إسرائيل تقف وراء اكتشاف اختراق أمني إلكتروني روسي للمخابرات
الأمريكية
إصدار أوامر بحذف برنامج إلكتروني لشركة ’كاسبرسكي لاب’ من أجهزة الكمبيوتر الحكومية بعد اختراق وكلاء إسرائيليين للنظام واكتشافهم بصمات للكرملين
أفادت تقارير في وسائل الإعلام الأمريكية الأربعاء أن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية يقفون وراء قرار أمريكي بحذف جميع البرامج الإلكترونية لشركة “كاسبرسكي لاب” من خوادم الحكومة بعد أن حذروا نظرائهم الأمريكيين بأن قراصنة روس يستخدمون برنامج مكافحة الفيروسات لسرقة معلومات سرية.
في عملية استمرت على مدى عامين، قامت أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية باختراق شبكة “كاسبرسكي” واكتشفت إن البرنامج الذي يستخدمه حوالي 400 مليون شخص في العالم تم اختراقه من قبل قراصنة روس الذين استخدموا البرنامج للعثور على أسماء مشفرة لبرامج الاستخبارات الأمريكية، بحسب ما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”، التي كشفت عن القصة.
مصادر اطلعت على التطورات قالت إن الإسرائيليين قدموا لوكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) “أدلة دامغة” على عمل الكرملين بالاستناد على عملية اختراق إلكتروني بدأت في عام 2014، وفقا للصحيفة. من بين المعلومات التي كشف عنها الإسرائيليون كما
يُزعم كانت هناك كلمات سرية ولقطات شاشة ورسائل بريد إلكتروني ووثائق.
في الشهر الماضي، بعد الحصول على التقرير الإسرائيلي، منعت وزارة الأمن القومي الأمريكية الوكالات الفدرالية من استخدام أي جهاز كمبيوتر لبرنامج شركة “كاسبرسكي لاب” وأصدرت تعليمات بإزالة منتجات الشركة خلال 90 يوما.
من جهتها، نفت شركة “كاسبرسكي”، التي افتتحت لها مركزا للبحث والتطوير في القدس في شهر يونيو، أي علم لها باستخدام القراصنة الروس لبرنامجها.
وقالت الشركة العالمية التي تتخذ من موسكو مقرا لها في بيان لها الثلاثاء إن “كاسبرسكي لاب لم ولن تقدم المساعدة لأي حكومة في العالم في جهودها في مجال التجسس الإلكتروني”.
الرئيس التنفيذي لشركة البرمجيات، يوجين كاسبرسكي، هو مهندس رياضي درس في الماضي في كلية كانت تحت رعاية الإستخبارات السوفيتية (كيه جي بي) وعمل في السابق في وزارة الدفاع الروسية. منتقدوه يقولون إنه من غير المحتمل أن تتمكن شركته من العمل بشكل مستقل في روسيا، حيث تسيطر شركات تملكها الدولة على الاقتصاد ومع توسع قوة وكالات التجسس بصورة كبيرة في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.
بحسب التقرير في “نيويورك تايمز”، في الوقت الذي أصدرت فيها وزارة الأمن القومي الأمريكية أوامرها بحظر منتجات “كاسبرسكي” في 13 سبتمبر، كانت هناك مخاوف في صفوف المسؤولين الإستخباراتيين لبعض الوقت حول كيفية عمل البرنامج والعلاقات المحتملة بين “كاسبرسكي لاب” والمسؤولين في موسكو.
وكانت “كاسبرسكي” قد اكتشفت الإختراق الإسرائيلي لنظامها في عام 2015، وهو ما أعلنت عنه في شهر يونيو من العام الماضي، من دون توجيه أصبع الاتهام لإسرائيل.
من بين الدلائل التي أشارت إلى إسرائيل ولاحظها الباحثون في “كاسبرسكي” كانت أن الإختراق كان مشابها لهجوم آخر يُعرف بإسم “دوكو” (Duqu)، الذي تم تحميل مسؤوليته لنفس البلدان المسؤولة عن السلاح الإلكتروني Stuxnet، وهو فيروس أمريكي-إسرائيلي مشترك استُخدم في عام 2010 لمهاجمة مفاعل نتانز النووي في إيران، والذي أدى إلى تدمير نحو 20% من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في المنشأة.
“كاسبرسكي” أشارت أيضا إلى أن الهجوم على أنظمتها، الذي سُمي بـ”دوكو 2.0″ استُخدم ضد أهداف أخرى تهم إسرائيل، من ضمنها فنادق ومراكز مؤتمرات عقد فيها أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعات مغلقة حول الاتفاق النووي مع إيران، والتي لم تشارك فيها إسرائيل. بما أن بعض الأهداف كانت في الولايات المتحدة، راى الباحثون إن العملية كانت إسرائيلية بحتة من دون تعاون مع الأمريكيين.
المحادثات أدت في نهاية المطاف إلى إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة، وهو اتفاق تم التوقيع عليه مع القوى العظمى الست لكبح تطوير إيران للأسلحة النووية، والذي لاقى معارضة شديدة من إسرائيل.
صحيفة “نيويور تايمز” قالت إنه من غير الواضح ما إذا كان ليوجين كاسبرسكي صلة بالإختراق الإلكتروني الروسي، أو إذ كان هناك تعاون بين أي من موظفيه مع الكرملين. وقد تكون المخابرات الروسية قد اخترقت الشركة من دون علم كبار الموظفين فيها.
في الأسبوع الماضي ذكرت تقارير أن قراصنة قاموا باختراق نظام “كاسبرسكي” نجحوا في سرقة تفاصيل حول كيفية اختراق الولايات المتحدة لشبكات ودفاعات أجنبية ضد هجمات إلكترونية بعد أن قام متعاقد مع وكالة الأمن القومي الأمريكية بأخذ مواد سرية معه إلى المنزل ووضعها على حاسوبه الشخصي.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” هي من كشفت النقاب عن اختراق المعلومات السرية. وهذه المرة الثالثة منذ عام 2013 التي يتم فيها الكشف عن سرقة معلومات حساسة تورط فيها متعاقد مع وكالة الأمن القومي.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن عدد من الأشخاص المطلعين على تفاصيل السرقة من دون ذكر أسمائهم، أن القراصنة استهدفوا كما يبدو المتعاقد مع وكالة الأمن القومي بعد اكتشافهم لمواد حساسة من خلال استخدامه لبرنامج مكافحة فيروسات من إنتاج “كاسبرسكي لاب”. ونفت الشركة الروسية ضلوعها في السرقة، التي قالت الصحيفة إنها وقعت في عام 2015، ولكن لم يتم اكتشافها إلا في الربيع الماضي.
ورفضت وكالة الأمن القومي التعليق على التقرير الإخباري، لكنها قالت إنها تتبع سياسة عدم التعليق على شؤون موظفيها أو تحقيقات قد تكون أو لا تكون جارية.
ولم يتم نشر اسم المتعاقد، ولم يتضح ما إذا تم تسريحه أو توجيه تهم له في أعقاب الحادثة، التي لا تزال قيد التحقيق.
في عام 2013، قام المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودان بتسريب معلومات سرية كشف فيها عن برامج مراقبة تستخدمها الحكومة الأمريكية. في أغسطس 2016، تم اعتقال هارولد توماس مارتين الثالث (51 عاما)، من مدينة غلين بورني في ولاية ماريلاند، من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) بعد أن اتهمه مدعون فدراليون بحذف معلومات سرية وتخزين المواد في منزله ومركبته.
ويأتي هذا الإختراق في الوقت الذي يحقق فيها مسؤولون حكوميون ولجان في الكونغرس في التدخل الروسي في الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية في عام 2016 والتي شملت أنشطة إلكترونية.
0 comments: