Monday, September 30, 2013

خط نتنياهو الأحمر

خط نتنياهو الأحمر


بقلم: شلومو تسزنا
يصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع إلى نيويورك ليمزق القناع عن وجه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وليقول ان التغيير الظاهري من جانب إيران ينبع من ضغوط الغرب، ليس إلا. فالزعيم الروحي الإيراني، علي خامنئي هو من يقود روح الثورة. وتعليماته بحث مشروع عسكري نووي لم تتغير. نتنياهو يفهم ذلك وهذا يدفعه لعدم التراجع.
وربما خلافا لتفكير الكثيرين، لا يعارض نتنياهو الديبلوماسية الأميركية والغربية. وإذا كان بالوسع منع صدام عسكري ونزع السلاح النووي بالحوار، فهذا مفضل عند نتنياهو. لكن الواقع يعلمنا حتى الآن أن الإيرانيين لن يجلسوا للتحادث بجدية إلا إذا كان السيف على رقبتهم. وجدول زمني وخطة عمل واضحة، كما حدث في سوريا، يمكنهما أن ينجحا أيضا مع إيران.
وهنا تأتي لكن كبيرة، فنتنياهو يؤمن أن الحوار ملزم أن يتم الآن وإلا فلا. ويعتقد أن زمن الكلام ولى. فالمفاوضات جارية منذ ثماني سنوات مع الإيرانيين الذين يستغلون الوقت لحث مشروعهم النووي. وستتاح لنتنياهو فرصتان لقول ذلك في الأسبوع المقبل: اللقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، غير المستعد للعب دور شرطي العالم والمتحاور مع الزعيم الإيراني. والفرصة الثانية، علنية، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وسيسعى نتنياهو لتذكير الأميركيين بتاريخ غير بعيد، خديعة مدوية أخرى: كوريا الشمالية. هناك أجريت محادثات، وأطلقت وعود، وأفاق العالم ذات صباح على دوي شديد: تجربة نووية كورية شمالية. وأثبت هذا أن الأنظمة المتطرفة تضلل. وسيقول نتنياهو، لا تخلقوا نموذجا كوريا شماليا آخر. وسيعرض نتنياهو نماذج عن الخداع الإيراني ودعمهم للإرهاب.
عزم وأفعال
ومساء السبت سيقلع نتنياهو إلى أميركا حيث سيلتقي أوباما يوم الاثنين قبل أن يعود إلى نيويورك ليلقي خطابه في الجمعية العمومية يوم الثلاثاء. في العام الفائت عرض نتنياهو رسما لقنبلة عليها خط أحمر. والإيرانيون حرصوا على عدم تجاوز الخط الأحمر، لكنهم التفوا عنه إلى مسار جديد. وهو مسار التخصيب عن طريق مفاعلات بلوتونيوم، بموازاة مفاعلات اليورانيوم. لذلك قام نتنياهو بتحديث الخطوط الحمر وبدلا من ثلاثة صارت أربعة: وقف تام لتخصيب اليورانيوم، إخراج كل اليورانيوم المخصب، إغلاق منشأة قم، ووقف مسار البلوتونيوم. وقررت إسرائيل أن الجمع بين كل هذه التدابير الأربعة يحقق الوقف التام للمشروع النووي. وإلى أن يتحقق ذلك يجب تشديد الضغط على إيران.
وأوضح نقاش جرى على أعلى المستويات السياسية والأمنية في تل أبيب حول الشأن الإيراني أنه في أعقاب العقوبات الغربية، تضرر الاقتصاد الإيراني خلال فترة السنة ونصف سنة الأخيرة بقيمة 100 مليار دولار. وبحساب الحجم السنوي للاقتصاد الإيراني البالغ 450 مليار دولار، فهذه ضربة شديدة.
ويثير التذبذب الأميركي بقيادة أوباما وكيري قلق القيادة الإسرائيلية، لكن المسافة بين هذا وتخلي أميركا عن إسرائيل طويلة. وتفحص إسرائيل الأهداف المعلنة لأميركا وهي عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي وفق تعهدات رئاسية وسياسية. لكن توقيت تل أبيب وواشنطن ليس على الساعة نفسها ولذلك إذا أحست إسرائيل بخطر فستعمل على إزالته. هذا ليس تهديدا، إنه خطة عمل والأميركيون لن يعرقلوا إسرائيل إن قررت العمل ضد إيران.
وماذا بشأن إيران؟ إيران ترغب في تحييد العقوبات الغربية وكسب الوقت والتقدم باحتيال نحو القنبلة. والسبيل إلى ذلك هو الحديث الناعم. وقد حاول روحاني ونظامه استخدام لغة ديبلوماسية أنعم تجاه الغرب وإظهار سعيهم لحل دبلوماسي. وهذه اللغة قادت لانتخاب روحاني ووعده بإزاحة الضغط عن طريق الكلام بعكس نجاد. وتحاول واشنطن تهدئة إسرائيل والتأكيد «أننا لن نقع في شرك الإيرانيين».
بين السيئ والأسوأ
ولكن بموازاة الجمعية العمومية للأمم المتحدة يعقد مؤتمر للدول المانحة للسلطة الفلسطينية وكذلك اجتماع للرباعية الدولية يحضره صائب عريقات وتسيبي ليفني. وسيلقي المبعوث الأميركي، مارتين إينديك خطابا أمام منظمة اليسار الأميركي، «جي ستريت» في إشارة إلى عدم إهمال الشأن الفلسطيني. وفي هذا الشأن حدد الأميركيون موعدا نهائيا للتوصل إلى الحل النهائي: أيار 2014. وحتى ذلك الحين سيبحث الطرفان كل المواضيع الجوهرية، كالحدود واللاجئين والقدس. والتقى أعضاء طاقمي المفاوضات للمرة الثامنة منذ بدئها. ويتوقع الإفراج في تشرين الأول عن مجموعة جديدة من المعتقلين القتلة، في إطار قرار الحكومة الإفراج عن 104 معتقلين فلسطينيين قدامى. وبموازاة ذلك لا يتوقف الضغط وإسرائيل تقدم للفلسطينيين رزمة تسهيلات إضافية، أيضا لقطاع غزة.
فإلى أين تتقدم الأمور؟ الجواب يمكن استخلاصه من كلام نتنياهو في ذكرى قتلى حرب يوم الغفران: «واجب القيادة أن تكون واعية وألا تقاد بالأوهام أو الآمال الخادعة. وعليها رؤية الفضاء الاستراتيجي كاملا وأن تكون مستعدة. وأحيانا عليها أن تختار بين السيئ والأسوأ، وضمان وجود دولة إسرائيل». من كلامه ثمة احتمال بالتوصل إلى اتفاق إذا فعل الفلسطينيون ما لا يصدق وقبلوا التسوية.
تبادل أدوار
قريبا سيتم استبدال المحيطين برئيس الحكومة، لكنهم جميعا سيكونون معه الأسبوع المقبل في أميركا. من المتوقع أن يترك رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال (احتياط) يعقوب عاميدرور في نهاية تشرين أول منصبه. ويتواجد نائب رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، في ديوان رئاسة الحكومة يتعرف على المهمة. وكلاهما سيطير مع نتنياهو إلى الأمم المتحدة، لكن الأهم أنهما سيكونان معه في لقائه مع أوباما. وسيلتقي نتنياهو في واشنطن السفير مايكل أورن الذي سينهي مهماته نهاية الشهر، ويتعرف المستشار السياسي السابق لنتنياهو رون دريمر على المنصب. كذلك سيترك مدير الديوان، غيل شيفر منصبه ليحل مكانه آري هارو.
ونتنياهو شخص مسيطر جدا، يريد المشاركة في كل التفاصيل. وهو يسبح جيدا في الشأن الإيراني. وفي الحلبة الدولية مغطى. في الحلبة السياسية الداخلية، يلاقي مشاكل. وهنا عندما ينظر إلى الجانبين يواجه الإهانات، وصراعات القوى وذاتية الوزراء في ما بينهم وضغوط أعضاء الكنيست.
والمفاوضات السياسية تبقي ائتلافا غير مستقر. وقاد قتل الجنديين إلى كتابة رسالة علنية مشتركة لسبعة وزراء من البيت اليهودي والليكود بيتنا يطالبون فيه رئيس الحكومة بإعادة النظر في الإفراج عن المعتقلين. وسعى الوزراء للربط بين مقتل الجنديين والمفاوضات بين ليفني وعريقات.
ومقابل هذه الرسالة هناك رسالة لا تقل شدة وقع عليها ستة نواب وزراء من الليكود والبيت اليهودي و13 عضو كنيست وستة رؤساء كتل ونائبان لرئيس الكنيست. وهم يدعون رئيس الحكومة لإيقاف المسيرة السياسية. «قريبا ستخرج لتمثيل إسرائيل، في اللقاء مع الرئيس الأميركي والخطابة في الأمم المتحدة. ونحن ندعوك للتوضيح في كلامك هناك الموقف الرسمي لدولة إسرائيل القاضي بأن للشعب اليهودي حقا طبيعيا، تاريخيا وقانونيا في وطنه كله وعاصمته الأبدية القدس. وبعد 20 عاما من اتفاقيات أوسلو البائسة، موقفنا هو أنه لا مجال للعودة إلى مسار أوسلو وتسليم أجزاء من الوطن للسلطة الفلسطينية».
هذه الرسائل تعبر عن ميل. الوزراء وأعضاء الحكومة يعبرون بوضوح عن معارضتهم موقف نتنياهو السياسي. داني دانون يفعل ذلك بأبرز صورة (هذا الأسبوع في مقالته في «نيويورك تايمز» و«هآرتس»)، رغم أن نتنياهو سبق ووبخه. ولكن الأمر لا يتعلق به وحده. فأصحاب مناصب عليا وأعضاء كنيست من الائتلاف يتحدثون بحرية.
ومثلا نائبة الوزير تسيبي حوتوبلي التي قالت هذا الأسبوع أمام نشطاء الليكود في القدس: «رئيس الحكومة ملزم بالإصغاء للمطلب الصادر عن كل أرجاء الليكود (إلغاء قرار الإفراج عن المخربين). وحزب الليكود يضع خطوطا حمرا أمام كل تنازل في المفاوضات. ومن يترأس الحركة لا يمكنه الانفصال عن موقف الأغلبية المطلقة لأعضاء الليكود». هل سيصغي نتنياهو؟ علينا الانتظار كي نرى ما يحدث.
  المصدر:إسرائيل اليوم
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: