حين تحولت إيران إلى مرض..
ادريس هاني
بينما يعتقد البعض أنّ الإكثار من هجاء إيران في الحق والباطل هو "شطارة" تملّق وارتزاق نرى انّ هذا الهوس الإيرانوفوبي مضرّ بالصحة النفسية ويتهدد الاستقرار والأمن العقليين..إنّ هجاء إيران بات ظاهرة تتطلّب إحضار كرسي الصابر لتحليل هذا المرض العضال الذي نتج عن إدمان عصير النّفط والغاز..تحولت مشكلة إيران في العقل العربي المتنفّط إلى مشكلة أنطولوجية، ثم سرعان ما تحوّلت إلى عصاب..شطر من هذا العصاب يمكن مقاربته بعلم النّفس الأدليري الذي يدور حول عقدة حقارة..إنهم يحسدون إيران لانها بنت لنفسها نموذجا علميا اكتسحت به فيزياء الكوانتا وفيزياء الفراغ بينما لا زال العقل الوهابي حبيس الأوراق الصفراء يقلبها في ضرب من التّكلّم النّفطي(الطور التاريخي لتنفيط علم الكلام)..وتارة يمكن مقاربة هذا العصاب فرويديا حيث يدور حول الهيستيريا..لا أريد ان أبتعد كثيرا في مناقشة تفاصيل المغالطات في هذا الهجاء المرضي، ذلك لأنّ السؤال المطروح: هل يستغني أهل الهجاء عن معاقرة ما تقدمه إيران في مجال الأفكار والاستفادة منها في السّر؟ هل يستطيع أهل الهجاء أن يستغنوا عن الجديد الإيراني في مجال الفكر الديني والثقافي؟ يقرؤون للإيرانيين في السّر ويلعنونهم بالنهار..في كنانيشهم المليئة بالتكرار والسرقات الأدبية نلاحظ مضغا لا نهائيا من الأحكام المغالطة: إيران..إيران..إيران...(أوووووووف راكم طلعتو في الراس..واش ما عيتوش)..
لكن لا زلت أسأل: ما هو الشيء البريء والإيجابي في إيران؟ هذا سؤال لا يمكن ان يجيب عليه المرضى..فالمريض لا يرى إلا العما..إيران تصنع وهجّاؤوها يتحرقون..تنتج الأفكار وخصومها منهمكون في البكاء على الأطلال..هذا ما فعلته النفطولوجيا في العقل العربي..اللغو والتبسيط والعصاب..حينما ينتهي خزّان الفكر المنقول يبدأ الزعيق ولعن حظّ إيران وكأنها سبب تخلفنا..الإيرانوفوبيا أو المرض بإيران ظاهرة متفشية وأحيانا هناك من يحاول تعزيز هذا المرض بأساليب فقدت وهجها..ثم لا يخفى أنّ هناك جانب آخر يفسّر هذه الضحالة في الهجاء الذي لا ينفع لا في الدين ولا في الدنيا، وهو الارتزاق والبعد الوظيفي..قسم وفي تملّق العبيد يظنون أنّهم قادرون على أن يكونوا مقنعين دائما بهلاوسهم التي يدوس عليها الزمان ويقضمها كالأرضة..يحرصون على أن تبقى الكراهية سارية المفعول لكي يكون لهم دور في بيئة مهسترة بالكراهية لإيران، لأنذ الكراهية لإيران تجلب البترودولار..هؤلاء يشعرون بضرورة تحيين هلاوسهم عسى يبقى لهم دور في هذا المارستان..صناعة الكراهية والمغالطة لها وقت محدد تنتهي إلى الروتين القاتل..إذا كان هناك شيء يتغلغل في بيئتنا ، فهم صناع التّفاهة وركب الرداءة الذي يساهم في استفحال هذا العصاب المزمن..هل يملك بعض خصوم إيران الإحساس بالثقة في النفس قليلا لكي ينسوا إيران ويبدعوا لنا من بدائلهم ما يبهر العقول ويستميل النفوس؟ هل يملكون شيئا من الفروسية لينتهوا من حالة البكائية الدّائمة وندب حظّهم العاثر؟ وإذا كانت إيران تتغلغل فهل لكم القابلية والإقناع لممارسة التغلغل المضاد؟ إنّه هجاء منتوف يحمل أثر الانحطاط الأخلاقي والفكري ويؤشّر على حالة العدوانية المفرطة و الإفلاس المزمن..
اللهم اشف مرضانا..
ادريس هاني
6/10/2017
حين تحولت إيران إلى مرض..
Tags:
إدريس هاني ..كاتب ومحلل
0 comments: