هل هناك خيار؟
عمير ربابورات
يمكن اعتبار المفاوضات المكثفة التي تجريها الدول العظمى مع إيران فرصة إسرائيلية ضائعة بمقياس تاريخي: ومن الجائز أنه لو أدارت إسرائيل خطواتها في الشأن الإيراني إدارة مختلفة، لكانت المطالب التي وجهت هذا الأسبوع لإيران مقابل تخفيف العقوبات بحقها غير مرتبطة فقط بالمشروع النووي، وإنما أيضا بتجريد حزب الله وقوى إيرانية أخرى في الشرق الأوسط، مثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من أسلحتها.
الأمر يبدو خياليا؟ ليس بالضرورة.
إن المسألة النووية الإيرانية تشكل فرصة لحل كل المسائل الأخرى. وقد سبق وأثيرت الفكرة في عدة مناسبات في الماضي، ومن الجائز جدا أنها كانت ستقع على آذان إيرانية صاغية. بل إن في الأمر منطقاً: إيران سلحت حزب الله بكميات هائلة من السلاح (من ضمنها 5000 صاروخ يمكنها أن تصل إلى تل أبيب، وفق ما صرح به مؤخرا قائد الجبهة الداخلية الجنرال إيال آيزنبرغ)، أولا وقبل كل شيء بغرض الردع. وحزب الله هو الأداة الأساسية لإيران في الرد إذا ما تعرضت لهجوم إسرائيلي أو لهجوم غربي. ومن المؤكد أنه منطقي خلال المفاوضات مع الغرب أن تقبل بيسر أكبر تقديم تنازلات في مسائل ترتبط بحزب الله والمنظمات الأخرى تحت رعايتها. وبالتأكيد هي تفضل التنازل في هذه المسائل أكثر من التنازل في قضايا تخصها مباشرة.
وفي أساس النظرة القائلة بإمكانية مطالبة إيران مقابل تخفيف العقوبات الدفع أيضا في الحلبة اللبنانية يكمن الافتراض (المقبول حاليا في إسرائيل أيضا) بأن طهران في كل الأحوال ستصل آجلا أم عاجلا لقدرة نووية لغرض إنتاج كهرباء مدنية. والواقع أن إيران بحاجة للطاقة النووية، فهي اليوم تعتمد على دول سنية معادية في نظرها من أجل تكرير النفط الكثير الذي لديها، وهناك أساس للزعم بأن المفاعل النووي المدني في بوشهر هو بين المفاعلات الأشد تبريرا.
ويبدو أن إسرائيل لم تفعل ما فيه الكفاية في السنوات الأخيرة لإيجاد تمييز بين المشروع النووي الإيراني المدني ومشروعها النووي العسكري وتعزيز الصلة بين تخفيف العقوبات وتقليص حجم سلاح حزب الله، على الأقل. ومع ذلك، بنظرة إلى الوراء، فإن الخطأ الأعظم الذي اقترفه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أثناء ظهوره في الأمم المتحدة قبل حوالي عام: حينها وضع نتنياهو (مستعيناً برسم القنبلة المشهور) الخط الأحمر في مواجهة إيران بحيث لا تتجاوز سقف الـ250 كيلوغراماً يورانيوم مخصباً بنسبة 20 في المئة وأكثر، وهي كمية ونسبة تخصيب تشهد على نيات عسكرية.
ومن الواضح الآن أن نتنياهو خدم بذلك الإيرانيين تحديدا. فالمفاوضات التي جرت معهم خلال الأسبوع الفائت كانت من ناحية المشاركين فيها عميقة داخل الخطوط الحمر التي حددها نتنياهو. غير أنه من ناحية عملية، يعتبر هذا الخط الأحمر عديم الأهمية: فلإيران حاليا 19 ألف جهاز طرد مركزي! وحتى إذا تم إيقاف عملية تخصيب اليورانيوم عند حدود 3 في المئة فقط، فإن بوسعهم تخصيب اليورانيوم الذي بحوزتهم لمستوى عسكري بالكمية المطلوبة للقنبلة خلال أسابيع معدودة فقط، وفي الوقت الذي يرونه مناسبا (وهم سيفعلون ذلك بعد أن يطردوا مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية أو أنهم سيواصلون التخصيب من دون توقف في أماكن سرية).
غير أن ما هو أسوأ من ناحية إسرائيل هو أن إسرائيل ليست حاليا في وضع تستطيع فيه فعليا التأثير على المفاوضات. صحيح أن هناك عمليات اطلاع بل وتشاور (مثلا، ممثل فرنسا في المفاوضات تحدث قبل بضعة أسابيع على مدى ساعات طويلة مع وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات يوفال شتاينتس. كما أن المندوب الأميركي زار إسرائيل هذا الأسبوع. بل ان الرئيس الفرنسي سيصل الأسبوع المقبل بنفسه إلى البلاد)، ولكن هذا لا يعني تأثيرا فعليا، أساسا لأن الأميركيين هم من يحددون النبرة.
هذا ما حدث عندما جاء الاستعداد الأميركي للتوصل مع إيران إلى اتفاق حول تخفيف العقوبات ووقع على إسرائيل (سواء على المؤسسة الأمنية أم على الجانب السياسي) كقنبلة تقليدية. الاستخبارات الإسرائيلية قدرت أن هناك احتمالاً ليس سيئا للتقدم نحو اتفاق في جولة المباحثات الأخيرة مع إيران، ولكنها لم تكن تعلم حقيقة أن الولايات المتحدة وصلت إلى المفاوضات وهي متحمسة للتوصل إلى اتفاق تقريباً بكل ثمن.
ووصفت التقارير المهنية التي تسلّمها المستوى السياسي كل ما جرى من وجهة نظر إسرائيل بين يومي الأربعاء والجمعة الماضيين كانهيار فعلي لنظام العقوبات. والجهد الذي بذل منذ ذلك الحين (أساساً بمساعدة الفرنسيين الذين أبدوا الموقف الأشد صقرية تجاه إيران - ليس «اختلاقا» من جانب وسائل الإعلام) وكان بشكل أو بآخر معركة صد. وإسرائيل تحاول الإقناع بأنه ينبغي اشتراط تخفيف العقوبات بتراجع المشروع النووي الإيراني. والحجة هي أن التجميد وحده للمشروع النووي ينبغي أن يواجه بتجميد العقوبات. وهذا هو الحد الأقصى الذي يمكن لإسرائيل أن تتطلع إليه الآن.
أما تفكيك أجهزة الطرد المركزي أو تفكيك المفاعل في أراك (نظرياً، يمكن للمفاعل هذا أن يبدأ العمل في نيسان المقبل وينتج قنبلة نووية أيضا في مسار المياه الثقيلة والبلوتونيوم بالتوازي مع مسار تخصيب اليورانيوم) فلا أحد يتحدث عن ذلك الآن.
وقد رأى الإسرائيليون في الاتفاقيات التي كانت ستبرم هذا الأسبوع وكأنها اتفاقيات السلام التي وقعت مع هتلر قبيل الحرب العالمية الثانية، ولا أقل من ذلك. وبافتراض أن إيران ستزحف تحت غطائها نحو الذرة (المدنية والعسكرية أيضا)، فإنه من وجهة نظر إسرائيل سيعود الخيار العسكري ليوضع على الطاولة، رغم الصعوبة السياسية في تنفيذ هجوم في عصر الاتفاق مع إيران.
والحديث المتجدد عن الهجوم العسكري سيغدو أقرب إلى استعادة الماضي في أيام 2010-2011: حينها درس نتنياهو بجدية إصدار أوامر بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وأدار مداولات كثيرة بهذا الشأن في المجلس الوزاري المصغر، وفق ما سبق ونشر عدة مرات في السنة الأخيرة.
وهاكم حدثاً صغيراً لم يُنشر: في ختام إحدى المداولات في تلك الأيام همس نتنياهو شيئاً ما في أذن إيهود باراك، حينها وضع رئيس الأركان آنذاك الجنرال غابي أشكنازي إصبعه على رقبته وأدارها، في حركة أعدت للإشارة إلى أن نتنياهو «مجنون». ولحسن حظ رئيس الأركان، فإن نتنياهو لم ير تلك الإشارة. حينها كان أشكنازي جزءاً من المحور الذي ضم أيضا رئيس الموساد مئير داغان ورئيس الشاباك يوفال ديسكين، ممن كانوا مثله، قدامى جدا في مناصبهم. وقد عارض كل هؤلاء الثلاثة بشدة الهجوم على إيران ولم يمنحوا رئيس الحكومة الجديد نسبياً أي إمكانية فعلية لتنفيذ عمل كهذا (من ناحية عملياتية، لو كانت إسرائيل عازمة على الهجوم بكل ثمن، لكان ذلك هو الوقت الأنسب للهجوم، قبل أن تتسلح إيران بكميات كبيرة جدا من أجهزة الطرد المركزي وقبل أن تدفن قسما كبيرا منها عميقا في قلب الجبل قرب مدينة قم وفي مواقع أخرى يصعب جدا اقتحامها اليوم).
وبالمناسبة، فإن وزير الشؤون الاستراتيجية في حينه، موشي يعلون، لم يكن أبداً حازماً في معارضته الهجوم العسكري على إيران كالثلاثي أشكنازي - داغان - ديسكين. ومن جهة أخرى، فإنه أيضا لم يؤيد مثل هذا الهجوم، بل سعى لدراسة الاقتراح وفقا للفرص والمخاطر الكامنة فيه. وبقي موقفه الأساسي على حاله حتى اليوم، في منصبه كوزير للدفاع. كما أن رئيس الأركان الحالي الجنرال بني غانتس ليس هو الرجل الذي سيقف على قدميه متصلبا، كأشكنازي، في رفض خيار الهجوم العسكري، إذا قرر المستوى السياسي الهجوم. ولكنه بالمقابل لا يبدو أنه سيحاول الإقناع بوجوب تنفيذ هجوم كهذا.
عملياً
في كل حال، لم يعد سراً أنه وفق تعليمات المستوى السياسي، يستعد الجيش الإسرائيلي لخيار الهجوم العسكري الفعلي على إيران منذ عدة سنوات. وقد كشف رئيس الحكومة الأسبق، إيهود أولمرت، في العام الفائت في مقابلة صحافية، أن هذه الاستعدادات كلفت مليارات الدولارات. والمسؤولية العامة عن هذه الاستعدادات كانت على كاهل سلاح الجو الإسرائيلي.
ولكن ما هي خيارات الهجوم العسكري المتوافرة لإسرائيل حاليا، وهل لديها ما يكفي من قوة النيران لكي تلحق ضرراً استراتيجياً بالمنشآت النووية الكثيرة المنتشرة في أرجاء إيران؟
طبيعياً، عندما نتحدث عن خيار الهجوم، فإن التفكير الأولي يتجه نحو الطائرات الحربية التي تقوم بطلعات بعيدة المدى مثل الهجوم على المفاعل النووي العراقي العام 1981 وفي سوريا العام 2007. غير أن القصة الإيرانية مختلفة: فمن أجل تنفيذ هجوم، ينبغي على سلاح الجو الإسرائيلي «أن يعالج» في الوقت نفسه أربعة مواقع كبيرة على الأقل: موقع تخصيب اليورانيوم قرب مدينة نتانز، ومنشأة فوردو الواقعة في قلب الجبل قرب قم، ومنشأة تحويل اليورانيوم قرب أصفهان والمفاعل قرب أراك.
وحسب المقدم احتياط الدكتور رافي أوفق، وهو من كبار الخبراء السابقين في المؤسسة الأمنية في الشأن النووي الإيراني، فإن الجهد الأساسي لتشويش المشروع النووي الإيراني يمكن أن يتم أساسا عبر ضرب منشأة فوردو ومفاعل أراك، «ولكن نتانز هو أيضا جوهري. في فوردو تتم عملية تخصيب اليورانيوم لمستوى 20 في المئة، ولكن في نتانز هناك ألف جهاز طرد مركزي جديد ذات قوة عمل أعلى أربع مرات من أجهزة الطرد المركزية من الجيل الأول». وبالمناسبة، فإنهم في أصفهان ينتجون ألـUH6ـ وهي المادة الخام لليورانيوم المعد للتخصيب.
كما أن لإيران مفاعلاً نووياً في بوشهر، لكن الرأي المقبول في الغرب هو أنها منشأة معدة لأغراض مدنية فقط ولا تشكل أية غاية عسكرية. ولدى الإيرانيين أيضا عشرات المواقع النووية الصغيرة المعروفة أكثر أو أقل وأيضا مختبر أبحاث نووية في طهران. ومن الجائز أن قصف هذا المختبر سيؤدي إلى تسرب إشعاعات تلحق الأذى بملايين السكان، ولذلك من المشكوك فيه أن بالإمكان مهاجمته. ويشدد الدكتور أوفق على أنه مثل فوردو، فإن منشأة نتانز موجودة في أعماق الأرض.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل لإسرائيل أبدا القدرة على مهاجمة منشآت تحت أرضية؟ وفق منورات الصحافة الأجنبية، تسلح سلاح الجو بسبع شاحنات وقود هي طائرات بوينغ تم تحويلها ويمكنها أن تسمح لعشرات الطائرات الإسرائيلية بالوصول إلى إيران (وبداهة العودة منها). كذلك لسلاح الجو طائرات غير مأهولة وطائرات استخبارات يمكنها أن توفر استخبارات في زمن حقيقي وتواصل دائم. وماذا بشأن الذخائر؟ نشر العام 2010 أن الولايات المتحدة زودت إسرائيل (تحديدا في عهد باراك أوباما) بقنابل مخترقة الملاجئ. ويمكن الافتراض أن إسرائيل تنتج بنفسها قنابل مخترقة، ولكن حتى إذا صح ذلك، فإن هذه ليست بحجم القنابل التي يمتلكها الأميركيون على قاذفاتهم الثقيلة. وقدرة اختراقها على ما يبدو مقصورة على طبقة باطون بأمتار معدودة.
ولدى سلاح الجو تشكيلة واسعة من القنابل الذكية الأخرى، مثل قنبلة «سبايس» التي تصنعها شركة «رفائيل» والمعدة لأن تشخص على الأرض أهدافاً موضعية تمت تغذيتها بها سلفا على أساس مقارنة الصورة التي في «ذاكرة» القنبلة بالوضع على الأرض، وكذلك منظومات ,»JDAM» التي تنتجها شركة بوينغ والقادرة على قيادة كل قنبلة ذكية نحو هدفها على أساس نظام جي بي إس. وبالمناسبة فإن أعتدة الحرب الالكترونية التي لدى سلاح الجو (معظمها من إنتاج أليسرا) يمكنها أن تسمح للطائرات بالتهرب من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ومن طائرات التأهب.
وطائرات الخط الأول الإسرائيلية التي ستنفذ الهجوم في سيناريو كهذا ستكون F15I وF16I. والطائرات الأولى من سلسلة الطائرات الحربية المستقبلية F35 ستدخل الخدمة الفعلية لسلاح الجو العام 2016. ولكن هل بوسع هذه الذخائر إلحاق الضرر بالمنشآت تحت الأرضية؟ يعتقد الخبراء أنه إذا كانت القنابل الذكية ستضر بفتحات المنشآت تحت الأرضية، وبالمقابل تهاجم المنشآت التي تزودها بالماء والكهرباء، فإن هذا سيلحق بها ضرراً كبيراً.
جواً
وبهذا الشكل أو ذاك، يمكن الافتراض أن كل عملية في إيران ستكون متزامنة ولن تقتصر على مهاجمة هدف واحد فقط. كما سيقيم سلاح الجو أيضا منظومة إنقاذ للطيارين تضم عشرات من طائرات الهيلوكبتر التي تحتاج إلى طائرات أخرى لتزويدها بالوقود (ومروحية يسعور يمكنها أن تزود بالوقود مروحيات أخرى كما أن طائرات «هيركوليس» يمكنها أن تزود يسعور بالوقود). ولدى الجيش الإسرائيلي ترسانة سلاح يمكنها أن «تجول» حتى لبضع دقائق فوق أي هدف وبعدها تهاجمه، مثل صواريخ «دليلة» (التي تنتجها الصناعات العسكرية) أو الطائرات من دون طيار «الانتحاريين» من إنتاج الصناعات العسكرية (المسماة «هاروف» و«هارفي»).
وتستخدم جيوش أخرى في العالم طائرات من دون طيار مسلحة مثل طائرة «بيردتور» الأميركية، التي نفذت عدداً لا يُحصى من الهجمات في العراق وأفغانستان.
بحراً
هل يمكن تنفيذ الهجوم من البحر؟ على ما يبدو نعم. سفن الصواريخ يمكنها أن تمر في قناة السويس وتطلق صواريخ لمدى عشرات الكيلومترات. ولكن هذا سيناريو ضعيف جدا إذ سيكون بالغ الصعوبة إخفاء سفينة إسرائيلية في مياه الخليج. وبالمقابل فإن غواصات «دولفين» يمكنها أن تشارك في كل سيناريوهات الهجوم على إيران. وبحسب منشورات في الخارج، فإنها مسلحة بصواريخ طوربيد بحر - بر بالغة الدقة. واليوم هناك ثلاث غواصات كهذه، وبعد سنة ستصل الرابعة.
براً
على ما يبدو هذا سيحدث أيضا: لقد أنشأ الجيش الإسرائيلي قبل عامين غرفة سيطرة على القوات الخاصة باسم «قيادة العمق». وهذه القيادة معدة للعب دور ما في سيناريوهات القتال الذي قد ينشب إثر الهجوم على إيران.
ويمكن للوحدات الخاصة مثل سييرت متكال، شلداغ والكوماندو البحري أن تشارك في سيناريوهات الهجوم المتزامن على إيران عبر غارات برية أيضا. ويمكن للقوات الوصول إلى إيران من البحر أو بطائرات (بعد عام سيمتلك سلاح الجو ست طائرات أولى من طراز V22 التي هي «نصف طائرة ونصف مروحية». ويمكن لهذه الطائرات نقل قوات مسافة مئات الكيلومترات وإنزالها في نقطة معينة بسرعة كبيرة. وحاليا يمكن نقل قوات مسافة أكثر من ألف كيلومتر، وهي المسافة إلى إيران، فقط بمروحيات يسعور أو طائرات هيركوليس).
على الشبكة
هذا ما حدث كما يبدو، وفق منشورات عالمية: إسرائيل أفلحت في تشويش المشروع النووي الإيراني عبر هجمات سايبر للدودة المعروفة باسم «ستوكسنت». وبحسب المنشور، فإنه تم إدخال الدودة إلى المنشآت النووية الإيرانية عبر ديسك بريء، ما أدى إلى دوران أجهزة الطرد بسرعة كبيرة قادت إلى تدميرها. وإلى أن اكتشف الإيرانيون الخلل كان الضرر قد وقع. وهذا التخريب، إذا كان قد حدث، انضم إلى سلسلة عمليات تخريب جرت على المعدات النووية في طريقها إلى إيران، تخريب قام به وفق التقديرات، الموساد الإسرائيلي. فهل بوسع إسرائيل تكرار هذا الإنجاز؟ هناك شك كبير.
إن كل هجوم سيقع لن يقاس بالضرر المباشر الذي سيلحقه بالمشروع النووي الإيراني. والسؤال سيكون: هل بالوسع منع إيران من إصلاح هذا الضرر على مدى زمني أطول. كما أن مهاجمة مفاعل «أوزيراك» العراقي واجهت معارضة شديدة، ورئيس شعبة الاستخبارات في حينه اعترض وصولا إلى أنه تم إخفاء الأمر عنه حتى لا يعمل على تشويش العملية.
إن أحد المخاوف في حينه كانت أن يرمم العراقيون الأضرار خلال 4-5 سنوات. وكما هو معلوم الهجوم وقع في نهاية المطاف رغم المعارضة الشديدة من جانب قسم من قيادة الجيش (قائد سلاح الجو في حينه الجنرال دافيد عبري ورئيس الأركان رفائيل إيتان كانا بين أشد المحرضين على الهجوم)، ولم يصلح العراقيون الضرر أبدا. ولسخرية الأقدار فإن الفرنسيين هم من أصروا في حينه على تزويد العراق بمفاعل «أوزيراك» وحاليا هم المعقل الأخير في خط الدفاع السياسي ضد المشروع النووي الإيراني.
ولكن هل بوسع إسرائبل أن تحلم بنجاح كبير كهذا أيضا إذا قررت مهاجمة المنشآت النووية الكثيرة في إيران، كما في القصة العراقية أو مهاجمة سوريا؟ لا يبدو الأمر كذلك. الظروف مختلفة جدا، ولم نتحدث بعد عن الردع العسكري الإيراني الذي سيأتي بالضرورة، أيضا من لبنان.
0 comments: