ما قد يعنيه فوز ترامب بالنسبة للعلاقات الأمريكية - الروسية
آنا بورشفسكايا
"فوربس"
اهتزت الدوما الروسية بالتصفيق لدى إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبالفعل، من حقّ الكرملين أن يهلّل. فقد عبّر ترامب في حملته الانتخابية، وبإصرارٍ كبير، عن إعجابهبالرئيس الروسي بوتين أكثر من أي دكتاتور آخر، كما صرّح أنّه سوف "يبحث في" رفع العقوبات المفروضة على روسيا والاعتراف بالقرم كجزءٍ منها. ووصف ترامب حلف الناتو بالـ "قديم والمكلِف"ولفت إلى أنّ الولايات المتحدة قد لا تساعد حلفاءها الضعفاء في حلف الناتو إذا تعرّضوا للهجوم، ولو كانت المعاهدة تلزمها بذلك. وأحاط ترامب نفسه بمجموعةٍ من الشركاء المقربين من موسكو، في حين خدم الاختراق الروسي لنظام البريد الإلكتروني الخاص باللجنة الوطنية الديمقراطية حملة ترامب الانتخابية.
فما هي الإجراءات التي سيتخذها ترامب تجاه روسيا بعد تولّيه سدّة الرئاسة؟ والجواب البسيط على هذا السؤال أننا لا نعلم. فترامب رجلٌ يصعب التنبؤ بخطواته. أضف إلى ذلك أننا لا نعلم حقيقة خططه للسياسة الخارجية، إذ لم يقدّم سوى رؤوس أقلامٍ حتى الآن، وكان معظم تركيزه يصبّ في الشؤون الداخلية.
لذلك، ونظراً لخطابات ترامب حول روسيا ورغبته في عقد الصفقات وافتقاده لأي مبدأ إيديولوجي وتفضيله الواضح للأهلانية، من المحتمل جداً أن يرفع العقوبات عن روسيا مقابل تعاون الرئيس بوتين في سوريا بما أنّ كلاهما ينظران إلى الوضع السوري من الزاوية نفسها، إذ يعتبران أنّ كلّ من يحارب الدكتاتور السوري بشار الأسد يكون إرهابياً. وسيكون هذا الاحتمال مرعباً لو تحقق، إذ سيستمدّ بوتين عندها المزيد من القوة للتسلّط على البلدان المجاورة لروسيا وإثبات نفسه في الشرق الأوسط وتعزيز حملة التضليل التي يقودها من أجل إضعاف أوروبا والاستمرار في قمعه للشعب الروسي. وسيشاهد باقي الدكتاتوريين في العالم ذلك.
لكن في الوقت عينه، وعلى الرغم من حماسة موسكو ودعمها لترامب، سيتعين على الروس اليوم أن يتعاملوا مع هذا الأخير. وإنّ بوتين على خير يقينٍ من أنّ الكلام لا قيمة له إلى أن يقترن بالفعل. ودعونا لا ننسى أنّ النظام الأمريكي سيقيّد ترامب. وعلى من سيلقي بوتين لوم مشاكل روسيا في المستقبل إذا أعلن أنّ الولايات المتحدة لم تعد العدو؟
وإذا عدنا في التاريخ، نلاحظ أنّ القادة السوفييتيين فضّلوا التعامل مع الجمهوريين الذين اتسموا بالاستقامة والبراغماتية، إذ دائماً ما كانوا يفون بوعودهم. لذلك، لطالما عرف الكرملين ماذا يمكنه أن يتوقّع من الجمهوريين ومكانته بالنسبة إليهم. واحترم الكرملين الجمهوريين لتحلّيهم بهذه الصفات واعتبر أنّ الديمقراطيين ضعفاء، ولو لم يتناسب هذا الاعتبار بالضرورة مع حقيقة الأمر. إلّا أنّ ترامب متحرّرٌ من الكثير من العادات الجمهورية - فقد كان ديمقراطياً في القسم الأكبر من حياته – وقد تشكّل تصرفاته المفاجئة وغير المتوقّعة إشكالاً جديداً. وقد يتّفق ترامب وبوتين إلى أن يتبدّل الوضع، بيد أنّه من الممكن أن يكون الضرر قد أُلحق بمصداقية الولايات المتحدة وتحالفاتها.
يشكّل فوز ترامب مشكلةً اليوم، لكن كما سبق وذكرنا، ليست لدينا أدنى فكرة عن مخططه المستقبلي حتى الآن. وستكشف الأسابيع القادمة عن المزيد في هذا الصدد.
0 comments: