Saturday, June 8, 2013

الحرب السورية تزداد تدحرجاً نحو إسرائيل


بقلم: عاموس هرئيل
سمعت أصداء الحرب الأهلية في سورية أمس على مسافة أقرب من أي وقت مضى من الأراضي الاسرائيلية، حين قاتل جيش الأسد ووحدات الثوار على مدينة القنيطرة، المحاذية للحدود على هضبة الجولان. رجال المعارضة، في محاولة لعرض انجاز سريع بعد الفشل في المعركة على بلدة القصير الاستراتيجية هاجموا منذ ساعات الصباح القنيطرة ومعبر الحدود المجاور لها. 
منذئذ تدور هناك معارك شديدة. ومراقبو الأمم المتحدة، الذين بصعوبة على أي حال يحتفظون باستحكاماتهم في الطرف السوري من الحدود، يفكرون الآن بجدية بالانسحاب والتمترس في الطرف الاسرائيلي، حتى وان كان الأمر يضر بما تبقى لهم من دور كقوة فصل بين الدولتين. وقد أعلنت النمسا منذ ظهر امس بانها قررت إخلاء رجالها في قوة المراقبين في ضوء الخطر على حياتهم. 
تصعيد الحرب في معارك الحدود هو سبب لقلق اسرائيلي. فارتفاع مستوى الثقة بالنفس لدى الرئيس بشار الأسد بعد انتصاره في القصير، المجاورة للحدود السورية اللبنانية، قد يشجعه على مواصلة الطريق الى عمليات رد ضد اسرائيل، إذا ما حققت هذه تهديدها وهاجمت في المستقبل قوافل تنقل وسائل قتالية متطورة من سورية الى حزب الله. ولا بد أن الأسد شعر بنفسه مديناً جدا لإيران ولحزب الله على المساهمة المهمة التي قدمها مقاتلو المنظمة اللبنانية لنجاحه في القصير. 
مع ذلك، يدعي مسؤولون في جهاز الأمن بأنه سيكون من الخطأ المبالغة في قيمة انتصار النظام في القصير. وعلى حد قولهم، فان النجاح جاء بعد سلسلة إخفاقات طويلة في السنتين الأخيرتين خسر فيها الأسد السيطرة على اكثر من نصف الأراضي السورية. وفي هذه اللحظة لا يمكن للنجاح أن يرجح الكفة في صالحه بشكل يؤدي الى هرب الثوار المسلحين الى مناطق منعزلة وبعيدة. 
وتتطلع عيون كل الأطراف – نظام الأسد، الثوار وسلسلة من الدول المؤيدة للمعسكرين الخصمين – الى المؤتمر الدولي عن مستقبل سورية والذي توجد نية لعقده في سياق هذا الشهر. وتعتبر القصير في اسرائيل كخطوة تكتيكية، ورق أخرى يلقيها النظام على الطاولة، الى جانب الدعم الروسي المتزايد وتهديد موسكو بتزويد دمشق بمنظومات صواريخ مضادة للطائرات متطورة من طراز اس 300. ومن الجهة الأخرى تهدد القوى العظمى المعارضة للنظام بأوراق خاصة بها: رفع الحظر الأوروبي عن توريد السلاح للمعارضة السورية وتسريب الخطة الأميركية لانتهاج مناطق محظورة الطيران على مقربة من الحدود بين سورية وجيرانها. 
ولا يدور الحديث الآن فقط عن الحدود التركية بل وعن الحدود الأردنية أيضاً. فقد نشرت الولايات المتحدة هذه الأيام قوات واسعة نسبياً وبطاريات مضادة للطائرات من نوع باتريوت في شمالي الأردن، في إطار مناورة مشتركة. وتوجد إمكانية لان تبقى البطاريات على الأراضي الأردنية، حتى بعد انتهاء المناورة، كخطوة أولى لانتهاج منطقة حظر طيران (وان كانت حاجة لفرضه بمعونة طائرات اعتراض). الأردن، مثل بعض الجيران الآخرين لسورية، يعيش في هلع في ضوء تعقد الحرب الأهلية هناك. ويضطر الأردنيون على أي حال الى احتمال عبء نصف مليون لاجئ سوري على الأقل؛ ناهيك عن نحو مليون لاجئ عراقي في الأردن، وهو معطى يمكن أن يزداد في ضوء موجة العنف المتجددة التي تضرب بالعراق، الذي يتأثر هو أيضاً بالحرب في سورية. ولكن الجار الأكثر قلقاً هو على ما يبدو لبنان. حزب الله لم يعد يخفي تدخله العميق في الحرب في سورية ويتلقى على ذلك انتقاداً شديداً من خصومه في لبنان. وفي المعارضة السورية ادعوا هذا الأسبوع بأن المنظمة بعثت بنحو 15 ألف مقاتل للمشاركة في المعارك، الكثيرين منهم للقتال في القصير. والتقدير يبدو مبالغاً فيه للآذان الاسرائيلية، ولكن يحتمل أن يكون المقصود هو المتطوعين، رجال الميليشيات الشيعية في لبنان، المرتبطة جزئياً فقط بحزب الله. أما المنظمة نفسها فدفعت بما لا يقل عن 3 آلاف مقاتل من وحداتها المختارة الى سورية. ويعتقد التقدير السائد بانه خسر حتى لان أكثر من 200 من مقاتليه في الحرب هناك.
في الميزان الأولي الاسرائيلي، توجد لهذا آثار إيجابية وسلبية على حد سواء: حزب الله يتآكل في القتال ويفقد معدلاً مهماً من رجاله، ولكن في نفس الوقت يجمع تجربة كبيرة القيمة في قتال مديني مركب يمكن له أن يستخدمها في المستقبل أيضاً في الصراع ضد الجيش الاسرائيلي. في هذه اللحظة، يبدو أن الضرر للمنظمة أكثر من المنفعة، ولكن لا يجب أن نتجاهل أيضاً المكسب المعنوي الذي يناله، كمن يحظى الآن بالحظوة على حسم المعركة في القصير. 
في الخلفية تطرأ تطورات مفاجئة اخرى تراها اسرائيل بعين الإيجاب. وهكذا مثلاً، الصدع العلني بين إيران، سورية وحزب الله وبين حماس، التي فرت من معسكرهم في ضوء المذبحة بحق إخوانها السنة في سورية. ويدعو عدد من مسؤولي حماس مؤخراً علنا الاسد لاعتزال منصبه، بينما يوثقون العلاقات مع قطر، التي تحاول أن تبدو في صورة السيدة لحركات الإخوان المسلمين في كل أرجاء الشرق الأوسط. بالمقابل، فان قادة الذراع العسكري لحماس في غزة قلقون من الصدع مع ايران ويخشون من أن الأمر سيضر بتوريد السلاح الى المنظمة في غزة. ولكن الإيرانيين ولا سيما رجال حزب الله، يجدون صعوبة في ان يغفروا للكلمة الأخيرة التي ألقاها يوسف القرضاوي في قطر ودعا مستمعيه الى حمل السلاح ضد أبناء الشيطان من حزب الله. وكان بين الجمهور بالمناسبة يجلس زعيم حماس خالد مشعل، الذي كان حتى قبل وقت قليل مضى ضيفاً مرغوبا فيه في دمشق وفي طهران. 
حرره:
المصدر:
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: