Tuesday, November 26, 2013

هل حقا كان اتفاق جنيف "خطأ تاريخي"

هل حقا كان اتفاق جنيف "خطأ تاريخي"


بقلم: افرايم كام
لم تفاجئنا أحداث نهاية الاسبوع في جنيف. إن الاتفاق الذري قد وقع عليه حقا بعد مفاوضات قصيرة نسبيا، لأن الطرفين، ايران والغرب، أراداه جدا. وتعرض الادارة الامريكية الاتفاق على أنه انجاز مهم في الطريق الى حل القضية الذرية، وتعرضه ايران كذلك ايضا باعتبار أنه لم يوجب عليها تنازلات مهمة. وعلى جانب المسرح توجد اسرائيل والسعودية اللتان تنتقدان الاتفاق بعبارات شديدة بأنه ‘خطأ تاريخي’.
يجب أن نؤكد أن الوثيقة التي وقع عليها هي اتفاق مرحلي لنصف سنة، يرمي الى وقف البرنامج الذري الايراني بل الى إعادته الى الخلف في بعض مركباته مقابل تخفيف العقوبات. وتُرك المعنى الرئيس للاتفاق النهائي الذي سيُبحث فيه في الاشهر القريبة والذي ستكون غايته إعادة جميع مركبات البرنامج الذري الى الخلف. ولهذا السبب ينبغي عدم الحكم على الاتفاق الحالي باعتباره المشهد العام، وينبغي أن نراه في تناسب متوازن، ففيه نقائص ملحوظة بيد أنه يُفترض أن تعالج في الاتفاق النهائي اذا وقع عليه. والى ذلك فان تفصيلات الاتفاق الذي وقع عليه أكثر ايجابية بصورة نسبية بالنسبة لاسرائيل من تلك التي نشرت في بداية المحادثات، ويبدو أن ذلك بسبب إصرار فرنسا على التشدد في الاتفاق وانتقاد اسرائيل له.
تكمن ميزة الاتفاق الحالي الرئيسة في أنه اذا نُفذ فانه يستطيع أن يوقف البرنامج الذري الايراني في وضعه الحالي، بل قد يخفضه الى مرحلة أدنى. وسيتم وقف البرنامج في عدد من العناصر المركزية: أ. وقف تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 بالمئة الذي يُقربها من انتاج مادة انشطارية، وتحييد كل المخزون بهذه الدرجة بواسطة مضاءلته أو تحويله الى مادة لا تلائم تخصيبا آخر؛ ب. تجميد مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 بالمئة وعدم تركيب اجهزة طرد مركزي اخرى ومنها اجهزة من الطراز المتقدم، ومضاءلة عدد اجهزة الطرد المركزي الفاعلة الى النصف في المنشأة في نتناز والى الربع في المنشأة في فوردو، وعدم بناء منشآت تخصيب اخرى ايضا؛ ج. عدم الدفع قدما بالنشاط في المنشأة في أراك التي يفترض أن تنتج البلوتونيوم ويشمل ذلك عدم بناء منشأة تكرير لا يمكن من غيرها فصل البلوتونيوم؛ د. زيادة الرقابة على المواقع الذرية. ومقابل هذه التنازلات ستُسقط عقوبات ما مفروضة على ايران تبلغ كلفتها 7 مليارات دولار.
بيد أن للاتفاق نقائص كبيرة ايضا. أولا، لما كان مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 بالمئة سيبقى موجودا فان ايران ستستمر على الحفاظ على خيار الانطلاق نحو السلاح الذري اذا استقر رأيها على ذلك، وقد أصبحت اليوم قادرة على الوصول الى هذا السلاح في خلال اشهر. والاتفاق ايضا يمنح ايران اعترافا بحقها بالفعل في تخصيب اليورانيوم بخلاف قرار مجلس الأمن وهذا ما تقوله ايران. وثانيا، لا يُبين الاتفاق الحالي ماذا سيحدث اذا لم يُحرز الاتفاق النهائي وهل تبقى الاتفاقات التي أُحرزت سارية المفعول. وثالثا، صحيح أن الرقابة على المنشآت الذرية ستقوى لكن بقيت فيها ثقوب ملحوظة. فلا يوجد في الاتفاق التزام زيارات مفاجئة للمواقع أو رقابة منظمة على الموقع في بارتشين، الذي يُشك في أنه يُستعمل للتجارب على سلاح ذري، ولم تُجز ايران الوثيقة المسماة ‘البروتوكول الاضافي’ الذي يحدد تشديد الرقابة على المواقع.
ويوجد تأثيران سلبيان مهمان آخران. الاول هو أن العقوبات المؤلمة الرئيسة يفترض أن تبقى على حالها، لكن ليس واضحا أيكون تعليق العقوبات الثانوية أهم مما خُطط له وهل يفضي الى تشديد الموقف الايراني بعد ذلك، أو يكون من الممكن فرضها مرة اخرى اذا تراجعت ايران عن التزاماتها. والثاني أن توقيع الاتفاق يُسقط الخيار العسكري الامريكي والاسرائيلي ايضا في شبه يقين اللذين يضغطان على ايران إلا اذا نكثت هذه الاتفاق بصورة سافرة.
والسؤال المركزي هو هل يعبر الاتفاق عن تنازل ايران عن طموحها الى وجود قدرة على انتاج سلاح ذري في وقت قصير؟ من شبه المؤكد أن جواب ذلك لا: فالبرنامج الذري الايراني موجود منذ 26 سنة ودفعت ايران عنه ثمنا باهظا من التكاليف والعقوبات وشبه عزلة في الساحة الدولية. ولم تدفع ايران هذا الثمن لتتخلى الآن عن المشروع الذي يقوم في مركز طموحاتها الاستراتيجية. فاذا كان هذا الفرض صحيحا فستستمر ايران في فعل ما تعرف فعله جيدا وهو التهرب والخداع والاخفاء.
 
 اسرائيل اليوم
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: