التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية
صباح يوم الجمعة، 14/12، ارتكب شاب في مقتبل العمر جريمة قتل مروعة في مدينة وادعة بولاية كنتيكت، ضحاياها أطفال طلبة مدرسة ابتدائية وبعض معلميهم، حصيلة الجريمة 26 ضحية، منهم 20 طفلا بين سن الخامسة والتاسعة، مديرة المدرسة وبعض المعلمات والطاقم الإداري، إضافة للقاتل نفسه.
لم تكن الجريمة حدثا معزولا تشهده المدارس في الولايات المتحدة، بل سبقتها مجزرة في مدرسة اورورا بولاية كولورادو، ودار للسينما ومجمع تجاري مؤخرا، عقب كل حادثة مؤلمة، يتجدد النقاش حول ضرورة الحد من اقتناء السلاح المتوفر بكثافة. اذ ارتفعت نسبة الطلب على شراء الأسلحة الفردية عقب مجزرة مدرسة كولورادو إلى 41%، مما يعزز "ولع الجمهور الأميركي اقتناء السلاح،" والذي تغذيه الاحتكارات وصناعة الأسلحة المختلفة. (تناول المركز تلك الظاهرة بالتفصيل في تقريره المؤرخ 27/7/2012 بعنوان "أميركا وخلفيات العنف الداخلي في غابة السلاح."
يوم 30 آذار 1981، تعرض الرئيس الأسبق رونالد ريغان الى محاولة اغتيال نجا منها بينما تعرض مساعده جيمس بريدي إلى شلل نصفي اقعده عن العمل. في 30 تشرين الثاني 1993 تمت المصادقة على قرار مركزي (عرف بقانون بريدي) يقضي بعدم موافقة السلطات على ترخيص السلاح أن ثبت أن سجل المتقدم يتضمن جرما جنائيا. اللهجة الأصلية القوية لمشروع القانون تم تمييعها بدرجة كبيرة من قبل جماعات الضغط العائدة لشركات الأسلحة.
تجدد المطالبة الشعبية بعد الجريمة المأساة قد لا يجد آذانا صاغية لدى المشرّعين، في المدى القريب، كما يدل استصدار قانون بريدي. جدير بالذكر أن طلب "الحد من اقتناء السلاح" تراجع كثيرا أمام صعود مصطلح "حرية اقتناء السلاح،" بعد انقضاء عقدين من الزمن على القانون المذكور. تتجدد الأسئلة القاسية، ولا تملك السلطات المركزية أجوبة سوى تعزيز الإجراءات الأمنية في المدارس بشكل عام، وتتحاشى الاصطدام بسيطرة وهيمنة شركات الأسلحة ونفوذها الضخم لدى صناع القرار.
واشنطن كانت تتطلع بشوق لقضاء فرصة أعياد الميلاد المجيد، قبل أن تعكر عليها التطورات الداخلية والدولية الأجواء والتوقعات. مصر وسورية من جانب، والصراع على الميزانية المركزية في الجانب الآخر، وما تقتضيه من اصطفافات سياسية وانعكاسها المباشر على حجم الإنفاقات المالية.
سيتناول بند التحليل الأزمة المالية التي اصطلح على تسميتها بـ "السقوط المالي للهاوية،" والبحث بمكوناتها وأطرافها والمواقف والاقتراحات المتعددة، فضلا عن تداعياتها على الوضع الاقتصادي المترنح أصلا.
سورية كانت العنوان الابرز، تلتها مصر، في اهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية. استهلها مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations بالبحث في الوسائل المناسبة التي ينبغي على الولايات المتحدة اعتمادها "للرد على تصاعد وتيرة الازمة السورية." وقال انه بعد اعلان الولايات المتحدة اعترافها بائتلاف المعارضة السورية "واحجامها (بالمقابل) عن تسليحها بشكل مباشر .. ينبغي عليها الانتقال الى تشكيل تحالف للقوى الحليفة لفرض منطقة حظر جوي على غرار النموذج الليبي." وفي ذات السياق، حذر المجلس من الانخراط الاميركي المباشر "خشية تعريض مصداقية التمرد."
بينما اعتبرت مؤسسة اميركا الجديدة New American Foundation ان التدخل العسكري المباشر "من المستبعد ان يفضي الى حكومة سورية مستقرة،" وطالبت انتهاج "سياسة حذرة تستند الى تدريب وتسليح متواضع لقوى المعارضة."
معهد واشنطن Washington Institute طالب بدوره الادارة الاميركية بعد اضفاء اعترافها على قوى المعارضة الى "بذل جهود علنية للتواصل مع المجموعات غير المتشددة من مكونات الجيش السوري الحر، تتضمن توفير الاسلحة لهم." كما طالب واشنطن "الاقلاع عن مراهنتها التعامل حصرا مع القوى المدنية وفتح حوار مع المجموعات المسلحة .. مما يتطلب منها تحديد مواصفات دقيقة للمجموعات التي لن تتوفر فيها شروط للتعامل معها."
بالمقابل، حذر معهد كاتو Cato Institute من تنامي التدخل الاميركي في سورية، لا سيما وان "واشنطن لم تكتم تهديداتها واتهاماتها الموجهة ضد موسكو وبيجينغ لتطاولهما في احباط السياسة الاميركية" في المنطقة.
معهد كارنيغي Carnegie Endowment بدوره اعرب عن قلقه لانتقال عدوى الازمة السورية الى لبنان "لهشاشة بنية دولته .. وتداعيات المناوشات الطائفية والاشتباكات عبر الحدود المشتركة،" محذرا من "المخاطر طويلة الامد" التي تنتظره، مناشدا صناع القرار "اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز الاستقرار."
مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS تناول سباق السيطرة على نفوذ المشرق بين الولايات المتحدة وايران، منوها ان الاخيرة "تمضي في استغلال التوترات الناجمة عن الصراع العربي الاسرائيلي .. لاعاقة التوصل الى سلام دائم، بينما يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع موجة العداء العربي لعلاقة شراكتها الاستراتيجية مع اسرائيل." ولفت المركز الانظار الى "حالة عدم اليقين" التي تواجهها كل من ايران والولايات المتحدة في تعاملهما مع الاوضاع المتطورة في مصر وسورية، فضلا عن موجة الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي."
مشروع الدستور المصري كان ايضا من نصيب معهد كارنيغي Carnegie Endowment محذرا من ان سيطرة تيارات متنافسة من الاخوان المسلمين على السلطتين التنفيذية والتشريعية ستؤدي "وصول الدستور الجديد الى طريق مسدود عوضا عن دور الرقابة عليه." الا ان ما يطمئن المرء ان "فعالية المسار الديموقراطي في مصر .. تستند الى اجواء صحية وعملاتية، وتوافق على الضوابط، والمؤسسات المصممة جيدا."
معهد واشنطن Washington Institute اصدر تقريرا بعنوان "الإنخراط بدون أوهام" جاء فيه إن "التغييرات الأساسية .. وانتخاب رئيس جمهورية إسلامى في مصر استوجبا إعادة تقييم للاستراتيجية الأميركية إزاء جهود مكافحة الإرهاب وكذلك إزاء الشراكة الاستراتيجية الثنائية بين البلدين." واضاف أنه "على الرغم من توفر خلافات سياسية مع الحكومة المدنية في مصر، فإن تعاوننا الوثيق مع الجيش المصري لا يزال يشكل ضرورة لاستمرارية علاقاتنا. الاستقرار الإقليمي يشكل مصدر قلق كبير، ونقترح تخصيص 100 مليون دولار من التمويل العسكري الخارجي من أجل إرساء الأمن في سيناء. ونحن بحاجة أيضا إلى التأكيد على التنمية الاقتصادية في سيناء، إذ أن الفقر هناك يكمن وراء العديد من مشاكل المنطقة."
المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي JINSA تناول تقييم اداء "القبة الحديدة" في الحرب الاخيرة على غزة، من زاوية "تداعياتها الاستراتيجية على (الصراع مع) ايران." وقال انه "بصرف النظر عن طبيعة ادائها على جبهة غزة، فان القبة الحديدية عززت بوضوح قدرة اسرائيل على توجيه تهديد عسكري ذات مصداقية ضد ايران."
0 comments: