بوتـين يلـعـب بالـنـار فـي سوريـة وإيــران
بقلم: أمنون لورد
كيف قال لاعب البيسبول الاسطوري يوجي بارا؟ "هذا نهج يتكرر". السبعينيات. الثمانينيات. قد يكون من الأسهل على اسرائيل أن تستوعب هذا، في هذه الايام، حين وسائل الاعلام مليئة بالتقارير والمقالات عن حرب "يوم الغفران". هذه الحرب الباردة. اسم قصير لحروب ساخنة جرت في جنوب شرق آسيا، في الشرق الأوسط، في جنوب افريقيا، وتوترات في قارة اوروبا مع اجتياح سوفييتي واحد كل عقد الى بلاد بائسة ما مثل هنغاريا أو تشيكوسلوفاكيا.
إذا كان ثمة من انكشفت صورته الحقيقية فهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ينبغي لنا أن نستوعب: فبوتين ليس فقط يرى في الأزمة في سورية فرصة للصدام مع الولايات المتحدة ولحشد "محور الشر" حوله؛ فحسب تسلسل الاحداث والوقاحة التي يسمح لنفسه بها، يمكن منذ الآن الافتراض بانه هو الذي بادر الى الاستفزاز الفظيع بالهجوم الكيميائي في شرقي دمشق.
فلعبة بوتين تستوجب من اسرائيل اعادة التفكير في روسيا وفي موقفها من اسرائيل وكل ما يجري في المنطقة. منذ عهد لينين، وبعد ذلك في عهد ستالين، كانت الاستراتيجية الروسية هي تصدير الثورة من خلال الحرب. وهذه الاستراتيجية هي من عوامل اندلاع الحرب العالمية الثانية، التي كان الشعب اليهودي هو الذي دفع فيها الثمن على التحالف بين ستالين وهتلر، والذي نضج على مدى عشر سنوات الى ان خرج الى النور في 23/آب قبل 74 سنة في اتفاق ريبنتروف – مولوتوف.
وكي لا نتعب أنفسا في كل تاريخ النزاع، يجدر بنا أن نذكر اختراع "الحقوق الشرعية" و "حق تقرير المصير" للشعب الفلسطيني. فقد طور الاتحاد السوفييتي هذا المشروع منذ العام 1956، وبقوة اكبر منذ نهاية الستينيات. وكان الهدف هو منع التعايش واتفاقات السلام بين اسرائيل والعرب. ووفرت هذه الاستراتيجية الكثير من الرزق للمؤرخين الإسرائيليين الجدد، الذين سعوا الى البحث في جذور النزاع واتهموا الصهيونية. حسب المدرسة السوفييتية.
تعاني المرابح التي نشأت عن "النزاع" هبوطا شديدا. ولكن لروسيا بوتين، التي عادت الى سياسة القوة العظمى ما بعد الشيوعية، توفر الحرب في سورية والمشروع النووي الايراني فرصة استراتيجية اخرى. هذه المرة ليست الحاجة الى تصدير "الثورة"، بل مصالح القوة العظمى والسلطوية في الداخل. تاريخ مناهض لأميركا في ظل عنصرية تجاه الرئيس الاسود للولايات المتحدة هو وصفة لتعزيز حكم بوتين. اما الاستفزاز والتضليل الاعلامي فهما أداتان جديدتان في الترسانة الروسية. هذه الادوات لم تصدأ كون الروس يحرصون على استخدامها المستمر. وليس ممكنا دوما معرفة اهداف الروس عندما يستخدمون هذه الادوات. في الولايات المتحدة يتحدثون عن أن الهجوم الكيميائي كان استفزازا يرمي الى جذب اوباما الى الشرك. مناورة مشابهة اجراها الروس عشية حرب "الايام الستة" عندما غذوا سورية ومصر بالمعلومات المضللة عن حشد اسرائيل للقوات استعداداً للهجوم على سورية. ولكن من الافضل الا ندخل في التخمينات عن اهداف بوتين، حين لا يسعى اساسا الا لاشعال نار النزاع.
ان افعال روسيا في الماضي يجب ان تشكل تحذيرا يفيد بان ليس لحكامها كوابح. والى اي مدى هم مستعدون للسير في الاسناد الذي يمنحونه لحليفتهم الجديدة ايران؟ ويتعزز الان الحلف على خلفية التهديد الأميركي بضرب الاسد. وثمة شك أقل فاقل في أن بوتين ورجاله مستعدون لان يقبلوا ايران نووية. وفضلا عن ذلك، حسب السيناريو السوري، فقد يكونون يدفعون بها الى تجاوز الحافة النووية. كما أن هذا الركض الايراني سيكون استفزازا خطيرا للغاية لإسرائيل للولايات المتحدة. مضمون لنا امر واحد فقط: حتى عندما ينتقل المركز الى ايران سنسمع اقوال الزيت الصافي والنقي من البابا: "استخدام العنف لم يحقق السلام ابدا" (بوتين: "شكرا، أبي"). تجلب الحرب حربا اخرى. هيا نطلب من مريم مساعدتنا (بوتين: " سنفعل هذا، يا أبانا") للرد على العنف، النزاع، والحرب بقوة الحوار، المصالحة، والمحبة. وبوتين يقول: "آمين"..
المصدر:
معاريف
0 comments: