Sunday, October 14, 2012

«لو كنت أعلم؟» مقولة لم تعد في حسابات «حزب الله»!؟
السبت 13 تشرين الأول 2012، آخر تحديث 06:28
جورج شاهين - "الجمهورية"
مع كل استحقاق يعتقد اللبنانيون أنه مصيري، يطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ليؤكد أنّ أولوياته تتجاوز حدود اللعبة الداخلية. وفي وقت تُنهك قوانين الانتخاب وتداعيات الأزمة السورية اللبنانيين، ثبُت أنّ «حزب الله» يغرّد وحيدا في فلك الأزمات الإقليمية والدولية لاعباً في ساحاتها. فكيف يمكن ترجمة هذه المعادلة؟
يس في هذه المعادلة أي مفارقة. ففي الوقت الذي كان فيه اللبنانيون يستعدون للجولة السابقة لطاولة الحوار ورئيس الجمهورية لتقديم رؤيته للإستراتيجية الدفاعية، أطلّ السيد نصر الله في الثالث من أيلول ليعلن عن الاستعداد لدخول الجليل يوماً ما، وان هذا الأمر ما زال قائما ومن الخيارات المطروحة أمامنا.

مفاجآت متتالية منذ 3 أيلول

وقال نصر الله يومها كلاماً ابلغ من هذه المعادلة الجديدة التي وعد فيها، فلفت إلى أنّ "بعض الناس يتصورون أنّ "حزب الله" مشغول بأمور داخلية، وأنّ هناك ألف ملف داخلي يستنزف الحزب... وأنّ هناك فريقاً ليس صغيراً في الحزب يعمل كأن لا وضع داخلياً، ويعمل في الليل والنهار بالتدريب والتجهيز والجهوزية وعينه هناك...". واضاف: "هذه ليست قصيدة، لو نمنا في العام 2000 لكنّا سحقنا في العام 2006 لكننا كنا نستعد، هناك كوادر في الحزب عملها التحضير ليوم قد يأتي ...". وبعد خمسة أسابيع على هذا الموقف، ظهرت الى العلن قضية ما بات يعرف بـ"طائرة النقب"، فكانت من الخطوات الكبيرة التي خطط الحزب لها واستعد وتبّناها، سواء كانت قد وصلت إلى النقب بإدارة لبنانية أو إيرانية، فمجرد تبنّي العملية يعني أن الحزب على استعداد لتحمّل التبعات كافة سواء مرّت هذه القضية على خير ام لا.

رسالة تستغل الخلاف الأميركي - الإسرائيلي

وترى مراجع ديبلوماسية وسياسية أن لا توقعات تشير إلى رد فعل إسرائيلي فوري على العملية، باعتبار أنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها مثل هذه الطائرات الأجواء الإسرائيلية. لكن الحادث هذه المرة فتح النقاش نحو آفاق أخرى نظراً الى توقيته وخط سير الطائرة الذي اعتمد وصولاً الى محيط مفاعل "ديمونا" في النقب في عمق إسرائيل الجنوبي، في مرحلة هي الأدق، ليس على المستوى اللبناني والإقليمي فحسب، إنما في موازاة صراع أميركي - إسرائيلي نتيجة رغبة إسرائيل باستهداف المفاعلات النووية الإيرانية ومعارضة أميركا الشرسة للخطوة.

وعلى هذه الخلفية، يمكن النظر إلى العملية التي تبنّاها "حزب الله" بقدرات إيرانية وفي توقيت تمّ تحديده بدقة للإفادة من هذا الصراع، وفي ظل قراءة إيرانية تؤكد استحالة الضربة الإسرائيلية في الظروف الراهنة. ولذلك كان لا بد من توجيه رسالة إيرانية جوية عن بعد، مفادها أن مفاعل "ديمونا" النووي يمكن أن يكون هدفاً إيرانياً في مقابل أي هدف نووي إيراني آخر.

لا تقف القراءات عند هذه المعادلة التي وضعت القدرة النووية الإسرائيلية تحت مجهر القوة الإيرانية المتعاظمة في المنطقة ولبنان كما قرأها الإسرائيليون، لأن ثمّة من يرى أن ما حصل لا يُحتسب في إطار صرف النظر عمّا يجري في سوريا، فهذا ملف لا يمكن أن يحجب الاهتمامات الدولية والإقليمية عن الأزمة السورية بقدر ما يمكن احتسابه مواجهة تدور في فلكها ومن تردداتها. عدا عن أنه زرع شكوكا في إمكان لجم التدهور الذي ستشهده المنطقة في حال انفجر الصراع الإيراني - الإسرائيلي او توسعت شظايا الأزمة السورية في اتجاه دول الجوار مع ما يحمله من مفاجآت.

موعد مع فصل خطير

وأمام هذه العوامل وما يمكن أن يتفرّع منها، يشعر المسؤولون اللبنانيون بأنهم أمام فصل جديد وخطير له تداعياته الكبرى على الساحة الداخلية، وقد جاء الرد سريعاً من بعبدا على هذه الخلفيات.

ففي كواليس الحكم في لبنان غياب تام للحكومة عن هذا الملف، وهي في الطريق الى كينشاسا، عدا عن استبعاد أن تصدر موقفاً ممّا حصل بوجود وزراء "حزب الله" وحلفائهم فيها. وفي ساحة النجمة منازلة لا تعني قانون الانتخاب بمفهومه الدستوري بقدر ما تهدف الى شكل السلطة التي

سينتجها، ومن ستكون له الأكثرية في مطلع الصيف المقبل إذا جرت الانتخابات في مواعيدها، ولذلك فقد حاذر رئيس الجمهورية أن يرفع مسؤولية الدولة عن العملية في تجربة هي الأقرب إلى "قرار النأي بالنفس" الذي اتخذته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 13 تموز 2006 بعد خطف الجنديَّين الإسرائيليين على الحدود الجنوبية.

ما حصل محسوب بدقة

على كل حال، وعلى رغم تعدد السيناريوهات التي يمكن أن تحيط بالعملية وردات الفعل حولها، فإن هناك ثابتة واحدة لا يمكن تجاهلها او تجاوزها، وهي تقول إن أولويات "حزب الله" قد تجاوزت الملفات الداخلية مرة أخرى، مع استبعاد تكرار مقولة: "لو كنت اعلم"، لأنّ ما حصل محسوب بدقة متناهية في الشكل والتوقيت والمضمون
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: