عودة روسية الى سوريا بضربات استراتجية ...؟
تبدو انطلاقة العملية العسكرية الروسية في سوريا حاليا مختلفة نوعا ما عن سابقاتها ، ليس فقط بسبب التوقيت والمرحلة الانتقالية التي يعيشها العالم بترقب وحذر وتساؤل بانتظار تسلم الادارة الامريكية الجديدة
.من الواضح ان الروس بات لديهم خبرات كبيرة في الميدان السوري من الناحية العسكرية والسياسية ، وكان من المنتظر ان تبدأ موسكو بضربات عسكرية كبرى تستهدف الأحياء الشرقية في حلب كما كان متوقع وفق مسار الأحداث العسكرية في الأسابيع الاخيرة ؟!
لكن اختار الروس هذه المرة الضربات الاستراتجية لان المرحلة التي تمر بها الحرب في سوريا والمنطقة مرحلة استراتجية حاسمة يتحدد فيها معالم الصراع في المنطقة وإقفال ملف ما سمي بالربيع العربي الذي يرى البعض انه ملامح سقوطه تبدأ مع سقوط حلب ..
ولا شك ان المجموعات المسلحة في احياء حلب الشرقية وبعض الارياف لم يعد لديها بنية صالحة لاستعادة المبادرة او الهجوم وحتى لم يعد لديها قدرة على الدفاع والصمود ، واخر امل لديها كي تبقى في حلب وتستعيد بعض ما خسرته هو تامين الدعم والإمداد لها من خارج حلب وتحديدا من ارياف ادلب واللاذقية وحماة ، وهذا الامر ايضا بات بعيد المنال حاليا عنهم ،بفعل الضربات الاستراتجية الروسية التي بدأت منذ ايام
وعندما نشير بوضوح الى فعل إستراتيجي في الضربات الروسية ، نقصد بذلك نوعية السلاح والاهداف وتوسيع مدى الاستهداف ، وبهذا السياق كانت الضربات تهدف سياسيا الى ان موسكو صنفت كل من يقاتل الجيش السوري بالمنظمات الإرهابية ولم يعد لديها خطوط حمرا في اي بقعة على الارض السورية ، ووضعت بذلك كل من يقاتل الدولة السورية امام خيارين اما الموت او الاستسلام ،الامر الثاني بتعلق بالمعادلة الدولية الجديدة عقب الانتخابات الامريكية ، والتي أراد الروس ابلاغ من يهمه الامر ان الساحة السورية هم مفاتيح الحرب والسلم بها وعلى واشنطن والإدارة الجديدة معرفة ذلك وايضاً ان يفهم التركي بان تدخله في الشمال السوري لان يكون وفق توقيته بل وفق توقيت موسكو وربما مدينة الباب ستكون قريبا تأكيدا على ذلك
اما في الأهداف العسكرية فان روسيا استهدفت بشكل مركز ودقيق ومكثف جميع طرق الامداد ومخازن السلاح ومعسكرات التدريب ومراكز تواجد المقاتلين في المناطق التي تصل ريف اللاذقية بحماة وريف حماة بإدلب وريف ادلب بحلب مما قطع على المجموعات المحاصرة في حلب اخر امل لديهم بفك الحصار ، وأوصل رسالة لجيش الفتح وداعش في ادلب وحماة اللاذقية بان مصيرهم لن يختلف او يتاخر كثيرا عن رفاقهم بالأحياء الشرقية في حلب ...
عباس المعلم - اعلامي لبناني
0 comments: