تصطاتعمير راففوت - معلق عسكري
"معاريف"، 1/7/2014
[تصعيد أم ضبط للنفس؟
جميع الخيارات مطروحة على الحكومة]
· تدل تجربة الماضي على أن الجيش الإسرائيلي لا يشن عمليات عسكرية كبيرة بقدر ما هو بصورة عامة يستدرج إليها. فهل هذا هو الوضع هذه المرة؟
لا يبدو الأمر كذلك، على الأقل حتى الآن، لكن من المحتمل أن الأسوأ ما يزال أمامنا.
· وفي الواقع، فإن هجمات سلاح الجو التي قام بها هذه الليلة ليست هي رد إسرائيل على مقتل تلامذة اليشيفا الثلاثة. فقد هاجم الجيش 34 هدفاً من بينها 32 موقعاً "لحماس" في جنوب القطاع. رسمياً هذه الغارات مرتبطة بإطلاق الصواريخ على النقب الغربي في الأيام الأخيرة، وليست مرتبطة بأحداث يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· لكن عملياً، فإن المجلس الوزاري الذي اجتمع الليلة ومن المفترض أن يجتمع مرة أخرى اليوم، أمام معضلة صعبة: فقد تواضعت "حماس" كثيراً في الفترة الأخيرة، وهي تبذل كل ما في وسعها لابعاد نفسها عن عملية الخطف والقتل.
· يمكننا الجزم بأن الشاباك عرف خلال 24 ساعة من يقف وراء اختفاء الشبان، ورجّح أنهم لم يعودوا على قيد الحياة. من الصعب الاعتراف بذلك، لكن لو جرى العثور على الجثث بسرعة لكانت انعكاسات الخطف وراءنا، ولكانت أغلبية الجمهور منشغلة الآن بالمونديال. كما أن حقيقة اعتبار الحادث عملية خطف بث الآمال بإعادة الشبان، وهو الذي يؤدي اليوم إلى توقع رد إسرائيلي واسع وعنيف مثلما هاجم الجيش الإسرائيلي لبنان في 12 تموز/يوليو 2006 بعنف في أعقاب خطف الجنود الاحتياطيين، مما أدى إلى نشوب حرب لبنان الثانية.
إن الجيش الإسرائيلي قادر على القيام بمجموعة واسعة من الردود، لكن السؤال الأساسي هو: ما هي الأهداف التي ستحددها له الطبقة السياسية؟
· إن أمام هذا الجيش هدفين مهمين: "تدفيع الثمن" وردع يقلص احتمال حدوث عمليات خطف في المستقبل. والهدف الثاني هو استغلال الفرصة لضرب ما بقي من البنية التحتية "لحماس" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· حتى الآن، فإن الثمن الذي دفعته "حماس" ليس بسيطاً. فهناك مئات المعتقلين، وهناك الطوق المفروض على الخليل والهجمات الجوية على قطاع غزة. والهدف من اعتقال عدد من الذين اطلقوا في صفقة شاليط إيضاح أن نتائج الخطف والقتل معاكسة تماماً لما كان يأمله الخاطفون، فبدلاً من إطلاق أسرى جدد إلى جانب الذين حرروا في الماضي، عاد قسم من المحررين إلى السجون.
· لكن ليس أكيداً أن هذا يكفي لتوضيح الرسالة، إذ تحظى "حماس" اليوم بالتأييد وهي تبدو في نظر جزء كبير من الجمهور في المناطق [المحتلة] وكأنها قامت بعملية بطولية في الوقت الذي تبدو فيه السلطة "عميلة".
· على ما يبدو، فإن الرد الرد الإسرائيلي لم يكتمل بعد. ويدل أسلوب العمل الإسرائيلي خلال السنوات الـ15 الأخيرة على أن الطريقة المفضلة للأجهزة الأمنية وللقيادة السياسية هي الاغتيالات المركزة (بما فيها اغتيال زعيم "حماس" الشيخ أحمد ياسين من الزمن قبل عقد ما أدى إلى تقليص حجم الارهاب بصورة كبيرة).
· فهل ستأمر القيادة السياسية هذه المرة باغتيال كبار المسؤولين في "حماس" من أجل "تدفيعها الثمن"؟ وهل ستنجح الاستخبارات في تقديم المعلومات المطلوبة للهجوم، في الوقت الذي يختفي فيه معظم هؤلاء المسؤولين تختبئ فيه منذ عملية الخطف؟ وهل سترد "حماس" على الغارات التي حدثت ما بين يوم الاثنين والثلاثاء، أم ستضبط نفسها؟ وهل سيؤدي اغتيال مسؤول كبير إلى تجدد القصف على بئر السبع وأشدود وتل أبيب، مثلما جرى خلال عملية "عمود سحاب" في سنة 2012؟ وإلى متى ستستمر مطاردة قاتل الشباب؟
· في هذه الأثناء، يقوم الجيش بتقليص قواته في منطقة يهودا (شارك آلاف الجنود في أعمال تمشيط ولم تعد هناك حاجة لبقائهم هناك). لقد انتهت عملية "عودة الإخوة" [عودة الأبناء]، لكن علامات الاستفهام ظلت أكثر من الإجابات.
· وما يمكن قوله إن الكرة الآن هي إلى حد بعيد في يد "حماس". والاختبار الأول سيكون كيف سترد الحركة على الغارات التي نفذت، وكيف سترد على اغتيال مسؤوليها في حال حدوث ذلك.
افتتاحية
"هآرتس"، 2/7/2014
[على حكومة نتنياهو دعم عباس لا إضعافه]
· كما هو متوقع، أدى مقتل جيل - عاد شاعر، ونفتالي فرنكل وأيال يفراح إلى جملة من الأفكار الانتقامية من جانب الجناح اليميني- المتطرف في الحكومة. فإلى جانب مطالبات نفتالي بينت المعتادة بالقيام بعمليات عسكرية كبيرة ضد "حماس" في غزة وتطبيق حكم الإعدام على المخربين، اقترح وزير الدفاع موشيه يعلون، خطة من أجل "تعزيز الاستيطان". وخطته التي عرضها على الحكومة ونالت دعم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تشمل تسريع مراحل التخطيط وإعلان مناقصات لبناء آلاف الوحدات السكنية في كتل المستوطنات. كما اقترح يعلون أيضاً إنشاء مستوطنة جديدة على "أراضي الدولة" في إحدى الكتل يطلق عليها أسماء القتلى.
· وما تجدر الإشارة إليه هو أنه إلى جانب كون "أراضي الدولة" التي يتحدث عنها يعلون هي أراض فلسطينية سلبتها منهم الدولة رسمياً، فإن انشاء مستوطنة جديدة يتعارض مع تعهدات حكومة إسرائيل للإدارة الأميركية. لكن ما يثير القلق أكثر من هذه الحقيقة، أن الزعامة الإسرائيلية تكرر مرة أخرى الأخطاء عينها: فبدلاً من تقوية السلطة الفلسطينية ورئيسها، فإنها تعمل لإضعافهما.
· لقد أظهر عباس طوال قضية الخطف شجاعة قيادية استثنائية. ففي الخطاب الذي ألقاه أمام وزراء خارجية الدول الإسلامية في السعودية، هاجم الخاطفين بشدة ودعاهم إلى اعادة الشباب المختطفين. وقال: "المستوطنون في الضفة بشر مثلنا، وعلينا البحث عنهم واعادتهم إلى عائلاتهم. ومن نفذ هذه العملية يريد أن يدمرنا."
· إن شجاعة عباس لم تظهر فقط خلال فترة الخطف، فمنذ سنة 2005 وادائه اليمين الدستورية كرئيس للسلطة، أثبت بالكلام والأفعال أنه شريك حقيقي للاتفاق. وقد عمل باستمرار ضد العناصر المتطرفة ووثق التعاون الأمني مع إسرائيل وطوّر الجوانب المدنية في حياة الفلسطينيين.
· لكن بدلاً من تبني عباس ودعمه، اختار نتنياهو اضعافه وبالتالي تقوية أخصامه المتشددين. وبدا أن جميع الوسائل مسموحة من أجل زعزعة مكانته. فإلى جانب وضع العراقيل مثل المطالبة بالاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، قيل إنه لا يمثل الشعب الفلسطيني كله لأن غزة واقعة تحت سلطة "حماس"، وبعد أن ضمّ "حماس" إلى حكومة الوحدة، قيل إنه يتعاون مع تنظيم إرهابي وممنوع التوصل معه إلى اتفاق.
· إن إضعاف عباس خطأ استراتيجي مستمر لحكومة نتنياهو يمكن أن يؤدي إلى كارثة. وفي ظل المأساة الحالية تحديداً [مقتل المختطفين الثلاثة]، يتعين على حكومة نتنياهو أن تدرك أن تعزيز موقع عباس ليس مصلحة فلسطينية فحسب، بل هو قبل كل شيء مصلحة إسرائيلية عليا.
0 comments: