هآرتس"، 28/11/2016
عاموس هرئيل - معلق عسكري
•الحادثة المحلية التي وقعت في جنوب هضبة الجولان وانتهت بنجاح عسكري للجيش الإسرائيلي، على الرغم من أنها بدت في البداية وكأنها تعثر تكتيكي محتمل، فإنها كشفت وجود خطر محتمل على الحدود الإسرائيلية - السورية. للمرة الأولى وبصورة علنية تشتبك قوة من فصيل محلي لتنظيم داعش مع قوات من الجيش الإسرائيلي. وإذا تحول هذا الاحتكاك في جنوب الهضبة من حادث لن يتكرر إلى ظاهرة أكثر تواتراً، فإنه يمكن أن يتطور إلى موضوع صداع عملياتي لإسرائيل.
•بدأت حادثة إطلاق النار هذا الصباح (الأحد) بكمين كانت تنصبه قوة من كتيبة لواء جولاني بالقرب من السياج الحدودي في هضبة الجولان. وهذه منطقة الأرض تقع تحت سيطرة إسرائيل: هناك مناطق أقيم السياج الحدودي فيها غربي الحدود لاعتبارات طوبوغرافية (تحول دون حركة متواصلة لقوات الجيش في منطقة صعبة للجيش من الناحية العملياتية). وعلى ما يبدو، فإن القوة التي نصبت الكمين اكتشفها العدو الذي أطلق نحوها نيران أسلحته الخفيفة. في ما بعد سقطت بالقرب من القوة قذائف هاون. من حيث المبدأ تعتبر هذه عثرة تكتيكية، فقد كان يتعين على قوة الكمين الوصول سراً إلى النقطة التي تقصدها وأن تفاجئ العدو لا أن تتعرض هي للمفاجأة.
•لقد انتهى تبادل إطلاق النار من دون إصابات، وفرت الخلية المسلحة في الجانب السوري من المكان، لكن طائرة سلاح الجو التي هرعت إلى المنطقة استطاعت مهاجمة السيارة التي فرّت فيها الخلية والتي كانت على ما يبدو تحمل رشاشاً ثقيلاً. ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن عناصر الخلية المحلية التابعة لداعش الذين كانوا في السيارة قتلوا في الهجوم. في إمكان الجيش الإسرائيلي أن يسجل لنفسه بارتياح أن الخطر زال من دون إصابة أي جندي، وأن القوة التي أطلقت النار على كمين جولاني أبيدت.
•في المدى الأبعد، ستفحص إسرائيل الآن ما إذا كان ما جرى منعطفاً في الواقع السائد على طول الحدود. لقد مرت أكثر من خمسة أعوام ونصف العام منذ نشوب الحرب الأهلية السورية، وفي السنوات الثلاث الأخيرة سيطرت تنظيمات المتمردين بصورة كاملة تقريباً على المنطقة القريبة من الحدود. وأصبح الجيش السوري موجوداً في ثلاث نقاط فقط: في بلدة القنيطرة الجديدة التي تبعد قليلاً عن الحدود، وفي قرية حضر الدرزية ، وفي السفوح الشرقية لجبل الشيخ. أما الجزء الأكبر من المنطقة جنوبي القنيطرة فتسيطر عليه ميليشيات محلية ينسب إلى جزء منها أن لديها تفاهمات غير رسمية مع إسرائيل، وأنها تحافظ على الهدوء على الحدود وتبعد عنها المتمردين المتطرفين وفي طليعتهم جبهة النصرة التي تنتمي إلى القاعدة. في المقابل تحرص إسرائيل على تقديم العلاج الطبي وأحياناً على تأمين الدواء والكساء والغذاء لسكان القرى، يستثنى من ذلك الجيب الجنوبي القريب من مثلث الحدود مع الأردن، حيث يسيطر التنظيم المعروف باسم "شهداء اليرموك" (الذي غيّر مرة أخرى في الفترة الأخيرة اسمه) ونقل ولاءه في السنتين الأخيرتين إلى داعش.
•عناصر "شهداء اليرموك" الذين يتقاتلون مع ميلشيات أخرى، هم بطبيعة الحال معادون لإسرائيل، لكنهم حتى الآن حافظوا بصورة عامة على الهدوء بالقرب من الحدود. وعملياً، فإن الأغلبية الساحقة من الحوادث التي وقعت بالقرب من السياج الحدودي في هضبة الجولان في السنوات الأخيرة كانت بين قوات الجيش السوري (وأحياناً بين خلايا إرهابية درزية يستخدمها حزب الله) وقوات الجيش الاسرائيلي. وفي معظم الأحيان وقعت هذه الحوادث نتيجة "انزلاق" قصف النظام (المدفعي غالباً) الموجه ضد مواقع المتمردين الى داخل أراضي إسرائيل بعد أن أخطأ هدفه ببضعة أمتار. وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بحذر شديد على نظام الأسد من خلال هجمات محدودة على مواقع وقيادات تعود إلى الجيش السوري في هضبة الجولان.
•هذه المرة الظروف مختلفة. وسواء خطط "شهداء اليرموك" الهجوم بصورة مسبقة أم أنه استغل فرصة وجود قوة من الجيش الإسرائيلي في موقع مكشوف، ما حدث هو حادثة خطيرة أنهتها إسرائيل لصالحها، لكنها فتحت بذلك حساباً دموياً جديداً. ووفقاً لتقديرات مختلفة، فإن عدد "شهداء اليرموك" يراوح بين 700 إلى 800 مقاتل مسلح ينتشرون في القرى السورية في منطقة المثلث الحدودي. وهذا لا يوازي القوة التي يستطيع الجيش أن يستخدمها، لكنه يشكل قوة قادرة على إزعاج مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بالقرب من الحدود. وفي الفترة المقبلة سيتضح ما إذا كان هذا حادثاً لن يتكرر، أم أننا نشهد مؤشرات أولى لنشوء جبهة جديدة في جنوب الجولان- المنطقة التي نجحت إسرائيل في المحافظة على الهدوء فيها خلال السنوات الأخيرة.
0 comments: