Monday, April 28, 2014

التقرير الاسبوعي لمراكز الابحاث الاميركية

انصب اهتمام مراكز الابحاث على زيارة الرئيس اوباما لبعض الدول الاسيوية، الى جانب متابعتها للاوضاع المتأزمة في اوكرانيا. لكن البعض وجد فسحة لتناول جملة من قضايا المنطقة، في سورية والعراق وافغانستان.

تفاقم الاوضاع والازمات العالمية رافقه رفع وتيرة التوتر داخل الولايات المتحدة بين قوى الأمن الفيدرالية وبعض المواطنين المسلحين على خلفية ملكية الدولة لمساحات شاسعة من الاراضي المشاع، في ولاية نيفادا تحديدا واعتاد اصحاب مزارع الماشية الاستفادة الموسمية منها. التوتر كاد ان يتطور الى مواجهة مسلحة بين الطرفين، وتم تداركه في اللحظات الاخيرة على ضوء توافد المزيد من المواطنين باسلحتهم الى نقطة تمركز قوى الأمن، للمساهمة في تحدي سلطة الدولة والدفاع عن حقهم باستخدام الاراضي العامة.

المواجهة الوشيكة تعيد الى الاذهان توقعات اكاديمي روسي اطلقها قبل بضعة اعوام يشير فيها الى ان الولايات المتحدة تقف على عتبة دخول حرب أهلية وربما الى التفكك. قسم التحليل سيعالج تلك المسألة من كافة جوانبها، واضعا نصب الاعين جذر المسألة حول ملكية الدولة الاتحادية لمساحات شاسعة من الاراضي في الشق الغربي من البلاد، سيما وانها تختزن ثروات طبيعية هائلة تستعد الدولة لطرح استثمارها من قبل القطاع الخاص.

ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

الصراع على ملكية الارض

تناول معهد كاتو المواجهة التي كادت ان تؤدي الى اشتباك بالاسلحة بين قوى الأمن الرسمية وانصار مربي البقر، كلايف بندي، في ولاية نيفادا. وناشد السلطات الاتحادية التوصل الى حل يستند الى "تحويل ملكية معظم الاراضي الحكومية في ولاية نيفادا الى سلطات الولاية .. اذ ان الساسة المقيمين في العاصمة واشنطن تنقصهم الدراية اللازمة لاتخاذ قرارات تخص استخدام الاراضي وما تتركه من تداعيات على نمط حياة المواطنين .."

سورية

نظم معهد واشنطن حلقة نقاشية تخص الازمة السورية استضاف فيها وزير الخارجية البريطانية السابق، ديفيد ميليباند، والسفير الاميركي السابق لدى سورية، روبرت فورد. ميليباند شدد بدوره على ان الازمة تحولت الى مأساة انسانية بامتياز "وفشل المجتمع الدولي بمعالجتها اسهم في تداخل خليط متفجر من العناصر في المنطقة فيه الديكتاتوريات القمعية، والانقسام الطائفي، وصراع القوى الاقليمية والدولية." واضاف ان "الطابع الطائفي لمجريات الحرب اضاع الفوارق الفاصلة بين المدنيين والمقاتلين، مما يرسي سابقة خطيرة محتملة."

العراق

في تناوله للازمة العراقية، ردد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية نظريته السابقة بأن "الاخطار الكبرى" التي يواجهها العراق هي "بفعل ذاتي تسبب به قادته السياسيون." وحمل رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية "الاخفاق في بلورة صيغة ديموقراطية مستتبة .. ولجوئه لتعزيز مراكز القوة مما دفع به الى المزيد من التسلط في الحكم." واضاف ان "الخيارات التي اعتمدها قادة العراق اسهمت في تجدد العنف الطائفي بين السنة والشيعة فاقمه تدفق المتطرفين الى اراضيه بسبب الحرب الاهلية في سورية."

حذر معهد كارنيغي من "تمدد الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة .. وانتهاج سياسة الاقصاء على امتداد الحقبة الحديثة للبلد." واضاف ان "تنامي الهجمات الارهابية ضد المدنيين الشيعة والعمليات التي تقوم بها قوى الأمن في المناطق السنية ادت الى تفاقم خطر اندلاع صراع طائفي يذكرنا بالحرب الأهلية عام 2006 - 2007."

انتشار خطر القاعدة

ناشد معهد المشروع الاميركي صناع القرار السياسي "اجراء مراجعة جادة للاستراتيجية القومية الاميركية لمحاربة القاعدة،" اذ اتسمت "بسوء تقدير قوة العدو واهدافه مما ادى الى تبنيها استراتيجية محورها مناهضة الارهاب، والتي لا تستطيع انزال الهزيمة بالقاعدة." واضاف ان الوسائل المتبعة في "مكافحة الارهاب وانهاك الخصم تلقى نجاحا اكبر في مواجهة مجموعات صغيرة والتي ليس بوسعها رفد صفوفها عبر عملية تجنيد واسعة .."

افغانستان

اعرب معهد الدراسات الحربية عن شكوكه بفعالية القوات الاميركية التي يطالب بها الرئيس اوباما للبقاء في افغانستان، اذ "التكهن بسد الحاجة لتواجد اقل من 5000 جندي سابق لاوانه قبل حسم نتائج الانتخابات." واضاف ان التوقعات تشير الى احتدام الصراع مجددا، بيد ان استراتيجية الادارة الاميركية "قائمة على سوء تقدير للموقف ولا تأخذ في الحسبان الصورة الحقيقية لتجدد العنف واستمرار مكامن التهديد في افغانستان."

حرب الإبادة" التركية-الأطلسية على سوريا:

كيم ارتور

http://www.globalresearch.ca

ان الرئيس الأميركي باراك أوباما واضحا عندما قال: "أي عمل عسكري على سوريا سيكون محدودا ويهدف إلى تخفيف قدرة النظام السوري على استخدام السلاح الكيماوي، وان الإدارة الأميركية ستعمل على إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة". (الولايات المتحدة...وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خطاب في وزارة الخارجية الأمريكية، 30 أغسطس 2013).

"المهم هو إضعاف النظام وإيصاله إلى نقطة أللا عودة وتكرار ما حصل في كوسوفو سابقا". ضربة الـ 24 ساعة لن تجدي". (رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، تصريحه في احتفالات يوم النصر، مقر الرئاسة كانكايا، أنقرة، 30 أغسطس 2013).

يوم 16 مارس، أي في الذكرى الثالثة للحرب السرية التي يقودها حلف شمال الأطلسي على سوريا، حقق الجيش السوري نصرا تاريخيا باسترجاعه بلدة يبرود قرب الحدود اللبنانية، وبعد 3 ساعات، شنت جبهة النصرة المدعومة من الناتو، تفجيرا في لبنان، وتباعا في 18 آذار قصفت القوات الإسرائيلية مواقع للجيش السوري في القنيطرة.

"وفي 21 آذار/مارس شن المرتزقة بمساعدة القوات التركية وحلف شمال الأطلسي هجوما ضخما على بلدة كسب الحدودية في محافظة اللاذقية". العدوان العسكري لم يسبق له مثيل وهو أوضح مؤشر على يأس هؤلاء في مواجهة التقدم المطرد والنصر الحاسم للجيش السوري.

الهجوم على كسب

أغلقت تركيا المنفذ الحدودي مع سوريا لدواع أمنية بعد أسبوعين على الهجوم الذي ضرب بلدة الريحانية التركية الحدودية، ومنعت السلطات التركية حركة العبور في منفذ "يايلاداغي" في محافظة "هاتاي" بجنوبي البلاد من الجانب السوري.

وفي ذلك الوقت، كانت "يايلاداغي" بوابة عبور على طول الحدود مع تركيا التي كانت تسيطر عليها الحكومة السورية، ونقطة العبور القانونية والآمنة للمدنيين.

وبفضل دعم تركيا للمرتزقة يشغل هؤلاء حاليا تسعة من أصل اثني عشر بوابة حدودية بين سوريا وتركيا.

في المراحل الأولى من الحرب السرية على سوريا، سهلت حكومة أردوغان الحركة للمرتزقة وقوات حلف شمال الأطلسي على مساحة 877 كيلومترا من الحدود التركية السورية. وعلى طول الحدود أزيلت الأسوار والحواجز الخرسانية وحسنت الطرق للسماح بمرور جميع أنواع المركبات، بما في ذلك تلك المحملة بالصواريخ.

كما أنها أزالت الألغام التي كانت مزروعة على الحدود، من "أجل تسهيل انتقال المرتزقة ومسؤولي الاستخبارات من تركيا ودول حلف شمال الأطلسي" إلى سوريا.

هذه الألغام زرعت بدعم من حلف الناتو بين الـ1957-1959، وبدأت إزالة الألغام في العام 2007، عندما طلبت تركيا مساعدة قوات الصيانة والدعم في الناتو (NAMSA) في 2009.

وفتحت تركيا مراكز قرب الحدود للمرتزقة من كوسوفو ودول أوروبية تحضيرا لشن هجوم على بلدة كسب ذات الأغلبية الأرمنية"، كما "نقلت أتراكا من عدة قرى قرب الحدود، -يايلاداغي، سامنداغ- من أجل توطين مرتزقة مكانهم. وقبل انطلاق الهجوم (في 21 آذار الماضي) انقطعت الكهرباء من أجل انتقال الآليات العسكرية إلى مقربة من الحدود".

ووفقا للسكان المحليين، شن حوالي 1500 مسلح بدعم من المدفعية التركية هجوما من خمس نقاط باتجاه سورية"، وقد اخذوا الأوامر مباشرة من قاعدة الناتو على جبل الأقرع وبدعم من القوات المسلحة التركية. واستخدم المرتزقة شاحنات صغيرة مزودة بأسلحة مضادة للطائرات ودبابات تابعة للقوات المسلحة التركية، ومركبات محملة بالأسلحة الثقيلة، ووضعوا عليها أعلامهم وآليات مليئة بالأسلحة مبينة إن الهجوم الأولي الذي انطلق من الجهة التركية شارك فيه عناصر ملثمون من القوات التركية الخاصة".

تركيا وفرت الحماية للمرتزقة عبر القصف الصاروخي والمدفعي، بالإضافة إلى الطوافات كما أنها اعترضت اتصالات القوات السورية.

"بعد أن استهدف الجيش التركي منطقة كسب سمع انفجار هائل في قاعدة للجيش السوري. فالانفجار حصل جراء إطلاق الجيش التركي النار على قواعد للجيش السوري [...] وقد رفعت جبهة النصرة أعلام تنظيم القاعدة على الدبابات العسكرية التركية بالقرب من كسب، كدليل على فرض سيطرتها على المنطقة".

الصاروخ أطلق عن بعد 15 كيلومترا، ووفقا لجنرال سوري يشارك في المعركة، فان القوات المسلحة التركية شاركت المرتزقة بالهجوم من على التلة الإستراتيجية "مرصد 45".

غالبية الإرهابيين الذين هاجموا كسب هم من الشيشان وألبانيا والسعودية ومن أصول تركية وفي اليوم الخامس من الهجوم على كسب نقل إرهابيون من ياديلاغي وإنطاكيا وعثمانية ومناطق تركية أخرى إلى ريف اللاذقية .

من ناحية أخرى، رفض حرس الحدود الأتراك إدخال المرتزقة الفارين من هجمات الجيش السوري وإجبارهم على مواصلة القتال.

وكان للمرتزقة مقر في مدينتي ياديلاغي، مخيم التنزو بمحافظة هاتاي التركية، أنطاكية، ريحانية، وغيرها من المناطق التي لا يزال يجري نشرها على الحدود التركية.

الجيش السوري ظل متماسكا على الرغم من انه لم يتوقع مثل هذا العدوان العسكري العلني، وظلت الحكومة السورية تتبع أقصى درجات ضبط النفس:

"بعثت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في 26 مارس رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لإدانة التورط التركي في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة التي هاجمت منطقة كسب من الاسكندرونة، ولإجبار الحكومة التركية على وقف عدوانها.

"وقد وجهت الحكومة السورية تنبيه للأمين العام للأمم المتحدة [بان كي مون] ورؤساء مجلس الأمن الدولي خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة التركية ضد أمن سوريا واستقرارها من خلال تنظيم، وتمويل واستضافة عشرات الآف الإرهابيين من مختلف الحركات التكفيرية وتسهيل دخولهم إلى الأراضي السورية ومنحهم قواعد خلفية على الأراضي التركية".

"بعد فشل محاولات النظام التركي في تقويض سوريا، شن الجيش التركي عدوانا صاروخيا على سوريا، وعلى منطقة كسب الحدودية شمال سوريا، والمناطق المحيطة بها استعملت فيه الدبابات والمدفعيات التركية".

وقالت الحكومة السورية إن المشاركة العسكرية العلنية للقوات المسلحة التركية مثلت تصعيدا خطيرا للحرب".

وقال السفير السوري إلى الأمم المتحدة بشار الجعفري للصحفيين خارج مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء 26 مارس أن "تركيا تسهل عمل الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة على الحدود الشمالية للبلاد، والنظام الإسرائيلي كان يفعل الشيء عينه على مرتفعات الجولان المحتلة".

وأضاف الجعفري: "كانت سوريا هدفا لعملية عسكرية مشتركة أجرتها الحكومة التركية والنظام الإسرائيلي وكذلك الجماعات الإرهابية العاملة معهم على حد سواء على طول الحدود الشمالية لسوريا وحدودها الجنوبية".

ومع دخول الهجوم على كسب أسبوعه الرابع، أدان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بقوة سياسة الأمم المتحدة المعتمدة تجاه تجاهل الوجود الإرهابي في سوريا منذ ربيع 2011: "مجازر اردوغان ضد سكان بلدة كسب تستدعي خجل كل مسؤول في الأمم المتحدة الذي تحول إلى أداة لدعم الإرهاب".

إسقاط طائرة عسكرية سورية

في اليوم الثاني من الهجوم على كسب تم إطلاق النار على طائرة بدون طيار تابعة للقوات المسلحة التركية وهي تحلق فوق كسب. هذه الطائرة كانت من بين الطائرات المقاتلة التي تستخدم من قبل سلاح الجو التركي لجمع المعلومات الاستخبارية، واعتراض الاتصالات التابعة للجيش السوري. وظل الصمت مسيطرا في تركيا، بعد حادث تحطم الطائرة بدون طيار على بعد 1،5 كيلومترات داخل الأراضي السورية.

يوم 23 مارس، أمرت قاعدة الناتو في كلداجي في جبل الأقرع باستهداف طائرة سورية بصاروخ أطلق من تركيا. وبعد أن نجا الطيار من الهجوم قال: "تم استهداف طائرتي بصاروخ من طائرة تركية أثناء قيامي بملاحقة مجموعات إرهابية مسلحة بعمق الأراضي السورية".

وقال: "كنت مكلفا بتنفيذ مهمة بملاحقة مجموعات إرهابية بعمق الأراضي السورية بحدود أكثر من 7 كيلومترات، وعندما وصلت إلى المنطقة المطلوبة وشاهدت الهدف نفذت مهمتي وأثناء عملية العودة ضمن الأراضي السورية جاءني صاروخ من طائرة تركية، ما أدى إلى إصابة طائرتي فاتخذت قرارا بمغادرة الطائرة عبر المقعد المقذوف".

خلال كلمته في تجمع انتخابي محلي، قال رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان:

"قامت طائرات "اف 16" تركية، بإسقاط طائرة سورية انتهكت المجال الجوي التركي(...) ورد تركيا سيكون قويا على الانتهاكات من الآن فصاعدا".

وقال اردوغان: "إذا تعرض مجالنا الجوي للانتهاك، فإن صفعتنا ستكون قوية من الآن فصاعدا".

وهنأ القوات المسلحة وسلاح الجو التركي، بإسقاط الطائرة، وخص بالذكر رئيس الأركان والطيارين الذين شاركوا في إسقاط الطائرة المنتهكة للحدود التركية"..

هذا وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية دعمها العلني لهذا العمل: "نحن ملتزمون بسيادة تركيا ووحدة أراضيها، الحكومة التركية كانت شفافة بشأن قواعد الاشتباك".

الانتخابات المحلية في تركيا

عشية الهجوم على كسب في 21 مارس، حاول نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي توريط سورية من خلال الادعاء بهجومها على قوات أمن تركية في محافظة نيغدة التركية التي تقع على بعد 400 كم من الحدود السورية، حيث قال اتالاي "إن الهجوم أسفر عن مقتل اثنين من رجال الأمن الأتراك في محافظة نيغدة وأن الوضع خطير جدا".

في اليوم التالي اتضح أن منفذي الهجوم كانوا اثنين من المرتزقة الألبان وآخر من كوسوفو كانوا في طريق عودتهم من القتال في صفوف دولة الإسلام في العراق والشام التابع لتنظيم القاعدة.

في 14 آذار أعلن وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو "استعداد تركيا للجوء إلى كل التدابير الضرورية بما في ذلك العمليات العسكرية، للرد على تهديد أمنها الآتي من سوريا".

وشدد اوغلو على أن "تركيا مستعدة لاتخاذ أي تدبير قانوني، إذا ما تعرض أمنها للتهديد بما في ذلك المنطقة التي يوجد فيها ضريح سليمان شاه".

وفي وقت مبكر من مايو 2011، تم الكشف عن سيناريو مشابه من روبرت فيسك:

" أعد جنرالات تركيا عملية لإرسال كتائب عدة من القوات التركية إلى سورية لإقامة ملاذات آمنة للاجئين السوريين".

"الأتراك مستعدون للتقدم إلى ما وراء الحدود السورية وصولا إلى مدينة القامشلي وحتى محافظة دير الزور لإقامة ملاذات آمنة للفارين من القمع في المدن السورية لمنع وصولهم إلى الأراضي التركية".

قبل ثلاثة أيام من الانتخابات المحلية في 30 مارس، تم تسريب تسجيل صوتي لمدير المخابرات حاكان فيدان، يبحث فيه عمليات عسكرية محتملة في شمال سوريا، مع وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ونائب رئيس الأركان يشار غولر وغيرهما من كبار المسؤولين في الدولة، ووفقا للشريط اقترح فيدان تنظيم هجوم كاذب على قبر سليمان شاه لتوفير مبرر للحرب مع سوريا.

قال اردوغان إن عملية التسريب كانت مؤامرة أحيكت من الولايات المتحدة ضد حكومته وضد السيادة التركية. وفي خطاب ألقاه بعد فوزه في الانتخابات المحلية، قال:

"كيف يجرؤون على تهدد أمننا القومي؟ تركيا هي حاليا في حالة حرب مع سوريا. إنهم يضايقون طائراتنا.

مساحة 10،000 متر مربع من قبر سليمان شاه هي من أراضينا، وأي هجوم عليها سيعتبر هجوم على الـ 780،000 متر مربع أي مساحة الأراضي التركية. لا يمكننا السكوت على ذلك"؟.

ولمح أردوغان إلى المؤامرة التي تحاك ضده من قبل الولايات المتحدة، والتي استخدمت فيها وسائل الإعلام للتشهير منذ بداية الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مايو 2013، باعتباره الزعيم المعاد بشدة للقيم والحريات الغربية. الدافع وراء هذه الحملة المحلية والعالمية هو التعتيم على تواطؤ حكومة أردوغان في حرب الإبادة التي يقودها حلف الأطلسي في سوريا، ناهيك عن جرائم الحرب ضد ليبيا والعراق وأفغانستان.

في 1 نيسان كشفت الحكومة السورية أن الهدف من الهجوم على كسب هو الهاء الجيش السوري وقال الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الجماعات الإرهابية تخطط لشن هجمات باستخدام أسلحة كيماوية في منطقة جوبر لاتهام الحكومة السورية، كما تبين من مكالمة هاتفية بين الإرهابيين".

وتابع: "نحن وجهنا رسالتين إلى مجلس الأمن للضغط على الدول الراعية للجماعات الإرهابية وعلى وجه التحديد الحكومات التركية والسعودية والقطرية لمنع مثل هذه الأعمال... مضيفا: "المسألة الآن هي في يد مجلس الأمن والأمم المتحدة".

على مدى السنوات الثلاث الماضية، قادت تركيا وحلفائها في حلف شمال الأطلسي الهجمات ضد سوريا من أجل إسقاط الرئيس بشار الأسد و/أو للتحريض على الحرب.

في الواقع، تركيا لديها تاريخ طويل مع سوريا، فقد قادت محاولة اغتيال الرئيس حافظ الأسد في العام 1996.

"فلاش باك" للـ 2011

في أواخر مارس 2011، أي بعد أسبوعين فقط من انطلاق الحرب السرية التي يقودها حلف شمال الأطلسي في سوريا، زار مدير وكالة الاستخبارات المركزية ليون بانيتا سرا الحدود التركية مع سوريا، وبعد شهر أعلنت صحيفة "الصباح" التركية أن زيارة بانيتا هدفها تعزيز تعاون وكالة الاستخبارات المركزية مع تركيا بشأن سوريا:

"زار مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا تركيا في نهاية مارس 2011 في زيارة مفاجئة، استمرت لـ5 أيام، اجتمع خلالها مع مدير الاستخبارات التركي هاكان فيدان، فضلا عن لقائه مسؤولين من الحكومة وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية. (...) وخلال المشاورات أشار إلى أن سورية ستنجر إلى الفوضى إذا لم يتخذ الرئيس الأسد خطوات عاجلة، كما ناقش الطرفان تفاصيل وصفت بأنها "سرية"، حول خطة تغيير النظام في سوريا.

في اليوم التالي، كشفت صحيفة "الصباح" عن خطة تركيا لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد:

"في مواجهة تصاعد الأحداث في سوريا قررت تركيا إطلاق "الخطة ب" من خطتها التي تنص على بقاء الأسد في السلطة، لتغطي احتمالات الفوضى والحرب الأهلية والهجرة. [...] وقد تم تحديد [المحافظات الحدودية] هاتاي، سانليورفا، كيليس وماردين مكان لإقامة مخيمات استقبال ومستشفيات ميدانية".

الأمر اللافت للنظر هو أن هذه الخطة تضمنت إقامة خمسة مخيمات للاجئين (من بينهم اثنان في هاتاي) على طول الحدود السورية وهذه المخيمات أنشأت قبل وقوع أي حادث عنف في شمال سوريا.

في 31 مايو2011 استضافت تركيا مؤتمرا لمدة ثلاثة أيام في فندق في أنطاليا بمشاركة نحو 300 عضو من المعارضة السورية. وكان المؤتمر أول هجوم رئيسي للحرب السرية التي يقودها حلف شمال الأطلسي على سوريا وجاءت من خلال التعاون العسكري والاستخباراتي للولايات المتحدة وتركيا.

يوم 6 يونيو 2011، تم ذبح 120 جنديا سوريا بوحشية من قبل مرتزقة تابعين "للإخوان" في بلدة جسر الشغور، التي تقع على بعد 10 كيلومتر من الحدود مع تركيا.

"وقد استخدم الناشطون في الجماعات الإرهابية السيارات الحكومية والزي العسكري السوري لارتكاب جرائمهم من قتل وترويع للناس وتخريب للممتلكات".

وقد هاجم الإرهابيون مراكز الأمن والمؤسسات الحكومية الخاصة، وانتهكوا الشوارع والأحياء والمنازل واستخدموا أسطح المنازل للقنص وإطلاق النار على المواطنين وقوات الأمن.

"لقد اعدوا الكمائن لقوات الشرطة والأمن، ومثلو بجثث بعض الشهداء وألقوا بالبعض الآخر في نهر العاصي، بالإضافة إلى وضع حواجز على الطرق لتخويف الناس وترهيبهم".

"كما تم خطف الناس ودفنهم للترويج لاحقا بوجود مقابر جماعية للتحريض ضد النظام السوري".

"هذا وتجاوز عدد الشهداء من قوات الشرطة والأمن الـ 120 وقد قتلوا على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة في جسر الشغور".

وقد قدمت الـ "برس تي في" تقريرين حول تفاصيل التواطؤ التركي في مجزرة جسر الشغور:

"وفقا لمصادر مطلعة في دمشق الاضطرابات في سوريا كانت نتيجة صفقات بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وبعض الجماعات المجهولة في المنطقة.

"تقول الحكومة السورية إن الأسلحة المستخدمة خلال اشتباكات جسر الشغور دخلت من تركيا".

"بث التلفزيون السوري مكالمة هاتفية بين اثنين من الجماعات المسلحة وهم يخططون لمغادرة المنطقة باتجاه تركيا كنازحين".

وعبرت القوات المسلحة التركية إلى سوريا عبر الحدود تحت ستار مساعدة المدنيين الفارين.

وقعت مجزرة جسر الشغور قبل ستة أيام من الانتخابات العامة في تركيا في العام 2011. ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان استفاد من الهجرة إلى تركيا التي تلت تلك العملية.

"فلاش باك" للـ 2013

نجح التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي في التحريض على الحرب السورية، وبالأخص بعد الهجوم الكيميائي الكاذب في شرق الغوطة في 21 أغسطس، وقد ألقى المحرر يوسف بودانسكي الضوء على دور تركيا في إحاكة المؤامرة:

"في 13-14 أغسطس 2013، عقدت المعارضة المدعومة من الغرب والمتواجدة في تركيا اجتماعات أولية بين كبار القادة العسكريين وممثلين عن المعارضة القطرية والتركية، والمخابرات الأميركية في مقاطعة هاتاي، كما كانت هاتاي مركز القيادة ومقر للجيش السوري الحر (FSA) والرعاة الأجانب.

وقد اطلع كبار قادة المعارضة الذين وصلوا من اسطنبول القادة الإقليميين عن تصعيد وشيك في القتال -بسبب تطور مسار الحرب- ​​قد يقود إلى تدخل الولايات المتحدة في سوريا .

"وأوضح كبار القادة أن على القوى المعارضة إعداد قواتها بسرعة لاستغلال القصف الذي تقوده الولايات المتحدة من أجل الزحف على دمشق وإسقاط حكومة بشار الأسد. وبدأوا توزيع الأسلحة في جميع مخيمات المعارضة في مقاطعة هاتاي في 21-23 أغسطس 2013. وفي ريحانلي وحدها، تلقت قوات المعارضة 400 طن من الأسلحة وزعت من مخزن تسيطر عليه المخابرات القطرية والتركية تحت إشراف محكم من المخابرات الأمريكية.

وووثق ميهراك أورال، -زعيم ميليشيا شعبية مناهضة للإمبريالية مقرها اللاذقية- شهادة مرتزق هولندي كردي اعتقل من قبل المقاومة السورية في 16 أغسطس 2013 بينما كان يقاتل في ريف اللاذقية :

اعترف تورغاي "أنا أحضرت غاز السارين من هولندا لتركيا بحماية شخصية من حزب العدالة والتنمية وسلمتهم إلى جبهة النصرة"...

تشير الأدلة المتاحة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وتركيا وفرنسا والمملكة العربية السعودية خططت بدقة لحرب الإبادة الجماعية في سوريا قبل سنوات من بدئها فعليا في العام 2011، ومنذ البداية كانت تركيا بؤرة هذه الحرب.

احتمال النصر الحاسم للجيش السوري أصبح واضحا أكثر من أي وقت، المنسقون لهذه الإبادة الجماعية استخدموا مختلف الوسائل للتعتيم والتستر على جرائم الحرب الضخمة.

اتفاق المصالحة بين «حماس» و«فتح»: لا يزال الوقت مبكراً جداً للحكم عليه

إهود يعاري و نيري زيلبر

معهد واشنطن

اتفاق المصالحة بين «فتح» و«حماس» في 23 نيسان/أبريل الذي تم الإعلان عنه في قطاع غزة هو الأحدث في سلسلة طويلة من المحاولات لجسر الخلافات الداخلية بين الفلسطينيين. ويشير توقيت الاتفاق وسط محادثات السلام التي تتم بوساطة أمريكية، إلى جانب نقاط الضعف الداخلية التي تعتري كلا الطرفين، إلى عزم أكثر جدية من الجهود السابقة. غير أن الاتفاق يعجز عن معالجة القضايا الأكثر حساسية التي تفصل بين الجانبين ويمكن تفسيره على الأرجح من واقع الزخم السياسي الذي يخلقه لكلا القيادتين. والشيء الوحيد المؤكد هو أن اتفاق المصالحة يُعقِّد بشدة من جهود إطالة مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى ما بعد الموعد النهائي المقرر في 29 نيسان/أبريل.

اتفاقية "تاريخية" أخرى

أعلن زعيم «حماس» إسماعيل هنية، لدى الإعلان عن الاتفاق في مؤتمر صحفي من منزله في مخيم الشاطئ للاجئين، وسط تصفيق حاد "أن هذه أخبار سارة للشعب الفلسطيني والفلسطينيين في الشتات...لقد انتهت فترة الانقسامات". لكن ينبغي الالتفات إلى أنه قد تم التوصل إلى اتفاقات مصالحة بين «حماس» و«فتح» عدة مرات على مدى السنوات التسع الماضية، وكان يجري وصف كل اتفاق بأنه نهاية "تاريخية" للخلافات بين الفلسطينيين. وكان أبرز تلك الاتفاقات قد تم التوقيع عليه في مكة المكرمة (2007) والقاهرة (2011) والدوحة (2012)، لكن لم يتم تنفيذ أي منها. ومؤخراً في أيار/مايو 2013، أعاد كلا الجانبين التأكيد علانية على تعهدهما بالالتزام بالاتفاقات السابقة وتحقيق الوحدة الوطنية بشكل عام.

ويمثل هذا الاتفاق الأخير جهد متجدد لتنفيذ التفهمات التي تم التوصل إليها في القاهرة والدوحة، والتي تتضمن نصوصها الأكثر أهمية وفقاً لما أفادت به التقارير ما يلي:

• تشكيل حكومة وحدة وطنية. سوف يتم تشكيل مثل هذا الكيان، الذي ستُعهد إليه مهمة قيادة السلطة الفلسطينية، من قبل «فتح» (إلى جانب غيرها من فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية") و«حماس» في غضون خمسة أسابيع.

• استئناف أنشطة "المجلس التشريعي الفلسطيني". تم حل "المجلس التشريعي الفلسطيني"، الذي هو برلمان السلطة الفلسطينية، عقب استيلاء «حماس» على قطاع غزة عام 2007، وتم تعليق أنشطته منذ ذلك الحين.

• الانتخابات. سوف تُجرى انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية و"المجلس التشريعي الفلسطيني" و"المجلس الوطني الفلسطيني" (برلمان "منظمة التحرير الفلسطينية" عبر الوطنية)، بعد مرور ستة أشهر على الأقل من تشكيل حكومة وحدة وطنية.

• إدخال تغييرات على "منظمة التحرير الفلسطينية". سوف تستمر المناقشات بشأن إعادة هيكلة "منظمة التحرير الفلسطينية"، بهدف جذب «حماس» إليها وربما "حركة الجهاد الإسلامي".

• "الحريات العامة". سوف تستمر المناقشات بشأن "الحريات العامة"، وهو مصطلح ورد في إعلان الدوحة يشمل الإفراج عن سجناء «فتح» و«حماس» لدى كلا الطرفين، وعودة الموظفين العموميين المنتسبين لـ «فتح» - بما في ذلك أفراد قوات الأمن - إلى غزة وحرية سفر المسؤولين بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ويُقال إن الاختبار الأول للاتفاق هو زيارة يقوم بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى غزة.

قضايا رئيسية تُركت دون معالجة

بالنسبة لجميع التحركات المخطط لها نحو توثيق العلاقات بين «فتح» و«حماس»، فحتى النص المعلن عنه لهذا الاتفاق الأخير لا يسعى إلى تسوية المسائل الأكثر حساسية التي تفصل بين الجانبين. وفي الواقع ينص الاتفاق على أن عمل لجنة المصالحة سيكون مستمراً، مما يشير إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو مجرد "إطار" للتحرك إلى الأمام وليس نهاية العملية، كما هو منصوص عليه حالياً.

على سبيل المثال، لا يزال هناك ارتباك حول ما إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية ستكون برئاسة محمود عباس (بوصفه رئيس [السلطة الفلسطينية] ورئيس الوزراء على حد سواء)، أو ما إذا كان سيتم ضم أعضاء «حماس» إلى الحكومة، أو ما إذا كان سيتم تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين. وبالإضافة إلى ذلك، لا يذكر الاتفاق ما إذا كانت غزة ستظل تحت سيطرة «حماس» الحصرية أو ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستعود مرة أخرى لتحكم القطاع المنشق، لا سيما المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر.

وعلاوة على ذلك، لا يعالج الاتفاق التكرار الهائل في الوظائف الحكومية السائد حالياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك احتمالية توحيد قوات الأمن المتنافرة. كما أن موظفي القطاع العام يشكلون تحدياً آخر. فهناك حالياً 70,000 موظف في القطاع العام تابعون لـ «فتح» في غزة لا يزالون يتقاضون رواتب من السلطة الفلسطينية، لكن مناصبهم الفعلية تم شغلها منذ فترة طويلة من قبل أفراد منتسبين لـ «حماس».

بيد أن العوائق الأكبر لا تزال تتمثل في اعتناق «حماس» المستمر للمقاومة المسلحة ضد إسرائيل ورفضها التفاوض على حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لقد صرّح العديد من قادة «حماس» علانية بأنهم لا يعارضون عباس في حد ذاته بصفته رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية"، الذي يتفاوض مع إسرائيل، لكنهم لا يزالون ثابتين في معارضتهم لأي اتفاق سلام شامل ورفضهم الاعتراف بإسرائيل.

وتلك المواقف لها العديد من التداعيات السلبية الفعلية لأي حكومة فلسطينية مستقبلية تكون «حماس» عضواً فيها. على سبيل المثال، لم يتطرق الاتفاق بين «حماس» و«فتح» إلى مصير ترسانة «حماس» القوية التي تضم 10,000 صاروخ وقذيفة في غزة، لا سيما وأن عباس نفسه قد أشار إلى أن الدولة الفلسطينية المستقبلية ستكون منزوعة السلاح. إن الحكومة التي تشمل «حماس»، المصنفة كمنظمة إرهابية، قد تحمل في طياتها مخاطر قطع معونات المانحين الدوليين وتحويلات إسرائيل لإيرادات الجمارك، مثلما حدث خلال حكومة الوحدة الوطنية قصيرة الأمد في الفترة 2006-2007.

وخلال تعليقاته الأولى عقب توقيع الاتفاق، صرح عباس بأن التنسيق والتسوية [بين الجانبين] كان شأناً داخلياً وأنه "لم يكن هناك تعارض بين المصالحة [مع حماس] والمحادثات" مع إسرائيل. ومن جانبه بدا هنية مناقضاً لهذا الموقف، حيث قال إن اتفاق المصالحة كان الخطوة الأولى في "تحقيق إجماع حول استراتيجية وطنية فعالة للنضال".

المظهر المفيد للمصالحة

على الرغم من التحديات الخطيرة ضد أي تقارب صادق بين «حماس» و«فتح»، فإن ظهور المصالحة الوطنية يُرجح أن يكون مفيداً للجانبين. لقد تضررت «حماس» في السنوات الأخيرة بشدة بفعل التطورات الإقليمية، وخاصة الحد من الدعم والمساعدات من إيران وسوريا ودول الخليج. فعقب الإطاحة بحكومة «الإخوان المسلمين» في مصر في الصيف الماضي، تغيرت سياسة القاهرة تجاه «حماس» بشكل كبير، وتَمثَّل ذلك في غلق شبكات الأنفاق والمعبر الحدودي بين غزة وشبه جزيرة سيناء. وبالنسبة لـ «حماس»، أدت خسارة عائدات الضرائب من عمليات الأنفاق على وجه الخصوص إلى قيام أزمة مالية حادة. وبحسب أحد التقديرات، تستطيع «حماس» تمويل ربع ميزانيتها فقط لهذا العام. وقد أفضت الصعوبات الاقتصادية المتصاعدة داخل غزة إلى استياء متنامٍ ضد حكومة «حماس»، الأمر الذي أدى بدوره إلى زيادة الرغبة لدى قيادة «حماس» في النظر إلى المصالحة الوطنية مع «فتح» كمسار للخروج من عزلتها السياسية والاقتصادية. ومما لا يدعو للدهشة أن القاهرة قد أعربت بالفعل أنها سوف تعيد فتح معبر رفح الذي يربط قطاع غزة مع مصر بمجرد تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وبالنسبة لمحمود عباس و«فتح»، فإن المصالحة مع «حماس» تنبع على الأرجح من نقاط ضعف. فمع تعثر محادثات السلام - بما في ذلك رفض الفلسطينيين مؤخراً لاتفاق تمديدي بوساطة أمريكية - والصعوبات الاقتصادية التي تخترق السلطة الفلسطينية، كان عباس بحاجة إلى انتصار سياسي يتباهى به أمام اجتماع المجلس المركزي لـ "منظمة التحرير الفلسطينية" في نهاية هذا الأسبوع. والأمر الأكثر أهمية أن استطلاعات الرأي العام الفلسطيني قد أظهرت باستمرار أن إنهاء الانقسام بين غزة والضفة الغربية يمثل أولوية وطنية عليا. ومن ثم فإن عباس يعزز من موقفه السياسي قبل الانتخابات المحتملة في غضون بضعة أشهر، أو على الأرجح موقفه التفاوضي فيما يتعلق بكل من إسرائيل والولايات المتحدة.

التداعيات على عملية السلام

ليس هناك شك أن الاتفاق بين «حماس» و«فتح» يُعقِّد محادثات السلام التي تجري بوساطة أمريكية والتي سوف تنتهي - في ظل عدم وجود اتفاق تمديدي - في 29 نيسان/أبريل. وفي أعقاب الاتفاق [بين الحركتين]، قامت الحكومة الإسرائيلية بتعليق المفاوضات مع الفلسطينيين وهددت باتخاذ عقوبات اقتصادية ضد السلطة الفلسطينية، بينما أدان حتى السياسيون الإسرائيليون من يسار الوسط مثل وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يائير لابيد علانية التطورات الفلسطينية. ومن جانبه، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن عباس "يحتاج إلى الاختيار بين السلام مع إسرائيل والسلام مع «حماس»".

إن قرار عباس المضي قدماً في المصالحة الوطنية في هذه اللحظة المحددة يبدو مُربكاً في ضوء التقدم الذي أفادت عنه التقارير والذي تحقق بين فريقي التفاوض الإسرائيلي والفلسطيني في الأيام الأخيرة، ناهيك عن منح معارضي محادثات السلام الإسرائيليين مبررات جاهزة لإنهائها. ومن ثم فإن إجراءات عباس خلال الأيام القادمة سوف تبيّن ما اذا كان ملتزماً حقاً بإنجاح المفاوضات مع إسرائيل، أو ما إذا كان على وشك المضي في مسار سياسي جديد، لكن ربما مع وجود «حماس» إلى جانبه هذه المرة.

ستة باحثين يحللون معنى "اتفاق الوحدة الفلسطينية"

ديفيد بولوك

"پي. بي. إس. نيوز آور"

"سألَتْ مراسلة محطة « پي. بي. إس» الأمريكية لاريسا إيپتاكو ستة محللين لشؤون الشرق الأوسط عن معنى الاتفاق الأخير بين «حماس» و«فتح». وفيما يلي رد الدكتور بولوك؛ بإمكانك قراءة الردود الأخرى على موقع "پي. بي. إس" باللغة الانكليزية."

بالنسبة لعباس، هذه إشارة واضحة أنه يرى أن محادثات السلام الحالية تسير على غير هدى. وللأسف، أنه يهتم بصورة أقل بالعلاقات مع الولايات المتحدة أو إسرائيل من علاقاته مع معارضيه المتشددين.

لقد تم التوقيع سابقاً على اتفاقات مماثلة جداً حول الوحدة الفلسطينية، ولم نرى سوى انهيارها منذ فوز «حماس» في انتخابات عام 2006. والمصطلحات الحالية تشبه سابقاتها إلى حد كبير، وهي محاولة برعاية قطرية - اصطدمت بعقبات عندما لم يتمكن الطرفان من التوصل حتى إلى اتفاق على إقامة "حكومة وحدة وطنية" على المدى القصير. ولكن تتوفر حالياً فرصة أفضل لبدء تنفيذ الاتفاق الأخير، لأن «حماس» هي الآن أضعف بكثير مما كانت عليه سابقاً بسبب التحولات في مصر وسوريا ودول "مجلس التعاون الخليجي"، وعدم تمتعها بقبول واسع في غزة. بل إن الأمر أيضاً أكثر سهولة بقليل حالياً لأنه قد تم بالفعل استبدال الشخص الذي لا ترغب به «حماس» لأن يكون رئيس وزراء السلطة الفلسطينية ألا وهو سلام فياض.

وحتى لو قاموا بتنفيذ الخطوات الأولى، إلا أن الخطوة التالية - إجراء انتخابات في غضون ستة أشهر - ستكون صعبة جداً. فهذا يستغرق وقتاً طويلاً في المنطقة؛ ووفقاً لجميع استطلاعات الرأي، تعلم «حماس» أنه من المؤكد أنها ستخسر الكثير من هذه الخطوة، لذا فإنها قد تثير بعض العقبات.

وبالنسبة لإسرائيل، تشكل التطورات الأخيرة أساساً منطقياً جيداً لتجنب التقدم نحو اتخاذ أي خطوات سلام جديدة. وقد قال نتنياهو بالفعل "هل يريد عباس السلام مع إسرائيل أم مع «حماس»؟". وقد ألغت إسرائيل للتو الاجتماع التالي المقرر مع السلطة الفلسطينية والمبعوث الأمريكي مارتن إنديك.

لذلك، فبالنسبة للمفاوضين الأمريكيين، تُضيف هذه الخطوة المزيد من عدم اليقين كما أنها بالغة التعقيد.

ومع هذا، فقد قبلت «حماس» حالياً بصورة رسمية قيام محادثات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل (ولكن ليس عقد سلام مع إسرائيل). ووفقاً لنص الاتفاق يمكن أن تستمر المحادثات هذه المرة، "تحت شروط واضحة" - يفترض أن تشمل تجميد بناء المستوطنات، وإطلاق سراح السجناء، وإجراء مناقشات في وقت مبكر حول الحدود. وهذه مطالب مفرطة، لكن قد يكون بعض المجال للمناورة.

لذا، بإمكان الولايات المتحدة - كما ينبغي عليها - الاستمرار في محاولتها لإحياء محادثات السلام. وسيكون ذلك أصعب من أي وقت مضى، ولكن الامتناع عن محاولة القيام بذلك ربما يكون أسوأ من أي شئ آخر. ويقيناً، هناك الآن خياراً أكثر وضوحاً أمام الولايات المتحدة وهو الانسحاب من الوساطة حيث تستطيع القول "حسناً، اختار الفلسطينيون الوحدة على السلام " - على أمل حدوث انهيار سريع لاتفاق الوحدة. ولكني أعتقد أن هذا خيار أكثر خطورة، لأنه يمكن أن يدعو إلى قيام استفزازات أحادية الجانب من قبل أي من الطرفين، فضلاً عن صدور المزيد من الانتقادات من قبل ما تبقى من أصدقاء الولايات المتحدة العرب.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: