فلسطين وخدعة الحياد
أليس من حقّ الفلسطيني أن تكون له خيارات أيديولوجية؟ هنا الامتحان الصعب. لأنّه من ناحية أخرى ليس من حقّه أن يجعل خياراته تلك تضعف التضامن والمقاومة، لا شيء على حساب فلسطين، بينما المعيار الأوفى في القرب والبعد هو دعم القضية الفلسطينية، لكن الدعم هنا ليس بخلط الأوراق ولوجستيك الكلمة الملتبسة بل في تمكين المقاوم الفلسطيني من الدعم المادي والمعنوي برسم المقاومة لا برسم المقامرة.
ولقد حصل أن تفتقت عبقرية الإخوان عن أفكار تدليسية كما هو ديدنهم دائما مفادها أنّ المقاومة الفلسطينية يجب ان تبقى على الحياد لحماية القضية الفلسطينية من الصراعات البين_عربية. هذا مع أنّ الصراع البيني هذا هو جزء لا يتجزّأ من اللعبة كلها. القضية الفلسطينية تنتمي إلى معادلة صراع كامل وليست حادثة سياسية. هذا مع أنّنا ندرك أنه لا يوجد فصيل غير منحاز، ولا يوجد حياد في معادلة الصراع ولكن لا بدّ من تبرير الانحياز فقط. والانحياز المقنع هنا هو إلى جانب من يدعم المقاومة لا من يبيعها الوهم. ولقد رأينا أن الحياد المزعوم أضعف المقاومة الفلسطينية وهددها بالزوال، لأنّ خدعة عزمي بشارة التي سارت على منوالها الجزيرة أوقعت جزء من المقاومين في فخّ القرضاويات والعزميات والدوحيات والمرسيات وهي مذاهب جديدة في سياسة الهزيمة والخداع.
باسم الحياد قدم مجموعة من الوصوليين شهادة زور للرجعية باسم فلسطين ورفعوا علم الخونة السوريين إرضاء للناتو واقترابا من مختبر عزمي بشارة، وفي نهاية المطاف حصدوا بؤس الموقف. ولو أنهم وقفوا مع من وقف معهم ورفض تسليمهم لكولن باول لكانوا ساهموا في إحباط المؤامرة، ولكنهم لم يفعلوا.
الحياد دجل سياسي. وللوفاء ضريبة. وفي زمن الإلتباس لا تكون شاهد زور على المؤامرة. المقاوم منخرط في الميدان وهو عامل متحرك في معادلة الصراع. لا يكفي أن تحمل البندقية بل المهمّ كيف تستعملها برجولة ووفاء ومن دون استحمار. إنّ اختراق الذهنية الانهزامية لمنظومة المقاومة وارد هنا، وأعتقد أنّ بعض الإخوان لا زالوا لم يستوعبوا درس المقاومة، لأنّ في أعماقهم جنوحا للتمكين استنادا على التحالفات الخطأ.
ومن هنا وجب القول لا حياد في موضوع سوريا. بل يعتبر الحياد وخفض النبرة في التعاطي مع الشأن السوري هنا خيانة. ولقد أظهرت بعض الفصائل الفلسطينية المقاومة مواقف مشرفة من القضية الفسطينية، وكان لهم إسهام بطولي في دحر الإرهاب في مخيّم اليرموك. وكسروا لعبة استدراج الفلسطينيين إلى صفوف الخيانة السورية. هؤلاء هم من يمثّل نبل الكفاح الفلسطيني ووفاء المناضل الذي يدرك بحدس ثوري اتجاهات الموقف ويمارس مهامه التاريخية باستقامة أيديولوجية وضمير مهني للثورة إن صح أنّ الثورة هي الأخرى مهنة لها أصولها في العمل.
وفي كل وقفة تضامنية من أجل فلسطين يقوم بها بعض الإخوان كما يفعل فصيل العدالة والتنمية والعدل والإحسان عندنا الذان يسمحان بأن يرفع علم المعارضة السورية نكون أمام خلط أوراق جديد يؤكّد بأنّ الإخوان هم حقا إخوان الجهالة الذين ينطبق عليهم قول الشاعر:
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ادريس هاني: 18/7/2017
فلسطين وخدعة الحياد
Tags:
إدريس هاني ..كاتب ومحلل
0 comments: