الفهرس |
مقدمة
ما أن عانقت طائرتان أمريكيتان مختطفتان برجي التجارة العالمي التوأمين بنيويورك مساء الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 م وذابت بهما مخلفةً 3000 قتيل، حتى غدت القاعدة بأفغانستان حديث العالم بوصفها المتهم الأول بالحادثة، ومنذ ذلك الحين لم ينقطع ذكرها ووجودها وتأثيرها في أبرز الأحداث الإقليمية والدولية سواءً عبر الفضائيات المرئية أومن خلال الملامسة الواقعية لبؤر الحرب الملتهبة هنا وهناك. فمن هي القاعدة؟ وكيف نشأت؟ ومن أهم المؤسسين وصناع القرار فيها؟ وما المراحل التي مرت بها؟ وما حقيقة التغيّرات الفكرية والسلوكية المنسوبة لها؟ وماذا عن علاقاتها بالجماعات الإسلامية الأخرى؟ وبالدول وأجهزة المخابرات؟
تحاول هذه الدراسة أن تجد إجابات دقيقة شافية لهذه الأسئلة مع شيء من التحليل الموضوعي والتاريخي، وتنحصر مادة البحث في المراحل التي سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولن تتطرق لما بعدها، على أمل تخصيص دراسة أخرى لمراحل التنظيم التالية.
أولاً: النواة الأولى للتنظيم:
مع بدء انسحاب القوات السوفيتية المهزومة في أفغانستان إبريل 1988م الذي استغرق تسعة أشهر، بدأت تُطرح مسألة وجهة الأفغان العرب1 في حال اكتمل النصر وتوقف القتال وقامت حكومة مركزية في أفغانستان. في ذلك الوقت كان جُلّ المقاتلين العرب منضوين تحت مظلة مكتب خدمات المجاهدين 2 الذي أسسه د. عبد الله عزام3 بغرض دعم ومناصرة الأحزاب الأفغانية المجاهدة في شتى المجالات القتالية والمالية والتعليمية والطبية والتربوية وغيرها، إضافةً إلى رعاية وتعليم وتوجيه المقاتلين العرب قبل نفيرهم لأفغانستان.
تنوعت أهداف المجاهدين العرب الواصلين إلى أفغانستان، فمنهم من لبى نداء الجهاد دون أي ارتباط تنظيمي مسبق أو رؤية حركية مستقبلية معينة يسير وفقاً لها كأغلب شباب الخليج العربي، وآخرون كانت بوصلتهم وبرنامجهم نصرة المسلمين في البلاد المحتلة خارجياً كعبد الله عزام4بغض النظر عن موقف جماعته، وهناك من تمرد على قرارات جماعته ثم فُصل منها بعد إصرارها على أن ينحسر دوره في إيصال المساعدات المالية كأسامة بن لادن5 ، ناهيك عن من كان خارجاً لتوّه من مواجهة عنيفة مع نظام الحكم في بلده أدت لفاجعة ومجزرة كبيرة (مجزرة حماة: قتل فيها 50,000 مواطن سوري في 10 أيام خلال فبراير 1982م) كأغلب السوريين الذين قاتلوا ضمن صفوف جماعة الإخوان (فرع سورية) كأبي مصعب السوري6 وأبي خالد السوري 7 أو في صفوف تنظيم الطليعة المقاتلة كأبي بصير الطرطوسي8، وختاماً كان للبعض نظرة خاصة للساحة الأفغانية مختلفةً تماماً، فهي تمثل له ميدان التدريب والإعداد ولملمة الجراح وإعادة ترتيب الصفوف للعودة إلى الوطن واستئناف قتال السلطة الحاكمة عبر اختراق الجيش والقيام بانقلاب عسكري كجماعة الجهاد المصرية9 .
حدث تقارب بين بن لادن وقادة جماعة الجهاد، وقرروا العمل سوياً بشكل مستقل عن مكتب الخدمات، بعدها توقف التنسيق العملي بين بن لادن وعبد الله عزام وبقي الاحترام المتبادل10 ، ثم باشروا بوضع برنامج خاص لمن التحق بهم شمل دورات عسكرية وشرعية وفكرية ضمن معسكراتهم الخاصة11 . هنا تشكلت النواة الأولى لتنظيم القاعدة التي كانت أقرب إلى عمل تنسيقي تعاوني (ولم تُحَلّ جماعة الجهاد التي واصل قادتها العمل تحت اسمها بنفس خطتهم القديمة إضافة إلى العمل مع القاعدة) دون اتفاق على صيغة نهائية وتصور محدد للأفكار الأيديولوجية والسياسات الخارجية والاستراتيجيات القتالية والأهداف المستقبلية لهذا التنظيم المزمع إقامته.
ثانياً: القادة المؤسسون والمرجعيات المختلفة
تردد على كثير من وسائل الإعلام (على مدى سنوات خلت بشكل متكرر وملح حتى ظنه الكثيرون من المسلّمات) كلامٌ مفاده أن فكر بن لادن تغير بشكلٍ جذري بعد اختلاطه المكثف والتصاق قادة جماعة الجهاد به، والحقيقة أن هذا الكلام فيه نظر، فالتأثير لم يكن في اتجاه واحد بل حدث ما يشبه التفاعل الكيميائي بين طرفين مؤدياً إلى مُركبٍ جديد بصفاتٍ جديدة، وسيتضح معنا هذا الأمر في هذه الدراسة من خلال الاطلاع ومقارنة أفكار الجانبين قبل تبلور فكر “القاعدة” عام 1998م وبعده.
1ـ أسامة بن لادن (مؤسس وممول التنظيم):
ولد بن لادن في الرياض بالسعودية عام 1957م لأب يمني وأم سورية، بعد أن تحول أبوه من مجرد عامل بسيط إلى صاحب أكبر شركة مقاولات وإنشاء في العالم العربي في سنوات قليلة. هذه النقلة الجبارة لم تغير أخلاق الرجل وتدينه وتواضعه المشهود له من كثير ممن عرفوه وتعاملوا معه. وكانت له أدوار سياسية بارزة بشكل غير رسمي وصلت لحد التدخل والنجاح بحل النزاع بين الملك وأخيه “ولي العهد”، وإنقاذ الدولة من الإفلاس بإقراضها عشرات ملايين الدولارات12 .
نشأ بن لادن في بيئة متدينة وكان يحب ملازمة أبيه وحضور مجالس القرآن ودروس العلم من صغره. وكما هو السائد في الخليج عامة وفي السعودية خاصة تشكل “السلفية” الرافد المعرفي والثقافي الرئيس لأغلب التيارات والأشخاص الملتزمين دينياً.
يرى بعض الباحثين أن السلفية لها مدرستان أساسيتان: الدعوة الشامية وفق منهج ابن تيمية، والدعوة النجدية وفق منهج ابن عبد الوهاب، وقد تتلمذت الثانية على إرث الأولى وأخذت منها الدعوة إلى التوحيد الصافي وإحياء السنن بمحاربة البدع والشركيات، إلا أن الدعوة النجدية غلت في التكفير وسفك الدماء وحفل تاريخها بتكفير الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى، ثم تكفير من والى من كفرتهم (التكفير بالموالاة)، وشملت هذه السلسلة الدولة العثمانية وعلمائها وأنصارها وكل من والاها، إلا أن تغيرات واضحة طرأت على الدعوة النجدية في القرن الأخير تقترب بها من الدعوة الشامية بأثر من بعض شخصيات مثل عبد الرحمن السعدي13 والألباني14 واختلاطها بأفكار إخوانية15 .
في وسط هذه الأجواء والأفهام المتدافعة والمختلطة شبّ بن لادن وتشكل الجانب الأول من فكره وهو ما يمكن أن نطلق عليه: “التوجه السلفي” في مراحله الدراسية المتدرّجة إلى أن وصل إلى المرحلة الجامعية، ليشهد نقلةً نوعيةً في مضمون ومواضيع وطريقة تناول المواد الإسلامية على يد اثنين من أبرز مفكري وقادة العمل الإسلامي آنذاك: محمد قطب (شقيق سيد قطب) وعبد الله عزام، اللذين أوكلت إليهما مهمة تدريس مادة الثقافة الإسلامية الإلزامية في الجامعات السعودية.
ينتسب كلا الرجلين إلى “الإخوان المسلمين”، ويتبنيان التوجه القطبي16 داخل الجماعة، وقد تأثر بن لادن بهما كثيراً، وامتدت علاقته وتلمذته على يديهما خارج الجامعة، عبر المجالس التي كان يعقدها أشقاؤه الأسنّ منه في مواسم الحج من خلال استقبال عدد كبير من الحجاج والمفكرين الإسلاميين الكبار سيراً على سنة والدهم المُتوفى17 .
والقضية المركزية الأم عند التيار القطبي تتمثل في ثنائية: سيادة الشريعة الإسلامية ووجوب تحكيمها، وجاهلية الأنظمة العلمانية الوضعية وضرورة إزالتها عبر ثورة شعبية إسلامية بقيادة قاعدة صلبة ذات مواصفات إيمانية تربوية عالية ووعي حركي وسياسي عميق من الحركة الإسلامية كما ذكر محمد قطب18 .
في نفس السياق تأتي كلمات عبد الله عزام: “إن الدعوات لا تنتصر إلا بأمثال هذه النماذج، ولا يمكن أن تعيش إلا على محك المحنة، هذه النماذج التي تصطلي بنار المحنة، هي التي تُكَوِّن القاعدة الصلبة، التي ينتصر بها هذا الدين، وتصبح قطب الرحى في توجيه الأمم الكبرى”19 . وقال أيضا: “والحركة الشعبية الجهادية (مع طول الطريق ومرارة المعاناة وضخامة التضحيات وفداحة الأرزاء) تصفي النفوس، فتعلو على واقع الأرض الهابط، وترتفع الاهتمامات عن الخصومات الصغيرة على دراهم، وعن الأغراض القريبة، وسفاف المتاع، وتزول الأحقاد، وتصقل الأرواح، وتسير القافلة صعداً من السفح الهابط إلى القمة السامقة بعيداً عن نتن الطين وصراع الغايات”20 .
تجدر الإشارة هنا إلى أربعة معالم بارزة في طريقة “التغيير” وطريق “تحرير” الأمة داخلياً عند المدرسة القطبية:
أولا: أنه يركز على توجيه سِهامه وحرابه إلى وجه السلطات العلمانية الجاهلية.
ثانياً: ومع هذا فإنه لم يتبنَّ مسألة تكفير أعوان وجنود السلطات الجاهلية كأفراد الجيش والشرطة والأمن وغيرهم21 ، وإن جزم بخيانة هذه الجيوش وأدرك كيفية تشكيلها وعقيدتها القتالية منذ ولادتها على يد الاستعمار الحديث.
ثالثاً: على الرغم من حدّة العبارات في أدبيات الفكر القطبي وتشديد النكير في بعض المواقف والقضايا فإنه لا يناصب العداء ولا يشهر سيف التكفير وسفك الدماء داخل البيت الإسلامي بسبب الخلافات البينية والاختلافات الاجتهادية بين سائر المدارس الحركية والفكرية والسياسية والدعوية، ويلتزم بالأخوة الإيمانية مع الجميع، بل يتعاون معهم قدر الإمكان22 .
رابعاً: آخر وصايا سيد قطب أن لا يُرفع السلاح إلا مع التوجه لإقامة ثورة شعبية وضرورة الاستعانة بعسكريين وعدم الاقتصار على المدنيين23 .
وإذا عرفنا أن بن لادن اقتنع بكثير من الأفكار القطبية (الثورية) التي مثلت جانباً آخر من فكره قبل وصوله إلى أفغانستان بسنوات ندرك المغالطة التاريخية التي يذكرها بعض الإعلاميين والكتاب من أن جماعة الجهاد وأيمن الظواهري تحديداً كانوا وراء تحويل فكره من السلفية التقليدية (الملتزمة بطاعة ولاة الأمر) إلى السلفية الجهادية (المتمردة الثائرة).
2ـ قادة جماعة الجهاد (كوادر التنظيم العسكرية والأمنية والشرعية)
أنشأ مجموعة من طلاب الثانوية العامة في منطقة المعادي (الراقية) المصرية أول خلية لجماعة الجهاد المصرية واختاروا د. أيمن الظواهري24 أميراً عليهم، وضمت المجموعة أيضاً د. سيد إمام الذي أصبح في مرحلة لاحقة المرجعية الشرعية الأبرز لجماعة الجهاد وأميرها والمنظّر الأول للفكر السلفي الجهادي. يقول الظواهري أن الجماعة أُنشئت ردة فعلٍ على إعدام سيد قطب عام 1966م25وبُنيت على فكره، ولكنّ البون يبدو شاسعاً بين المنهجين في التصور والسلوك والآليات، وسنلحظ تلك الفروقات عندما نعرض فكر جماعة الجهاد.
وبما أن الجماعة منذ حقبة السبعينيات كانت تعول بشكل أساسي على اختراق الجيش والشرطة وتجنيد ضباطٍ للقيام بانقلاب عسكري للسيطرة على الحكم دون أن يكون لها أنشطة متزامنة على الصعيد الدعوي أو العلمي أو السياسي أو الاجتماعي، فليس مستغرباً أن نرى مجموعة منهم على رأس القيادة العسكرية والأمنية مع انطلاقة العمل في تنظيم القاعدة.
فأول قائد عسكري للتنظيم أبو عبيدة البنشيري (واسمه الحقيقي على أمين الرشيدي) كان ضابطاً سابقاً في الشرطة المصرية وعديل أحد الذين قتلوا أنور السادات عام 1981م (عبد الحميد عبد السلام)، وشارك بمعارك عديدة في شمال أفغانستان بمنطقة وعرة تدعى بنشير ومنها أخذ لقبه البنشيري. ويعد البنشيري ثاني أهم شخصية في القاعدة بعد بن لادن نظراً لخبرته العسكرية، بل يعده البعض صاحب فكرة تأسيس التنظيم، وقد مات غرقاً في بحيرة فيكتوريا بكينيا عام 1996م26.
ثم يأتي نائبه وخليفته في قيادة القاعدة عسكرياً: الكومندان أبو حفص المصري كما يطلق عليه أنصاره، وهو محمد عاطف: ضابط شرطة مصري سابق أيضاً، وتربطه صلات قوية ببن لادن، تكللت بالمصاهرة قبل أحداث سبتمبر 2001م بأشهر قليلة حين عُقد قران أحد أبناء بن لادن على إحدى بنات أبي حفص، وكان له دور حيوي فعال في إطار التدريب العسكري، وكذلك له قصة شهيرة في المشاركة المؤثرة بمعارك الصومال ضد القوات الأمريكية مطلع التسعينيات، وقد قُتل بغارة أمريكية على أفغانستان في نوفمبر 2001م27 .
ثم يليهما سيف العدل المصري (محمد ابراهيم مكاوي): ضابط جيش سابق والمسؤول الأمني العام في القاعدة، أشرف على تدريب أفراد القاعدة أمنياً واستخبارياً وعسكرياً، إضافةً إلى كونه أحد المؤسسين الأوائل وعضو مجلس شورى مقرب جداً من بن لادن. تتهمه الولايات المتحدة الأمريكية بتدريب مقاتلين صوماليين وبالضلوع في تفجيرات السفارتين الأمريكيتين بنيروبي ودار السلام عام 1998م28 . وما زال حياً يرزق بعد خروجه إلى إيران عقب الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، ومؤخراً وصل إلى شمال سورية إثر إتمام صفقة تبادل أسرى بين فرع القاعدة باليمن وايران خرج بموجبها خمسة من قيادات القاعدة في مقدمتهم سيف العدل29 .
وعلى رأس المجموعة، د. سيد إمام: عبد القادر بن عبد العزيز أو الدكتور فضل: الشخصية المهيبة داخل جماعة الجهاد وأميرها وقتئذٍ نظراً لكونه الأعلى كعباً من ناحية العلم الشرعي، والمسؤول عن البناء الفكري والتنظيري وتزكية من يراه صالحاً للتدريس في تنظيم القاعدة30 ، يضاف إلى ذلك أنه كان طبيبا جراحاً في مصر وباكستان واليمن31 .
وفي بداية التسعينيات وقع خلاف وحدثت انشقاقات داخل جماعة الجهاد استقال بعدها سيد إمام لتنتقل الإمارة للظواهري في أثناء وجود الجماعة بالسودان32 ، بعدها سافر للعمل في اليمن ثم اعتقل هناك وسُلم لمصر في أعقاب أحداث سبتمبر 33 إلى أن خرج من السجن بعد الثورة المصرية لينشط إعلامياً على الفضائيات مهاجماً سائر الجماعات الجهادية والإسلامية ومكفراً الملايين على الهواء مباشرةً34 !
لا شك أنه من الصعوبة بمكان المجادلة في الدور الريادي لجماعة الجهاد وقادتها في التأسيس للفكر السلفي الجهادي، ولسنا مبالغين إذا قلنا إن رموزها هم من وضعوا حجر الأساس لهذا التيار وتلكم الأيديولوجية ذات التأثير الهام ليس فقط في صياغة دستور ومنهاج القاعدة، بل فيما تبع ذلك من تأثيرات على الأحداث المحلية والدولية.
وما ميز فكر الجماعة هو المزج بين بعض الاختيارات الفقهية السياسية لابن تيمية (حكم الطوائف الممتنعة35 ) وبعض أفكار الدعوة النجدية (عدم العذر بالجهل في أصل الدين، والتكفير بالموالاة) وتطبيقاتهما على المسائل المعاصرة (كحكم الجيوش والمشاركين بالانتخابات الديمقراطية) نجدها متمثلة في أربعة مبادئ أساسية:
(أ) كفر الحكام والأعوان ووجوب قتالهم:
أي جميع الأنظمة التي تحكم بغير الشريعة الإسلامية (القوانين الوضعية) وقواها العسكرية التنفيذية: جيوشها وشرطتها وأجهزة أمنها أو ما يصُطلح عليه بالطوائف الممتنعة (عن الشريعة)، والمرجع الأصلي في التأصيل الذي ذهبوا إليه بوصف الطوائف الممتنعة بطوائف الردة 36 كان كتاب الفريضة الغائبة37 لمحمد عبد السلام فرج (أحد القيادات البارزة في الجماعة) صاحب الفتوى الشهيرة بقتل السادات38 .
قال فرج واصفاً حال الحكام: “فبعد ذهاب الخلافة نهائياً عام 1924م واقتلاع أحكام الإسلام كلها واستبدالها بأحكام وضعها كفار أصبحت حالتهم هي نفس حالة التتار39 كما ثبت في تفسير ابن كثير لقوله سبحانه وتعالى في سورة المائدة (50-5) (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون)” ثم أردف قائلاً: “فحكام هذا العصر في ردة عن الإسلام تربّوا على موائد الاستعمار.. سواءً الصليبية أو الشيوعية أو الصهيونية”40 .
والاستدراك المهم هنا، والنقطة التي قد تلتبس على البعض، أن مناط الحكم بالكفر في فكر جماعة الجهاد هو الحكم بغير ما أنزل الله (بالقوانين الوضعية)، وليس بتبني الحاكم للعلمانية أو للشيوعية وغيرها من المناهج الأرضية المخالفة للشريعة السماوية، ولذا لا يفرقون في الأعم الأغلب بين حكام مرجعيتهم إسلامية ومسيرتهم وقرائن حالهم وحياتهم دالة على ذلك، وحكام توجههم العلماني واضح لا لبس فيه، وهذا يُلمس من فتاوى وتطبيقات شيوخ السلفية الجهادية بوجه عام.
وقال أيضاً واصفاً حال التتار (الطوائف الممتنعة) ومن يناصرهم نقلاً عن ابن تيمية: “وكل من نفر إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام، وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين” 41، ونقل له فتوى أخرى بوجوب قتالهم42 .
وهذه الفتوى الصادرة عن الإمام ابن تيمية ومثيلاتها هي المستندات والأدلة الأقوى عند جماعة الجهاد وسائر التنظيمات السلفية الجهادية في إصدار أحكامها بكفر الطوائف الممتنعة وإيجاب قتالها. ويرى مختصون أن مسألة قتال الطوائف الممتنعة يكاد يُطبق عليها العلماء متقدمهم ومتأخرهم. أما فيما يخص تكفيرهم فالجمهور على عدم التكفير وعلى رأسهم الإمام الشافعي. وذُكر أيضاً أن هناك تعارضاً في النقول عن بن تيمية ولا يبدو من السهل تحرير رأيه بشكل حاسم 43.
والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن البعض: هل ترى الجماعة جميع جنود وضباط الجيش والشرطة في سائر البلاد التي تُحكم بالقوانين الوضعية مرتدين أم أن هناك تفصيلاً؟ الجواب: هناك خلافٌ سائغ مقبول داخل الجماعة. فالبعض يرى الجميع مرتدين بأعيانهم44 انطلاقاً من قاعدة عدم العذر بالجهل عند الدعوة النجدية45 ، والبعض يراهم طائفة ردة دون أن يوقع الحكم على كل فرد، وفي كل الأحوال هناك اتفاق على قتالهم قتال ردة وعلى احترام الرأي الآخر 46.
(ب) أولوية العدو القريب
من الناحية الاستراتيجية، ترى الجماعة أن أس المشكلة وسبب وجود الاستعمار في بلاد الإسلام هم الحكام وليس العكس، فهي تعطي أولوية وتشجع على ضرب هذه الأنظمة الحاكمة، وترى أن بوصلة الجهاد يجب أن تشير إلى هذا السبيل، وتؤمن بعدم جدوى قتال الاستعمار ابتداءً قبل بناء دولة إسلامية لأن ثمرة هذه الدماء والتضحيات لن تجد من يقطفها إلا الأنظمة الخارجة عن شرع الله47 . واستمرت الجماعة في العمل بهذا الاتجاه إلى نهاية التسعينيات حين قررت الاندماج الكامل مع القاعدة وغيرت خطتها بالكلية.
(ج) شركية العمل البرلماني الديمقراطي
لا يخفى على أي متابع لتاريخ ومسيرة جماعة الجهاد حساسيتها المفرطة تجاه الانتخابات البرلمانية، وتحذيرها الشديد المستمر من أي تصويتٍ أو ترشحٍ، فهي تعد هذا العمل “وسيلة كفرية” لأن الدساتير الوضعية تعطي حق التشريع المطلق للبشر وهو ما يتناقض مع توحيد الله في التشريع48 .
ولا اعتبار عندها لإفتاء كثير من العلماء الموثوقين بل والمجاهدين49 بجواز هذا الفعل وأحياناً بوجوبه بشروط معينة وبالظروف التي تؤدي لتغير إيجابي مؤثر في المجتمع أو الدولة، سواءً كان بالسعي إلى تحكيم شرع الله بالكلية أو الحيلولة دون سيطرة المفسدين والغير مؤهلين وأصحاب التوجه العلماني50 .
جاء في النشرة الخامسة الصادرة عن جماعة الجهاد بطبعتها الثانية ديسمبر 1991 م التالي: “ثم إن هذا الذي يدعي أنه لم يدخل المجلس للتشريع بل للنصح، نقول له ألست أقسمت على الكفر؟ ألست ترى غيرك يُشَرّع ما لم ينزل الله به سلطانا وترى غيرك يدفع أحكام الشريعة دفعاً؟ وقد قال تعالى: (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذاً مثلهم)، فهذا حكم الله في هؤلاء (إنكم إذاً مثلهم)”51 .
وأما فيما يخص الكتل الانتخابية فيقول الظواهري في الطبعة الأولى من كتابه الشهير (الحصاد المر) عام 1988م: “هذه هي الديمقراطية وكفرها يا أخي، وأعضاء مجلس الشعب يا أخي هم الأرباب من دون الله تعالى، والذين ينتخبونهم يتخذونهم أرباباً من دون الله تعالى وينصبونهم طواغيت معبودة من دون الله، وهذا كاف في تحريم الترشيح في المجالس النيابية الديمقراطية، وتحريم المشاركة في انتخابات هذه المجالس، وكل من شارك في هذا عالماً بحقيقة الديمقراطية فهو كافر مرتد خارج من ملة الإسلام”52 .
والمحظور الوحيد عند الجماعة هو تكفير جميع المشاركين؛ العالم بحقيقة الديمقراطية والجاهل بها، وهو ما قام به سيد إمام وأدى إلى انفصاله عن الجماعة53 .
(د) نجديّة جزئية في فهم “الولاء والبراء”
لطالما رددت وقررت جماعة الجهاد أن البراءة من الطواغيت المرتدين (ومنهم الحاكمين بالقوانين الوضعية) وأعوانهم وقوانينهم ركن التوحيد وأن إظهار العداوة العلنية لهم من موجبات ملة إبراهيم54 ، وأن الاعتراف بشرعيتهم وحوارهم ومد الجسور معهم مناقضة تامة للتوحيد، ومهادنتهم باطلة55 ، واعتمدت بشكل أساسي في تأصيلاتها على كتب وفتاوى الدعوة النجدية56 .
وكان هناك تفسيران لهذه التأصيلات:
التفسير الأول، وهو ما يمكن أن نطلق عليه “النجديّة الكلية”، وخلاصته: تكفير جميع أفراد الجيوش ومن لا يكفرهم ويتبرأ منهم فردا فرداً لأنه أنكر إجماع الصحابة في تكفير أعيان المرتدين، سار على هذا الرأي سيد إمام57 .
التفسير الثاني، وهو ما يمكن أن نطلق عليه “النجدية الجزئية”، وخلاصته: تكفير الجيوش كطائفة وفئة وجماعة، مع خلاف سائغ في تكفير المعين58 ، والتحذير من تكفير من لا يكفرهم وهذا رأي الظواهري وعليه استقر رأي الجماعة59 .
وهنا نجمل نقطة في غاية الأهمية لفهم عقلية الجماعة ومناطات أحكامها خاصة فيما يتصل ببؤر الجهاد المفتوحة: مسألة تكفير الأعوان والجند لها مناطان: 1- توصيفهم كطائفة ردة ممتنعة عن تطبيق الشريعة (استناداً إلى فهمهم لفتوى ابن تيمية) 2- موالاة من حكمت الجماعة بكفره سواءً كان حاكماً أو مجرد قائد حركة أو تنظيم (انطلاقاً من أدبيات الدعوة النجدية في التكفير بالموالاة).
في هذا السياق، لعله من الأهمية بمكان رصد اتهامات الظواهري الخطيرة آنذاك لشخصيات جهادية ورموز إسلامية كبيرة كانت لها نوعٌ من العلاقات الجيدة وبعض المديح لأنظمة حاكمة 60 كعبد الله عزام وحسن البنا، الأول وجهت لهم تهم العمالة والجاسوسية للسعودية وأمريكا61 والثاني وصف بالسبق إلى جميع “الموبقات” التي ارتكبها “الإخوان المسلمين” من بعده كمهادنة ومدح الحكام بغير حق والاعتراف بالدساتير واتّباع الأساليب الديمقراطية62 .
وهنا قد يقع بعض المتابعين في حيرة عند سماعهم لإطراء الظواهري لعزام ومدحه الجزئي للبنا لاحقاً، وسنتعرض لهذا الأمر في مرحلة أفغانستان الثانية عند الحديث عن تبلور أفكار القاعدة.
ثالثاً: مسيرة التنظيم 1988ـ2011:
بعد أن أخذنا نبذةً عن أفكار القادة المؤسسين وبعد أن أشرنا إلى أن التأسيس الأول لنواة القاعدة كان أقرب للتحالف والتعاون وتبادل المنافع والطاقات بين الطرفين، فبن لادن معه المال والشعبية الكبيرة بين العرب، وجماعة الجهاد معها الخبرة العسكرية والتنظيمية، نبدأ في رصد مسيرة التنظيم من بداياتها إلى أحداث سبتمبر 2001م، ويمكن أن نقسّمها إلى ثلاث مراحل زمنية متتالية:
مرحلة أفغانستان الأولى ( 1988 – 1992 )، مرحلة السودان ( 1992 – 1996 )، مرحلة أفغانستان الثانية ( 1996 – 2001 ).
مرحلة أفغانستان الأولى ( 1988 – 1992 ): تداول الأفكار والبحث عن المسار
مع انطلاق هذه المرحلة لم يكن التنظيم قد حدد بعد مرجعيته الفكرية ووجهته العسكرية وأساليبه القتالية بل ولا حتى ماهية أعدائه، فبن لادن (القائد) ومن معه يسعون في إحداث حركة جهادية في اليمن الجنوبي ضد الشيوعيين اليمنيين63 ، أما قادة جماعة الجهاد فيطمحون إلى تدريب شبابهم تدريباً عالياً في ساحة مفتوحة ليعوضوا النقص في هذا الجانب ثم تأتي العودة إلى مصر لقتال نظام مبارك64 .
بدأت هذه المرحلة باستقلال بن لادن في دعمه وعمله الجهادي عن عبد الله عزام (بعد أن أوقف دعمه لمكتب الخدمات بشكل كامل)، وبتغير في رؤيته حول آلية عمل المجاهدين العرب في أفغانستان، فعزام كان يعتمد جملة من الثوابت ك: عدم تجميع العرب في معسكرات وأماكن ثابتة داخل أفغانستان حتى لا يسهل استهدافهم وكي يكون لهم دور في تثبيت الأفغان عبر الاختلاط بهم، إضافة إلى عدم الانحياز لأي حزب أفغاني على حساب آخر، ناهيك عن عدم القيام بأي عمل عسكري خارجي يضر الجهاد الأفغاني ويستجلب أعداء جدد، أما بن لادن فاختار تحويل دعمه المادي إلى معسكرات انفرادية للعرب قام بتجميعها في مكان واحد وتحت حماية حزب واحد من الأحزاب الأفغانية المجاهدة 65.
وبالرغم من انفصاله عن عبد الله عزام تنظيمياً وعملياً ظل الجانب الإخواني القطبي (غير المفاصل للتيارات الإسلامية الأخرى) من فكره مهيمناً عليه قبل تمدد المنهج السلفي الجهادي إلى وجدانه.
ويشهد على ذلك قتاله تحت إمرة عبد رب الرسول سياف 66 في هذه الحقبة 67 ، وعدم إثارته شقاقاً بسبب “بدع وشركيات القبور” (التي جعلت البعض يرفض القتال مع الأفغان ويطعن في دينهم 68)، إضافة إلى دعمه لحملة نواز شريف 69 1990م بالمال وتحريض علماء باكستانيين على الدعوة للتصويت له وذلك بعد المصاعب والاعتقالات التي واجهت المجاهدين العرب إبان وصول بينظير بوتو70 للسلطة في الانتخابات السابقة 1988م71 .
تسلم قادة جماعة الجهاد دفة القيادة في جوانب التوجيه الشرعي والفكري والتدريب العسكري، وبدأوا يبثون فكرهم للشباب المتدرب في معسكرات القاعدة عبر مفتي القاعدة الأول وقتها سيد إمام إضافة إلى أبي محمد المقدسي72 المُزَكّى من قبل الأول، والذي أصبح فيما بعد من رؤوس التنظير في التيار السلفي الجهادي.
من القضايا المثيرة للجدل حينها مع قرب رحيل السوفييت، مسألة جواز وجدوى القتال تحت راية الأحزاب الأفغانية، ففريقٌ كان يرفضه بسبب مناداة بعض القادة بدولة إسلامية ديمقراطية وبعلاقات جيدة مع سائر الأنظمة، وفريقٌ كان يقبل ويغض طرفه عن هذه الخلافات البينية73 ؛ فأبو محمد المقدسي وأبو الوليد الغزيّ الأنصاري74 كانا من الرافضين، وسيد إمام كان من المترددين حتى إنه كلّف المقدسي بالقيام ببحث فيما يخص المسألة75 ، أما القاعدة (بقيادة بن لادن والبنشيري وأبي حفص المصري) فكانت من المجيزين76 . والنتيجة كانت مشاركة فعالة للقاعدة حتى بعد انسحاب السوفييت في معركة جلال أباد الشهيرة 1989م ضد الحكومة الأفغانية الشيوعية الموالية للاحتلال السوفيتي77 .
وهنا قد ينقدح سؤالٌ ذو أهمية بالغة في ذهن الكثيرين: من يتخذ القرارات داخل القاعدة؟ هل بن لادن أم قادة جماعة الجهاد الشرعيون، أم العسكريون، أم أن العملية تشاورية تشاركية؟ نؤجل الإجابة عليه إلى مرحلة أفغانستان الثانية حين تبلور فكر وخطة التنظيم بشكل متكامل.
واصلت جماعة الجهاد الاستفادة من معسكرات القاعدة وإمكانتها المالية في تدريب شبابها وإرسالهم لمصر لمواصلة التجهيز لعمليات تستهدف رؤوس نظام مبارك، وكان بن لادن يتردد على السعودية بشكل دوري إذ لم تكن ثمة مشكلة وقتها مع العائلة الحاكمة إلى أن غزت العراق الكويت وبدأ التهديد الفعلي باجتياح السعودية.
في ذلك الوقت، أرسل بن لادن رسالة إلى وزير الداخلية السعودي حينها نايف بن عبد العزيز يقترح فيها تجنيد مقاتلين من شتى أنحاء العالم إضافةً إلى استجلاب المجاهدين التابعين له من أفغانستان ليصل عدد المتطوعين إلى مئة ألف رجل قادرين ليس فقط على إيقاف تقدم جيش صدام وإنما تحرير الكويت من قواته، ولكن رسالته أهملت ولم تلق آذاناً صاغية78 .
عوضاً عن ذلك اختارت السلطات السعودية الاستعانة بالجيش الأمريكي لينشر قواعده في السعودية وليحرر الكويت. هنا تعرض بن لادن لأعنف صدمة في حياته، إذ كيف يذهب هو بنفسه وماله للقتال ضد قوات ملحدة بعيدة آلاف الكيلومترات عن موطنه، ثم يأتي النظام السعودي بقوات كافرة إلى جوار أقدس مكان عند المسلمين كآفة: الحرمين الشريفين79 .
فقد بن لادن الأمل من مناصحة النظام السعودي في هذا الشأن، وتيقن أنه لن يتراجع عن قراره، فبدأ العمل في مسار آخر وهو حشد العلماء المستقلين المتحررين من قيود السلطة والبدء بإنشاء تجمع كبير لهم للوقوف بوجه هذا القرار إلا أن جميع هذه الجهود لم تغير شيئاً وفرض القرار بقوة السلطة السياسة وبفتوى هيئة كبار العلماء الرسمية المجيزة لهذا الفعل.
لم يستطع بن لادن تحمل دخول قوات أجنبية غازية إلى بلاد الحرمين، فقرر الخروج، ولكن بقيت معضلة واحدة: جواز سفره مُصادر ولا يمكنه التحرك خارج البلاد، وقد جرى حل المشكلة بوساطة أحد أقربائه المقربين من الأسرة الحاكمة، فحصل له على إذن سفر بشرط أن يكون لمرة واحدة، وكانت ذريعة بن لادن للسفر أنه يريد تصفية بعض حساباته وأعماله في باكستان80 .
عاد بن لادن إلى أفغانستان ليلتقي بقادة القاعدة الآخرين الذين لم يبرحوها وواصلوا القتال جنباً إلى جنب مع الأحزاب الأفغانية ضد وريثة الاحتلال السوفيتي حكومة نجيب الله الشيوعية، وبدأ التفكير في الخيارات المتاحة أمام التنظيم بعدما شارف المجاهدون الأفغان على السيطرة على العاصمة كابول مع وجود نفرة وبدء اقتتالٍ داخليٍ بينهم. في هذه اللحظات، يممت القاعدة وجهها شطر السودان، حيث يسيطر “إسلاميون” على الحكم بعد نجاح حزب الجبهة الإسلامية القومية في القيام بأول انقلاب “إسلامي” في العالم العربي: ثورة الإنقاذ، عبر أحد كوادر الجبهة الذي أصبح فيما بعد ولا يزال رئيس السودان: العميد الركن عمر البشير.
مرحلة السودان (1992-1996) : تفاعل الأفكار
قبل أن تصل القاعدة إلى السودان قادمة من أفغانستان، كانت قد سبقتها مشاريعها الإعمارية والزراعية والاستثمارية الضخمة بدعوة وترحيب من زعيم الحركة الإسلامية هناك، السياسي البارز والعقل المدبر للانقلاب: د. حسن الترابي81، يُتَّهم الترابي بأنه الذي شجع بن لادن على نقل تنظيمه بالكامل إلى السودان 1989م وفقاً للتقرير الرسمي الأمريكي حول أحداث سبتمبر82 لكن الترابي ينفي هذا عن نفسه ويقول بأن بن لادن جاء إلى السودان كما يأتي أي مستثمر عربي83 ، وهو ما حدث بالفعل 1992م. ساهمت القاعدة (عبر مموّلها وزعيمها) في مشاريع مدنية ضخمة في مقدمتها بناء مطار بور سودان والطريق السريع الواصل بين الخرطوم وبور سودان وطرق أخرى إضافة إلى زراعة آلاف الفدادين من القمح ودوار الشمس84 .
من الناحية الفكرية والسياسية والعسكرية، تعد القاعدة هذه الفترة الأهم والأغنى والأكثر زخماً، فقد تحولت السودان وقتها إلى نقطة جذب لأغلب الجماعات والحركات والشخصيات الإسلامية والثورية والتحررية، السنّية منها والشيعية، وفيها حدث تلاقح كبير بالأفكار وتبادل للخبرات والمهارات.
كان مشروع الترابي يتضمن حشد جميع المناوئين للتدخل العسكري الأمريكي في المنطقة من مختلف التيارات والمعتقدات الإسلامية والعلمانية في بوتقة سياسية موحدة تكون بديلة لجامعة الدول العربية، من أجل ذلك، نظّم سلسلة من المؤتمرات تحت عنوان مؤتمر الشعب الإسلامي العربي، وكان باكورتها 1991م بحضور قيادات كبيرة مثل: حكمتيار وسياف من أفغانستان (إسلاميين)، ياسر عرفات (علماني) ونايف الحواتمة (يساري ماركسي) وفتحي الشقاقي وخالد مشعل من فلسطين (إخوان مسلمين)، عماد مغنية من لبنان (شيعي-حزب الله)، وممثلين آخرين عن الإخوان المسلمين ومختلف الجماعات الجهادية حول العالم 85 ، هذا المؤتمر الذي وصف غربياً ب “مؤتمر الإرهاب”.
فضلاً عن استضافة “الثعلب” وهو الثائر “الإرهابي” الأشهر في العالم والمطلوب دولياً: كارلوس الفنزويلي، الذي قاد عمليات كثيرة بنفسه في قارات متعددة، أشهرها احتجاز أحد عشر وزيراً من وزراء نفط منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” عام 1975م86 .
لا شك أن وجود هذا العدد الكبير من الجماعات المسلحة التي تنتهج طرق وتكتيكات قتالية متعددة ومختلفة وجديدة بناءً على أهدافها ومرجعياتها الأيديلوجية والأخلاقية قد ترك أثراً بالغاً في قدرات القاعدة ونهجها العسكري الذي اعتمدته لاحقاً، ومن هنا نبدأ برصد التفاعلات والتطورات العسكرية التي طرأت على طريقة القاعدة في هذه المرحلة.
التفاعلات العسكرية
يتساءل الكثيرون عن سر النقلة النوعية في استخدام القاعدة للسيارات والشاحنات المفخخة بطريقة احترافية وفعّالة في ميادين القتال وفي الهجمات التي تشنها هنا وهناك، الأمر الذي كان غائباً تماماً خلال الجهاد الأفغاني الأول، ويظن البعض أن المهندس يحيى عياش87 : أحد أشهر قادة كتائب القسام كان وراء هذه المسألة وهو من تولى تدريب عناصر القاعدة!.
الحقيقة التاريخية أن أول من استخدم هذه التقنية بكفاءة عالية جداً حزب الله اللبناني عندما فجّر “فدائيان” شاحنتيهما المفخختين في تجمعين عسكريين من العيار الثقيل وكانت المحصلة: قتل 241 جندي مارينز أمريكي و 58 جندي مظلي فرنسي في تفجيرين متتالين في العاصمة بيروت 23 أكتوبر 1983م، والنتيجة: انسحاب القوات الأمريكية من لبنان88 .
ولذا عملت القاعدة على استنساخ هذه العمليات وضد العدو نفسه (أمريكا) علها تنجح في إخراجها من جزيرة العرب كما أُخرجت من لبنان، وتجاوزت الخلاف السني /الشيعي الكبير والخلاف السلفي /الشيعي الأعمق في سبيل ضرب العدو المشترك الأكبر، فبعد محادثات مع الإيرانيين في السودان تم الاتفاق (غير الرسمي) على إرسال قادة عسكريين كبار من القاعدة إلى إيران ووادي البقاع في لبنان لتلقي التدريبات على المتفجرات وعلى العمل الأمني والمخابراتي89 .
لعله من الضروري الإضاءة على عدة نقاط:
1 – بدأت سياسة القاعدة تتشكل في الاقتصار على استهداف أمريكا، ومهادنة أعدائها، بل التحالف معهم.
2 – وفقاً للجانب السلفي الجهادي من فكر القاعدة90 في هذه الجزئية، هي لا تكفر عموم الشيعة (أخذاً برأي ابن تيمية) ولا تناصبهم العداء ابتداءً مع وجود فوارق كثيرة في الأصول والفروع91 ، ولكن في ذات الوقت لا تستطيع الجهر بالعلاقات مع إيران وحزب الله نظراً لحساسية خزانها الاستراتيجي من الداعمين والشباب السعودي والخليجي أصحاب النفس “السلفي النجدي” تجاه هذا الملف المشتعل92 .
3 – هذا التنسيق طوال مسيرة القاعدة اقتصر على التدريب العسكري ونقل الخبرات وتوفير العبور والملاذ الآمن لعدد من القادة والأفراد، ولم يتعداه إلى التنسيق لعمليات عسكرية مشتركة أو التطبيع ثقافي أو الفكري مع المنظومة الإيرانية في المنطقة العربية93 .
قبل أن يسدل الستار على العام 1992م، قامت القاعدة بأول عملياتها ضد القوات الأمريكية المستريحة في فندق “غولد مور” في عدن باليمن في أثناء توجهها للمشاركة بعملية عسكرية في الصومال “إعادة الأمل” عن طريق قنبلة أودت بحياة ثلاثة وجرحت خمسة، ثم استهلت القاعدة مشوار مواجهاتها المفتوحة مع الأمريكان عام 1993م عن طريق إرسال مجموعات يقودها المسؤول العسكري أبو عبيدة البنشيري إلى العاصمة مقديشو للمشاركة في التدريب والقتال جنباً إلى جنب مع المقاومة الصومالية، وأدت الاشتباكات إلى مقتل 80 جندياً أمريكاً وتحطم مروحيتين فانسحبت أمريكا من الصومال.
وفي نوفمبر 1995م، شهدت الأراضي السعودية الهجوم الأول على بعثة عسكرية أمريكية بسيارة مفخخة في أثناء وجودها في قاعدة للحرس الوطني السعودي بالرياض، قتل بسببها أربعة عسكريين أمريكيين94 ، ولم تتبن القاعدة العملية بشكل رسمي وأعدم أربعة سعوديين بتهمة التخطيط والتنفيذ.
إذن فهذه المرحلة شهدت بدء القاعدة في أعمال تفجيرية مستهدفةً قوات أمريكية في غير جبهات القتال، مستفيدة من تطوير قدراتها في صناعة المتفجرات وتفجير المفخخات التي اكتسبتها مؤخراً من معسكرات حزب الله95 .
التفاعلات الفكرية والسياسية
ينحدر الترابي مفكر الدولة السودانية وقتها، من جذور صوفية عميقة، فوالده كان شيخ طريقة معروفة بالسودان. ولا يخفى حتى على غير المتخصصين مدى التباين بل الخصام بين المدرستين “السلفية” و”الصوفية”. ورغم تبني الترابي لأفكار أخرى “حداثية” تبدو غريبة على جميع التيارات الإسلامية كإمامة المرأة للصلاة ودمج الفنون والموسيقى والغناء بالدين96 ، فإن القاعدة لم تدخل معه في سجال عنيف أو مفاصلة بل تعاونت معه وآزرت الدولة السودانية اقتصادياً واستثمارياً 97 ، ربما لأن التأثير الفكري وإرث عبد الله عزام فيما يخص منهج وكيفية التعامل البيني داخل البيئة الإسلامية كان ما يزال غضاً طرياً في وجدان بعض قادة القاعدة.
قد يظن البعض أن الدافع لم يكن ذاتياً وإنما نتيجة لإكراهات الواقع السياسي وضغطه، ولكن بالنظر إلى المرحلة السابقة في أفغانستان وباستحضار أداء القاعدة وتحديداً أسامة بن لادن، نجدهم في هذا الناحية كانوا بعيدين عن الاحتراب الفكري الذي دخله كثيرون انطلاقاً من خلفيتهم: ” السلفية النجدية” ووصل بهم المطاف أخيراً لتكفير أقسام من المجاهدين الأفغان ووصفهم بالمشركين.
يضاف إلى ذلك: أمرُ بن لادن لأتباعه وأنصاره بالمشاركة في القتال إلى جانب جيش اليمن الشمالي التابع لحكومة مشتركة بين حزب الإصلاح الإخواني وحزب علي عبد الله صالح “المؤتمر الشعبي” أثناء “حرب الوحدة” في مواجهة الشيوعيين الجنوبيين 98، وسفره إلى البوسنة عام 1993م للقاء الرئيس علي عزت بيجوفيتش99 لتقديم العون للمسلمين البوسنيين في التصدي لعدوان “ما بعد الاستقلال” من يوغوسلافيا عبر دعم وتمويل بعض المجاهدين العرب100 الذين كانوا يقاتلون ككتيبة ضمن الجيش البوسني101 ، ناهيك عن تأييده وثناءه على المعارضة السلمية لتيار الصحوة في السعودية102 .
إن الصفة العامة لهذه المرحلة، إضافة إلى التصعيد الكبير مع أمريكا والتدريجي مع السعودية هي التقارب ومد جسور التعاون والأخوة مع المدارس والجماعات الإسلامية الأخرى، ولعله كان لأبي حفص الموريتاني103 “ذي الخلفية الإخوانية” دور مؤثر في هذا الصدد عقب ترؤسه لجنة الإفتاء الشرعية داخل التنظيم.
وعلى صعيد الوضع الداخلي للتنظيم، وقعت بعض الخلافات والانشقاقات بسبب مواقف الموريتاني من النَّفَس التكفيري عند بعض الأفراد104 ، وفي السياق ذاته، ترك سيد إمام “المفتي السابق” التنظيم قبل أن يفجّر عدة قنابل فكرية نوويّة في كتابه: “الجامع في طلب العلم الشريف” عام 1993م كفّر فيه جميع التيارات الإسلامية السياسية “الديمقراطية” وسائر الكتل الانتخابية وانتهى بتكفير كل من توقف في تكفير الجيوش فرداً فرداً مما أدى إلى تركه جماعة الجهاد أيضاً105.
ورغم معارضة أبي حفص للأنظمة الحاكمة للعالم الإسلامي واطّلاعه على خيانتها بيد أنه كان من أشد المعارضين للنظرية السائدة عند الجماعات السلفية الجهادية وقتها: قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد، وكان لا يرى جدوى من قتال بعض الجماعات لأنظمة الحكم نظراً للفارق الرهيب في الإمكانات. ولذا دفع باتجاه عدم تبني القاعدة لهذا الطريق ونجح إلى حد كبير106 .
وفي المقابل صعّدت جماعة الجهاد التي لم تنضم بعد للقاعدة (وإن كان بعض القادة قد فعل) عملياتها ضد رؤوس النظام المصري عبر استهداف وزير الداخلية حسن الألفي ورئيس الوزراء عاطف صدقي دون أن تنجح في قتلهما.
توسّع عمل القاعدة ليشمل أيضاً جانباً سياسياً إعلامياً، فأنشأ بن لادن: هيئة “النصيحة والإصلاح” في لندن وظيفتها الأساسية كما يظهر من عنوانها: مناصحة النظام السعودي ومعارضته وتأييد مطالب الحراك الشعبي الذي تقوده شرائح متنوعة من الشعب شملت مئات العلماء والشيوخ والمثقفين والأكاديميين، ينادون فيها بإصلاحات جذرية أهمها مسائل تشريعية تزيل ما علق بالدستور من تشريعات وضعّية خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والقضائية والعلاقات الخارجية، إضافة إلى انتقاد سياسة التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، وإصلاحات سياسية واجتماعية أخرى، وقد قُدمت مذكرتان للملك فهد موقعة بأسماء العلماء وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال وعددٍ من الدعاة والخطباء 107.
أيّد بن لادن المذكرتين وأكبرهما ونشر نصيحة علنية في بداية 1994م عبر مكتبه بلندن ضمن البيان رقم 2 الصادر عن الهيئة والموجه إلى الملك فهد شخصياً والمعنون بجملة: “إلى الملك فهد: النصح والإصلاح واجبان”، حثه فيها على الاستجابة للمطالب الإصلاحية، واعتذر عن تلبية طلبه بالرجوع للمملكة، فإجراءات منعه من النصح وسحب جواز سفره بل وتجميد أمواله لم يمض عليها سوى سنتين أو أقل. عموماً لم يقطع بن لادن كل الخيوط مع السلطات السعودية واكتفى بلوم الملك على عدم استجابته للعلماء وتسفيهه لهم بل وعقابهم وسجنهم، وذكّره بأن بعض قوانين الدولة الداخلية وكثير من سياستها الخارجية قد وصلت لدرجة “نواقض الإسلام” وأخبره في النهاية أنه سيواصل النصح قياماً بواجبه الشرعي108 .
لم يستجب حكام المملكة لجميع النصائح والمطالب التي قدمت لهم من أعدادٍ كبيرة من العلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات بل واصلوا طريقهم وصعّدوا من بطشهم الداخلي وتبعيتهم الخارجية، فواصل بن لادن بذل نصائحه وأصدر البيان تلو البيان إلى أن طفح به الكيل، فنشر البيانين رقم 11 ورقم 12 مع أفول 1994م وبزوغ 1995م مُكَفِّراً لهم وموجهاً ألذع الانتقادات لمفتي المملكة وقتها: عبد العزير بن باز متهماً إياه ليس فقط بالسكوت عن النظام بل بمجاراته والإفتاء وفقاً لرغباته109 .
وقد واكب هذا التصعيد اللفظي تصعيد عملي ذكرناه آنفاً بتفجيرات شرق الرياض التي أودت بحياة أربعة عسكريين أمريكيين، إضافة إلى نشاطات جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية (حلفاء التنظيم) داخل مصر، ومحاولة اغتيال مبارك بأديس أبابا بأثيوبيا في نفس العام انطلاقاً من السودان، فتجمّعت الضغوطات الأمريكية والسعودية والمصرية من أجل طرد القاعدة من السودان110 ، وهو ما تحقق عام 1996م فحزمت قيادة القاعدة أمتعتها واستقلت طائرة خاصة مستأجرة بشكل سري وطارت عائدة إلى أفغانستان مرة أخرى ولكن بوجه جديد وخطة جديدة111 .
مرحلة أفغانستان الثانية 1996-2001) ): تبلور الأفكار وولادة القاعدة الحقيقية
بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت على القاعدة، تلقت دعوة112 من رئيس “دولة المجاهدين” في أفغانستان آنذاك: برهان الدين رباني113 ، فعادت أدراجها مثخنةً بعدة ضربات مالية تمثلت بفقدان استثماراتها بالسودان دون أن تعوضها الحكومة، إضافة إلى تجميد ما بين 200 إلى 300مليون دولار، ناهيك عن إغلاق عددٍ من الشركات اِكتُشفت تبعيتها لبن لادن من قبل السلطات السعودية114فضلاً عن موت قائدها العسكري أبي عبيدة البنشيري غرقاً في بحيرة فيكتوريا أثناء عودته من كينيا للسودان، وبقاء مفتيها الشرعي أبي حفص الموريتاني في السودان لاستكمال دراساته العليا.
وقتها كان الصراع قد احتدم بين دولة المجاهدين وحركة طالبان (القاعدة لم تنحز إلى أي طرف)، ونتج عنه سيطرة طالبان على مساحات شاسعة من أفغانستان كللت بعقد اجتماع كبير لـ 1500 عالم وداعية وخطيب معلناً “الإمارة الإسلامية” وبيعة زعيم طالبان الملا محمد عمر “أميراً للمؤمنين” في أفغانستان في أبريل 1996م، وقتها لم تكن هناك ثمة علاقة أو صلة بين القاعدة وطالبان.
كان صيف 1996م ساخناً بحق، على الصعيدين المحلي والدولي:
يونيو: دوى انفجارٌ هائل بشاحنة مفخخة في أبراج الخبر بمدينة الظهران بالسعودية حاصداً لأرواح 19 قتيلاً ومتسبباً في 372 جريحاً، جميعهم من سلاح الجو الأمريكي!. وقد وجّهت أصابع الاتهام لطرفين: إيران والقاعدة، ولكن في النهاية وبعد التحقيقات ترجّح أن “حزب الله السعودي” ذراع إيران هو الفاعل ومؤخراً ألقت المخابرات السعودية القبض على العقل المدبر للعملية أحمد الغسيل في بيروت بعد 19 عاماً من التخفي115 .
أغسطس: أبرق بن لادن إلى جريدة القدس العربي بلندن لتنشر بيان: “إعلان الحرب على الأمريكيين المحتلين لبلاد الحرمين”116 ، لتعلن القاعدة رسمياً دخولها في مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، في هذا الوقت لم يكن بن لادن قد اصطّف لا مع طالبان ولا مع خصومها.
سبتمبر: بعد لقاء بن لادن بالملا عمر وحواره معه وإثر سيطرة طالبان على مدينة جلال أباد الهامة وعلى العاصمة كابول، أعلن بيعته ل “أمير المؤمنين” الملا محمد عمر قائد حركة طالبان117 .
لم يختلف الأمر كثيراً مع جماعة الجهاد، فهي كذلك طُرِدَت من السودان بعد ضغط الحكومة المصرية عقب نسف سفارتها بشكل كامل بإسلام أباد ومحاولة كادت تنجح لاغتيال حسني مبارك في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا عام 1995م، وقد وصلت الجماعة بقيادة الظواهري لأفغانستان وهي منهكة وتعاني أزمات مالية وخيبة أمل تنظيمية من تراجع بل فشل العمل في مصر. ربما، لهذه الأسباب تقاربت بعدها بشكل كبير مع القاعدة، وتوّج هذا التقارب بإعلان الجبهة الإسلامية العالمية للقتال ضد اليهود والصليبيين 1998م 118، دون أن نغفل الدور البارز الذي لعبه أبو حفص المصري في إقناع الظواهري بالانضمام للقاعدة119 .
وبغض النظر عن سبب التقارب ودوافعه، فإنه سبّب تحولات ملحوظة في البنية الفكرية والمشروع السياسي والطرق القتالية للطرفين، وقد اتضحت هذه الأمور بجلاء بدءاً من 1998م من خلال اللقاءات التليفزيونة والتصريحات الإعلامية بل والسلوك العملي للقاعدة.
فبدايةً: تخلّت جماعة الجهاد عن مشروعها “الخاص” واتّبعت مشروع القاعدة المتمثل بالتركيز على استهداف المصالح الأمريكية واليهودية دون أنظمة الحكم المحلية.
وفي الشق الاستراتيجي السياسي، تبنت القاعدة نظرية “الدولة المستحيلة”، بمعنى أنه لن تقوم أي دولة إسلامية حقيقية في ظل وجود منظومة الأمم المتحدة، ولذا لا يجوز لأي دولة ستنشأ في أرض الجهاد أن تنضم لهذه المؤسسة لأن العضوية فيها تقتضي التحاكم لقوانينها غير الإسلامية وهذا من نواقض الإيمان ، قال بن لادن: “فهؤلاء الذين يزعمون بأنهم زعماء للعرب ومازالوا في الأمم المتحدة هم كفروا بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، الذين يحيلون الأمور إلى الشرعية الدولية هم كفروا بشرعية الكتاب الكريم وبسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام”120 ، والبديل هو “إدارة التوحش”121 في المناطق التي تتواجد فيها جماعات جهادية.
وإدارة التوحش أو إدارة الفوضى المتوحشة تأتي في المرحلة الثانية كنتيجة لمرحلة “شوكة النكاية والإنهاك” وقبل قيام الدولة “التمكين”، وتشمل السعي لإدارة مناطق التوحش الخارجة عن سيطرة الأنظمة المركزية عبر توفير حاجات الناس الأساسية من طعام ودواء وأمن وقضاء، إضافة إلى تشجيع الاستقطاب والمفاصلة لأقصى درجة، وعسكرة المجتمع، وكذلك العمل على اختراق الجماعات الإسلامية الأخرى122 .
ثم تسرب المنهج السلفي الجهادي في التعامل مع بعض المخالفين الإسلاميين بسرعة إلى القاعدة (المقتبس من الدعوة النجدية والقائم على التكفير بالموالاة)، فوقع لأول مرة تكفيرٌ بالجملة123 (في ساحات الجهاد المعاصرة) لفصائل أخرى مجاهدة وهي: التحالف الشمالي المناوئ لطالبان والذي يضم مجموعة من قادة المجاهدين الأفغان أثناء حرب السوفييت، الأمر الذي رفضته طالبان نفسها واعتبرته قتال إخوة وبغي رغم شراسة المعارك وكثرة الدماء المراقة، حتى مفتي القاعدة أنكر على بن لادن تكفيره لهم124 .
أيضاً: الدخول في اقتتالات داخلية كانت التجربة الأولى للقاعدة وهو ما لم تكن تريده طالبان لولا إصرار بعض المجاهدين125 ، ويُعد خروجاً عن الطريق الذي خطه عبد الله عزام وسارت عليه القاعدة في الحقبة الفائتة.
ومن ناحية أخرى: مما يثير الاستغراب والدهشة، أنه رغم وجود النقطتين السابقتين واستمرارهما مع قادم السنين بل ازديادهما، بقيَ البعد “الإخواني القطبي” فيما يتعلق بالثناء على بعض الإسلاميين “الديمقراطيين” و”المخالفين” وانتقل إلى قادة جماعة الجهاد المنضمين حديثاً للتنظيم.
ويشهد على ذلك ثناء بن لادن على أجنحة في الحكومة الباكستانية في أثناء ولاية نواز شريف126نهاية التسعينيات وتهنئته لرئيس الوزراء وأعضاء الحكومة بامتلاك السلاح النووي127 ، إضافة إلى قبول جماعة الجهاد (بعد انضمامها للقاعدة) بيعة الملا عمر بيعة كبرى “إمارة المؤمنين” واستمرارهم عليها رغم ما لهم على طالبان من تحفظات كبيرة وكثيرة مثل: انتشار الصوفية والموقف من المحافل الدولية والأمم المتحدة وعدم انضباط علاقاتهم مع بعض الدول العربية ودول الجوار وانتشار المنظمات الصليبية داخل أفغانستان وعملها بحرية128 . ناهيك عن موقف الظواهري المستجد من عزام ووصفه بشهيد الإسلام، إضافةً إلى مدحه الجزئي وترحمه على حسن البنا في الطبعة الثانية من كتابه “الحصاد المر” وهو ما كان غائباً بشكل كلّي في الطبعة الأولى نهاية الثمانينيات.
هذه المواقف قد تُفسّر على أنها تصرفات مصلحية نفعية منطلقة من ضغوطات الواقع وضرورات البقاء، ورغم وجود مؤشرات على هذا الجانب البراغماتي129 في مسيرة القاعدة فإننا لا نستطيع أن نغفل طبيعة فكر القاعدة المركب من شقين: السلفية الجهادية والإخوانية القطبية، وهو ما يجعلها تلين في الخطاب أحياناً وتثنى على من يخالفها إلا أن آلية التكفير(بذريعتي: الحكم أو التحاكم إلى غير ما أنزل الله، أو موالاة الكافرين أو “المرتدين”) بقيت ثابتة وقابلة للتفعيل كما مر معنا.
وأخيراً وليس آخراً، طبقاً للبيان الأول للجبهة الإسلامية العالمية بداية 1998م التي شكلت مظلة للقاعدة وجماعة الجهاد وجماعات أخرى ووقع عليه ستة أشخاص (ليس فيهم عالم واحد) ممثلون عن ست جماعات وحركات وهيئات إسلامية (انسحب أحدهم لاحقاً 130)، أُعلنت فتوى شرعية مختصرها: قتل الأمريكان وحلفائهم “مدنيين وعسكريين” في كل مكان فرض عين على كل مسلم131 .
أنتجت هذه الفتوى تحولاً هائلاً في نوعية القتال وطرقه وبنك الأهداف. وفيما يخص هذه الأخيرة وبالتحديد فيما يتعلق “بالمدنيين”، لا يمكننا إلا أن نعود بذاكرتنا إلى مرحلة السودان وتزامن وجود القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية المنضمة لها مع وجود الأحزاب اليسارية و”كارلوس الثعلب” التي كانت تتبنى عمليات كخطف الطائرات المدنية وقَنبَلَةِ القطارات.
والتسويغ الشرعي الذي ساقته القاعدة لهذه الفتوى هو أن الشعب الأمريكي والشعوب الغربية محاربة للإسلام بالرأي والمال والنفس وذلك عبر انتخاب حكامها بكل حرية والرضى ببرامجهم السياسية المعادية للأمة الإسلامية والداعمة لإسرائيل إضافة إلى تمويلهم الحروب عن طريق دفع الضرائب والتحاق أبنائهم بالجيوش والأجهزة الأمنية132 ، الأمر الذي لم يقره السواد الأعظم من العلماء في سائر البلاد الإسلامية.
باشرت القاعدة عملها بتوجيه عدة ضربات عسكرية قوية فبداية نسفت سفارتين أمريكيتين بنيروبي ودار السلام عام 1998م موقعةً 224قتيلاً بينهم 12 أمريكياً و 5000 جريح133 ، ثم ثنّت بالمدمرة الأمريكية البحرية كوول في عدن باليمن أكتوبر 2000م لتقتل 17 وتجرح 39 من قوات المارينز الأمريكية134 ثم نفذت الهجوم الأعنف على برجي التجارة العالمي ومركّب وزارة الدفاع الأمريكية في نيويورك وواشنطن سبتمبر 2001م ليلقى 3000 شخص حتفهم135 ، الحدث الذي هز العالم واعتُبر أعنف هجوم تتعرض له أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت له تداعيات كبيرة خاصة على العالم الإسلامي.
وبالرجوع إلى علاقة طالبان مع القاعدة، فقد كانت علاقة عجيبة متداخلة، فمن ناحية نجد الود والاتفاق والثناء المتبادل وتصريحات القاعدة بطاعة طالبان، ومن ناحية أخرى عملية تطبيقية نجد أشياءً مغايرة.
فمثلاُ، عقب بيعة القاعدة للملا عمر حاكماً شرعياً لأفغانستان، لم يلتزم بن لادن كثيراً بموجبات هذه البيعة خاصةً فيما يتعلق بخطة القاعدة وبرنامجها وتأثيرها على مستقبل أفغانستان، فجميع الأوامر والتنبيهات التي أُعطيت لبن لادن بعدم الظهور الإعلامي والكف عن تهديد أمريكا فضلاً عن استهدافها بهجمات لا تستطيع طالبان تحمل كلفتها وارتداداتها، ضُربت بعرض الحائط بخروج بن لادن المتكرر على قنوات إعلامية عربية وغربية كالABC الأمريكية و الجزيرة القطرية وغيرهما، وبتنفيذ العديد من العمليات العسكرية ضد أمريكا دون تبنيٍ علنيٍ وقتها، الأمر الذي جلب مشاكل كبيرة لطالبان والأفغان، وعلى الرغم من الضغوطات الشديدة على طالبان من عدة دول “صديقة” كباكستان والسعودية لتسليم بن لادن ورفضها لذلك، في الوقت الذي وافقت فيه أطراف أفغانية أخرى، لم يراجع بن لادن قراراته ومضى وفق خطته ورؤيته136 .
هنا يتكشّف ملمح خطير للغاية في شخصية بن لادن وفي آلية اتخاذ القرارات داخل القاعدة، هو أنه ما أن يقتنع بأمرٍ ما مهما كان دقيقاً أو مصيرياً، يمضي فيه دون الرجوع ليس فقط إلى مجلس شوراه بل حتى إلى لجنة الإفتاء الشرعية داخل تنظيمه، (وهو ما دعا مفتي القاعدة وقتها لوصفه بأنه “الكل في الكل” فهو المؤسس والممول ودوره شديد المركزية في إدارة التنظيم) 137! ناهيك عن العلماء والمفتين خارج التنظيم. ولعل السبب هو النشأة “السلفية” التي تعطي لأتباعها ثقةً زائدةً في الترجيح بين الأدلة دون أهلية كافية وتشجّع على عدم الاكتراث بمخالفة السواد الأعظم من علماء الأمة الصادقين البعيدين عن الشبهات سلفاً وخلفاً، مع عدم إغفال الجانب النفسي الذاتي لشخصية بن لادن.
تجسدت هذه المعاني غاية التجسد في قرار شن هجمات 11 سبتمبر التاريخية، فقرارٌ بهذا الحجم يحتاج إلى لجنة من أرفع العلماء وأدهى السياسيين وأذكى الاقتصاديين وأعظم العسكريين وربما أعمق الفلاسفة في دولة عظمى، ولكن الصورة كانت على النحو التالي: مفتي التنظيم (الرجل الثالث)، والقائد العسكري (الرجل الثاني) وقتئذ: أبو حفص المصري، وغالب مجلس الشورى، ناهيك عن جميع الجماعات الجهادية الأخرى الموجودة بأفغانستان ومن باب أولى علماء وقادة طالبان الرافضون عموماً لأي عمل عسكري خارجي، كل ذلك لم يمنع بن لادن من اتخاذ القرارات وإرسال الغارات138 .
لعله من الأهمية بمكان أن نعود بالزمن إلى مطلع الألفية الثالثة حين بدأت مسيرة المفاوضات بين طالبان وأمريكا بخصوص بن لادن، تلك التي شهدت مباحثات طويلة وجولات ماراثونية وكان الملا عبد السلام ضعيف (أحد مؤسسي الحركة وسفير طالبان بباكستان) هو المخول من طرف طالبان للتفاوض بهذا الشأن. فبعد تفجير سفاراتَيْها بأفريقيا 1998م (لم يتبنها بن لادن وقتها)، كثفت أمريكا جهودها للتوصل إلى اتفاق مع طالبان يقتضي بتسليمهم بن لادن لمحاكمته. وقد رفضت طالبان وقتها وقالت هات ما عندكم من أدلة ونحن نحاكمه وفقاً للشريعة الإسلامية. وبعد الإلحاح الأمريكي ولقاءات كثيرة بين السفيرين الأفغاني والأمريكي في باكستان، وقبل أشهرٍ قليلة من الحادي عشر من سبتمبر اقترحت طالبان ثلاثة حلولٍ على أمريكا:
1 – تقدم أمريكا أدلتها لمحكمة أفغانستان العليا وإن ثبت ضلوع بن لادن تحاكمه طالبان وفقاً للشريعة الإسلامية.
2 – تتشكل محكمة جديدة يترأسها مدّعون عامّون من ثلاث دول إسلامية، وتتم المحاكمة في دولة إسلامية رابعة، فتقدم أمريكا أدلتها، وتكون طالبان شريكة بالمحكمة وتحرص على حضور وإجابة بن لادن عن الأسئلة، فإن لم يستطع الرد على الادعاءات، يعاقب على أعماله.
3 – تتعهد طالبان بضبط نشاطات بن لادن وحجب كل وسائل الإعلام عنه ومنعه من استخدام أراضيها لاستهداف أي دولة أخرى.
قوبلت جميع الحلول بالرفض وتم الإصرار على تسليم بن لادن بلا شروط. وبدورها رفضت طالبان وبررت موقفها بعدم وجود اتفاقية تبادل أسرى139 بين البلدين. ثم اقتُرحت حلول كثيرة أخرى كعقد المحاكمة في محكمة لاهاي، ولكنَّ أمريكا أصرت على التسليم والتسليم فقط 140 .
إلى أن وقعت أحداث سبتمبر، فأُغلق الملف وفتحت أمريكا ملف غزو أفغانستان، لتبدأ مرحلة مطاردة وملاحقة قادة التنظيم وتشتت عناصره، إضافة إلى نشوء أفرع للتنظيم في بلدان متعددة لاحقاً، أو ما يمكن أن نطلق عليه ضرب المركز ونمو الأطراف.
وللتذكير بأهم أفكار وسياسات التنظيم بعد تبلورها ونضوجها بشكل كامل:
أولا: يتكون فكر القاعدة من جانبين رئيسيين:
1 – المنهج السلفي الجهادي وأبرز مرتكزاته: كفر من يحكم بالقوانين الوضعية (الدساتير المحلية) وأذرعته العسكرية أو يتحاكم إلى القوانين الدولية عبر الانضمام للهيئات العالمية كالأمم المتحدة أو الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية. حرمة المشاركة في “الانتخابات الديمقراطية” وتصنيفها ضمن “أعمال الكفر”. شبهة الجماعات الإسلامية المسلحة التي تقيم علاقات علنية جيدة أو تأخذ تمويلاً من دول غربية وعربية وردتها في حال أعلنت رضاها بدولة ديمقراطية ومن باب أولى إن وقع قتال مع من يعلنون نيتهم إقامة دولة إسلامية.
2 -العقلية الإخوانية القطبية المنادية بجاهلية الأنظمة العلمانية الحاكمة، ووجوب الإعداد الفكري والدعوي للثورة على هذه الأنظمة. ضلال وعدم جدوى “المشاركة الديمقراطية”. الأخوة والتعاون بين مختلف التوجهات والتيارات الإسلامية.
لا شك أن مساحة الجانبين ليست متساوية في فكر التنظيم، فالمنهج السلفي الجهادي هو الأصل والسمت العام للجماعة والعقلية الإخوانية القطبية تظهر أحياناً.
ثانياً: تقوم سياسة القاعدة (نظرياً) على: استهداف الأمريكان وحلفائهم (غير المسلمين) مدنيين وعسكريين في أي بقعة على وجه الأرض، لاستنزافهم عسكرياً وبشرياً واقتصادياً. تجنب الدخول في صدام مع أنظمة الحكم المحلية قبل القضاء على الهيمنة الأمريكية في المنطقة، بما فيها النظام الإيراني. إدارة التوحش في مناطق الصراع وعدم السعي لقيام دولة معترف بها دولياً قبل القضاء على المنظومة العالمية الحاكمة.
خاتمة
سعت القاعدة لابتداع تنظيم جهادي عالمي (لم يكن موجوداً من ذي قبل) على غرار الجماعات الإسلامية الدعوية والعلمية والسياسية والخيرية وغيرها، وفي سعيها للوصول إلى هذه الغاية مرت بمراحل وأطوار عدة، وسبق التنظيم الفكرة، أي لم تنشأ فكرة ثم أسس على أساسها تنظيم، وإنما نشأ جسم عسكري مع نهاية الحرب الأفغانية ضد السوفييت ثم بدأ البحث له عن أيديولوجية وعقيدة قتالية وأهداف مرحلية وغائية وطرق موصلة لهذه الأهداف. والمواد الفكرية الخام التي حملها مؤسسو التنظيم كانت المنهجية “السلفية الجهادية” بشكل رئيسي والعقلية “الإخوانية القطبية” أحياناً.
ومن الناحية العسكرية، أضاف التنظيم لتجربته في القتال في الجبهات المفتوحة تجارب أخرى تعتمد بشكل أساسي على الاغتيالات والاختراقات الأمنية، ثم اكتسب جانباً جديداً لم يكن مألوفاً في الحركات الجهادية هو سلاح العربات المفخخة والأحزمة الناسفة، وغالب التحديثات السابقة اقتبسها خلال مرحلة تفاعل أفكاره الداخلية وتطوير أساليبه القتالية أثناء مكوثه بالسودان في ظل وجود مكثف لسائر التيارات الإسلامية السنية والشيعية والثورية واليسارية المقاتلة. وبشكل تدريجي تحولت استراتيجية وهدف التنظيم من حروب التحرير في المنطقة الإسلامية إلى قتال النكاية ونظرية هدم النظام العالمي الجديد عبر استهداف أي وجود عسكري أو مدني لأمريكا وحلفائها على امتداد القارات السبع.
وانطلاقاً من هذه الاستراتيجية فإن التنظيم لم يعد يرى نفسه عنصراً مكملاً ومساعداً لساحات القتال ضد المحتلين، إنما أصبح كياناً مستقلاً ذا فلسفة ليس من أولوياتها طرد المحتلين وإنما استنزاف الأمريكان وحلفائهم وعدم السماح بقيام أي دولة أو حكومة (في بؤر الحرب الملتهبة) تلتزم بالقوانين الدولية والمواثيق الأممية. وعلى الرغم من أن القاعدة تحمل فكراً أممياً ومشروعاً عالمياً، لم تستند على ولم تحظ بتأييد شخصيات علمية مرموقة ذات ثقل وثقة في العالم الإسلامي، ولم تضبط فتاويها وتصرفاتها حتى بلجنتها الشرعية الخاصة، وإنما تمحور العمل كله حول شخصية وقرارات وقناعات بن لادن 141.
الهامش
1 مصطلح أطلق إعلامياً على العرب الذين توافدوا لمؤازرة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت.
2 للمزيد: حديث الذكريات الشهيد الدكتور عبد الله عزام، من الدقيقة 100 إلى 106 ، مقابلة على التليفزيون السعودي، 1988م.
3 الشخصية العربية الأبرز في الجهاد الأفغاني، وهو فلسطيني حامل للجنسية الأردنية، وله تاريخ حافل فريد في المزج بين العلم والدعوة والتدريس والتربية والعمل الحركي والجهادي، فهو شيخ أزهري حاصل على درجة الدكتوراه في أصول الفقه، وله تجربة جهادية ومشاركة في أعمال قتالية في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي في نهاية الستينيات بإشراف حركة فتح (انظر: فتح لا دين لها عبد الله عزام)، إضافة إلى بروزه كأكاديمي مدرس للشريعة في الجامعة الأردنية لعشر سنوات من 1970م إلى 1980م وداعية في الجامعة والجامع وكل مكان يتواجد فيه. وأخيراً كان يمارس عمله الحركي والتنظيمي ضمن جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين والأردن.
4 كتب عبد الله عزام كتابه: الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان، موضحاً طريقته وأولوياته في العمل الإسلامي.
5 مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة في أفغانستان، وقبلها كان أحد أبرز ممولي مكتب الخدمات التابع لعبد الله عزام I knew bin laden: part 1 ، الدقيقة 9 ، شارك في العمليات والمعارك ضد الاحتلال السوفيتي، ويعده مراقبون ثاني أبرز شخصية في “الأفغان العرب” بعد عبد الله عزام. وكان بن لادن عضواً في جماعة الإخوان المسلمين في السعودية إلى أن رفضت الجماعة دخوله أفغانستان، فوقع الخلاف وأصر كلٌ على رأيه ففصلته الجماعة، وبعدها بسنوات كانت هناك محاولات لإرجاعه للجماعة بعد بلائه الحسن في تلك الفترة وعلاقته الحسنة بجميع الجماعات، إلا أنه رفض وفضّل البقاء مستقلاً. انظر: أيمن الظواهري، أيام مع الإمام 3 ، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، من الدقيقة 35إلى 39 ، رمضان 1433هـ.
6 أبو مصعب السوري: أصبح بعدها المنظر العسكري الاستراتيجي الأبرز للتيار السلفي الجهادي، وله عدة مؤلفات أهمها وأشهرها دعوة المقاومة الإسلامية العالمية.
7 أبو خالد السوري: أحد قادة حركة أحرار الشام، ورفيق درب أبو مصعب السوري، وكان مقرباً من أسامة بن لادن وقادة تنظيم القاعدة في نهاية التسعينيات.
8 أبو بصير الطرطوسي: من أبرز شيوخ ودعاة السلفية الجهادية، وله مصنفات ومقالات وفتاوى كثيرة، في مقدمتها:.1. الطاغوت، 2. حكم الإسلام في الديمقراطية والتعددية الحزبية، 3. الطريق إلى استئناف حياة إسلامية وقيام خلافة راشدة.
9 انظر: هاني السباعي، قصة جماعة الجهاد، (نسخة إلكترونية: مركز المقريزي بلندن، 2002م)، ص 4 .
10 انظر: عبد الله أنس (صهر عبد الله عزام)، ولادة الأفغان العرب، ط 1 (بيروت: دار الساقي، 2002م)، ص 91 .
11 انظر: أبو محمد المقدسي، السلسلة المرئية ولكن كونوا ربانيين 9، من الدقيقة 8 إلى 10 ، 2009م.
12 للمزيد: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري ط 1 (بيروت: دار الساقي، 2007م)، ص 47-48 .
13 عبد الرحمن بن ناصر السعدي: عالم سعودي كبير، صاحب تفسير مشهور “تيسير الكريم المنان”.
14 ناصر الدين الألباني: عالم حديث ذو شهرة واسعة، ومن أبرز أعماله السلسلة الصحيحة والسلسلة الضعيفة.
15 للمزيد: الحسن الكتاني، الدعوة النجدية والحركة الجهادية، الإسلاميون، 17 سبتمبر 2015م.
16 نسبةً إلى سيد قطب: المفكر الإسلامي الشهير صاحب التفسير المعروف: في ظلال القرآن، ومن أشهر رموز هذا التيار إضافة إلى سيد أخاه محمد، وعبد المجيد الشاذلي، ويتبنى هذا الفكر قطاعٌ ليس بالقليل داخل جماعة الإخوان.
17 انظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 50 .
18 انظر: محمد قطب، كيف ندعوا الناس، ط 2 (القاهرة: دار الشروق، 2001م)، ص 139-140-141 .
19 عبد الله عزام، في ظلال سورة التوبة، (بيشاور-باكستان: مركز الشهيد عزام الإعلامي، 1395هـ)، ص 29 .
20 عبد الله عزام، موسوعة الذخائر العظام فيما أثر عن الإمام الهمام الشهيد عبد الله عزام، ط 1 ، (بيشاور: مركز الشهيد عزام الإعلامي، 1417هـ)، المجلد الأول، ص 185 .
21 لم تصدر أي فتاوى صريحة بهذا الشأن من رموز التيار وقادته.
22 انظر: محمد قطب، كيف ندعوا الناس، ص 135 .
للمزيد: عبد المجيد الشاذلي، الأصول الشرعية للرؤية السياسية المعاصرة، موقع فضيلة الشيخ عبد المجيد الشاذلي، الدقيقة 43-44 ، 19 مايو 2015 ، يذكر فيها الشيخ دعمه للنضال السياسي على حد تعبيره في إشارة إلى د. مرسي مع تأكيده على برنامجه الخاص المختلف عن مسلك د. مرسي والإسلاميين السياسيين بشكل عام.
23 كانت هذه من آخر وصايا سيد قطب لرفقائه في ساحة المحكمة قبل إعدامه، وكان منهم عبد المجيد الشاذلي الناقل لهذه الوصية،
انظر: الأصول الشرعية للرؤية السياسية المعاصرة، الدقيقة 37 .
24 الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بعد غزو أفغانستان 2001م، ينحدر من أسرة عريقة زاخرة بالأطباء وعلى رأسهم والده أحد ألمع الأطباء، وجده لأبيه كان شيخاً للأزهر: الأحمدي الظواهري، وجده لأمه عمل في السلك الدبلوماسي كسفير لمصر في عدة دول، شارك في تأسيس جماعة الجهاد وشغل منصب الأمير عدة مرات آخرها قبل التحاق الجماعة بالقاعدة مطلع 1998م، يؤمن الكثيرون بمحورية دوره في تشكيل عقلية واستراتيجية القاعدة.
25 انظر: هاني السباعي، قصة جماعة الجهاد، ص 3 .
26 للمزيد: الإسلاميون، أبو عبيدة البنشيري أحد مؤسسي القاعدة وزعيم الأفغان العرب، 4 فبراير 2016م.
28 للمزيد: الجزيرة نت، من هو سيف العدل؟، 19 مايو 2011م.
29 انظر: عربي 21 ، وصول قيادة “القاعدة” سيف العدل إلى شمال سورية، 4 نوفمبر 2015م.
30 انظر: ملف أبو محمد المقدسي، منبر التوحيد والجهاد.
للمزيد: أبو محمد المقدسي، سلسلة ولكن كونوا ربانيين الحلقة 9، 2009 .
31 انظر: ملف عبد القادر بن عبد العزيز (سيد إمام)، منبر التوحيد والجهاد.
32 انظر: هاني السباعي، قصة جماعة الجهاد، ص 26 إلى 28 .
33 انظر: ملف عبد القادر بن عبد العزيز (سيد إمام)، منبر التوحيد والجهاد.
34 انظر: العربية الحدث، سيد إمام يكفر مرسي والمصريين اللي إختاروه، الحدث المصري، 6 مارس 2013م.
35 الطائفة التي تمتنع عن شعيرة من شعائر الإسلام بقوة السلاح.
36 لا يشترط أن يكون كل عضو فيها كافر ولكن بالمجموع يطلق عليهم لفظ “كفار” ويقاتلوا كمرتدين.
37 كتاب صغير الحجم: 31 صفحة، واعتمد فيه بشكل أساسي على فهمه لفتاوى ابن تيمية المتعلقة بأحداث جرت في زمانه، إذ دخل قسمٌ من التتار الإسلام أثناء غزوهم للشام ثم رفضوا تحكيم الشريعة وأصروا على تحكيم دستور جدهم جنكيز خان: الياسق وهو عبارة عن خليط من أحكام مقتبسة من النصرانية واليهودية والإسلام وبعض الأحكام الوضعية.
38 هاني السباعي، قصة جماعة الجهاد، ص 9 .
39 الذين أسلموا ثم رفضوا تحكيم الشريعة وحكّموا دستورهم السابق: الياسق.
40 محمد عبد السلام فرج، الفريضة الغائبة، دراسة منتشرة ومعتمدة من جماعة الجهاد والسلفية الجهادية عموماً، نسخة إلكترونية ص 5-6 .
41 المصدر السابق، ص 10 .
42 المصدر السابق، ص 9 .
43 انظر: محمد براء ياسين، جكم مانعي الزكاة الذين قاتلهم أبو بكر الصديق في حروب الردة، ملتقى أهل الحديث، 5 فبراير 2011م.
للمزيد: د.سلطان العميري، تحرير موقف الصحابة من المرتدين 1، موقع البيان، 16يونيو 2016م.
44 انظر: عبد الحكيم حسان (أحد أهم شيوخ الجماعة)، الإيضاح والتبيين في أن الطواغيت الكفار وجيوشهم كفار على التعيين، منبر التوحيد والجهاد.
45 انظر: الحسن الكتاني، الدعوة النجدية والحركة الجهادية.
46 انظر: أيمن الظواهري، اللقاء المفتوح، الجزء الأول: هل تكفرون الجيوش العربية كفر نوع أم كفر عين أم في الأمر تفصيل؟، السؤال 3/4 ، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، منبر التوحيد والجهاد، 2008م.
47 انظر: محمد عبد السلام فرج، الفريضة الغائبة، ص 15 .
48 انظر: مطبوعات جماعة الجهاد، النشرة السابعة، الحوار مع الطغاة مقبرة الدعاة، ط 2 ، أعدت بإشراف أيمن الظواهري، ص 12 ، ديسمبر 1991م.
49 القائمة طويلة جدا، خذ على سبيل المثال: مصطفى السباعي، مفهوم الحاكمية في فكر الشهيد عبد الله عزام، نزار ريان (من كبار شرعيي حماس)،عمر عبد الرحمن، مجلة المختار الإسلامي- العدد 51،-ص 68-مارس وأبريل 1987.
50 انظر: الصادق الغرياني (مفتي ليبيا الثورة)، الشيخ د.الصادق الغرياني / المشاركة في الإنتخابات واجب شرعي لتحكيم شرع الله، مؤسسة التناصح للدعوة والثقافة والإعلام، 7 فبراير 2018 .
51 للمزيد: مطبوعات جماعة الجهاد، النشرة الخامسة، نصح الأمة باجتناب فتوى الشيخ ابن باز بجواز دخول مجلس الأمة، ط 2 ، أعدت بإشراف أيمن الظواهري، منبر التوحيد والجهاد، ديسمبر 1991م.
52 انظر: أيمن الظواهري، الحصاد المر؛ الإخوان المسلمين في ستين عاماً، الفصل الثاني؛ في بيان مناقضة الديمقراطية للإسلام، منبر التوحيد والجهاد.
53 انظر: أيمن الظواهري، اللقاء المفتوح مع الشيخ أيمن الظواهري، الجزء الأول، السؤال 2/1 ، 2009م، منبر التوحيد والجهاد.
54 ملة إبراهيم: تستخدم كثيراً عند التيار السلفي الجهادي، وهي مرادف للتطبيق الصحيح لمبدأ الولاء والبراء، وتتجلى بالبراءة والعداوة العلنية للكفار أو لمن يرونهم “مرتدين”.
55 انظر: مطبوعات جماعة الجهاد، النشرة السابعة، الحوار مع الطواغيت مقبرة الدعاة، ط 2 ، أعدت بإشراف أيمن الظواهري، من ص 18 إلى 20 ، ديسمبر 1991 .
56 للمزيد: سيد إمام، الجامع في طلب العلم الشريف، نسخة إلكترونية، المجلد الثاني، ص 538 .
57 للمزيد: المصدر السابق، ص 676 .
58 انظر: أيمن الظواهري، اللقاء المفتوح مع الشيخ أيمن الظواهري، الجزء الأول، السؤال 3/4 .
59 انظر: المصدر السابق، السؤال 1/2 .
60 انظر: أبو بصير الطرطوسي، هل انتسب الشيخ عبد الله عزام للقاعدة؟، 15 أغسطس 2016م.
: عبد الله عزام، حديث الذكريات الشهيد الدكتور عبد الله عزام، (الرياض: مركز الهداية للصوتيات والمرئيات، 1988م)، من الدقيقة 56 إلى 60 .
: عبد الله عزام، موسوعة الذخائر العظام فيما أثر عن الإمام الهمام الشهيد عبد الله عزام، ط 1 ، المجلد الأول، (بيشاور: مركز الشهيد عزام الإعلامي، 1997م)، ص 717-718 ( مقالة بعنوان: رحل رجل المرحلة).
61 انظر: حذيفة عزام (أحد أبناء عبد الله عزام)، الشاشة الحرة 2، حذيفة عزام يفضح القاعدة والنصرة، الدقيقة 26 ، 28 يوليو 2016م.
62 للمزيد: أيمن الظواهري، الحصاد المر؛ الإخوان المسلمون في ستين عاماً، الخاتمة؛ عاشراً، منبر التوحيد والجهاد.
63 انظر: أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، (نسخة إلكترونية: 2004م)، ص 775 .
64 Lincoln Hall, Cracks in the foundation, Leadership schisms in al-Qaida from 1989-2006, Harmony project, combating terrorism Centre at west point, September 2007.
65 انظر: محمود سعيد عزام (مرافق عبد الله عزام ومدير مكتبه الإعلامي ببيشاور)، شيخي الذي عرفت، نسخة إلكترونية، من ص 162 إلى 165 ، 2012م.
66 رئيس الاتحاد الإسلامي الأفغاني: أحد أكبر الأحزاب الأفغانية المجاهدة، وهو من جماعة الإخوان المسلمين فكرياً وتنظيمياً.
67 انظر: عبد الله عزام، في ظلال سورة التوبة، (بيشاور باكستان: نشر وإعداد مركز الشهيد عزام الإعلامي)، ص 100 .
68 وقد نقل عبد الله عزام تألم الأفغان من وصفهم بالشرك، انظر: نفض الركام عن إرث العالم الهمام عبد الله عزام ، الفيديو رقم 5 ، شبكة أنصار المجاهدين، الجهاد في أفغانستان، الدقيقة 58 .
69 رئيس حزب الرابطة الإسلامي وسياسي باكستاني بارز تقلد عدة مناصب منها رئيس الوزراء لمرتين ( 1990-1993 )،
(1997-1999) .
70 سياسية باكستانية مثيرة للجدل، وأصغر رئيسة وزراء في العالم الإسلامي وبنت الرئيس الباكستاني الأسبق ذو الفقار بوتو، عرفت بتوجهها الليبرالي الغربي وبعداوتها للتوجهات الإسلامية عموماً، انظر: بينظير بوتو، الجزيرة نت.
71 I knew bin laden: part 1, Aljazeera English, 17th to 19th minute, May 20, 2011.
72 للمزيد: المقدسي والسلفية الجهادية: المكانة والتأثير، المعهد المصري للدراسات، 29 مارس 2018م.
73 للمزيد: أبو محمد المقدسي، ولكن كونوا ربانيين 9، الدقيقة 20 ، 2009م.
74 أحد الشرعيين في معسكرات القاعدة آنذاك، ومن أهم شيوخ السلفية الجهادية.
75 للمزيد: المصدر السابق، من الدقيقة 19 إلى 22 .
76 انظر: المصدر السابق، الدقيقة 18 .
77 I knew bin laden part 1, Aljazeera English, 11th minute, May 20, 2011.
78 انظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 53 .
79 انظر: المصدر السابق.
80 انظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 54 .
81 مفكر وسياسي إسلامي سوداني حاصل على دكتوراه في الحقوق من جامعة السوربون، مثير للجدل في آرائه وفتاويه الشرعية ومواقفة السياسية، حمل لواء معاداة أمريكا في المنطقة الإسلامية وكان يسعى لجمع جميع المعارضين لها في جبهة واحدة مطلع التسعينيات.
82 انظر: 9/11 commission Report, page 57.
83 انظر: شاهد على العصر – حسن الترابي ج13، الدقيقة 17.
84 انظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 55 .
85 قلب الدين حكمتيار: مؤسس الحزب الإسلامي بأفغانستان، أحد أكبر الجماعات الإسلامية المجاهدة.
عبد رب الرسول سياف: رئيس الاتحاد الإسلامي الأفغاني، أحد أكبر الجماعات الإسلامية المجاهدة.
ياسر عرفات: رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.
نايف الحواتمة: أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
د. فتحي الشقاقي: مؤسس حركة الجهاد الإسلامي.
خالد مشعل: رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
عماد مغنية: أحد المؤسسين والمسؤول الأمني العام وقائد عسكري كبير في حزب الله اللبناني.
86 للمزيد: من هو “كارلوس الثعلب”، الجزيرة نت.
88 انظر: قناة الحدث، واشنطن تحيي ذكرى تفجير المارينز وتهدد ايران، 24أكتوبر 2017م.
89 انظر: 9/11 commision Report, page 61.
90 ذكرنا أنه يوجد جانبان آخران: “الدعوة النجدية ” و”الإخوانية القطبية” ولكلٍ خصائصه ونِسبه المختلفة حسب الظروف وحسب الترتيب الزمني لمسيرة القاعدة.
91 أبو حفص الموريتاني، القاعدة لا تكفر الشيعة، AL Mayadeen culture ، الدقيقة 17 ، 18أغسطس 2015م.
92 انظر: Daniel Byman, Unlikely Alliance: Iran’s secretive Relationship with Al-Qa3eda, IHS Defense Risk and security consulting , page 28, July 2012.
93 انظر: المصدر السابق، ص 29 .
94 انظر: أسامة بن لادن، توجيهات منهجية 2، منبر التوحيد والجهاد، 2003م.
95 انظر: 9/11 commission Report, Page 68.
96 للمزيد: Lawrence Wright, Looming tower, page 165.
97 انظر: أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، نسخة إلكترونية، 2004م، ص 776 .
98 انظر: أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، نسخة إلكترونية، ص 776 .
99 الأب الروحي للبوسنة ومن أكبر المفكرين والفلاسفة الإسلاميين المعاصرين، والرئيس الذي أعلن استقلال البوسنة عام 1992م، من أشهر كتبه التي لاقت رواجاً عربياً وعالمياً وترجمت للغات عدة “الإسلام بين الشرق والغرب” و “البيان الإسلامي”، تعرض للسجن لسنوات عدة مرات نتيجة لأفكاره الإسلامية المناهضة للشيوعية، للمزيد: الجزيرة نت، بيجوفيتش.. الزعامة في دروب الفكر والحرب والسلام
100 انظر: David binder, Alija Izetbegovic, Muslim who led bosnia, Dies at 78, New York Times, 20 october 2003.
101 انظر: أيمن أبو عبد الرحمن (المتحدث باسم المجاهدين العرب في البوسنة)، المجاهدون العرب في البوسنة، لقاء اليوم، الجزيرة نت، 1 سبتمبر 2000م.
102 وأبرز وجوهها سلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر، الذين كانوا ينادون بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وتشريعية في بداية تسعينيات القرن الماضي قبل أن يزج بهم في السجن وتخف نبرة معارضتهم بعدها.
103 الرجل الثالث في تنظيم القاعدة، والمفتي خلال فترتي السودان وأفغانستان الثانية،
104 انظر: أبو حفص الموريتاني، سؤال عن سبب الفجوة بين أبي حفص وبعض الجماعات الجهادية وهل السبب خلفيته الإخوانية، الجزيرة، لقاء اليوم مع أبي حفص الموريتاني.. هجمات سبتمبر الجزء 2 ، 2012م.
105 انظر: أيمن الظواهري، اللقاء المفتوح مع الشيخ أيمن الظواهري، الجزء الأول، السؤال 2/1 ، منبر التوحيد والجهاد.
106 انظر: أبو حفص الموريتاني، لقاء اليوم- أبو حفص الموريتاني، هجمات 11 سبتمبر، الجزيرة، الجزء الأول، الدقيقة 9 .
107 للمزيد: مذكرة النصيحة 1، مجلة الوعي: نسخة إلكترونية،العدد 69 ، ديسمبر 1992م.
للمزيد: مذكرة النصيحة 2، مجلة الوعي: نسخة إلكترونية، العدد 71-70 ، فبراير 1993م.
108 انظر: أسامة بن لادن، إلى الملك فهد: النصح والإصلاح واجبان، الأخبار اللبنانية، بيان رقم 2 ، أبريل 1994م.
109 انظر: أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، (نسخة إلكترونية: 2004م)، ص 638 إلى 641 .
110 انظر: I knew bin laden, Aljazeera English, part 1, 25th minute, May 2011
111 للمزيد: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 59 .
112 انظر: عبد الله أنس، إضاءات، عبد الله أنس، العربية، 2009م. الدقيقة 8.
113 ثاني رئيس لدولة المجاهدين في أفغانستان بعد سقوط حكومة نجيب الله الشيوعية الموالية للسوفييت في الفترة بين 1992م إلى 1996م، وكان من القادة البارزين في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، للمزيد: برهان الدين رباني، الجزيرة نت.
114 انظر: عبد الباري عطوان،القاعدة التنظيم السري، ص 60-61 .
115 انظر: Bruce Riedel, Captured: mastermind behind the 1996 khobar towers attack, Brookings, August 26,2015.
116 انظر: عبد الباري عطوان، القاعدة التنظيم السري، ص 62 .
117 انظر: 9/11 commission report, page 65.
118 انظر: هاني السباعي، قصة جماعة الجهاد، 35-36 .
119 انظر: أيمن الظواهري، فرسان تحت راية النبي، ص 191 .
120 انظر: الجزيرة نت، بن لادن: الحرب التي تشنها أمريكا على أفغانستان حرب دينية، 3 نوفمبر 2001م.
121 صدر كتاب بهذا العنوان يشرح فيه أحد قادة القاعدة: محمد خليل الحكايمة هذه النظرية وكيفية تطبيقها في الواقع.
122 للمزيد: أبو بكر ناجي (محمد خليل الحكايمة)، إدارة التوحش، نسخة إلكترونية.
123 لم ترصد أي حالات مشابهة خلال الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، أو أثناء حربي الشيشان ضد الروس، وكذلك في الحرب البوسنية ضد الصرب، وفي الثورة السورية الجهادية ضد نظام حافظ الأسد.
124 انظر: أبو حفص الموريتاني، لقاء اليوم مع أبي حفص الموريتاني .. هجمات سبتمبر، الجزء 2 ، الدقيقة 23 .
125 انظر: المصدر السابق.
126 انظر: لقاء الجزيرة مع الشيخ أسامة بن لادن 1998م، الدقيقة 21 .
127 للمزيد: I knew bin laden part 1, Al Jazeera English, 39th minute.
128 انظر: أبو مصعب السوري، أفغانستان والطالبان ومعركة الإسلام اليوم: (كابول: مركز الغرباء، 1998م)، الفصل الأول.
129 كالجمع بين تكفير التحالف الشمالي الأفغاني لوجود علاقات خارجية له ولكونه عضواً في الأمم المتحدة، في نفس الوقت الذي يثني فيه على أجنحة كثيرة في حكومة باكستان صاحبة العلاقات الخارجية العميقة المتحالفة بل التابعة للسياسات الأمريكية، وكإعذار طالبان في: طلبها المتكرر الانضمام للأمم المتحدة وعلاقاتها الأخوية الحميمية مع بعض الدول وعلى رأسها باكستان.
وكقبول بيعة الزرقاوي في العراق رغم مخالفته لهم في تكفير عموم الشيعة واستهدافهم (وذلك لحاجتهم لإحياء التنظيم بعد ضربه بقوة في أفغانستان)، ثم دعمهم وتأييدهم لدولة العراق الإسلامية، وهو الشيء المخالف لاستراتيجيتهم في عدم إعلان دولة.
130 الشيخ رفاعي طه: ممثل الجماعة الإسلامية بمصر.
131 انظر: أيمن الظواهري، فرسان تحت راية النبي، ص 186 .
132 انظر: المصدر السابق، ص 187 .
133 انظر: 1998 US Embassies in Africa bombings fast facts, CNN Library, August 9 ,2017.
134 للمزيد: USS Cole Bombing fast facts, CNN Library, September 20,2017.
136 انظر: أبو حفص الموريتاني، أخبار الآن، لقاء خاص مع أبي حفص الموريتاني المفتي السابق للقاعدة، قناة الآن، من الدقيقة 4 إلى الدقيقة 6 ، 12 ديسمبر 2013م.
137 للمزيد: المصدر السابق، الدقيقة 7 .
138 انظر: أبو حفص الموريتاني، لقاء اليوم مع أبي حفص الموريتاني..هجمات سبتمبر، الجزء الأول، من الدقيقة 14 إلى 19 .
139 لعل المقصد تبادل المطلوبين.
140 انظر: عبد السلام ضعيف، حياتي مع طالبان، ط 1 ، (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2014م)، من ص 245 إلى 247 .
141 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات
0 comments: