أوباما: صدع آخر في الزعامة
Tue, 09/03/2013
بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي
‘كان هذا هو سبت اوباما الاسود. فبعد أن بدأت استطلاعات الرأي العام تشير الى تغيير في التوجه، ومنحته في نهاية الاسبوع نحوا من 50 في المئة من دعم اجراء عقوبة محدود مركز في سورية، أحجم عن التحدي وانعطف انعطافة محرجة، رغم أن الخطوط الحمراء التي حددها في المجال الكيميائي لم تشمل أي شرط كموافقة مجلس النواب المسبقة.
بعد مرور اسبوع خطب قتالية وتصريحات جازمة من قبل ‘جميع ناس الرئيس′، والخطبة الفصحى لوزير الخارجية جون كيري، انتهى شحذ السيوف بقرار على فترة انتظار.
إن نظام الاسد تجاوز حقا، وعلى نحو سافر وليس هذا لأول مرة، الخطوط الحمراء، ورسم ملف الأدلة الدامغة الذي كتبته المجموعة الاستخبارية صورة لا لبس فيها ومقنعة، لكن اوباما استقر رأيه على كف اطلاق النار. وقد أثبت اوباما مرة اخرى وعيون العالم كله متجهة اليه متوقعة أن يُقلع النسر الامريكي آخر الامر.
انه لم يُخلق من المادة التي خُلق منها كثيرون من أسلافه في البيت الابيض.
لم يُحجم رؤساء سابقون مثل هاري ترومان وجون كنيدي ولندون جونسون وريتشارد نكسون قط عن اتخاذ قرارات صعبة غير شعبية (في المجال الداخلي أو في مجالات العلاقات الخارجية والامنية)، عبرت عن التزامهم بالنهج الامريكي وقيم أمتهم وتراثها وأمن الولايات المتحدة القومي ايضا بالمعنى العام الواسع لهذا المصطلح.
إن جذور سلوك اوباما المذعور، وعدم قدرته على التنفيذ في الوقت المناسب لما التزم أن يفعله على رؤوس الأشهاد، تكمن في القيد الايديولوجي القاسي الذي ما زال يُقيد الرئيس الى الآن في مجال فكري وسلوكي ضيق.
أجل من الصعب على اوباما، بل قد يكون من غير الممكن أن يعود في نفق الزمان الى فترة سلفه في البيت الابيض جورج بوش الابن، الذي أراد الانفصال عن تركته القتالية.
يُحجم الرئيس، رغم أنه طُرح في جدول العمل اليوم ‘عملية صغيرة’ متواضعة، لا تدخلا عسكريا شاملا كما في العراق أو افغانستان، عن كل صلة وجسر الى الماضي قد يُثبت التصور العام عنه بأنه متابع لنهج بوش. وهكذا في حين لم يُحجم رئيس ديمقراطي آخر في الماضي غير البعيد، وهو بيل كلينتون، عن المبادرة الى اجراء عقاب وردع في العراق في كانون الاول/ديسمبر 1998 من دون أن يُجهد نفسه البتة في الحصول على موافقة مجلس النواب (بل وجه بعد ثلاثة أشهر سلاح الجو الى المبادرة الى هجوم برعاية حلف شمال الاطلسي على قوات الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشوفيتش)، أُصيب اوباما بالخور حينما طُرح في جدول العمل اجراء يبدو أنه أكثر تواضعا.
إن طموح اوباما الى عدم السير وحده (أو وحده تقريبا) في طريق التدخل، والحرص على العمل في اطار دولي وأممي يمنح كل اجراء شرعية، هو ايضا علامة على الضعف والتخلي عن السلطة المهيمنة الرئاسية، لأنه ما هي الزعامة إن لم تكن القدرة على رسم طريق حتى في مواجهة كتل معارضة من الداخل والخارج؟ وعلى ذلك ورغم أن الاعتماد على دروس الماضي قد يُنشئ مقارنات مطلقة وشاملة جدا، فانه لا مناص من السؤال المقلق وهو، أليس تأجيل لحظة الحسم بالذريعة المريبة، وهي ارادة الحصول على تأييد مجلس النواب، يثير ذكريات بائسة من فترة المهادنة في القرن الماضي، التي كانت نتائجها المحتومة كارثية.
المصدر:
اسرائيل اليوم
0 comments: