شـولـتـز ضّـلـل وأخـطــأ..
Fri, 02/14/2014 -
بقلم: بن – درور يميني
إذا كنا نرغب في أن نعرف اين وصلت صناعة الاكاذيب يجدر بنا أن نقرأ بعناية الاجزاء المثيرة للغيظ في خطاب رئيس البرلمان الاوروبي، مارتن شولتس، في الكنيست، أول من أمس.
المشوق هو أن الحديث يدور عن شخص ايجابي. خطابه كان نزيها. وهو لا ينتمي الى الاعداء. يرغب في ازدهار ورفاه دولة اسرائيل. ويتألم لما فعله النازيون باليهود. وهو ينتمي الى معارضي مقاطعة إسرائيل. وقد كرر مواقفه هذه المرة تلو الاخرى.
وهنا الامر. حتى الأناس الطيبون مثل شولتس يقعون في الفخ. ولان الاتحاد الاوروبي، بعظمته، يقدم تمويلا لسلسلة من الهيئات التي ترفع المواد لذات الاتحاد، والاستنتاج منها واحد: إسرائيل تنفذ مساً لا يتوقف بحقوق الإنسان، في افضل الاحوال، او جرائم خطيرة، في أسوئها.
شولتس لا يمكنه ولا يحق له ان يتجاهل التقارير التي يدفع الاتحاد الاوروبي المال من اجل انتاجها. وهو لا يعرف، او يرفض ان يعرف، بأن هذه الهيئات تتشكل بشكل عام من رجال يسار متطرفين، هم في واقع الامر يمين فلسطيني قومي يعارضون مجرد وجود دولة اسرائيل. وهم يفعلون كل شيء، بما في ذلك الاخطاء، التلاعبات، والاكاذيب، ليقولوا ان اسرائيل تمس بشكل خطير بالفلسطينيين. منظمة NGO كشفت النقاب عن حقيقة أنه في موضوع المياه فقط يوجد ائتلاف من المنظمات EWASH تحصل على مئات آلاف اليوروهات في السنة. لنأخذ، مثلا، موضوع المياه. وبالفعل ها هي الحقائق: عندما بدأت السيطرة الاسرائيلية على "المناطق"، في العام 1967، كانت أربع بلدات فقط من اصل 700 مربوطة بالمياه. وحسنت الادارة المدنية البنى التحتية. وارتفع استهلاك المياه الى ما هو اكثر بكثير من النمو السكاني. ويبحث الموضوع بشكل دقيق ومفصل في اطار اتفاقات أوسلو. والطرفان موقعان. في العام 2004 كانت ترتبط بشبكة المياه 643 بلدة من اصل 708. يسكن فيها 97 في المئة من السكان الفلسطينيين.
بقدر ما يدور الحديث عن المياه الصالحة، في العام 1967 استهلك الفلسطينيون 93 مترا مكعبا في السنة للفرد. مقابل 503 مترات مكعبة استهلكها الاسرائيلي. حتى 2006 ارتفع الفلسطينيون الى 129 والاسرائيليون انخفضوا الى 170 (توجد معطيات مختلفة بالنسبة لاستهلاك المياه للفرد لدى الفلسطينيين عقب الخلاف بين الديمغرافيين على العدد الحقيقي للفلسطينيين في "المناطق"). يستهلك الاسرائيليون اكثر بكثير، ولكنهم تركوا المياه الصالحة اكثر فأكثر للفلسطينيين وازداد الاستهلاك الاسرائيلي بفضل منشآت التحلية.
وبهذا المفهوم، فان المقارنات التي تعرضها منظمات مختلفة هي تضليل واسع. وذلك ايضا لانه برعاية اسرائيل طرأ تحسن دراماتيكي في البنى التحتية الى جانب ارتفاع في استهلاك المياه في اوساط الفلسطينيين، وكذلك لان المقارنة بين اسرائيل والفلسطينيين هي كالمقارنة بين الاستهلاك في بلجيكيا والاستهلاك في مصر. ولا بد ان هناك فوارق، ولكن هذه لا تنبع من أن اسرائيل تستغل المياه الصالحة. فالوضع معاكس تماما.
في كل الاحوال، اسرائيل تلتزم بكل شروط الاتفاق المرحلي بل حتى ما يتجاوز الاتفاق. المشاكل الموجودة، بقدر ما هي موجودة، تنبع من الاداء العليل للسلطة ومن حفريات المياه التي تنفذ خلافاً للاتفاق. ولكن التقارير التي تنقلها بعض المنظمات تشوه المعطيات. وهذا التشويه هو مجال اختصاصها.
هكذا ايضا بالنسبة للحصار على غزة. هنا شولتس كان يفترض ان يعرف المادة على نحو افضل بكثير. وذلك لانه عندما انتخبت "حماس" في الانتخابات الحرة الاخيرة في السلطة الفلسطينية، كانت الرباعية، التي الاتحاد الاوروبي هو واحد من اربعة عناصرها، اضافة الى روسيا، الولايات المتحدة والامم المتحدة – هي التي وضعت الشروط على "حماس" لغرض مواصلة نقل الأموال.
وتضمنت هذه الشروط وقف العنف والاعتراف بالاتفاقات القائمة. ولكن "حماس" ليست فقط وجهت الاصبع الوسطى نحو الرباعية بل نفذت انقلابا عنيفا في قطاع غزة وصعدت "ارهاب" الصواريخ ضد السكان المدنيين. اذاً، ما الذي يريده الاتحاد بالضبط؟ أن تتصرف اسرائيل بشكل مختلف تماما عن الرباعية؟ هل ينبغي لإسرائيل أن تكافئ "حماس" و"الجهاد" حسب الصواريخ؟
هنا ايضا، بالطبع، تدخل في عمل "منظمات حقوق الانسان" التي يمولها الاتحاد. وهي تعرض معاناة الفلسطينيين وجرائم الاسرائيليين الذين يرفضون نقل الاسمنت المعروفة مسبقا وجهة استخدامه بالضبط. تماما ليس على ما يرام. وليس واضحا اذا كان يوجد حصار مبرر في العالم، ولكن اذا كان يوجد مثل هذا الامر، فان الحصار ضد حكم لاسامي، يستغل القوة التي لديه فقط كي ينمي الكراهية والتحريض ويصعد "الارهاب" – فانه الاكثر تبريرا على وجه الارض. شولتس ليس عدوا. فقد ضلل وأخطأ. وبدلا من الهجوم عليه كان ينبغي استغلال الفرصة لايقافه عند اخطائه. ولا يزال الوقت ليس متأخرا. فلدى الكنيست ووزارة الخارجية السبيل لان تعرض على الضيف المحترم المعطيات الحقيقية. وهذه هي الفرصة لمطالبة الاتحاد الاوروبي بوقف التمويل للجهات التي ما كانت لتحظى بتمويل مشابه لو كانت تعمل في اوروبا. وهيئات تحمل اسم "حقوق الانسان" هي جزء من حملة التشهير التي تعارض التسوية السلمية القائمة على اساس الدولتين للشعبين. في هذه الامور توجد لدى اسرائيل حجج ممتازة. حان الوقت لقولها، وحان الوقت ايضا لمعرفة كيف وباي شكل تقال.
0 comments: