معركة "مطار تفتناز العسكري" في بازار المفاوضات الأميركية الروسية
الثلاثاء 15 كانون الثاني 2013، أنطوان الحايك - مقالات النشرة
ثمة من يربط بين معركة مطار "تفتناز العسكري" شمال سوريا واللقاء الثلاثي الأخير الذي جمع نانب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف ونظيره الاميركي وليم بيرنز والمبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي في جنيف. فالتزامن المطلق بين الحدثين يؤشر، ووفق معلومات مستقاة من مراجع دبلوماسية، إلى أنّ المفاوض الاميركي كان ينتظر أن تنجح المعارضة المسلحة في تحقيق انتصار موصوف من خلال الاستيلاء بالكامل على المطار المذكور والمروحيات الجاثمة على أرضه بما يحقق نوعا من التوازن يسمح لبيرنز بتوظيفه في المفاوضات الشاقة الجارية على قدم وساق بين موسكو وواشنطن قبل إطلاق يد الابراهيمي للشروع بجولاته المكوكية على الدول المعنية.
إلا أنّ حساب الحقل الأميركي لم ينطبق على حساب البيدر الروسي على ما يبدو، إذ إن بوغدانوف كان قد استبق اجتماعه ببيرنز والابراهيمي باتصال مع القيادة العسكرية السورية العليا للاستفسار من كبار الضباط عن مسار المعارك حول المطار المذكور ومدى خطورة الوضع، وتاليا ما إذا كان الوضع بالخطورة التي يصورها الاعلام المتعاطف مع المعارضة السورية، فسمع من الضباط القادة ما يرضي طموح موسكو وفهم منهم أنّ الضباط الميدانيين يعملون وفق خطة عسكرية مدروسة تقضي باستدراج المسلحين إلى حرم المطار أو ما يعرف باللغة العسكرية بالارض المكشوفة ومن ثم الاغارة عليهم جوا وبرا من خلال استخدام الصواريخ والمدفعية للقضاء عليهم وتصفيتهم بالكامل، كما فهم منهم بأنّ اقيادة العسكرية العليا ليست بعيدة عن هذه الاجواء وهي لذلك تلتزم الصمت ولم تعمد إلى إصدار بيانات عن سير العمليات العسكرية، بل تركت الساحة للاعلام المعارض لاستدراج أكبر عدد من المسلحين طالما أنّ الخطة محكمة ومضمونة.
وانطلاقا من هذه المعطيات، استهل بوغدانوف لقاءه مع الثنائي بيرنز والابراهيمي بالتأكيد على أنّ المحادثات لن تصل إلى مكان في ظل الضغط العسكري الذي يمارسه المسلحون لأنّ النظام قادر على مواجهة المستجدات الأمنية وإحباط محاولات تسجيل الانتصارات العسكرية التي تغير في موازين القوى وكل ما يمكن استخدامه من أوراق ضغط للتفاوض، وبالتالي فإنّ المطلوب من الابراهيمي التنسيق مع واشنطن والقيام بجولة على العواصم العربية والخليجية المعنية بالازمة السورية، وحضها على وقف الدعم العسكري والمالي للمسلحين، وذلك باعتبار أنّ الحلول العسكرية غير ممكنة، فلا النظام قادر على إسقاط كل هذه الدول، ولا تلك الدول قادرة على اسقاط النظام، ما يعني أنّ الحل الوحيد المتاح للازمة السورية هو الحل السياسي، كما أنّ ذلك لن يكون إلا تحت سقف النظام وبإشرافه.
وبحسب المعلومات، فإنّ الابراهيمي الذي كان قد راهن قبيل انعقاد الجلسة على الاعلان عن سقوط مطار "تفتناز" واستيلاء المسلحين على المروحيات الجاثمة على أرضه لتوظيف الموقف في المفاوضات والضغط على موسكو للقبول بالحل السياسي بعيدا عن النظام استدرك الموقف باعتباره أنّ الأمور تحتاج إلى مزيد من الانضاج خصوصا أنّ الخطوة الأولى تقضي بترتيب وقف إطلاق النار الشامل ومن ثم الحديث عن الحوار. غير أنّ الجواب الروسي جاء حاسما بالتأكيد على ضرورة قيام واشنطن بالضغط على تركيا لاقفال حدودها مع سوريا ووقف إمداد المسلحين بالسلاح والرجال، والايعاز للدول النفطية بوقف ضخ الاموال لصالح المعارضة تمهيدا للضغط على النظام لوقف أشكال العنف كافة، وبالتالي تحديد الافرقاء الذين سيشاركون في الحوار عند انطلاقه.
0 comments: