Friday, April 18, 2014

ملف خاص / دراسة الدروس المستفادة من منظومة القبة الحديدية*

ملف خاص / دراسة

الدروس المستفادة

من منظومة القبة الحديدية*

يفتاح شابير**

تعرضت إسرائيل لاعتداءات صاروخية على مدى سنوات.[1] والاعتداءات التي لا تنسى بنوع خاص هي: قصف بلدات إصبع الجليل في سبعينيات القرن الماضي، وشنّ 4000 اعتداء صاروخي خلال شهر واحد إبان الحرب اللبنانية الثانية في صيف 2006، وإطلاق الصواريخ المتواصل من قطاع غزة خلال العقد المنصرم. ومن هنا، عمدت دولة إسرائيل إلى تطوير عقيدة دفاعية ضد القذائف ذات المسار المنحني العالي ومن بينها الصواريخ. وترتكز هذه العقيدة على تعدد مستويات الدفاع بدءاً بالدفاع السلبي [الإنذار والاحتماء]، مروراً بالدفاع الفاعل- اعتراض الصواريخ والقذائف الصاروخية بواسطة منظومة "القبة الحديدية"، و"مقلاع داود" (قيد التطوير)، و"حيتس 2 (Arrow)"، و"حيتس 3" (قيد التطوير)- وصولاً إلى الهجوم وتدمير منصات الإطلاق في قواعدها.

تركّز هذه المقالة على تحليل أداء منظومة "القبة الحديدية" التي دخلت الخدمة العملانية في مطلع عام 2011 وأثبتت قدراتها في غضون الأشهر الأولى من نشرها. وتتوخى هذه المقالة تفحص الدروس المستفادة من نشر هذه المنظومة، وإعادة تقييم قرار شراء [المؤسسة العسكرية] لهذه المنظومة. كما تسعى لفحص المفاعيل المستقبلية لنشر هذه المنظومة وسواها من الأنظمة الدفاعية التي يُتوقع دخولها الخدمة في المستقبل المنظور.

خلفية

إن "القبة الحديدية" منظومة معدّة لاعتراض القذائف الصاروخية وقذائف المدفعية التي يصل مداها إلى 70 كيلومتراً.[2] وطورتها "هيئة تطوير الوسائل القتالية" ("رفائيل") بالتعاون مع كل من شركة "إلتا" (Elta Systems) التي تُصنّع أنظمة الرادار، وشركة "إم بريست" (mPrest Systems) المسؤولة عن نظام القيادة والتحكم. وتستخدم المنظومة صاروخاً اعتراضياً فريداً من نوعه لتدمير القذائف الصاروخية في الجو. وتشمل بطاريات "القبة الحديدية" نظاماً للرادار، ومركزاً للتحكم، وثلاث منصات إطلاق، تحمل كل منها 20 صاروخاً اعتراضياً. وتتميز المنظومة بقدرتها على تحديد مكان سقوط الصاروخ المهاجم بدقة عالية، وبتقدير إن كان آيلاً للسقوط في منطقة مكشوفة [غير مبنية وغير آهلة] أو خلاف ذلك، وبناءً عليه، أخذ القرار باعتراضه أو عدمه. وهذا يحول دون الاعتراض غير الضروري للصواريخ الآيلة للسقوط في مناطق مكشوفة من دون التسبب بوقوع أضرار.

بدأ تطوير هذه المنظومة في العام 2005، بمبادرة من اللواء داني غولد رئيس وحدة الأبحاث والتطوير التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية ["مفات"]،* وأدت حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006 إلى تحفيز تطويرها، وقررت وزارة الدفاع في العام 2007 شراء المنظومة وتسريع وتيرة تطويرها. كما أدى إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة إبان عملية "الرصاص المصبوب" [2008] إلى تسريع إضافي لتطوير المنظومة. وعليه، أُجريت الاختبارات النهائية للمنظومة في أواخر العام 2010، وفي مطلع 2011، جرى تسليم أول بطارية إلى سلاح الجو الإسرائيلي. وأمر رئيس هيئة الأركان العامة في أواخر آذار/مارس 2011، بنشر المنظومة بهدف حماية المدنيين تنفيذاً لتعليمات وزير الدفاع. فنُشرت أول بطارية في 28/3/2011 في محيط بئر السبع، ونُشرت الثانية بعد أسبوع في محيط مدينة عسقلان. ونفّذت منظومة "القبة الحديدية" أول اعتراض ناجح لها في 7/4/2011، عندما أسقطت قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة باتجاه عسقلان.

وحتى هذه اللحظة، جرى نشر خمس بطاريات من منظومة "القبة الحديدية"، فقد نُشرت الثالثة في حزيران/يونيو 2011، والرابعة في آذار/مارس 2012. أما الخامسة التي كانت معدة للنشر في مطلع 2013، فجرى تسريع إدخالها الخدمة العملانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 إبان عملية "عمود سحاب" لحماية منطقة غوش دان.[3] ويُتوقع ارتفاع عدد البطاريات إلى تسعة بحلول نهاية العام 2013.[4] وتقضي خطة التزوّد الحالية بشراء ما مجموعه 13 بطارية.[5] فقد قررت اللجنة الوزارية للمشتريات إبان عملية "عمود سحاب"، تخصيص مبلغ إضافي قدره 750 مليون شيكل لزيادة حجم الشراء من منظومة "القبة الحديدية".[6] وبفعل إدماج هذا العدد من البطاريات سيكون ثمة حاجة لتجنيد وتدريب عدد كبير من الجنود النظاميين وجنود الاحتياط.

إطلاق النيران العملاني

بحلول نيسان/أبريل 2012، بعد عام على أول عملية اعتراض لمنظومة "القبة الحديدية"، كانت المنظومة نفّذت 93 عملية اعتراض في حوادث متعددة.[7] فقد شهد شهر آب/أغسطس 2011 أول جولتَيْن جدّيتين من التصعيد في أعقاب الاعتداء بإطلاق النيران بالقرب من إيلات. آنذاك، وعلى مدى ستة أيام، جرى إطلاق 145 قذيفة صاروخية و46 قذيفة هاون باتجاه إسرائيل. وفي آذار/مارس 2012، وعلى مدى ثلاثة أيام، جرى إطلاق 173 قذيفة صاروخية من طراز "غراد" و"القسام" و37 قذيفة هاون، في أعقاب اغتيال زعيم لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة زهير القيسي.[8] وفي جولة التصعيد التي شهدها شهر آب/أغسطس 2011، وعلى الرغم من نجاح منظومة "القبة الحديدية" في الاعتراض، لحق ضرر لا يستهان به بالناس وبالممتلكات، إذ بلغ عدد المصابين 19 شخصاً وقتل شخص واحد في بئر السبع. أما في آذار/مارس 2012، فقد جرح أربعة أشخاص فقط من جراء نيران القذائف الصاروخية. وتسمح المعطيات المتعلقة بهذه الجولة، التي أُذن بنشرها، بتقييم فاعلية منظومة "القبة الحديدية" في ميدان القتال الحقيقي: فقد أسقطت المنظومة 56 قذيفة صاروخية من أصل 73 كانت موجهة نحو مناطق آهلة. (هذا يعني أن 100 من القذائف الصاروخية كانت موجّهة إلى مناطق مكشوفة فلم تقع أي أضرار). وبالتالي، يبلغ معدّل نجاح المنظومة في الاعتراض نسبة 76,7%، وهو معدّل جيّد بكافة المقاييس.[9]

بيد أن نجاح منظومة "القبة الحديدية" الأبرز كان إبان عملية "عمود سحاب" في تشرين الثاني/نوفمبر 2012. فقد بدأت العملية بعد ظهر يوم 14/11/2012 باغتيال أحمد الجعبري، أحد قادة حركة حماس الميدانيين. وحتى حلول موعد وقف إطلاق النار في مساء يوم 21/11/2012، كانت قد أُطلقت 1506 قذائف صاروخية باتجاه إسرائيل. ومن أصل هذا العدد الإجمالي، سقطت 875 قذيفة صاروخية في مناطق مكشوفة، فلم يجر اعتراضها بواسطة منظومة "القبة الحديدية". كما اعتُبرت 152 عملية إطلاق أخرى فاشلة (أي أنها سقطت في قطاع غزة). وقد اعترضت منظومة "القبة الحديدية" 421 قذيفة صاروخية، في حين سقطت 58 قذيفة صاروخية في مناطق مبنية ومأهولة، فتسببت بوقوع أضرار وخسائر بالأرواح، وقتل جرّاؤها خمسة إسرائيليين وجرح 240 شخصاً. وبحسب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، حققت منظومة "القبة الحديدية" معدّل نجاح بما نسبته 84%.[10]

أثبتت عملية "عمود سحاب" قدرات منظومة "القبة الحديدية"، مما أكسبها الثناء المبرَّر. لكن الدروس المستفادة من العملية أكثر تعقيداً، فقد برهنت العملية أيضاً على الأهمية البالغة للدفاع السلبي، وتحديداً للاستخدام المبكر لصفارات الإنذار، فضلاً عن الحماية السلبية. وأبرز مثال على ذلك هو حادثة سقوط قذيفة صاروخية على مبنى سكني في "ريشون لتسيون" مما أدى إلى تدمير شقة سكنية، وبقاء سكان الشقة سالمين بفضل التجائهم إلى المكان الآمن داخل الشقة. كما تؤكد نتائج العملية أيضاً أنه يستحيل توفير الحماية بنسبة 100%.

الانتقادات
إلى جانب الثناء على منظومة "القبة الحديدية"، كان هناك قدر لا يستهان به من النقد الصادر عن جهات مختلفة. وتعددت أيضاً أسباب الانتقاد. فقد انتُقدت المؤسسة العسكرية بقسوة لأنها فضّلت منظومة "القبة الحديدية" على سواها من الأنظمة التي هي أفضل بحسب رأي النقاد، وبسبب الوعود بضمان الحماية التي اعتبرها هؤلاء غير واقعية، وبسبب مبالغ الأموال الضخمة المستثمرة في منظومة "القبة الحديدية".[11] وفي ما يلي عرض للانتقادات الموجهة لمنظومة "القبة الحديدية"، مصنّفة بحسب المستويات التالية: النقد الفني-التكتيكي، النقد العملاني، والنقد لأسباب سياسية.

النقد الفني التكتيكي

حققت المنظومة من وجهة نظر تكنولوجية، نجاحاً عظيماً.[12] فالقبة الحديدية منظومة فريدة ولا مثيل لها في العالم. وهناك فقط منظومة أسلحة عملانية واحدة أخرى، معدّة لإسقاط القذائف الصاروخية وقذائف الهاون القصيرة المدى، هي منظومة سنتوريون (Centurion) في الجيش الأميركي، والمرتكزة على منظومة (Phalanx) للدفاع الصاروخي المضاد للسفن الحربية. فهذه المنظومة قادرة على اعتراض القذائف الصاروخية وقذائف الهاون قصيرة المدى بواسطة مدفع 20 ملم سريع الحركة. واستُخدمت منظومة سنتوريون لحماية القوات والمنشآت الأميركية في العراق- وبنوع خاص في "المنطقة الخضراء" في بغداد، وهي منطقة محصّنة ضمّت مركز القيادة للنشاط الأميركي في العراق، ولذلك كانت عرضة للهجمات المتكررة.

وهناك منظومات أُخرى، عملانية أو قيد التطوير، في أنحاء مختلفة حول العالم. وأشهرها، في إسرائيل هي منظومة سكايغارد (Skyguard) التي تنتجها شركة (Northrop Grumman). وهي مرتكزة على نظام الليزر التكتيكي (Nautilus) الذي طُوّر في إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي. ويزعم مؤيدو هذه المنظومة أن تطويرها قد أُنجز، لكن لا يوجد من يشتريها، وهي بالتالي غير عملانية في أي مكان في العالم.[13]

وسيقت عدة حجج على المستوى التكنولوجي ضد منظومة "القبة الحديدية":

‌أ. عدم قدرتها على التصدي للتهديدات ذات المدى القصير جداً. لم يجر الإعلان رسمياً عن المدى الأدنى للمنظومة، لكنها بحسب المنتقدين عاجزةً عن إسقاط قذائف صاروخية وقذائف يقلّ مداها عن 5 - 7 كيلومترات، وعاجزةً عن إسقاط قذائف الهاون في أي حال. فعندما كان يجري تطوير هذه المنظومة، أُعلن أنها ستحمي المدن والبلدات المحيطة بقطاع غزة. وكان تهديد قذائف الهاون من بين التهديدات التي ذُكرت، علماً أن مدى قذائف الهاون لا يتجاوز بضعة كيلومترات. لكن، بالطبع، صدرت هذه الوعود عن شخصيات سياسية وليس عن مصمّمي المنظومة. وطرح المنتقدون أنه كان على المؤسسة العسكرية أن تعطي الأفضلية لشراء منظومات متوفرة – سكايغارد أو سنتورين- أو إدماج هاتين المنظومتين في منظومة "القبة الحديدية" من أجل تغطية المسافات القصيرة.[14]

‌ب. بحكم الزمن الذي تستغرقه المنظومة للاستجابة، يزعم المنتقدون أنها ستواجه صعوبة أيضاً في التصدي للقذائف الصاروخية ذات المسار المستوي (fired on flat trajectories) والتي هي أبعد مدى – يصل مداها بحسب المنتقدين إلى 16 - 18 كيلومتراً.

‌ج. إن كلفة كل عملية اعتراض مرتفعة جداً. وتبلغ كلفة الصاروخ الاعتراضي ما بين 40 ألف و50 ألف دولار أميركي، بل أكثر، إذ يجري، في بعض الأحيان، إطلاق صاروخَيْن اعتراضيين على هدف واحد، مما يزيد من كلفة الاعتراض. وهذا يحدّ كثيراً من قدرة دولة إسرائيل على شراء الصواريخ الاعتراضية إبان مواجهة طويلة الأمد.[15]

‌د. تشكو المنظومة من "نقطة تشبّع". والمقصود بذلك أنها قادرة على التصدي لعدد محدود (غير معلن عنه) من الأهداف في الوقت نفسه، لا أكثر. فالصواريخ الإضافية التي تطلق عبر وابل كثيف قد تنجح في اختراق الدفاعات وإلحاق الأذى.

إن نقاشاً شاملاً لقدرات المنظومة التكنولوجية خارج نطاق هذه المقالة، ويكفي القول إن جميع المنظومات الدفاعية المذكورة (كأي نظام تكنولوجي)، لديها قدرات محدودة، وينبغي بالتالي أن يشمل النقاش جميع أوجه المنظومة، وليس فقط الجانب التكنولوجي.

النقد العملاني

أثبتت عملية "عمود سحاب" وجولات التصعيد التي سبقتها أن منظومة "القبة الحديدية" برغم نجاحها، لا تؤمّن الحماية الكاملة. فقد اخترقت قذائف صاروخية دفاعاتها وتسبّبت بوقوع خسائر بشرية وألحقت أضراراً بالممتلكات.

ومع ذلك، برهنت هذه الأحداث أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الضرر المادي الذي لحق بالممتلكات- هو غير ذي بال في التحليل النهائي- أو حتى في الخسائر البشرية، مع الأسف لوقوعها، بل تكمن المشكلة في أن كل واحدة من هذه الحوادث، اضطرت ما يقارب المليون شخص من سكان دولة إسرائيل إلى الاحتماء بالملاجئ. كما تكمن في أن المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى أغلقت أبوابها بأمر من قيادة الجبهة الداخلية، مما يعني أن العديد من الناس لم يذهبوا إلى أماكن عملهم لأن الأهالي اضطروا للبقاء في منازلهم لرعاية أولادهم.
وبالإضافة إلى الضرر الاقتصادي، هناك الضرر المعنوي المتمثل في شعور الناس بالعجز عن مواجهة الاعتداءات. ويمكن رؤية الوجه الآخر للعملة عبر احتفالية الانتصار التي عقدها تنظيم الجهاد الإسلامي في قطاع غزة في آذار/مارس 2012. فمن وجهة نظر تنظيم الجهاد الإسلامي، هذا الشعور الذي عاشه الجمهور الإسرائيلي هو الانتصار بحد ذاته،[16] وتكرّر هذا الأمر في نهاية عملية "عمود سحاب" التي أظهرت أن الانتصار بالنسبة لحركة حماس، يكمن في قدرتها على مواصلة إلحاق الأذى بالسكان المدنيين في إسرائيل برغم ضربات سلاح الجو الإسرائيلي. ولهذا السبب، كان إلحاق الأذى بغوش دان إنجازاً كبيراً بالنسبة لحركة حماس.[17]

لكن هذه المشكلة ليست وقفاً على منظومة "القبة الحديدية"، وهي مشكلة ملازمة لأي نظام تسلح دفاعي. فحتى لو كان لدى إسرائيل 12 أو 20 بطارية من "القبة الحديدية"، وعلى افتراض وجود منظومة تسلح دفاعي أفضل من "القبة الحديدية"، لما اختلف واقع الحال مبدئياً. ففي ظل أي اعتداء صاروخي ضد إسرائيل، سيكون من الضروري إطلاق صافرات الإنذار، وعلى قيادة الجبهة الداخلية أن تصدر إرشادات وقائية للإسرائيليين للّجوء إلى الأماكن المحمية، وسيبقى الضرر الاقتصادي، والمعنوي على حاله.

وهذا الأمر يطرح تساؤلين، أولهما: ما هو عدد بطاريات "القبة الحديدية" التي تحتاج إليها دولة إسرائيل؟ فبحسب مطوّري "القبة الحديدية"، تبلغ "البصمة الدفاعية" (defensive footprint) للبطارية ما يقارب الـ100 كلم²، ويعتقد المنتقدون أنها أقل من ذلك بكثير. وفي كافة الأحوال، ليست هذه مساحة واسعة،[18] وحماية سكان جميع المدن والبلدات الإسرائيلية إبان حربٍ محتملة مع لبنان، تستوجب بالتالي نشر عشرات البطاريات. وبما أن عدد البطاريات المشتراة هو بالضرورة محدود (وعدد الصواريخ الاعتراضية كذلك)، يُطرح السؤال الحرج حول من ينبغي حمايته ومن لا لزوم لحمايته.

ثانياً، وهذا سؤال ناجم مباشرة عن السؤال السابق، ما الجدوى من محاولة حماية جميع السكان المدنيين؟ فنظراً لكلفة هذه المنظومة الدفاعية، أليس من الأفضل حماية المنشآت الاستراتيجية التي يشكل بقاؤها ضرورة حيوية لسير عمل البلاد كما يجب؟ ويغدو السؤال أكثر إلحاحاً عندما نتفحص ما يوجد في حوزة الخصم، ولا سيما حزب الله، فأنظمة الصواريخ التي في حوزة حزب الله آخذة في التطور، سواءً لجهة مدى الصواريخ وقدرتها على بلوغ أهداف أبعد في داخل دولة إسرائيل، أو لجهة دقتها تحديداً.[19] وما دامت صواريخ حزب الله تتميز حتى الآن بـ"توزّع إحصائي"،* فلا جدوى [بالنسبة له] من استخدامها ضد منشآت استراتيجية نظراً لتدني فرص إلحاق الأذى بها. وبالتالي، من الأفضل لحزب الله استخدام بطاريات الصواريخ كسلاح لإرهاب السكان المدنيين. لكن عندما تغدو هذه الصواريخ أكثر دقة (وأكثر كلفة، وبالتالي يكون عددها بالضرورة أقل)، تتحقق الفائدة القصوى منها عبر استخدامها ضد المرافق الاستراتيجية. وعليه، يبدو من المفضّل في هذه الحال للجهة المدافعة عن نفسها، أن توجّه مواردها نحو حماية هذه المنشآت الحيوية بدلاً من حماية السكان.

ويترتب على هذه الاعتبارات أن الاستثمار في أنظمة الدفاع الفاعل من أجل حماية السكان المدنيين أمر غير ضروري. ففي حين يمكن تقليص الأذى الذي يلحق بالممتلكات والناس، فإنه من غير الممكن حماية جميع السكان، أو حتى قسم كبير منهم. لا بل ما هو أكثر خطورة من ذلك أنه لا يمكن منع الأذى الحقيقي الذي تتسبب به الاعتداءات الصاروخية، أي الضرر اللاحق باقتصاد البلاد وقدرته على العمل كما ينبغي. وبما أن مبالغ كبيرة من الأموال وظفت في تطوير منظومة دفاعية مضادة للصواريخ، فمن الأجدى استخدامها لحماية المنشآت الاستراتيجية وليس السكان. وبناءً على هذه الاعتبارات وحدها، يبدو الاستثمار في "القبة الحديدية" غير ذي جدوى. بيد أن هناك اعتبارات أخرى بالطبع.

الردع

تُساق حجة مهمة لتبرير قرار نشر منظومة دفاعية بعامة ومنظومة "القبة الحديدية" بخاصة، ألا وهي مساهمتها في تعزيز الردع الإسرائيلي. وتُطرح حجّتان رئيسيّتان في هذا السجال. أولهما، أن نجاح عمليات الاعتراض ستجعل الخصم يدرك أن إطلاق القذائف الصاروخية بلا طائل، مما يدفعه في النهاية إلى التوقف. لكن حتى لو تجاهلنا للحظة واحدة أن هذه الحجة هي النقيض لنظرية الردع الكلاسيكية- التي فحواها أن الردع يتحقّق من خلال التهديد بالعقاب، وليس منعه من النجاح -[20] فإنه يصعب علينا فهم هذه الحجة، ويصعب أكثر تقييم صحتها استناداً إلى الخبرة المتراكمة. فنظرياً على الأقل، إن الفريق الذي يفشل في استخدام أسلحته الهجومية قد ييأس من محاولات استخدامها مجدّداً، لكن قد يشكل هذا الفشل بالذات حافزاً له للبحث عن حلول بديلة لتخطي الإجراءات الدفاعية للخصم.

وفي الممارسة العملية، من الواضح أن المنظمات الإرهابية في قطاع غزة لا تتجاهل مدى تأثير منظومة "القبة الحديدية" في إفشال مخططاتها، حتى عندما تصوّر هذه المنظمات الأحداث على أنها إنجازات، وتعتبر أن نجاح "القبة الحديدية" غير ذي بال.[21] فهناك مؤشرات نستشف منها سعي الفريق الآخر للبحث عن حلول تكتيكية. وهذا ما يؤكده المحترفون العاملون في منظومة "القبة الحديدية" الذين يفيدون عن تغييرات في نمط إطلاق الصواريخ من قبل المنظمات الإرهابية في قطاع غزة. ويبدو أن هذه التغييرات عبارة عن محاولة لتجاوز الإجراءات الدفاعية (على ما يبدو من خلال بذل جهود لإطلاق وابلات كثيفة من القذائف الصاروخية).[22]

وطُرحت الحجة الثانية بعد نجاح منظومة "القبة الحديدية" في جولات التصعيد الأخيرة، وهي التالية: منحت المنظومةُ صانعي القرار حرية اختيار الفعل المناسب.[23] والمنطق الضمني لهذه الحجة هو أنه لولا نجاح منظومة "القبة الحديدية"، لكان لَحِقَ بإسرائيل ضررٌ أكبر، ولكان صانعو القرار وجدوا أنفسهم مضطرين لشنّ عملية برية هجومية على غرار عملية "الرصاص المصبوب" [2008]. لكن بسبب نجاح المنظومة الدفاعية، تمتّع صانعو القرار بدرجة أكبر من الحرية في أخذ قرار شن عملية هجومية أو عدمه، ومتى. وكانت هذه الحجة بارزة في التعليقات المنشورة حول عملية "عمود سحاب" [2012] التي انتهت من دون عملية برية. وساق هذه الحجة بالطبع أولئك الذين اعتبروا أن الهجوم البري ضد قطاع غزة غير محبَّذ.

لكن هناك وجهاً آخر مخالفاً لهذه الحجة طُرح في النقاشات التي جرت إبان عملية "عمود سحاب" وخلال جولات التصعيد التي سبقتها، إذ قال مؤيدو العملية البرية إن منظومة "القبة الحديدية" أصبحت "ورقة التين" التي اختبأ وراءها صانعو القرار غير الراغبين أساساً في شن عملية برية.[24]
بيد أن وجهَي الحجة إشكاليَّين، ففي الماضي تعرّضت إسرائيل لاعتداءات بالقذائف الصاروخية والصواريخ، وفي ظل غياب أي خيار دفاعي آنذاك، استخدمت إسرائيل بشكل أساسي تهديدات ضد العدو لردعه. لكن قادة إسرائيل لم يشعروا يوماً بأنهم افتقدوا أي مقدار من حرية اتخاذ القرار بمهاجمة العدو أو عدمه، أو حرية توقيت ذلك.[25] والزعم أنه لولا هذه المنظومة أو تلك، لما تمتع صانعو القرار بالقدرة على أخذ القرار، تعبير عن عدم الثقة بقدراتهم على تقييم الأوضاع واتخاذ قرارات عقلانية.

القرارات السياسية

يتناول المستوى الثالث من التحليل وجهة نظر صانعي القرارات في المستوى السياسي، حيث تختلف الاعتبارات كلياً.

الاعتبار الأول هو مساهمة المنظومة في دعم معنويات السكان المدنيين، ولا سيما في الأطراف حيث يشعر السكان غالباً بتعرضهم للإهمال من قبل الحكومة، ويتجلى هذا الاعتبار في أشرطة الفيديو التي قام مواطنون إسرائيليون بتحميلها على "يوتيوب" إبان جولات التصعيد في آذار/مارس وحزيران/يونيو 2012، وإبان عملية "عمود سحاب" أيضاً. لا يوجد هناك الكثير لمشاهدته في الأشرطة: نقطة ساطعة في السماء ترتطم بنقطة ساطعة أخرى؛ وميض انفجار صغير من مسافة بعيدة. لكن يمكن في الخلفية سماع هتافات مشاهدي عمليات الاعتراض الناجمة. وظهر هذا الأمر جلياً في عناوين الصحف إبان عملية "عمود سحاب".[26] وأهمية هذه الظاهرة كبيرة للغاية. ليس فقط أن منظومة "القبة الحديدية" تسهم في دعم معنويات الناس، وإنما أيضاً تقدم مساهمة كبيرة في تعزيز صمود السكان المدنيين عموماً، وأثبتت لهم أن الجيش الإسرائيلي يبذل كل ما يستطيع من أجل حمايتهم.

ثانياً، من وجهة نظر صانعي القرار السياسي، منذ اللحظة التي تتوفر فيها الإمكانية التقنية لحماية الجمهور من الاعتداءات الصاروخية، يصبح من الصعب اتخاذ قرار بعدم شراء هكذا منظومة. فالقائد السياسي في أي دولة ديمقراطية يجد صعوبة كبيرة في الوقوف أمام جمهور الناخبين ويقول لهم إن التكنولوجيا موجودة لكنه قرّر عدم شرائها. فمهما عظمت الأسباب، ستقلّ كثيراً حظوظ إعادة انتخاب هذا الزعيم السياسي، إذ يصعب على الجمهور تقبّل هكذا قرار.
وتعلّم القياديون في المراتب العملانية للجيش الإسرائيلي هذا الدرس بشق النفس، فعندما كانت منظومة "القبة الحديدية" قيد التطوير، لم تكن هناك مشكلة في القول إن منظومة دفاع لحماية المدنيين قيد التطوير. لكن، منذ اللحظة التي تسلم فيها الجيش الإسرائيلي أول منظومة، تحرك الاعتبار العملاني وتوصّل الجيش الإسرائيلي إلى القناعة (الأكثر عقلانية، كما جرى شرحه أعلاه)، بأن هكذا منظومة تؤمن الفائدة القصوى للدفاع عن المنشآت الاستراتيجية، مثل قواعد الجيش الإسرائيلي؛ ويتمثل الاستخدام الأمثل لهذه المنظومة في وضعها داخل القاعدة العسكرية وفي نشرها خارج القاعدة إذا دعت الحاجة العملانية إلى ذلك. وتسبّب هذا القرار بردود أفعال فورية واحتجاجات عالية اللهجة من قبل الجمهور ولا سيما في المناطق المعرّضة للتهديد الصاروخي، فسارع القادة السياسيون إلى إجبار الجيش الإسرائيلي على نشر المنظومة بهدف حماية مراكز سكانية مدنية.

ثالثاً، هناك الجانب المتعلق بالقاعدة التكنولوجية والصناعية لإسرائيل، ففي مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، تشكل الصناعات العسكرية والأمنية مكوّناً أساسياً من مكوّنات أمن البلاد. وفي سبيل المحافظة على هذه القاعدة التكنولوجية والصناعية، تعتمد الصناعات الإسرائيلية على طلبيات المؤسسة العسكرية من أجل ضمان استمرارية قدرتها على تصنيع وتصدير الأسلحة. لكن بمعزل عن مبيعات المنتجات الصناعية، من الأهمية بمكان منح هذه الصناعات الفرصة لمواجهة التحديات التكنولوجية. وكانت هذه التحديات في الماضي عبارة عن مشاريع كبرى مثل تصنيع المقاتلة "لافي"، ونظام صاروخ حيتس (Arrow)، وأنظمة عديدة أخرى. فهذه التحديات هي المحرك الذي يقود الصناعة إلى المستويات التكنولوجية العليا، وهي السبب في وصول الصناعات الإسرائيلية إلى مكانتها الحالية الرائدة عالمياً. ومن هذا المنظور، حتى المشاريع التي لم تنفّذ في نهاية المطاف مثل مشروع المقاتلة "لافي"، قدّمت مساهمة لا تقدّر في تطوير الصناعة العسكرية. (وعلى ما يبدو، هذا الاعتبار يقف في خلفية قرار المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تفضيل منظومة "القبة الحديدية" على سواها من المنظومات الدفاعية المنتجة في الخارج).

أما الاعتبار الرابع فيتصل بالعلاقات الوثيقة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية، والتي تشكل إحدى ركائز أمن إسرائيل، فالتعاون في مجالات الدفاع الصاروخي مكوّن رئيسي من هذه العلاقات بحكم الأهمية الكبيرة للدفاع الصاروخي في استراتيجيا الولايات المتحدة. ومن هنا يمكن فهم التعاون في تطوير وإنتاج أنظمة السهم (Arrow) والعصا السحرية (Magic Wand)، والأموال التي رصدت من قبل إدارة [الرئيس الأميركي] أوباما، وتضمنها مشروع الموازنة العامة المرسل إلى الكونغرس. وتتعلق هذه الأموال بمنح إسرائيل هبات مخصصة لشراء المزيد من بطاريات "القبة الحديدية" (وهي خارج إطار المساعدة الأميركية الإجمالية لإسرائيل).

أسئلة مطروحة

لم تواجه منظومة "القبة الحديدية" حتى الآن اختبارات صعبة للغاية. ويُطرح تساؤل حول مدى ما ستكون عليه مساهمتها الحقيقية في حال حدوث اعتداء صاروخي كثيف مصدره لبنان. ففي صيف 2006، وخلال شهر واحد، ضُربت إسرائيل بنحو 4000 قذيفة صاروخية. أما اليوم، فلدى حزب الله مخزون أكبر بكثير من الأسلحة، وهو يراوح بحسب التقديرات بين 40 ألف و50 ألف قذيفة صاروخية. ويشمل أحد السيناريوات المحتملة إطلاق آلاف القذائف الصاروخية في اليوم الواحد. وفي هكذا سيناريو، هناك جوانب عديدة للدفاع.

أولاً، يُطرح السؤال التالي: ما الذي تجب حمايته، وما الذي لا لزوم لحمايته؟ في هذه الحالة، يبرز السؤال المطروح أعلاه بكل خطورته: هل ينبغي نشر بطاريات "القبة الحديدية" جزئياً لحماية قسم من السكان من أجل رفع المعنويات فقط، أو ينبغي تركيز البطاريات الموجودة من أجل حماية المرافق التي يعتبر بقاؤها حيوياً لحسن سير العمل في البلاد؟

ثانياً، يُطرح تساؤل حول فاعلية المنظومة، وبالذات في المناطق المحمية. فحتى لو اتخذ قرار بحماية بعض البلدات والمراكز السكانية المدنية (إذ لا يمكن حماية جميعها بالتأكيد)، فهل ستكون المنظومة فعّالة؟ وهل ستتمكن من تقليص الأذى بقدر ملموس فعلاً في هكذا وضع خطير؟ فإذا كانت الإجابة سلبية، ماذا سيكون ردّ فعل الجمهور على الأضرار الواقعة، وهل ستفقد المنظومة قيمتها كعنصر مساهم في دعم معنويات وصمود السكان؟

ثالثاً، إن السؤال الذي سيبقى مطروحاً على الدوام على صعيد النقاش السياسي هو التالي: "كم يكلف ذلك"؟ إن قرار شراء منظومات دفاعية مثل منظومة "القبة الحديدية" كان واحداً من القرارات. وثمة قرارات من نوع آخر مختلف كلياً: كم عدد البطاريات التي ينبغي شراؤها؟ وعن ماذا سندافع؟ وهل سندافع عن أنفسنا حتى الموت؟

أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في آب/أغسطس 2012، أن العديد من المجندين في وحدات القتال أعربوا عن رغبتهم في الخدمة في وحدات "القبة الحديدية". وهذا يظهر مدى خطورة المشكلة، لأن استثمار الموارد في مجالات الدفاع على حساب الموارد المتوفرة لتعزيز القدرات الهجومية. وحتى إذا أمكن حلّ المسألة المالية وجرى تأمين أموال إضافية للدفاع، تبقى الموارد البشرية لدولة إسرائيل على حالها. فقبل سنوات عديدة، كانت الوحدات القتالية التي كان يرغب المجندون في الالتحاق بها هي: دورات إعداد الطيارين، ووحدات المظليين والاستطلاع. إن التغيير الحاصل عميق وأساسي. في الماضي، كان أمن إسرائيل مبنياً على قدراتها الهجومية، أما اليوم، فيجري تحويل مواردها وعناصر قوتها إلى الدفاع أكثر فأكثر.

خاتمة
إسرائيل هي أول بلد في العالم ينشر منظومة عملانية مضادة للقذائف الصاروخية بهدف حماية سكان مدنيين، فقليلة هي البلدان التي عانت من هكذا اعتداءات قاسية على سكانها المدنيين لفترة طويلة من الزمن. ولا عجب في أن تكون إسرائيل وظفت هكذا موارد كبيرة للبحث عن حلول لهذه المشكلة.

لم يكن الحل المختار خالياً من الجدل، فقد أشار مناهضو المشروع إلى مكامن ضعف المنظومة: بعضها متأصل في كل المنظومات مهما كانت، وبعضها الآخر خاص بمنظومة "القبة الحديدية" التي تعاني مثل أي نظام تكنولوجي آخر من هذا الضعف الفني أو ذاك. وأشار مناهضون آخرون إلى الكلفة المرتفعة للمنظومة، ويحتجون بأن هناك حلولاً تكنولوجية أفضل.

يظهر التحليل الوارد آنفاً أن صنع القرار عملية معقّدة تأخذ في الحسبان اعتبارات متعددة من ضمنها الاعتبار العملاني. لكن هناك اعتبارات اجتماعية، وسياسية، وحتى دولية، لا تقل أهمية عن الاعتبار العملاني، لا بل تفوقه أهمية. وبالنظر لهذه التشكيلة من الاعتبارات، يتبين أن قرار شراء منظومات دفاعية مضادة للقذائف الصاروخية كان قراراً حكيماً.

وعلى ما يبدو، كانت الاعتبارات الدبلوماسية والسياسية التي لا تبالي بالفروق التقنية بين المنظومات المختلفة، عاملاً حاسماً في مسار صنع القرار. وعليه، فإن أي سجال حول مسألة البدائل الفنية- "القبة الحديدية" أو أي منظومة أخرى- سجال عبثي.
فالقرار الأصعب ينبغي أن يكون قرار تحديد حجم الميزانية المرصودة لتعزيز القدرات الدفاعية، لمنع إلحاق الأذى بقدرات الجيش الإسرائيلي الهجومية. ويتطلب هذا القرار التعمق في نقاش العلاقة بين الدفاع والهجوم بشكل عام. وليست منظومة "القبة الحديدية" سوى رأس جبل الجليد الطافي في هذا النقاش الشامل الذي هو خارج نطاق هذه المقالة.
الهوامش


* المصدر: Military and Strategic Affairs, Vol. 5, No. 1, May 2013; http://www.inss.gov.il

** باحث كبير ورئيس برنامج موازين القوى العسكرية في الشرق الأوسط في "معهد دراسات الأمن القومي"- جامعة تل أبيب.

- ترجمة يولا البطل.

* "مفات" هي الحروف الأولية لاسم هذه الوحدة بالعبرية: "منهال ليبِتواح إمتساعي لحيما فتشتيت تخنولوجيت"، أي إدارة تطوير الوسائل القتالية والبنية التحتية التكنولوجية، أنظر: عوزي روبين، "منظومة القبة الحديدية للدفاع الفاعل في الخدمة العملانية: تقييم أولي"، مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية (BESA)، ورقة بحث رقم 151، 24/10/2011 (المترجمة).

* المقصود بذلك أن إصاباتها ليست كلها قاتلة حسبما شرح عوزي روبين، المهندس المختص بأنظمة الصواريخ، في دراسته التالية: "المعركة بين منظومة القبة الحديدية وصواريخ غراد، هل هي بروفة لحرب صاروخية شاملة"، مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية (BESA)، ورقة بحث رقم 173، 3/7/2012 (المترجمة).


[1] استُخدمت منصات لإطلاق قذائف صاروخية باتجاه إسرائيل لأول مرة في 16/9/1968، عندما أطلقت قذائف صاروخية من عيار 130 ملم من ناحية الأردن باتجاه بيت شان. مراسل صحيفة دفار، "للمرة الأولى، إرهابيون يستخدمون أسلحة ثقيلة خلال قصف بيت شان"، دفار، 18/9/1968، أنظر الموقع الإلكتروني التالي: jpress.org.il، أنظر أيضاً: bit.ly/U2cTmq.

[2] هذا الرقم مأخوذ من الموقع الإلكتروني لشركة "رفائيل": www.rafael.co.il.

[3] يائيل ليفنات ويفتاح كرميلي، "سلاح الجو الإسرائيلي ينشر بطارية "القبة الحديدية" الخامسة"، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، 17/11/2012، أنظر: bit.ly/11wfOdD

[4] تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك كما أعلنه الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في 21/8/2012. أنظر: bit.ly/11bICrC

[5] رقم مأخوذ من دورية Jane’s Defence Weekly، تاريخ 2 أيلول/سبتمبر 2009. وهذا هو أيضاً رقم البطاريات التي وافقت عليها لجنة الخارجية والأمن في شباط/فبراير 2011، بحسب وكالة UPI في 11/2/2011. وكرّر وزير الدفاع باراك هذا الرقم في تعليقاته إلى وسائل الإعلام خلال عملية عمود سحاب. أنظر هآرتس، "التحديثات الجارية إبان عملية عمود سحاب"، 18/11/2012.

[6] متان حصروني، "ترقية القبة الحديدية بكلفة 750 مليون شيكل"، أخبار القناة الثانية، 20/11/2012.

[7] يائيل ليفنات، "بعد عام على أول عملية اعتراض بواسطة القبة الحديدية: النجاح يعزى إلى الجنود"، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، 5 نيسان/أبريل 2012، أنظر: http://bit.ly/Yo4uRs

[8] هذه الأرقام واردة في التقارير الشهرية لجهاز الأمن العام (الشاباك)؛ أنظر: shabak.gov.il.

[9] يائيل ليفنات، "بعد عام على أول عملية اعتراض بواسطة القبة الحديدية: النجاح يعزى إلى الجنود"، مصدر سبق ذكره.

[10] "ملخص عملية عمود سحاب"، تصريح للناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، 21/11/2012، أنظر: http://bit.ly/10QRIKf. ووفق حساباتي، كانت 479 قذيفة صاروخية موجهّةً نحو مناطق مبنية (تم إسقاط 421 قذيفة صاروخية، في حين أصابت 58 قذيفة صاروخية أهدافها). ويشكل اعتراض 421 من أصل 479 قذيفة صاروخية معدل نجاح يبلغ 87,8%. فهذا هو معدل نجاح المنظومة وليس معدل نجاح الصاروخ الاعتراضي الفردي. وبرغم أننا نشاهد أحياناً في أشرطة الفيديو صاروخين اعتراضيين معاً، لكن لا ينبغي أن نستنتج أنه جرى إطلاق صاروخين اعتراضيين على كل قذيفة صاروخية.

[11] يرتكز النقد الأساسي للمنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ إلى حد كبير على النقد الهائل الذي تعرضت له منظومات الدفاع الاستراتيجي الأميركية المضادة للصواريخ بعيدة المدى. وفي إسرائيل، كان الدكتور رؤوفين بداتسور الذي استند إلى أعمال البروفسور تيودور بوستول من جامعة MIT، أحد أبرز المنتقدين. فمنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، نشر الدكتور بداتسور مقالات عديدة تعارض تطوير منظومة السهم (Arrow). ثم انتقد بطريقة مماثلة محاولات تطوير منظومة دفاعية مضادة للقذائف الصاروخية. وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي، تناول منظومة Nautilus، ثم منظومة القبة الحديدية. أنظر، رؤوفين بداتسور، "مشروع آرو والدفاع الفاعل: تحديات وتساؤلات"، مذكرة رقم 42 (تل أبيب: جامعة تل أبيب، مركز يافي للدراسات الاستراتيجية، 1993). وحول القبة الحديدية، أنظر: رؤوفين بداتسور، "القبة الحديدية عاجزة أمام صواريخ القسام"، هآرتس، 21/2/2008. ومن بين الذين انتقدوا المنظومة لأسباب تكنولوجية، يبرز بنوع خاص مؤيدو منظومة الليزر (Skyguard)، الذين أنشؤوا منظمة لا تتوخى الربح أسموها "درع الجبهة الداخلية" خصيصاً لهذا الغرض. ويوجد في الموقع الإلكتروني للمنظمة مواد كثيرة حول هذا الموضوع. أنظر: http://magenlaoref.org.il. وهناك نوع ثالث من الانتقاد الذي يظهر في تقارير مراقب الدولة، والمتعلق بالجانب الإجرائي والمالي لمسار صنع القرار والخاص بتطوير المنظومة.

[12] بينما كان يجري إعداد هذه الورقة للنشر، صدرت سلسلة من المقالات النقدية التي تتحدى البيانات المتعلقة بمعدل نجاح المنظومة. إن الرد على جميع هذه الانتقادات يتخطى نطاق هذه الدراسة، لكن انظر في هذا الخصوص: يفتاح شابير، "ما هو عدد القذائف الصاروخية التي أسقطتها منظومة القبة الحديدية"، INSS Insight No 414, March 21, 2012, http://www.inss.org.il/publications.php?cat=21&incat=&read=11166

[13] أنظر: "نوتيلوس/سكايغارد: رد على مزاعم وزير الدفاع"، المنشور على الموقع الإلكتروني لـ"درع الجبهة الداخلية"؛http://bit.ly/WBLjib
أنظر أيضاً الموقع الإلكتروني لشركة (Northrop Grumman): www.northropgrumman.com، الذي لم يعد يذكر هذه المنظومة، مع أن محرك البحث غوغل لا يزال يتذكر الصفحة التي تحوي هذه المعلومات.

[14] أنظر: الموقع الإلكتروني لـ"درع الجبهة الداخلية"؛ http://bit.ly/TD1JFS. مثلما ذكر، لا توجد إحصاءات رسمية حول المدى الأدنى لمنظومة القبة الحديدية.

[15] المصدر نفسه.

[16] عاموس هارئيل وآفي إيسَّخاروف، "دعوة لاستيقاظ إسرائيل"، هآرتس، 16/3/2012، أنظر: http://bit.ly/whWYrn

[17] دانيال سيروتي، "حركة حماس تعلن [يوم 22 نوفمبر عيداً قومياً بغزة] عطلة وطنية"، نشرة يسرائيل هيوم، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012،
أنظر: http://bit.ly/U9t6pX

[18] يعقوب كاتس، "الجيش الإسرائيلي يرجئ موعد الاختبار النهائي لمنظومة القبة الحديدية الدفاعية"، جيروزاليم بوست، 29/12/2010. ويظهر حساب أبسط أن هذه مساحة دائرة يبلغ شعاعها 5,6 كلم. مع الملاحظة أن البصمة الدفاعية (defensive footprint) للمنظومات الدفاعية المضادة للطيران أو للصواريخ، ليست بالضرورة دائرية. وإنما نعطي هذه المعلومات لغرض التوضيح فقط.

[19] وكالتا رويترز وأسوشيتد برس، "[السيد حسن] نصر الله: بالصواريخ الدقيقة نستطيع إصابة مئات آلاف الإسرائيليين"، هآرتس، 17/8/2012، http://bit.ly/NJW20 .

[20] وفق نظرية الردع الكلاسيكية، إن الأسلحة الدفاعية لا يمكنها ردع العدو. وتعتبر هذه النظرية أن الردع يتحقق من خلال التهديد باستعمال أسلحة الدمار الشامل، وهو التهديد الذي لو تحقق لن يكون مقبولاً بالنسبة للخصم الذي يتم ردعه. ومع ذلك، طُرح مفهوم الردع مراراً في النقاشات الدائرة حول الأسلحة الدفاعية أيضاً. حدث ذلك داخل إسرائيل في إطار نقاش منظومات السهم (Arrow) والقبة الحديدية، وفي الخارج، في نقاشات المنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ بعيدة المدى. إن النقاش النظري حول الردع بواسطة الأسلحة التقليدية هو في كل حال أكثر تعقيداً بكثير من نقاش الردع "الكلاسيكي". أنظر على سبيل المثال: Stephen L. Quackenbush, “National Missile Defense and Deterrence”, Political research Quarterly 59, no. 4 (2006): 533-541.

[21] انظر مقالاً لا يحمل توقيعاً على الموقع الإلكتروني لـ"مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب على اسم اللواء مئير عميت": "الحرب على الوعي: برغم أن جولة التصعيد الأخيرة في غزة انتهت بميزان سلبي للمنظمات الإرهابية، تصوّر هذه الأخيرة النتائج على أنها انتصار"، 22/3/2012، http://www.terrorism-info.org.il/he/article/17770.

[22] أحد الأمثلة الآسرة هو بضعة أشرطة فيديو جرى تحميلها على اليوتيوب إبان عملية عمود سحاب وتظهر اعتراض عدد كبير من القذائف الصاروخية في سماء بئر السبع. وفق تقديري، هذا يؤكد أن المنظمات الإرهابية كانت تسعى للتغلب على المنظومة من خلال إطلاق عدد كبير من القذائف الصاروخية في آن معاً. ومن جهة أخرى، يظهر الشريط المصوّر قدرات منظومة القبة الحديدية. أنظر على سبيل المثال، شاي مالول، "دوي صفارة إنذار في بئر السبع و12 اعتراضاً ناجحاً"؛ http://www.youtube.com/watch?v=8kAyqbKwd1o. ففي هذا الشريط، يمكن عدّ 14 صاروخاً اعتراضياً للقبة الحديدية على الأقل (قاذفات الغراد الصاروخية غير مرئية). ويمكن عّد التفجيرات الناجمة عن إصابات مباشرة، لكن لا يمكن الجزم إذا كانت هذه اعتراضات ناجحة أو عملية تدمير ذاتي في الجو للصواريخ الاعتراضية.

[23] هذه الحجة مذكورة في مقالة لعوزي روبين: "المعركة بين منظومة القبة الحديدية وصواريخ غراد، هل هي بروفة لحرب صاروخية شاملة"، مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية (BESA)، ورقة بحث رقم 173، 3/7/2012؛ أنظر: http://bit.ly/Q1OZMx.

[24] أنظر على سبيل المثال هذه المقالة المؤيدة لشن عملية برية: Yori Yanover, “The Morally Reprehensible Iron Dome”: Hamas’s Best Friend”, Jewish Press, November 19, 2012 http://bit.ly/XwD1Oy . وهاكم مثال لمقالة معارضة لشن عملية برية: آري شافيط، "أوقفوا عملية عمود السحاب"، هآرتس، 19/11/2012، http://bit.ly/ZZNm48 .

[25] كان هذا هو واقع الحال إبان حرب الاستنزاف. أنظر على سبيل المثال: "في أعقاب قصف كريات شمونة بالكاتيوشا للمرة الثانية، توجيه إنذارات جدية إلى لبنان من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع"، دفار، 12/5/1970.

[26] أنظر على سبيل المثال: أنشيل بفيفر، "هؤلاء الذين يتحكمون بالقرار: في كواليس منظومة القبة الحديدية"، هآرتس 23/11/2012، http://bit.ly/10oK9v5 . ويمكن جس نبض الناس عبر الشبكات الاجتماعية، فقد تلقت القبة الحديدية على صفحتها على الفيس بوك العديد من الردود المؤيدة ("أعجبني"). وهناك تظاهرة لافتة لتمجيد القبة الحديدية تجلت في مقالات تمتدح قرار وزير الدفاع السابق عمير بيريتس. انظر على سبيل المثال: موتي باسوك، "من كان أول من ميّزها؟ هكذا ولدت القبة الحديدية"، ذي ماركر، 19/11/2012، http://bit.ly/Xr2jxy.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: