القوات اللبنانية" أعدّت الخطة "باء" للتحرّك...
الأربعاء 12 آذار 2014، س. البستاني - مقالات النشرة
على الرغم من كلّ ما يُشاع ويتردّد بشأن صفقة غير مُعلنة بين رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري بموضوع رئاسة الجمهوريّة، وما يُحكى عن مظلّة إقليمية ودولية للإتفاق القاضي بتسلّم كل من عون والحريري أعلى سلطتين يسمح بهما الدستور اللبناني لكل منهما، تؤكّد المَعلومات والمُعطيات المُتوفّرة لدى أكثر من جهة داخل قوى "14 آذار" أنّ كل ما يُقال في هذا الصدد غير صحيح. وتستند هذه الجهات بانطباعها إلى التالي:
أوّلاً: غياب أيّ تقارب فعلي بين القوى الإقليميّة المُؤثّرة على الساحة اللبنانية، أي سوريا وإيران من جهة والسعودية ومصر من جهة أخرى، وغياب أيّ مظلّة دوليّة ملموسة لأيّ توافق داخلي فعلي، في ظلّ تصاعد الصراع بين واشنطن وموسكو وعودة أجواء "الحرب الباردة" إلى أكثر من ملفّ. وكل التصاريح الغربيّة التي تدعو إلى إنتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري، وإلى التوافق على رئيس بين اللبنانيّين، إلخ. لا تَخرج عن الدعوات التقليديّة ذات الطابع الدبلوماسي والتي إعتاد عليها لبنان واللبنانيّون عند كل إستحقاق دستوري، من دون أن تحول دون حصول فراغ دستوري بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود، ولا دون إرجاء الإنتخابات النيابيّة، على سبيل المثال لا الحصر. وبالنسبة إلى من يُعوّل على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الشرق الأوسط بعد نحو أسبوع فهي تتمحور حول قضيّة المفاوضات الفلسطينيّة-الإسرائيلية، وأمن إسرائيل، ودور الأردن في محاولات التوصّل إلى تسوية، ولا علاقة لها بإنتخابات الرئاسة اللبنانية، وبالتالي لا ورقة تحمل إسم رئيس جمهورية لبنان المقبل في جيب أوباما كما يَتوهّم البعض.
ثانياً: لم يَصدر عن العماد ميشال عون أيّ تغييّر في المواقف من القضايا الرئيسة، فلا هو أعلن ضرورة إنسحاب مقاتلي "حزب الله" من سوريا، ولا غيّر موقفه من سلاح "الحزب" بالمُطلق أو أبدى إستعداده لمراجعة بعض بنود "ورقة التفاهم"، ولا تراجع عن كل الإتهامات بالفساد وسرقة المال العام بحقّ مسؤولي "المستقبل" الذين تبوّأوا مراكز رسمية، ولا بدّل قناعاته بشأن طبيعة المواجهة في سوريا وموقع النظام فيها، ولا أبدى تفهّمه لطبيعة التغييرات الديمغرافية والسياسيّة الداخلية التي إستوجبت نقل جزء من سلطات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مُجتمعاً بحسب بنود "إتفاق الطائف"، إلخ. وبالتالي، لم يفهم أحد ماذا سينال الحريري في مقابل إستكمال تأمين النصاب القانوني لجلسة إنتخاب "الجنرال" رئيساً، فلعبة التوازنات الداخلية كفيلة وحدها بفرضه رئيساً للحكومة، إن أراد ذلك، مثلما فرضت هذه التوازنات وصول تسعة وزراء -إن لم يكن أكثر- يدورون في فلك "14 آذار" في حكومة تمام سلام التي تضمّ أربعة وعشرين وزيراً، إن نالت الثقة أم تحوّلت إلى حكومة تصريف أعمال، لا فرق.
ثالثاً: إذا كان العماد عون قادراً على المحافظة على التقرّب من الحريري، بالتزامن مع المحافظة على علاقته الإستراتيجيّة مع "حزب الله"، عبر إنتقاء الكلام بدقّة واللعب على توازنات حبال المواقف والتصاريح، فإنّ الحريري لن يكون قادراً على الإحتفاظ بهيكليّة "14 آذار" إن هو إختار السير بتفاهم ثنائي مع عون، لا يحظى بمباركة مختلف القوى الحليفة له. فحزب "القوات اللبنانيّة" الذي إختار عدم المشاركة في حكومة سلام، بسبب رفضه منح الشرعيّة لسياسات "حزب الله" الداخليّة والخارجيّة، سيتحوّل فوراً إلى ضفّة المعارض الشرس ضد أيّ حُكم جديد قائم على تفاهمات لا تأخذ في الإعتبار المبادئ والشعارات التي قامت على أساسها حركة "14 آذار" منذ تسع سنوات حتى اليوم، والتي دفعت ثمنها دماء غالية من نخبة قادتها ومن المواطنين الأبرياء. وأكثر من ذلك، وضعت "القوات" الخطة "باء" للتحرّك بمجرّد حصول مثل هكذا تفاهم من تحت الطاولة، وتقضي بإعادة توحيد كل من سيرفض السير بهكذا إتفاق رئاسي ضمن هيكليّة سياديّة جديدة، بالتزامن مع التراجع عن معارضة مشروع "قانون اللقاء الأرثوذكسي" للإنتخابات النيابية، وهو موقف سبق لها أن إعتمدته حفاظاً على وحدة "14 آذار"، علماً أنّه يؤمّن لها زيادة كبيرة في عدد نوّابها من دون منّة أو مساعدة من أحد.
في الختام، وبحسب المعلومات المتوفّرة لشخصيّات من "14 آذار" و"القوات"، إن كل ما يُحكى عن صفقة رئاسية مُنجزة بين عون والحريري، يصبّ في خانة الشائعات، وضمن المُحاولات المُتكرّرة لإحداث شرخ جديد في هيكل "14 آذار". وتؤكّد أنّ الأمر مجرّد مناورات إعلامية، سيُقابل بمناورات إعلاميّة مُمَاثلة.
0 comments: