"يديعوت أحرونوت"، 6/9/2018
عاموس يادلين - مدير معهد دراسات الأمن القومي
- تتواصل التهديدات العسكرية من الشمال والجنوب. وبعد أن وضع هذا الصيف المواجهة مع "حماس" في غزة في مركز الاهتمام، أعادت التطورات في الأيام الأولى الساحة الشمالية إلى جدول الأعمال، وذكّرت بأن التحديات الأمنية فيها أكثر خطراً وتهديداً من كل الجبهات.
- التوقف الموقت للعمليات الإسرائيلية في سورية كان نتيجة محاولة منح روسيا هامشاً للعمل السياسي في محاولاتها إيجاد صيغة للتوفيق بين المصالح المتعارضة لإسرائيل وإيران. هذا الجهد لم يثمر، وهكذا تحدّث مصدر عسكري رفيع المستوى هذا الأسبوع عن الحجم الكبير للعمليات العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي لمنع التمركز الإيراني في سورية، وفي الليلة نفسها تعرضت بنى تحتية عسكرية في شمال سورية لهجمات نسبها السوريون إلى إسرائيل، في أمكنة غير بعيدة عن قوات النظام السوري وشركائه الذين يستعدون للهجوم على محافظة إدلب (المنطقة الأخيرة التي بقيت تحت سيطرة المتمردين). وفي وقت مبكر من هــذا الأسـبوع جرى الحديث عــن مهاجمة قافلــة سلاح على الحــدود العراقية – السورية، وعن تزويد ميليشيات شيعية في العراق بصواريخ إيرانية، وعن نقل سلاح متقدم إلى حزب الله. بالنسبة إلى إسرائيل يصح التركيز على الحدثين المرتبطين ببعضهما. ولكن في المدى الزمني المباشر يجب تركيز الانتباه على المعركة المتوقعة في إدلب، وعلى الصعيد المبدئي يجب العمل من أجل الهدف الاستراتيجي الأعلى: منع التمركز الإيراني في سورية ولبنان.
- في إدلب يتمركز نحو 100 ألف مقاتل تابعين للتنظيم السلفي الجهادي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) التي تنتمي إلى القاعدة. وإلى جانبهم توجد أيضاً تنظيمات معارضة سنية أُخرى خاضعة لنفوذ تركيا. ويسكن في إدلب نحو مليوني ونصف المليون مدني، بينهم آلاف اللاجئين الذي جاؤوا من مناطق في سورية دمرها نظام الأسد وإيران وروسيا.
- تنطوي هذه المواجهة على إمكان وقوع مواجهة بين الدول العظمى تؤدي إلى تحطيم "الحلف غير المقدس" بين تركيا وإيران وروسيا. الرئيس ترامب الذي حصر حتى الآن تدخُّل الولايات المتحدة في حال حدوث هجوم بالسلاح الكيميائي، حذّر هذا الأسبوع من"احتمال مقتل مئات الآلاف" وقال إنه لن يسمح بحدوث ذلك. طبعاً التغريدة على تويتر ليست خطة عملانية، لكن في ضوء رغبة ترامب في اغتيال الأسد، بحسب الكتاب الجديد لبوب وودوارد، لا يمكن تجاهل هذا الاحتمال.
- يواجه ترامب ثلاث معضلات: هل يضع خطوطاً حمراء تتجاوز استخدام السلاح الكيميائي؟ هل يهاجم قوات أُخرى لا يظهر بوضوح أنها تنتمي إلى نظام الأسد، مثل حزب الله؟ وقبل كل شيء، كيف ستعمل آلية منع التصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا؟ لقد بدأ الروس بالقصف، وسيزيدونه كثافة على ما يبدو بعد الاجتماع المقرر في نهاية الأسبوع في طهران بين ممثلين عنهم وممثلين عن تركيا وإيران. تراقب إسرائيل من بعيد ما يجري في إدلب، في الوقت الذي تواصل فيه سياستها الثابتة بعدم التدخل في سورية، حتى في حال حدوث مذبحة جماعية للمدنيين. وهذه سياسة صحيحة ضمن أطر السياسة الواقعية، لكن من المهم القول إنها توصم إسرائيل بوصمة أخلاقية.
- على الصعيد العملاني ستواصل إسرائيل تركيزها على المعركة بين الحروب التي تخوضها في مواجهة المحاولة الإيرانية بناء قوة عسكرية متقدمة في سورية ولبنان وربما في العراق أيضاً. ولهذه المعركة هدفان: منع التعاظم العسكري؛ وضرب قدرات سلاح صاروخي منحني المسار متقدم. حتى الآن نجحت إسرائيل في المس بعناصر قوة مهمة للإيرانيين من دون الانزلاق إلى مواجهة واسعة. معركة إسرائيل التي تستند إلى معلومات استخباراتية ممتازة وسلاح جو متفوق، هي الآن في الجولة الأولى فقط.
- من الضروري أن نفحص بصورة متواصلة إذا كان بناء القوة الإيرانية قد تضرر بصورة كبيرة، وأن نتذكر أن المهم ليس عدد عمليات القصف، بل إذا كان هذا القصف حقق الهدف الاستراتيجي الذي حدث من أجله. بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نسأل هل الحرب المقبلة تبتعد أم أننا نُسرع في اتجاهها.
0 comments: