Friday, December 16, 2011


جدول أعمال القوات الأمريكية على الحدود الأردنية ـ السورية

الجمل: تحدثت التسريبات نقلاً عن المصادر الأمريكية والأوروبية الغربية الرفيعة المستوى عن وصول أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين إلى المناطق الأردنية المتاخمة للحدود السورية، فما هي حقيقة هذه المعلومات، وما هي طبيعة الوجود العسكري الأمريكي في هذه المناطق، وما هي أبعاده المعلنة وغير المعلنة؟

* القوات الأمريكية في المناطق الأردنية المتاخمة لسوريا: توصيف المعلومات الجارية
أشارت التسريبات الأمريكية والأوروبية الغربية قائلة بأن أعداداً كبيرة من الجنود الأمريكيين الذين يجري سحبهم حالياً من الأراضي العراقية، قد تم نقلهم عبر الحدود العراقية ـ الأردنية إلى مناطق أردنية متاخمة للحدود الأردنية ـ السورية، وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى النقاط الآتية:
• تحدثت مصادر بريطانية ـ عراقية وثيقة الصلة بمحافظة الأنبار العراقية بأن أعداداً كبيرة من القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة "عين الأسد" الأمريكية الموجودة في محافظة الأنبار، قد قاموا بمغادرة القاعدة في يوم الخميس الماضي على خلفية تنفيذ قرار الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق، وبدلاً من العودة إلى أمريكا، فقد رأى شهود العيان هذه القوات وهي تنتقل عبر الحدود العراقية ـ الأردنية في ساعة متأخرة من مساء الخميس الماضي لتتمركز في داخل الأراضي الأردنية القريبة من سوريا.
• تحدثت مصادر أردنية، أكدت بأن شهود العيان قد لاحظوا بأن القوات التي انسحبت من العراق ودخلت الأردن تتكون من خليط يجمع عناصر القوات الأمريكية جنباً إلى جنب مع قوات بلدان حلف الناتو الأخرى، وأضافت هذه المصادر بأنه قد تم توزيع هذه القوات في المنطقة المقابلة للحدود الأردنية مع سوريا.
• أكدت مصادر أردنية بأن القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو التي دخلت الأراضي الأردنية مساء الخميس الماضي قد تم توزيعها إلى قسمين، بحيث تم وضع العناصر التي تتقن الحديث باللغة العربية ضمن الحد الأدنى المطلوب على مقربة من الحدود مع سوريا ( جنوب حوران)، والذين لا يعرفون شيئاً عن اللغة العربية تم وضعهم في مناطق أبعد نسبياً عن الحدود مع سوريا.
• تحدثت المصادر بأن عملية توزيع القوام الأساسي للقوات الأمريكية وقوات حلف الناتو التي دخلت الأردن قد تم توزيعها في المنطقة المحصورة بين قاعدة الملك حسين الجوية الموجودة في مدينة المفرق، وقرية البييح الأردنية.
• نقلت المصادر البريطانية بالاستناد إلى مصدر يعمل في مكتب الخطوط الملكية الأردنية بالعاصمة البريطانية لندن بأن طائرة نقل أمريكية قد وصلت إلى الأردن خلال الأيام الماضية وقامت بإنزال أعداد من الجنود الأمريكيين، وتحديداً في مطار قاعدة الأمير الحسن الموجودة على بعد 100 كلم إلى الشرق من مدينة المفرق.
على أساس اعتبارات تأكيد المصدر الأساسي الذي قام بتجميع كل هذه التسريبات، نقول بأنه تمثل في الخبيرة الأمريكية سيبيل إدمونس، والتي سبق وأن عملت لفترة طويلة في صفوف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف ـ بي ـ آي)، وحالياً تعمل في مجال التسريبات الأمنية ـ العسكرية وترتبط بشبكة من المصادر، وسبق أن قامت سيبيل إدمونس هذه بنشر التسريبات الأولية التي تحدثت عن قيام الأمريكيين باستخدام قاعدة أنجرليك العسكرية في تركيا لجهة تدريب وإعداد عناصر ما سمي "الجيش السوري الحر".

* جدول أعمال القوات الأمريكية في الأردن: ماذا يحمل؟
تحدثت المعلومات عن جهود أمريكية حثيثة لجهة قيام السلطات الملكية الأردنية بإعطاء موافقتها الرسمية للأمريكيين باستخدام قاعدة الملك حسين العسكرية الجوية الموجودة في مدينة المفرق، من أجل القيام بإطلاق العمليات السرية والمخابراتية ضد سوريا. وفي هذا الخصوص أكدت المعلومات الآتي:
• برغم التصريحات الأردنية الرسمية التي رفضت قيام السلطات الملكية الأردنية بإعطاء موافقتها للأمريكيين لجهة استخدام قاعدة الملك حسين العسكرية الجوية كمنصة انطلاق الفعاليات السرية والمخابراتية ضد سوريا، فقد ظهرت العديد من المعلومات والتسريبات التي أكدت بأن خصوم سوريا الدوليين والإقليميين قد درجوا على استخدام هذه القاعدة ضد سوريا.
• تشير المعلومات إلى أن قاعدة الملك حسين العسكرية الجوية الموجودة في مدينة المفرق، تضم أكاديمية القوات الجوية الملكية الأردنية، وقد سبق أن تم استخدام هذه القاعدة مراراً وتكراراً ضد سوريا.
• تقول المعلومات بأن سليم حاطوم قد استخدم منشآت هذه القاعدة في نهاية حقبة ستينات القرن الماضي وأقام معسكراً لعناصره الذين باشروا فعاليات التمرد ضد حكومة نور الدين الأتاسي وصلاح جديد. هذا وفي نهاية سبعينات ومطلع ثمانينات القرن الماضي، قام تنظيم "الطلائع الإسلامية المقاتلة" الذي يمثل الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين السورية، باستخدام منشآت هذه القاعدة في فعاليات العمليات المسلحة ضد نظام الزعيم السوري الراحل حافظ الأسد.
• درجت عناصر المخابرات الإسرائيلية وعناصر المخابرات الأردنية لجهة القيام بنقل السوريين واستجوابهم في منشآت هذه القاعدة.
تشير المعطيات الجارية إلى أن الوجود العسكري الأمريكي، والذي أصبح حقيقة شبه معلنة، هو وجود سوف يأخذ طابعاً مزدوجاً، يمكن رصده على النحو الآتي:
• على أساس الاعتبارات المعلنة، سوف يركز الوجود العسكري الأمريكي على بناء الذرائع التي تنتج له الاستمرار، وفقاً للمزاعم القائلة بوجود خطر افتراضي سوري ـ إيراني ضد الأردن. وبالتالي، فإن التعاون الأمريكي ـ الأردني والإسرائيلي هو ضرورة لازمة لجهة حماية أمن المملكة الأردنية الهاشمية، تماماً على غرار ذرائع الخطر الافتراضي الإيراني على منطقة الخليج.
• على أساس الاعتبارات غير المعلنة، سوف يركز الوجود العسكري الأمريكي بشكل رئيسي على التعاون مع الإسرائيليين لجهة القيام بمكافحة حركات المقاومة الفلسطينية، ورصد حركة حماس الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها، إضافة إلى القيام بالردع الاستباقي للنظام الملكي الأردني من مغبة التقاعس أو التخلي عن الالتزام ببنود اتفاقية سلام وادي عربة الأردنية ـ الإسرائيلية.
وتأسيساً على ذلك، ولما كانت السلطات الملكية الأردنية قد سمحت للقوات الأمريكية بالتواجد في الأراضي الأردنية، فإن واشنطن سوف تسعى لاستدامة هذا الوجود، وتطبيق نفس سيناريو الوجود العسكري الأمريكي المستمر في السعودية وبلدان الخليج العربي، وبكلمات أخرى نشير إلى الآتي:
• سعت السعودية وبلدان الخليج العربي إلى استضافة القوات الأمريكية من أجل حماية هذه البلدان من خطر نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
• لم تسع السعودية وبلدان الخليج العربي إلى توقيع اتفاقية خاصة مع أمريكا تحدد ولاية وفترة وصلاحيات وجود القوات الأمريكية.
• اغتنمت واشنطن فرصة وجود قواتها، وحتى الآن، وبرغم زوال نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم يعد أي زعيم خليجي أو سعودي يتجرأ على مجرد مطالبة واشنطن بتوقيع اتفاقية تحدد الإطار القانوني لوجود القوات الأمريكية.
وكما هو واضح، فإن نفس سيناريو الاستحواذ الأمريكي على القواعد سوف يتكرر مع المملكة الأردنية الهاشمية، ولا خوف مطلقاً على سوريا من وجود القوات الأمريكية في الأراضي الأردنية، فقد كانت هذه القوات موجودة في محافظة الأنبار العراقية الواقعة على مرمى حجر من سوريا، والقوات الأمريكية موجودة منذ عشرات السنوات في مناطق جنوب شرق تركيا الواقعة على مرمى حجر من الأراضي السورية، وحتى إسرائيل نفسها موجودة على مرمى حجر من دمشق.
وتأسيساً على كل هذه المعطيات، على القوى الوطنية الأردنية أن تفهم جيداً ما الذي يعنيه الوجود العسكري الأمريكي في الأردن!


 

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: