هآرتس"، 24/10/2017
عاموس هرئيل - مراسل عسكري
•الدورة الشتوية للكنيست التي بدأت يوم الاثنين سيتذكرها الناس بأنها الدورة التي حذر فيها رئيس الدولة رؤوفين ريفلين من الطوفان، والتي وبخ فيها رئيس الحكومة مواطنيه. لكن الجزء الأمني- السياسي من خطاب نتنياهو في الكنيست تضمن كلاماً قد يبدو لاحقاً مهماً. فللمرة الأولى يصنف نتنياهو التدخل الإيراني في سورية كخطر واضح ومباشر على إسرائيل أكبر من التهديد النووي.
•منذ بضعة أشهر يسود خلاف في إسرائيل بين المستويين السياسي والعسكري الرفيع يتعلق بالأهمية التي يجب اعطاؤها للخطوات التي تقوم بها إيران. وفي الفترة الأخيرة يذكر نتنياهو أكثر فأكثر في خطاباته وجود القوات الإيرانية في سورية، بينما كان في السابق يشدد على المسألة النووية. ومؤخراً تعزز موقفه بعد التأثير الكبير الذي تركته تحذيراته المتكررة بشأن عيوب اتفاق فيينا بين إيران والدول العظمى، لدى الرئيس دونالد ترامب. حتى الآن لم يرم ترامب بالاتفاق في مزبلة التاريخ، كما هدد أن يفعل خلال معركته الانتخابية، لكنه هاجم الاتفاق بحدة في الخطاب الذي ألقاه في أواسط تشرين الأول/أكتوبر، ورمى الكرة في ملعب الكونغرس.
•في مقابل نتنياهو، فإن أغلبية المسؤولين الكبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ليسوا متحمسن حيال احتمال الالغاء الكامل للاتفاق، وهذا ما يدعو اليه رئيس الحكومة. في الجيش الإسرائيلي يركزون انتباههم على الخطوات الإيرانية في سورية: الاتصالات التي تجري لإنشاء مرفأ بحري وقاعدة جوية في الأراضي السورية، وخطط توسيع معامل انتاج السلاح هناك، وانتشار قوات من الميليشيا الشيعية في جنوب سورية. وهم يعتبرون أن جميع هذه المسائل هي مشكلة ملحة ومباشرة أكثر من الاتفاق النووي، الذي مهما كانت عيوبه، لن تنتهي صلاحيته قبل نحو عشر سنوات.
•لكن في خطاب الأمس قلب رئيس الحكومة سلم التهديدات وقال لأعضاء الكنيست: "تحديات كبيرة تواجهنا داخل الدولة وخارجها، وفي طليعتها الحاجة إلى التصدي لمحاولة إيران التمركز العسكري في سورية... وفي الوقت عينه نحن مصرون على مواصلة العمل لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي".
•إن خطابات نتنياهو المقبلة هي التي ستدلنا على ما إذا كان طرأ تغير ثابت على سلم الأولويات. ومن المحتمل أن يكون هذا يعكس تقاسم مسؤوليات، كما يفهمه رئيس الحكومة: ترامب يحرص على تغيير الاتفاق النووي، أو على الأقل على زيادة خضوع إيران في المجال النووي، بينما تقوم إسرائيل بمعالجة الخطر الإيراني في سورية، وخاصة انتشار حزب الله وميليشيات شيعية أخرى بالقرب من الحدود في هضبة الجولان.
•جاء كلام نتنياهو في الكنيست بعد ساعات قليلة على البيان المفاجئ الصادر عن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. وكان ليبرمان الذي عاد إلى إسرائيل في ساعات الصباح بعد زيارة عمل قصيرة قام بها لواشنطن، جمع اعضاء الكنيست من كتلة حزب "إسرائيل بيتنا"، وقال في الاجتماع أن اطلاق القذائف المدفعية من سورية في اتجاه اراضي إسرائيل في الجولان فجر السبت الماضي لم يكن "انزلاقاً، بل هو اطلاق نار مقصود قامت به خليه محلية تعمل بأوامر من حزب الله. ولقد فعل الحزب ذلك بصورة مستقلة عن نظام الأسد، وبأمر شخصي من نصر الله وأخفى ذلك عن الأسد ونظامه ".
•تطابق كلام ليبرمان مع تقديرات سابقة للمؤسسة الأمنية. لكن بعد اطلاق النار يوم السبت كان تقدير الجيش أن ما حدث "انزلاق" لاطلاق النار من جانب قوات النظام ضد تنظيمات المتمردين، سقط من طريق الخطأ في الجانب الإسرائيلي من الحدود. لكن تأكيد وزير الدفاع أن ما حدث هو مناورة من جانب الأمين العام لحزب الله، والثقة التي تحدث بها، بدت كأنه يستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة لم تكن أجهزة الاستخبارات في إسرائيل على معرفة بها. واضطروا في مكتب وزير الدفاع إلى ان يوضحوا في وقت لاحق رداً على أسئلة الصحافيين، أن كلام الوزير جاء استناداً إلى "تقديراته الشخصية وأحكامه".
•أثارت الفوارق في الصيغ ارتباكاً في القيادة الأمنية، فهل تحدث ليبرمان بسذاجة من دون ان يتوقع الصدى الذي سيثيره كلامه؟ أم أن للوزير قنوات أخرى للحصول على المعلومات، ربما من خلال محادثاته في واشنطن، أو من خلال علاقاته المهنية مع نظرائه في دول أخرى، لا يعرفها الجيش الإسرائيلي؟
•في جلسة كتلة حزب "إسرائيل بيتنا"، حذّر ليبرمان من محاولات جر إسرائيل إلى ما أسماه "المستنقع السوري"، لكن عملياً ما قام به هذه المرة هو عكس ما يدعو إليه، ونظريته التي ليس هناك ما يثبتها، لا تساعد بالتأكيد على تهدئة التوترات المتزايدة بين إسرائيل وسورية وإيران وحزب الله.
0 comments: