Wednesday, January 2, 2013


ثلاث خضّات كبيرة تنتظر لبنان سنة 2013

الأربعاء 02 كانون الثاني 2013،     ناجي س. البستاني - مقالات النشرة


بعيداً عن خدع التنجيم، وفي إطار التحليل المبني على معطيات سياسية وأمنية قائمة، وعلى وقائع محدّدة، يمكن القول إنّ ثلاث خضّات كبيرة تنتظر لبنان في العام 2013 الحالي. ما هي؟
أولاً: في 25 آذار المقبل، ستبدأ في لاهاي، المحاكمات في قضيّة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، في ظلّ غياب المتّهمين المتوارين. ومن المنتظر أن يتم عرض الأدلّة التي بحوزة لجنة التحقيق على الجمهور العريض، علماً أنّ المحاكمة ستكون علنيّة. لكن سيتم الإبقاء على سريّة بعض الأدلّة إن إقتضت الضرورة، وكذلك لن يتمّ الكشف عن وجوه الشهود وعن المتضرّرين الذين سيشاركون في جلسات المحاكمة، والذين طلبوا الحفاظ على سرّية هويّتهم خوفاً من الإنتقام منهم ومن عائلاتهم. ومن المتوقّع إستدعاء 557 شاهداً، وأن يبلغ طول فترة الإستماع إلى أقوالهم 457 ساعة على الأقل. يُذكر أنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حدّدت ميزانيتها لعام 2013 بنحو 60 مليون يورو، لتغطية فترة المحاكمة الطويلة، وتكاليف إحضار الشهود، إلخ. ومن شأن إنطلاق أعمال المحكمة التي توجّه التهمة إلى عناصر ومسؤولين في "حزب الله" بالتورّط في عمليّة إغتيال الحريري، أن يثير الكثير من الحساسيّات على الساحة اللبنانية الداخليّة. فالحزب يرفض المحكمة من أساسها، ويعتبر أنها مسيّسة وأنّ إتهاماتها مفبركة، في حين أنّ القوى اللبنانية المعارضة له تعوّل على إدانته بأدلّة قويّة. وبالتالي، لا أحد يعرف كيف ستتطوّر الأمور عند إنطلاق المحاكمات، وبدء عرض الأدلّة، لا سيّما لجهة تنظيم تظاهرات مندّدة أو مؤيّدة، وإحتمال وقوع صدامات في الشارع.
ثانياً: من المنتظر أن تنطلق مطلع شباط المقبل محاكمة المتهمين في قضيّة أحداث مخيّم "نهر البارد" التي وقعت ما بين 20 أيار و2 أيلول من العام 2007، وإنتصر فيها الجيش اللبناني على إرهابيّي "فتح الإسلام" بزعامة شاكر العبسي، لكن بكلفة باهظة بلغت 168 شهيداً ومئات الجرحى بصفوفه. ويوجد تخوّف من أن يحرّك هذا الملف الشائك، "الخلايا الإسلامية النائمة"، في العديد من المناطق اللبنانية، خاصة في مخيّم "عين الحلوة"، وفي التعمير، وفي الضنّية، وذلك في حال جاءت الأحكام متشدّدة، مع العلم أنّ وفود النازحين من سوريا ومن المخيّمات فيها، إلى لبنان، ضمّت العديد من "الإسلاميّين المتشدّدين". وهذا التخوّف يزداد ترسيخاً نتيجة تداعيات المعارك المفتوحة في سوريا التي هي أمام أربعة إحتمالات في العام 2013. الأوّل سقوط نظام الرئيس السوري بشّار الأسد، والثاني تمكّن الجيش السوري من إستعادة السيطرة على مناطق المعارضة، والثالث التوصّل إلى تسوية برعاية دولية، والرابع إستمرار الوضع القائم والمعارك لفترة أطول. والمؤسف أنّه باستثناء الإحتمال الرابع، فإنّ وقع الإحتمالات الثلاثة الأولى المذكورة سيكون سيئاً على لبنان. والسبب أنّه يوجد تخوّف كبير من توجّه الجماعات الإسلاميّة المتشدّدة التي تقاتل في سوريا إلى لبنان في العام 2013، في حال إنتهاء المعارك لأي سبب من الأسباب الثلاثة المذكورة أعلاه. ففي حال سقط النظام، ستسارع هذه الجماعات إلى فتح جبهات جديدة مزهوّة بنصرها. وفي حال خسرت المعارضة السورية سيفرّ هؤلاء المسلّحين إلى دول الجوار، علماً أنّ لبنان لم ينجح في ضبط حدوده الواسعة مع سوريا. وحتى في حال التوصّل إلى تسوية في سوريا، يبقى إحتمال إنتقال المسلّحين المتشدّدين إلى لبنان قائماً. وليس سرّاً أنّ المجموعات "الجهادية" التي قاتلت قوات العقيد معمّر القذّافي، توجّهت بعد سقوط ومقتل هذا الأخير، إلى ساحات قتال جديدة في جنوب القارة الإفريقية، وهي سيطرت على مناطق واسعة في شمال مالي، الأمر الذي إستدعى تدخّلاً إقليمياً – دولياً لمنع تمدّد نفوذها في إفريقيا. وبالتالي، إنّ من شأن توجّه المجموعات الإسلامية المتشدّدة التي تقاتل في سوريا حالياً، والتي إزدادت عدداً وشراسة، إلى لبنان، للقتال لأسباب إيديولوجية أو حتى لأسباب مالية، أن يفجّر الأوضاع أمنياً في أكثر من منطقة تشهد حالياً توتّراً مذهبياً عالياً.
ثالثاً: لبنان على موعد في حزيران المقبل مع إستحقاق الإنتخابات النيابية. ومن يسيطر على المجلس النيابي، قد يكون قادراً على تحديد هويّة رئيس المجلس النيابي المقبل، بعد مرور أكثر من 20 سنة على تربّع نبيه برّي في هذا المنصب، وتحديداً منذ 20 تشرين الأوّل 1992. ومن يسيطر على المجلس، قد يكون قادراً أيضاً على تحديد هويّة رئيس الجمهورية المقبل، خلفاً للرئيس الحالي العماد ميشال سليمان، الذي إنتخب رئيساً في 25 أيار 2008، وتنتهي ولايته في ربيع العام 2014، أي بعد أقل من سنة على إنتخاب المجلس النيابي الجديد. من هنا، تأخذ الدورة المقبلة من الإنتخابات أهمّية مضاعفة، في ظلّ الإنقسام الحاد بين التيّارات السياسية في لبنان، بالنسبة إلى الكثير من المواضيع الداخلية والإقليميّة. وبالتالي من المنتظر أن يشهد لبنان مخاضاً عسيراً لولادة قانون إنتخابي جديد. وفي حال لم يتمّ التوصّل لإتفاق في هذا الصدد، ستكون كل الإستحقاقات الدستورية بحكم المؤجّلة، في إنتظار تسوية سياسية جديدة، مع كل ما يرافق هذا الأمر من توتّر وإحتقان. أما في حال إجراء الإنتخابات، فإنّ النتائج هي التي ستحدّد طبيعة المرحلة المقبلة. فإذا جرى تقاسم المجلس بين الأكثرية والمعارضة الحاليّتين، قد يتم إيجاد صيغة توافقية لتسيير دفّة الحكم. أما في حال فوز فريق محدّد بفارق كبير على الفريق الآخر، فإنّ الأمور مرشّحة لتشهد مشاكل أكبر وخضّات أوسع، خاصة في حال إعتبار الفريق الخاسر أنّ إستبعاده من المناصب العامة، ليس ترجمة للديمقراطية العددية، بل هو إلغاء له، وتصرّفاً "غير شرعي وغير دستوري" بحسب الميثاق اللبناني. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا سيكون موقف قادة الطائفة الشيعيّة، في حال فوز قوى "14 آذار" بالإنتخابات النيابية، وإسقاط بريّ من رئاسة المجلس؟!

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: