Friday, December 25, 2020

هل سيؤدي الغاز إلى أول ترسيم لحدود فلسطين؟

 هآرتس"، 20/12/2020


هل سيؤدي الغاز إلى أول ترسيم لحدود فلسطين؟




تسفي برئيل - محلل سياسي
  • تغيّر التوجه الذي قرره محمود عباس عندما استـأنف في 17 تشرين الثاني/نوفمبر التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأعاد سفيريْ فلسطين إلى اتحاد الإمارات والبحرين، هو جزء من تحضيرات السلطة الفلسطينية استعداداً لدخول جو بايدن إلى البيت الأبيض. ليس لأن عباس يعلّق آمالاً على نجاح المفاوضات مع إسرائيل، إذا استؤنفت ومتى، وليس واضحاً أن هذا النزاع سيكون في رأس جدول أولويات بايدن - لكن من الأفضل الاستعداد للاستقبال.
  • بالنسبة إلى الدول العربية، وخصوصاً تلك التي انضمت مؤخراً إلى دائرة التطبيع مع إسرائيل، من المهم أن تظهر أن القضية الفلسطينية ما تزال مطروحة على جدول أعمال بايدن. كل ذلك كي لا يسجل التاريخ أنها تخلت عن الفلسطينيين. ولا يقل أهمية عن ذلك: من أجل تبديد الانتقادات الشعبية بأن التطبيع اخترق المجال العربي.
  • في يوم السبت اجتمع في القاهرة وزراء خارجية مصر، والأردن، والسلطة الفلسطينية للبحث في سبل العمل لتقديم خطة عمل سياسية إلى الإدارة الأميركية الجديدة. جرى هذا بعد أسبوعين من إعلان وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية السعودية فيصل الفرحان تمسُّكهما بالمبادرة العربية التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وبعد اتفاق الرئيس المصري وعباس في 30/11 على ضرورة استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وتنفيذ المصالحة الداخلية الفلسطينية بين "فتح" و"حماس". مَن اعتقد أن الموضوع الفلسطيني سقط من جدول الأعمال مع رفع علم إسرائيل  في الإمارات، يجب عليه على ما يبدو  أن يوقف احتفاله.
  • نقطة انطلاق محتملة لاستئناف المفاوضات موجودة تحديداً في مجال الغاز. إسرائيل والسلطة عضوان في منتدى الغاز في شرقي البحر المتوسط- الذي بادرت إليه مصر، وهو يُعتبر منظمة دولية، يشارك فيها إلى جانب مصر، الأردن، وفلسطين، وإسرائيل، واليونان وقبرص كدول. في نهاية الأسبوع الماضي أعلنت مصر انضمام دولة الإمارات كمراقب. الهدف الأول للمنظمة كان وضع جدار واقٍ في مواجهة تركيا التي بدأت بالتنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسط في أراضٍ يدّعي اليونان وقبرص أنها تابعة لسيادتهما، ومحاربة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقّع بين تركيا وليبيا، الذي يعزل رسمياً حقول الغاز المصرية عن الوصول مباشرة إلى السوق الأوروبية.
  • المشكلة أن فلسطين ليست دولة مستقلة ذات حدود معروفة، على الرغم من أنها موقّعة على وثيقة الأمم المتحدة بشأن قانون البحار، الذي يعتبر أن كل دولة ساحلية يحق لها المطالبة بملكيتها للموارد الطبيعية البحرية الموجودة على مسافة 200 ميل من خط شاطئها. وبما أن إسرائيل لا تعترف بفلسطين، فإنها أيضاً لا تعترف بحقها في استغلال مواردها الطبيعية، بما فيها الغاز والنفط الموجودين في عمق البحر المتوسط. تحاول مصر التغلب على هذه العقدة بواسطة ترسيم الحدود البحرية بينها وبين السلطة، وكان سبق أن بحثت الموضوع بينها وبين السلطة في سنة 2016، لكن البحث لم ينضج ولم يؤدِّ إلى اتفاق، في الأساس بسبب معارضة إسرائيل. منذ الانتفاضة الثانية تمنع إسرائيل التنقيب عن النفط في حقليْ مارين 1 ومارين 2 الموجودين على مسافة نحو 36 كيلومتراً من خط شاطىء غزة.
  • مع إقامة منتدى الغاز في شرقي البحر المتوسط اكتسب ترسيم الحدود بين غزة ومصر زخماً، وجرت عدة اجتماعات بين خبراء فلسطينيين ومصريين لمناقشة الموضوع. في مصر يقولون إنه لا يوجد أي سبب لمعارضة إسرائيل ترسيم الحدود، فإذا كانت مستعدة للجلوس مع مندوبين عن الحكومة اللبنانية التي فيها وزراء يمثّلون حزبَ الله، فإنها أيضاً تستطيع التفاوض مع السلطة الفلسطينية وحتى مع "حماس" التي تؤيد اتفاق ترسيم الحدود.
  • إذا تحقق ترسيم الحدود بين مصر وفلسطين، فإن هذا سيكون أول حدّ معترَف به يعرّف فلسطين، ويبدو أن هذا هو السبب الأساسي لمعارضة إسرائيل. هناك مسألة أُخرى تتعلق باستكمال بناء أنبوب الغاز من إسرائيل إلى غزة. من المفروض أن يزود المشروع غزة بنحو مليار متر مكعب سنوياً من الغاز يمكن أن يلبي معظم حاجات الكهرباء في القطاع ويسمح للسلطة بالتحرر من شراء جزء كبير من الكهرباء من إسرائيل التي تزود القطاع حالياً بنحو 60% من استهلاكه.

موضوع الأنبوب طُرح في سنة 2014 للنقاش بين إسرائيل والسلطة واللجنة الرباعية. وتقدَّر تكلفته بنحو 100 مليون دولار، أعلنت دول أوروبا وقطر استعدادها لتمويله.  لكن مثل مشاريع أُخرى، أيضاً موضوع الأنبوب وُضع في الدرج. مؤخراً تجري نقاشات بين إسرائيل والسلطة وقطر لبناء الأنبوب الذي من المتوقع إنجازه في نهاية سنة 2022 إذا لم تبرز مجدداً عقبات. في هذه النقاشات تشارك "حماس" أيضاً، بصورة غير مباشرة إزاء إسرائيل، وبالاستناد إلى مصادر فلسطينية تحاول إسرائيل ربط مشروع أنبوب الغاز بصفقة تبادل الأسرى والمفقودين. كل ذلك بالإضافة إلى نيتها ترسيخ المشروع كجزء من خطة  تهدئة طويلة الأجل بينها وبين "حماس". في المقابل تطالب "حماس" بالحصول على ضمانات ألّا يتحول الأنبوب إلى أداة ضغط إسرائيلية عليها، كما تفعل إسرائيل بالسولار الذي تبيعه للقطاع لمحطة توليد الطاقة فيها. إقامة أنبوب والاتفاقات التي سيجري التوصل إليها بين الأطراف ليست منفصلة عن منظومة المصالح الإقليمية الأوسع التي تجمع بين إسرائيل ومصر والأردن والإمارات واليونان وقبرص، والتي تحولت السلطة و"حماس" إلى شريكتين مهمتين فيها.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: