الحاجة إلى التسرع في المفاوضات مع إيران
30 تشرين الأول/أكتوبر 2013
في الثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر، بدأت في فيينا جولة من المحادثات بين خبراء من مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) ونظرائهم الإيرانيين تستمر لمدة يومين، يناقشون خلالها القضايا التقنية المتعلقة ببرنامج طهران النووي والعقوبات الدولية. وسيساعد الاجتماع على تمهيد الطريق للجولة القادمة من المفاوضات الدبلوماسية، المقرر إجراؤها في جنيف في 07-08 تشرين الثاني/نوفمبر.
وكانت التوقعات عن حدوث تقدم في المباحثات قد تعززت في وقت سابق من هذا الأسبوع من خلال التعليقات التي نُشرت عن إجراء محادثات منفصلة بين إيران و «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ففي بيان مشترك نادر وصف الجانبان المحادثات بأنها "مثمرة للغاية" - وهو انحراف عن الاجتماعات الأحد عشر السابقة التي عُقدت في السنوات الأخيرة، والتي فشلت في إحراز تقدم في المباحثات المتعلقة ببرنامج إيران النووي لحل "أبعاده العسكرية المحتملة" حسب تعريف «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأشار البيان أيضاً إلى أنه قد تم وضع الوثيقة التي نوقشت في الاجتماعات السابقة جانباً بينما يتم اتباع نهج جديد [في الوقت الحالي].
وعلى الرغم من أن مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» قد اتفقت مع طهران على إبقاء محتويات مفاوضاتهما سرية، إلا أن الهدف العام للمحادثات هو الحد من قدرة ايران على تخصيب اليورانيوم وأنشطة معينة نووية أخرى في مقابل إعفائها من العقوبات التي تخنق اقتصاد البلاد. وتشمل العقبات الرئيسية التحقق من صدقية أي تنازلات تقدمها إيران، وما ينتج عنها من تسلسل أي تخفيض في العقوبات.
وعلى الرغم من التصريحات العلنية التي توحي بإحراز تقدم، إلا أنه يبدو أن التحسن الفعلي قد اقتصر حتى الآن على الأجواء. وسوف يتطلب إحراز المزيد من التقدم قيام طهران بتقديم تنازلات، تلك التي كانت بعض الشخصيات السياسية الإيرانية قد قررت - علناً على الأقل - بأنها غير قابلة للتفاوض. إن الكف عن إنتاج اليورانيوم المخصب ووقف تركيب عدد أكبر من أجهزة الطرد المركزي سيعدّان مؤشراً أولياً هاماً عن حسن النية. وبنفس القدر من الأهمية سيكون تغيير الموقف نحو التحقق والتثبت، بما في ذلك التنفيذ الفوري والكامل لجميع أحكام "البروتوكول الاضافي لاتفاقية الضمانات الشاملة مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»"، والتي وافقت إيران عليه عام 2003. ويسير هذا جنباً إلى جنب مع التحقق من الأسئلة ذات الصلة بالأغراض العسكرية التي أثارتها «الوكالة الدولية» منذ عام 2004، فضلاً عن المخاوف بشأن مفاعل IR -40 ذو القدرة على إنتاج البلوتونيوم الذي يعمل بالماء الثقيل في آراك، والذي يقترب باطراد من أداء المهمات المناطة به.
ويبدو أن إدارة أوباما تتوق لنجاح المفاوضات، على الرغم من أنها قد ذكرت أيضاً أن لا صفقة أفضل من صفقة سيئة. وإذا انهارت المحادثات، فمن المرجح أن يبدأ التصدع في الدعم الدولي لفرض عقوبات وانهيار هذا الدعم في النهاية، الأمر الذي سيحد من نفوذ الولايات المتحدة. ويراقب العالم مجرى التطورات، لا سيما حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا، فضلاً عن أصدقائها في المنطقة مثل إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وفي الأسبوع الماضي، أشارت الرياض إلى خيبة أملها من واشنطن لافتقارها للعزيمة في سوريا وموقفها التصالحي الواضح تجاه إيران.
يبدو أن واشنطن تعتقد أن الوقت يعمل في صالحها، بينما ما تزال هناك إمكانية لعكس التقدم النووي الإيراني. بيد إن ذلك موضع نقاش من الناحية الفنية. كما أن منح أي تنازلات لإيران، مثل السماح لها بتخصيب اليورانيوم أساساً، سيؤدي إلى قيام الدول الأخرى التي سبق وأن حُرمت من تلك الحقوق بالمطالبة بها قريباً. وفي الواقع، إن مكافأة إيران بهذه الطريقة لعدم امتثالها بالتزامات منع الانتشار النووي ستبدو خطوة تسامحية.
ويشعر الكثيرون في الشرق الأوسط بالقلق من أن تقدم ايران يضعها على أعتاب قوة نووية بحكم الأمر الواقع. وبينما يصبح التصور حقيقة واقعة، يسطع نجم طهران كدولة إقليمية مهيمنة، وسوف يُنظر إلى توقيع اتفاق مع الغرب بمثابة تأكيد من قبل واشنطن على المكانة المرموقة التي اكتسبتها إيران. ومن ثم فحتى في هذه المرحلة الدقيقة، ستحتاج واشنطن إلى التفاوض على وجه السرعة، وتحقيق تقدم ملموس يؤدي إلى ردع إيران ويخفف من مخاوف حلفاء الولايات المتحدة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. أولي هاينونين هو زميل أقدم في مركز بيلفر في كلية كينيدي في جامعة هارفارد ونائب المدير العام السابق للضمانات في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
0 comments: