«إمـارة المخيّمات».. هيّـا نضرب حزب الله!
خـاص: بقلم عبدالله قمح
تتفاقم المشاكل الأمنية في مخيمات لبنان، خصوصاً مخيمات منطقة بيروت التي أصبحت بوصلة التكفيريين الذين ينظرون إليها على أنها مرتعاً لتنفيذ أجنداتهم، مستغلين بذلك فقر البعض من السكان الذين يفتقدون لأبسط مقومات العيش الكريم، في ظل دولة لا تعترف بحقوقهم.
المشاكل الأمنية هذه ليست وليدة اليوم، بل هي وليدة الفترة الماضية، وما جرى في مخيم نهر البارد في طرابلس من سيطرة لتنظيم تكفيري تابع للقاعدة عليه وإتخاذه حلقة لمحاربة الجيش اللبناني دليل. من يومها تحديداً بدأت الأنظار تتوجّه للمخيمات، تحديداً مخيم “عين الحلوة” الذي تحوّل لبؤرة لتيّارات سلفيّة متشدّدة في الأعوام الماضية، تنفجر بين الحين والاخر إشتباكات بينهم وبين التنظيمات الفلسطينية المعروفة. علمات الخطر بدأت تتحسّسها الدولة اللبنانية التي تعمل بالتنسيق مع القوى الفلسطينية على وضع حلول لها.
في الفترة الاخيرة ومع تناوي ظاهرة التفجيرات والارهاب المتنقل في لبنان عادت المخيمات لتحتل الصفحات الاولى من نشاط التكفيريين. أول الغيث ظهر بعد تفجير الرويس الارهابي، حيث تناولت تقارير أمنية عديدة بأن السيارة المفخخة التي إستهدفت المنطقة وأحدثت الجريمة التي حصلت، قد إنطلقت من “مخيم” محاذي للضاحية الجنوبية، لتضع بناءً على ما تم “مخيمات الضاحية” في دائرة الشبهة ودائرة النشاط التكفيري لتنظيمات القاعدة. الغيث الثاني في تفجير السفارة الإيرانية ظهر أيضاً، حيث قيل عبر الأجهزة الأمنية انّ السيارة ايضاً خرجت من أحد الحاذية للضاحية، مـا وضع أكثر من علامة إستفهام. كل هذا يتردّد وسط معلومات أمنية يتم تداولها إعلامياً، ومن خلف الستار عن نشاط مرتفع للتنظيمات الإرهابية التابعة للقاعدة في هذه المخيمات، خصوصاً مخيمات الضاحية الجنوبية لبيروت.
«مخيّم شاتيلا» والحِراك السلفي:
مخيم شاتيلا يحتل أولويّة في دائرة الإتهام التي تصل إلى مخيم برج البراجنة أيضاً، تقول معلومات “الحدث نيوز” بأن مخيم شاتيلا يحتوي نشاطاً لافتاً للتنظيمات السلفية الجهاديّة التي تتخذ من فكر القاعدة نهجاً. تبني هذه المراجع معلوماتها على الإتصال الجغرافي بين المخيم، وبين منطقة “طريق الجديدة” التي باتت تعج بالتنظيمات المتطرّفة وبين بيئة خاصنة إسلاميّة موجودة في المخيّم. تقول هذه المراجع بأن مجموعات سلفية متعدّدة ناشطة منها فلسطيني، ومنها لبناني، وتذهب للقول بأن هُناك أجانب أيضاً، من مصريين وسودانيين وحتى “خلجان” لكنها (أي التنظيمات) لا تظهر بشكل علني كتنظيمات منظّمة كما هو الحال في مخيم عين الحلوة مثلاً، بل تُفضل ان تبقى متخفّية بسبب وضع المخيم المتصل بـ “بيئة شيعية” كما يعتبرون، لكنهم فردياً ظاهرون من خلال مشارتكهم في المساجد، أو عبر الدروس الدينية التي يعطونها أن عبر بعض المساجد القريبة من توجهاتهم، أو في منازل بالمخيم، وفي أسوأ الأحوال يتم تدريسها عبر بعض مساجد طريق “الجديدة”.
معلوماتنا تُشير إلى وجود هيكليّة تنظيم سلفي سرّي موجود في “شاتيلا”، يُطلق على نفسه “أنصـار الله”، هو مُغاير عن أنصار الله الفلسطينية القريبة من حزب الله، تنظيم متطرّف يقوده أحد المشايخ السلفيون الصاعدون، ربما يدعى “ابـا عزّام”. يُقال انّ أبا عزاّم هذا مسؤول عن إيواء بعض السلفيين الفارين من وجه الجيش اللبناني في منطقة “قصقص”، والذين لاحقهم الجيش مؤخراً بعد ان حاولوا الإعتداء عليه. تضيف المعلومات أيضاً بأن التكفيريون الذين يحاولون النيل من حزب الله في الضاحية يجيدون في بعض الأماكن في المخيم “بيئة” لهم، نظراً لوجود الحالة السلفية لدى البعض فيه. يحاول هؤلاء الإستفادة من هذه الحالة التي يُقال أنها مدعومة من بعض السفارات التي تريد البطش بحزب الله، وأيضاً مدعومة من قبل بعض الأجهزة الأمنية التي لديها حسابات تُريد تصفيتها مع “الحزب”. كل ذلك يأتي ويتغذّى على المشاكل الأقليميّة، خصوصاً سوريا. يقول بعض مراجعنا بأن “مخيم شاتيلا” (ليس كلّه) بات يُعد مشروعاً لشبه إمارة سلفية تكفيرية، يعمل على أخراجها على النحو الذي أخرج فيه مخيم “اليرموك” في دمشق، حيث يسعى البعض لتعميم الحالة السلفية ودعمها وإتخاذها منطلقاً من صدر الضاحية الجنوبية لضرب حزب الله الموجود على مقربة منها. يستغل هؤلاء أيضاً إتصال هذه المخيم بالمخيّم الأخر وهو “صبرا” هذه المنطقة المرتبطة أصلاً بالضاحية الجنوبية لجهة حي “فرحات”، و منطقة “الرحاب” التي تصل إلى الضاحية وقلبها، فإذن يُتخذ المخيم معبراً أمنياً إستراتيجياً من طريق الجديد، مروراً بشاتيلاً وصولاً لصبرا وعبره إلى داخل الضاحية.
«مخيّم برج البراجنة» مضبوط
في المقلب الاخر مخيّم آخر على أطراف الضاحية، مخيّم برج البراجنة الذي شهد نشوء اوّل حالة سلفيّة قاتلت الجيش اللبناني وهي فتح الإسلام التي إنشقت عن تنظيم “فتح – الإنتفاضة” في مخيم “البرج”، والتي يومها إتخذت من مبنى “صامد” المواجه لطرق المطار قاعدة لها، ما لبثت أن طُردت منه بعد أن طوّقت عسكرياً من قبل مجموعات “الإنتفاضة” والتي أخرجتها من المخيم كلّه في صفقة فلسطينية داخلية إطلع عليها حزب الله، وتم نقل هؤلاء إلى مخيم نهر البارد في الشمال حيث وقعت الواقعة مع الجيش.
من يومها لم تعد تقوم لهم قائمة علنيّة. حديثاً، تفيد معلومات “الحدث نيوز” عن حالة سلفيّة متطرّفة موجودة في “البرج” لكنّها حالة سرّية جداً، غير ظاهرة للعيان، لا وجود رسمي أو تنظيمي او ظاهر لها، ذلك بسبّب الخصوصية الأمنيّة للمخيم. لا نشاطات لها أبداً، ولا ظهوراً واضحاً لأنصارها في المساجد، بل فقط أشخاص ملتحون يظهرون بين المارة، أولئك لا يمكن الحُكم عليهم كما يقول “أبو محمد”، وهو ناشط في تنظيم “فتح الإتفاضة”. يقول أيضاً بأن “الحالة مضبوطة هنا، ممنوع التحرّك، هم مراقبون، نحن لا نريد مشاكل مع الجوار، حاولنا سابقاً قطع دابر أي مشكلة ومستعدون لتكرارها ثانية (يشير إلى تحرّكهم بوجه فتح الإسلام).
لا يخفي “أبو محمد” ان يكون هُناك نشاط للتكفيريين في “البرج”، يقول بأنه نشاط سرّي إن وجد لكنه لا يرتقي لأن يكون نشاطاً عسكرياً كالذي حصل في “نهر البارد”، او كالذي يُحكى عنه في “شاتيلا” أو الموجود في “عين الحلوة”. “البيئة مُغايرة هنا”، يشير بأصبعه. هُنا الجميع يتقبّل الجوار، لدينا علاقات طيّبة مع الأهالي المحاذين لنا، ولدينا أيضاً مصالح إقتصاديّة، أهل المخيّم بأغلبهم مؤيدون لحزب الله. يستشهد بالحادثة الأخيرة التي حصلت آخيراً والتي قام عنصر بحزب الله بإطلاق النار على شاب على حاج كان موجوداً قرب المخيمن يومها خرج أهله يقولون “يحيا حزب الله”، ما يُشير إلى قربهم من الحزب. “لا نستطيع دفن أنفسنا أحياء بحال كنّا على عداء مع الشقيق المحاذي لنا”. يختصير كلامه بالقول “لا نريد تكرار سيناريو حرب المخيّمات”، هي ليست من مصلحة أحد. يطمئن ببسمة لطيفة “لا حالة سلفية تكفيرية خطرة هُنا، إن وجدوا فهم نفرّ لا حول لهم ولا قوة، فليلتزموا المساجد وكل شيء طبيعي”، رغم أنه لا يخفي سعي البعض من خارج المخيم لتعميم ثقافة “ضرب حزب الله”، كما أنه لا يتقبّل مقولة “إمارة مخيم البرج”، “لا إمارة هنُا يا صديقي، هُنا كلّنا حزب الله”.. عبارة “هيّا نضرب حزب الله” لا تمّر في البرج.
على الرغم من كل هذا تبقى القوى الأمنية مستيقظة لعدم حصول أي خرق أمني في المخيم يُخطّط له البعض، ولعدم تحويل المخيم لخاصرة رخوة للضاحية. هُنل جميع التنظيمات الفلسطينية متعاونة مع الحزب والأجهزة الأمنية، تُراقب الحالة السلفية إن وجدت، وتضع الضوابط.. لعدم ضرب حزب الله، من المخيّم.
0 comments: