تل أبيب: إخفاق المخابرات في معرفة قدرة حزب الله على المواجهة كان من الأسباب الرئيسيّة في فشل جيش الاحتلال وخسارته في حرب لبنان الثانيّة فهل تعود الكرّة مرّةً أخرى؟
بحسب الخبراء والمختصين في عالم الاستخبارات، فإنّه رغم التطوّر والتقدّم التكنولوجيّ، الذي يُساهم إلى حدٍّ كبيرٍ في مُساعدة أجهزة الاستخبارات في جميع أصقاع العالم على جمع المعلومات والتجسس على الأعداء ورصد المطلوبين ومَنْ يُطلق عليهم وفق المُعجم الأمريكيّ-الإسرائيليّ- والرجعيّ العربيّ بالإرهابيين، رغم هذا التطوّر، يُشدّدّ المختّصون في هذا المجال يبقى العنصر الإنسانيّ من أهّم العناصر التي تمنح النجاح لأجهزة المخابرات في تنفيذ المهمات التي تُناط بها.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، في العام 2006 تمكّنت المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة من أسر الجنديّ الإسرائيليّ غلعاد شاليط، في عمليةٍ نوعيّةٍ أذهلت المخابرات الإسرائيليّة، ودفعت أذرعها المختلفة إلى تراشق الاتهامات حول المسؤولية عن الإخفاق. وعلى الرغم من أنّ مساحة قطاع غزّة صغيرة جدًا، وعلى الرغم من أنّ أجهزة المخابرات الإسرائيليّة تُعتبر من الأجهزة القويّة جدًا في العالم، إضافةً إلى المُساعدة التي تلقتها من أجهزة استخبارات صديقة، غربيّة وعربيّة، إلّا أنّها أخفقت إخفاقًا مُدويًا في الحصول على معلوماتٍ عن مكان احتجاز المُجنّد المأسور، وذلك على مدار ست سنوات بالتمام والكمال، ووفقًا لبعض المُحللين، فإنّ هذا الإخفاق يُعتبر من أخطر الإخفاقات التي شهدتها المخابرات الإسرائيليّة منذ تأسيسها مع زرع إسرائيل مكان فلسطين في النكبة المشؤومة عام 1948.
وفي هذا السياق من الأهمية بمكانٍ الإشارة إلى أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيليَّة تنطلق من افتراض وجوب زرع عملاء لها في كل المؤسَّسات في العالم العربيّ، من أجل الحصول على المعلومات التي يمكن على أساسها اتِّخاذ القرارات السياسيَّة والعسكريَّة المناسبة. وتتَّخذ الاستخبارات الإسرائيليَّة النظريَّة القائلة بأنّ لدى كل إنسان نقاط ضعف، من هنا أهمية انطلاق التفتيش عن ضعاف النفوس وتجنيدهم.
وبحسب المصادر في تل أبيب، تخضع عمليَّة الإيقاع بهؤلاء والسيطرة عليهم لخطوات معقَّدة. من هذا المنطلق، أجاد رجال الموساد استخدام هذه النظريَّة وأخذوا يجرِّبون كل السُبل لتجنيد عملاء لهم في كلّ مكانٍ، فمن كان يبحث عن المال وجد ضالته لديهم، ومن كان يسعى وراء نزواته أرسلوا إليه النساء لإغرائه، ومن ضاقت به الحياة في بلده أمَّنوا له عملاً وهميًا يقوده في النهاية إلى مصيدة الجاسوسيَّة، من دون أنْ يدري.
علاوةً على ذلك، ذكرت مصادر أمنيّة وسياسيّة في تل أبيب أنّ إخفاق المخابرات الإسرائيليّة في معرفة مدى قدرة حزب الله على المواجهة والذي كان من الأسباب الرئيسة في إخفاق الجيش الإسرائيليّ وخسارته في حرب تموز (يوليو) 2006 ارتكبت الاستخبارات الإسرائيليَّة سلسلة من التقديرات الخاطئة، وعلى الرغم من أنّ الكشف عن هذه الإخفاقات يمسّ صورتها التقليديَّة، يرى قادتها وجوب التقدّم نحو تحسين الأداء، وعدم ارتكاب أخطاء مصيريَّة، على الرغم من أنّ من يعترف بأخطائه من العاملين في عالم الإستخبارات أِقليَّة.
فالحقيقة، تؤكّد المصادر عينها، أنّ الأجهزة الأمنيَّة الإسرائيليّة، قد أصابها الكثير من مظاهر الفساد والترهُّل مع مرور الوقت، وبسبب كونها أجهزة تجسُّسيَّة سريَّة تعمل بعيدًا من الأضواء وخارج أُطُر الرقابة القانونيَّة والقضائية، من هنا الدعوات المتكرّرة، ولاسيَّما بعد كل فضيحة كبرى أوْ فشل ذريع تتعرَّض له، إلى ضرورة إجراء إصلاحات داخليَّة، وإعادة تنظيم جذريَّة لأقسامها وهياكلها وحتى مهماتها ووظائفها.
وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ خبراء الموساد يؤكّدون على أنّ ظروفهم تختلف عن باقي الأجهزة الإستخباراتيَّة في العالم، لأنّ الخطر الذي يتهدَّدهم قائم باستمرار، وأنّ أيّ تراخٍ أو ضعفٍ تتعرّض له إسرائيل من شأنه إصدار الحكم بنهايتها، لذا فهم يتستَّرون خلف أعذار واهية في تنفيذ عملياتهم الإجراميَّة حيث يصبح التجنيد في الموساد، من وجهة نظرهم، عمليَّة فنيَّة تحتاج لمهارات عالية وإيمان راسخ بالمسألة الصهيونيَّة لتحقيق أهداف إسرائيل التوسعيَّة في جميع الأقطار العربيَّة.
علاوةً على ذلك، تتنوّع أساليب الموساد في تجنيد العملاء وتدريبهم والسيطرة عليهم وتختلف باختلاف الهدف ومجال العمليات، وحسب القسم المسؤول عن العميل في المركز الرئيس، لا توجد قاعدة واضحة محدَّدة تستلزم الحصول على موافقة المركز الرئيس قبل تجنيد عملاء، فالإسرائيليون مستعدّون لاستغلال أيّ نوع من الدوافع لكسب عملاء جدد، كما أنّهم يستغلُون إلى حدٍ بعيدٍ نقاط الضعف التي يتصف بها أولئك العملاء.
بالإضافة إلى ذلك، تُشدّد المصادر يركِّز الموساد على تجنيد الأشخاص ذوي الأهميَّة في دولهم كالذين يعملون في حقل القوات المسلحة والأجهزة الأمنيَّة، وقد تمكّن جهاز الموساد من تسجيل الكثير من النجاحات في تجنيد العديد من ضِعاف النفوس بطرقٍ كثيرةٍ وحسب دوافع هؤلاء الأشخاص، مُستغلِّين نقاط الضعف لديهم إضافةً إلى تقديم الإغراءات المختلفة لهم، كما قالت المصادر الإسرائيليّة.
تل أبيب: إخفاق المخابرات في معرفة قدرة حزب الله على المواجهة كان من الأسباب الرئيسيّة في فشل جيش الاحتلال وخسارته في حرب لبنان الثانيّة فهل تعود الكرّة مرّةً أخرى؟
Tags:
داني حسان .
0 comments: