضا حزب الله وفقا لتقديرات إسرائيل الاستخبارية لن يبادر إلى رد على الغارات انطلاقا من الأراضي اللبنانية لأنه يدرك أن ذلك يعني فتح جبهة استعد لها الجيش الإسرائيلي منذ نهاية حرب لبنان الثانية في وقت تخوض فيه غالبية قوات النخبة من حزب الله معارك طاحنة مع تنظيم جبهة النصرة الجهادي، وليس مقدور حزب الله مواجهة معركتين في آن واحد، وبالإمكان من وجهة نظر حزب الله تأجيل لمعركة مع إسرائيل ولكن المعركة لمنع انهيار النظام السوري هي معركة مصير بالنسبة لحزب الله وإيران، وللوجود الشيعي في المنطقة وفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي.
ولعل ما يدفع إلى الاعتقاد أن الغارات ستصبح روتين هو اعتقاد إسرائيل الذي جاء على لسان مستشار ما يسمى الأمن القومي السابق عوزي اراد الذي أشار إلى أنه ليس بمقدور إسرائيل عبر مثل هذه الغارات ردع النظام السوري عن تزويد حزب الله بالصواريخ لأن النظام السوري ليس أمامه مفر سوى الخنوع للإملاءات الإيرانية وحزب الله حلفائه الوحيدين في معركته بشأن نقل السلاح
إلى حزب الله، فإسرائيل في ظل يقينها بعدم الرد ستظل تضرب كل محاولة لنقل أي سلاح سواء كان ذلك مخلاً بالتوازن أم لا، وإيران ستصر على مطالبة سوريا بالسماح بنقل السلاح وسوريا وحزب الله سيواصلان الصمت حيال الغارات ما لم يحسم الطرفان معركة المصير التي يخوضانها مع قوى المعارضة السورية المسلحة.
0 comments: