".
نتنياهو: جولة التصعيد لا تزال في أوجها
علي حيدر
نجحت إسرائيل في توسيع هامش مناورتها العملانية إزاء قطاع غزة، بعد تقديرات سادت المؤسسة الإسرائيلية من إمكان أن يؤدي التغيير الذي حصل في القاهرة الى تقييد حركة جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقابل فصائل المقاومة في قطاع غزة. وتمكنت حكومة الاحتلال، بالاتكاء على رؤية وتقدير لواقع الساحة المصرية، من تبديد مخاوف وآمال انتشرت في الساحتين الإسرائيلية والعربية حول مظلة الحماية التي فرضها إسقاط نظام مبارك، على قطاع غزة، على خلفية تقدير مفاده بأن تل أبيب لن تتجرأ بعد اليوم على المبادرة الى اعتداءات عسكرية مباشرة، خوفاً من تداعيات ذلك على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية على الأقل.
وقد أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لدى افتتاحه جلسة الحكومة، أمس، أن جولة التصعيد الحالية في قطاع غزة، «ما زالت في أوجها»، مشيراً الى أن «الجيش يضرب بقوة شديدة، وقد جبينا ثمناً ولا نزال نجبي الثمن وسنعمل كلما تطلب الأمر ذلك». وفيما اعتبر نتنياهو أن «منظومة القبة الحديدية أثبتت نفسها وسنهتم بتوسيعها»، رأى أن القوة الكبرى التي تملكها إسرائيل تتمثل بـ«قدرة المواطنين على الصمود».
في المقابل، دعا وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الى إسقاط حكم حماس، مؤكداً أن «عملية برية في غزة غير مرغوبة إذا لم نحدد في الحال أن أحد أهدافها سيكون إطاحة نظام حماس في غزة والقضاء على الإرهاب».
في موازاة ذلك، رأى وزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون أن جولة التصعيد الحالية أثبتت فشل نظرية أن الوضع الجديد في مصر المنبثق عن الثورة يكبّل يد إسرائيل في قطاع غزة. وأكد يعلون أن الجانب المصري يجري جولات من الحوار لإنهاء الأزمة، لافتاً الى أن إسرائيل لا تجري مفاوضات مع «حماس المسؤولة عما يجري في القطاع». وكشف يعلون أيضاً عن أن إسرائيل أرادت توجيه رسالة واضحة للغاية، مفادها: «إذا واصلتم إطلاق النار فسنطلق النار عليكم، وإذا أوقفتم النار فسنوقف إطلاق النار».
وحول المخاوف من إطلاق فصائل المقاومة في القطاع صواريخ يصل مداها الى 75 كيلومتراً، وتصل الى منطقة غوش دان، هدد يعلون بالقول إننا «نعرف كيف نرد، لكن حالياً هم يطلقون صواريخ يصل مداها الى 40 كيلومتراً».
وأكد وزير المال يوفال شطاينتس أن «إسرائيل ستضطر عاجلاً أو آجلاً الى القضاء على حكم حماس في قطاع غزة، مضيفاً إن الأوضاع في القطاع أصبحت لا تطاق ولا تستطيع إسرائيل القبول لفترة طويلة بحكم حماس والجهاد الإسلامي». من جانبه، أعرب وزير المواصلات يسرائيل كاتس، عن اعتقاده بضرورة الانفصال بشكل مطلق عن قطاع غزة بما يشمل إغلاق المعابر ونقل المسؤولية المدنية عنه الى السلطات المصرية.
أما رئيس أركان الجيش بني غانتس، فقد أكد أن إسرائيل «ستستمر في الرد على أي عملية إطلاق نار من قطاع غزة الى حدود دولة إسرائيل السيادية»، محمّلاً حركة حماس المسؤولية عن الضربات الصاروخية. وفي رسالة ردعية واضحة الدلالة، أعلن الناطق باسم الجيش يؤاف مردخاي أن «الجيش اتخذ الاستعدادات للقيام بعملية برية في حال اتخاذ مثل هذا القرار».
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن التصعيد الذي يشهده قطاع غزة، «جرى التخطيط له» بشكل مسبق، وأن الجيش الإسرائيلي «أعد كميناً». ولفتت الصحيفة الى أن قيادة المنطقة الجنوبية للجيش «استعدت بصورة دقيقة قبل ذلك بعدة أيام لهذا التصعيد»، كما «نشر سلاح الجو مسبقاً ثلاث بطاريات «قبة حديدية، وغطى سماء القطاع بمنظومة سميكة من الطائرات المتنوعة». وأضافت يديعوت أنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ من القطاع «فإنه سيتم إعطاء ضوء أخضر للجيش بتوسيع العمليات
»
عين إسرائيل على مصر... و«حماس»
محمد بدير
وسط الإجماع الإسرائيلي على التهليل لـ«إنجازات» منظومة «القبة الفولاذية» التي تمكّنت، بحسب إحصاءات جيش الاحتلال، من اعتراض الجزء الأكبر من صواريخ المقاومة الفلسطينية، توزعت التعليقات الصحافية العبرية حول المواجهة القائمة على جبهة قطاع غزة، بين اتجاهات عدة؛ البعض ركّز على جدوى عمليات التصفية الوقائية التي ينفذها الجيش، والبعض الآخر انتقد جدواها، فيما ذهب معلقون نحو الإضاءة على «الورطة» التي تعانيها حركة «حماس» من جراء اضطرارها إلى إمساك العصا من طرفيها في ظرف كهذا. حتى إن فئة أخرى من المراقبين قاربوا ما يحصل من زاوية الموقع الجديد لمصر، وانعكاسه على العلاقة معها. وتحت عنوان «التصفيات لم تعد ناجعة»، رأى روني شاكيد في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن عمليات الاغتيال لم تعد تمثّل اليوم ضرراً على القدرة التنفيذية للمنظمات الفلسطينية في غزة، ولا على كفاءتها أو دوافعها، وذلك في ضوء تطورها التنظيمي وتحولها إلى أطر شبه نظامية. وتابع شاكيد «بل على العكس، فهم يردون على التصفيات بنيران صاروخية كثيفة ولديهم قدر أكبر من الصواريخ بمواصفات صناعية يقترب مداها من ضواحي تل أبيب». وعلى أساس أنه «لا يُحتمل أن تشل المنظمات العاملة تحت رعاية حماس (في غزة) الحياة الطبيعية لنحو مليون من سكان إسرائيل»، أشار الكاتب إلى أن تل أبيب ملزمة بأن «تجد السبيل للتواصل مع المسؤولين في القطاع، وفي هذه اللحظة هؤلاء هم حماس التي يجب التوصل معها إلى حوار هادف بهدف تحقيق تهدئة طويلة المدى».
إلا أن بن كسبيت في «معاريف» أثنى على «تغيير القرص» الذي قامت به المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، عبر العودة إلى سياسة الهجمات الوقائية وعدم الخشية من تداعياتها الإقليمية. ورأى كسبيت أن «إسرائيل ملّت من تأدية دور البط في ساحة الرماية، وقرّرت أخذ المبادرة رغم اشتعال الجبهة». ولفت إلى ضرورة «التهليل لهذا التوجه المتجدد، فالإرهاب في غزة حي وموجود ويرفس، وهو يزداد قوة وتنظيماً ويراكم الوسائل ويجمع المعلومات، وكل عدة أشهر يتحول النصف الجنوبي من إسرائيل إلى رهينة وينزل إلى الملاجئ». وإذ انتقد الكاتب عدم استكمال المهمة في «عملية الرصاص المصهور» قبل ثلاثة أعوام، فقد استدرك بـ«إننا نأكل اليوم الثمار العفنة لذلك اليوم، وسنواصل أكلها إلى أن نفهم أن أحداً لن ينظف غزة من أجلنا وأن الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة».
من جهة ثانية، رأى عميت كوهين في «معاريف» أيضاً أن «حماس» تجد نفسها «خلال نصف عام في زاوية غير مريحة: في ذروة جولة تصعيد، مع قدرة تأثير قليلة على الأحداث». وشرح الكاتب «ورطة حماس» التي «حاولت هذه المرة أيضاً إمساك العصا من طرفيها: استخدام الخطاب المتشدد الذي يضعها إلى جانب منظمات الإرهاب من دون أن ينضم رجالها إلى دائرة القتال». وعرض الكاتب عدة تصريحات لمسؤولين في الحركة تظهر «اللغة الغامضة والملتبسة» التي تعتمدها الحركة في مقاربة المواجهة القائمة كما تظهر «الحيادية التي تثير الانتقاد حتى بين صفوفها».
بدوره، لاحظ أليكس فيشمان في «يديعوت» أن «إسرائيل تضع حكومة حماس أمام معضلة حقيقية: في وقتٍ تسعى فيه الحركة إلى أن تكون الجهة السياسية البراغماتية في نظر العالم، هل ستكون لها القوة والرغبة للجم نار الجهاد الإسلامي التي تهدد هيمنتها في قطاع غزة؟». وأوضح فيشمان أن «القرار في إسرائيل هو عدم التساهل مع حماس في ضوء هذه المعضلة، بل مواصلة الضغط إلى أن تتوقف النار». وتوقف كل من محلل الشؤون العسكرية ومحلل الشؤون الفلسطينية في «هآرتس»، عاموس هارئيل وآفي يسسخاروف، عند النقطة نفسها. ورأيا أن «حماس تواجه في الشهور الأخيرة معارضة متصاعدة تتمثل في حركة الجهاد الإسلامي التي كانت في الماضي حليفة لحماس ضد السلطة الفلسطينية وأصبحت الآن التحدي الأكبر لقدرة حماس لبسط هيمنتها على القطاع». وإذ أكدا أن الحركة «ليست معنية بالتصعيد الحالي»، وأن هذا كان السبب وراء طلب الحركة الإسلامية من القيادة المصرية التدخل لوقف التصعيد، فقد أشارا إلى «الحذر الكبير» الذي تبديه تل أبيب حيال مصر «ما بعد سقوط نظام حسني مبارك» في تحركها العسكري على جبهة القطاع. وخلصا إلى أن «إدخال مصر في المعادلة يقيّد حرية المناورة الإسرائيلية كثيراً، إذ لم يعد بإمكان الجيش تنفيذ عمليات اغتيال داخل الأراضي المصرية».
لكن المحلل العسكري في «معاريف»، اللواء في الاحتياط يسرائيل زيف، رأى أن التعامل مع مصر من خلال التصعيد الحالي مختلف عمّا يصفه هارئيل ويسسخاروف، لأن «القصة الحقيقية من وراء تبادل الضربات في نهاية الأسبوع الماضي ليست اغتيال هذا المسؤول أو ذاك، بل قدرة إسرائيل على العمل في غزة بهدف الردع والمس بالمنظمات الإرهابية منذ سقوط حسني مبارك»..
احتفال بـ«القبّة»: صواريخ المقاومة تتطوّر
علي حيدر
واصل قادة دولة الاحتلال، السياسيون منهم والعسكريون، تصعيدهم الكلامي المرفق باستمرار العدوان الدموي على قطاع غزة؛ فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداد جيشه لتوسيع عملياته في حال «تطلب الأمر ذلك». وقد تعهّد بضرب «كل من يخطط للمسّ بمواطنينا»، وبمواصلة مهاجمة فصائل المقاومة الفلسطينية «بقوة وحزم». وكان «بيبي» قد أطلق، قبل ذلك، سلسلة من المواقف، خلال لقاء مع رؤساء السلطات المحلية في جنوب فلسطين المحتلة، أعرب خلالها عن تعاطفه مع السكان، وتقديره العميق للجيش وجهاز «الشاباك». ورد نتنياهو على دعوة بعض رؤساء السلطات لشن عملية عسكرية في غزة، بالقول «نحن سنضرب كل من يخطط للمس بنا». وأشار إلى أن الجيش يوجه ضربات مؤلمة لـ«المنظمات الإرهابية»، لافتاً إلى تحسّن «القدرات الدفاعية لإسرائيل بعد نجاح القبة الحديدية في اعتراض جزء أساسي من الصواريخ»، رغم تحذيره من الاعتقاد بقدرة هذه المنظومة على تحقيق نجاح تام في حماية المدنيين من الصواريخ.
وفيما أكد نتنياهو على مواصلة العمليات في غزة، عبر سلاح الجو حصراً في هذه المرحلة، فإنه حاول حثّ المواطنين على التحلي بالصبر «الضروري لتحقيق النصر»، مشيراً إلى أن «الدمج بين وسائل الهجوم والدفاع ومناعة المواطنين، يسمح لنا بضرب الإرهاب بشكل دقيق ومؤلم».
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في احتفال بذكرى مرور عشرين عاماً على تفجير السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، أنه «طالما استمرت حماس في السيطرة على قطاع غزة، فليس هناك أي فرصة لموافقتنا على ممر آمن أو غير آمن بين الضفة والقطاع، سواء كان عُلوياً أو سفلياً».
إلى ذلك، رأت مصادر إسرائيلية أن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع في المرحلة الحالية، يشكل «خطوة إشكالية» بالنسبة إلى الدولة العبرية، بما أن مصلحتها الحالية تتمثل بمواصلة تركيز العالم على إيران وليس على غزة، فضلاً عن وجود توافق شامل داخل القيادة السياسية بعدم البدء حالياً بعملية برية في القطاع، خوفاً من تداعيات ذلك وتعريض اتفاقية السلام مع مصر الهشة للخطر.
بموازاة ذلك، أجرى وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس أركان جيش الاحتلال بني غانتس، ورئيس جهاز «الشاباك» يورام كوهين، تقديراً للوضع، جرى خلاله عرض «عدة إنجازات» تم تحقيقها حتى الآن، بدءاً بالمس بكبار مسؤولي لجان المقاومة الفلسطينية، رغم أن رجالها يواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، واستهداف قاسٍ نسبياً للمستوى العملياتي في «الجهاد الإسلامي»، وخصوصاً مَن يطلقون الصواريخ. وعلى ضوء الاحتفال بـ«نجاح» منظومة الاعتراض الصاروخي «القبة الحديدية»، فقد أوضح باراك أنه ينوي طلب إنتاج ونشر المزيد من بطاريات «القبة»، وهو ما أثار خلافاً في أوساط الحكومة المصغَّرة (الثمانية الوزارية)، بحسب وسائل إعلام عبرية لأن الكلفة المالية العالية لمنظومة الدفاع من شأنها أن تؤثّر على تطوير القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي.
وقد ظلّت فرضية القيادة العسكرية في إسرائيل متمحورة حول مواصلة شن الهجمات ضد القطاع، طالما تواصل إطلاق الصواريخ، وهو ما دفع بباراك إلى التحذير من أن «التصعيد الحالي يمكن أن يطول، والمطلوب الصبر». ولم يفت تل أبيب التذكير بالدور الإيراني في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية، إذ اتهم الجيش إيران بالوقوف خلف ما يجري في القطاع من ناحية الدعم والتمويل الذي تقدمه طهران لـ«الجهاد الإسلامي».
من جهة أخرى، ذكر موقع «Israel deffense» أن الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية أصبحت أكثر دقة وتصل إلى أداء أبعد مما كانت عليه في الماضي. وأشار الموقع المتخصص بالشؤون العسكرية إلى أن نشاط سلاح الجو المكثف لم يفلح في إسكات مصادر النيران الفلسطينية
.
غزّة: التهدئة الهشّة
محمد بدير
انتقادات إسرائيليّة بالجملة لسياسة تل أبيب تجاه القطاع: فكّروا قبل تكرار سياسة الاغتيالات
مليون إسرائيلي ظلوا على مدى 4 أيام رهائن صواريخ المقاومة في الملاجئ (دافيد بويموفيتش ــ أ ف ب)
هشاشة التهدئة التي أُبرمت بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة بوساطة مصرية، أثارت موجة انتقادات من المستويين السياسي والإعلامي تجاه الاستراتيجيا الأمنية لحكومة تل أبيب. الخلاصات كثيرة، والدعوات إلى عدم مواصلة الاستفزاز أكثر
بدت إسرائيل، أمس، كمَن يحتفل بعودة الهدوء إلى مستوطناتها الجنوبية، ما سمح بإطلاق سراح نحو مليون إسرائيلي كانوا على مدى الأيام الأربعة الأخيرة رهائن صواريخ المقاومة الفلسطينية التي حبستهم في الملاجئ. كل ذلك رغم اعتراف دولة الاحتلال بأن التهدئة التي اتُّفق عليها مع فصائل المقاومة بوساطة مصرية، تبقى «تهدئة هشة».
ووسط الحسابات الباردة التي بدأ مسؤولون ومعلقون في الدولة العبرية يجرونها حول نتائج جولة القتال بالنسبة إلى كلا الطرفين، شكّل سقوط 14 صاروخاً فلسطينياً على إسرائيل منذ دخول التهدئة حيّز التنفيذ، في مقابل غارة شنتها مقاتلات الاحتلال على قطاع غزة، تعبيراً مباشراً عن هشاشتها، الأمر الذي دفع بالجيش إلى إبقاء الانتشار الاحترازي لمنظومة «القبة الفولاذية» عند مشارف مناطق أشدود وعسقلان وبئر السبع خلال الأيام المقبلة، فيما استشهد فتى فلسطيني متأثراً بجراح أصيب بها خلال العدوان الأخيرة.
وجاء التشكيك الأكثر دلالة على هشاشة التهدئة على لسان قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، طال روسو، الذي قال إنه لا يعلم كم من الوقت ستستمر التهدئة، مشيراً إلى وجود «عناصر متمردة» في غزة لا تقبل بالتزامها. ورأى روسو، خلال زيارة لمنطقة المواجهة القريبة من قطاع غزة، أن «من يعتقد أن هناك قابساً (كهربائياً) يغلق ويفتح النار من غزة، فإن الأمر ليس كذلك. لا يوجد حل سحري، وقد تكون هناك أوضاع نضطر فيها إلى عملية أكبر؛ إذ لا توجد جهة واحدة تسيطر على القطاع وتعطي الأوامر بوقف النار».
وعلّق روسو على الانتقادات التي اعتبرت أن ردّ جيشه في القطاع كان «رخواً» بالقول: «نجري حسابات، وليس دائماً نحصل على النتيجة المتوقعة عندما نضرب بشدة أكبر، كذلك إن جولة إضافية لن تجلب حلاً كاملاً، وكل شيء مفتوح من ناحيتنا». وواصل الجنرال الإسرائيلي ما بدا أنه خفض لسقف التوقعات مما يمكن جيشه إنجازه في غزة، فأوضح أن «هدفنا كان إحباط عملية ضد مدنيين، وأنا لا أنظر إلى الجولة كنجاح أو نصر، بل من زاوية أنها أعطت جواباً لنقطة الانطلاق، ونحن لا نسيطر على كل مخرِّب أو منظمة تطلق النار في غزة». بدوره، أشار رئيس أركان جيش الاحتلال، بينى غانتس، إلى أن رد قوات الجيش في ما يتعلق بالتصعيد الأخير للأحداث في القطاع المحاصَر، «جاء ملائماً». ونقلت صحيفة «جيروزالم بوست» عن غانتس قوله: «لقد تعرضنا لانتقادات حادة عقب حادث اغتيال زعيم المقاومة الشعبية زهير القيسي، لكننا تعاملنا مع الأحداث بما هو مناسب خلال الأيام الأخيرة، وسنستمر على النهج نفسه في المستقبل».
وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحاق أهرنوفيتش، قد وجه انتقاداً شديد اللهجة إلى جولة القتال الأخيرة التي شهدتها غزة، ووصفها بـ«الفاشلة والطويلة أكثر من اللازم». وصرّح الوزير لموقع «عنيان مركزي» الإسرائيلي، ما مفاده أنه «سيمر وقت طويل حتى نفهم مغزى هذه الجولة الغريبة، مليون إسرائيلي حبيسو بيوتهم، والأعمال مشلولة، ومئات آلاف الطلبة والتلاميذ لم يذهبوا إلى مدارسهم، إضافة إلى الخوف والصدمة وملايين الشواكل التي أُهدرت عبر إطلاق صواريخ القبة الحديدية مقابل لا شيء على الطرف الآخر». ورأى الوزير، العضو في حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، أن الجيش «ظهر مشلولاً من الناحية الهجومية من دون أن ينفذ أي هجمة حقيقية، ولم يحسِّن مواقعه ولم يستغل فرصة تصفية مخازن الذخيرة ولم يعتقل أي مشبوه، لم يحقق شيئاً. إنه الشلل التام». وفي وصفه لنتائج الجولة القتالية الأخيرة من وجهة نظر تل أبيب، لفت الوزير إلى أنه لا «يوجد تفاهمات مفادها لا تطلقوا النار ونحن لن نطلقه أيضاً، لقد كانت هذه الجولة طويلة أكثر من اللازم، وكنا بحاجة إلى تشديد ردنا، وعلينا استخلاص العبر حتى يكون رد فعلنا في الجولة المقبلة أكثر إيلاماً وقسوة».
في المقابل، رأى عضو الكنيست عن حزب «كديما» المعارض، يسرائيل حاسون، أن الردع الإسرائيلي لوقف عمليات إطلاق القذائف الصاروخية من غزة لا يكفي. وشدد على أن الحاجة تستدعي نقل الرسالة المطلوبة إلى إيران وحزب الله، ومغزاها أن إسرائيل «لن تتسامح مطلقاً مع أي اعتداء على سيادتها».
وتوقفت تحليلات إسرائيلية عند جدوى جولة القتال من الناحية الردعية، وعلى مستوى ما تحقق من نتائج على المدى الأبعد. وفي السياق، رأت صحيفة «هآرتس» أن «السطر الأخير، كالعادة، يختلف قليلاً عما يرويه الزعماء لأنفسهم ولمواطنيهم». وتساءلت عما إذا كانت الحكومة «ستصدّق بسهولة على عملية اغتيال مشابهة (لاغتيال زهير القيسي) في المرة المقبلة، وهي تعلم أن الثمن سيكون مئات الصواريخ باتجاه الجبهة الداخلية وشل حياة ما يقارب مليون مواطن ممن سيضطرون إلى المكوث في الملاجئ».
وبشأن التهليل الإسرائيلي لـ«نجاح القبة الحديدية» في الجولة الأخيرة من العدوان، علّقت الصحيفة بالقول إن «الرد الذي تمنحه القبة كافٍ لمواجهة تحدٍّ محدود نسبياً من جهة غزة، لكن عندما ندخل إلى معادلة مستقبلية، فإن حزب الله أيضاً سيتصدّى للمواجهة بصواريخه الخمسين ألفاً». وخلصت إلى أنه «حينها، سندرك أن أربع بطاريات قبة حديدية هي ردّ جزئي على خطورة التهديد، إذ إنه من الناحية الفعلية، قفزت قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ عدة درجات، منذ حرب لبنان الثانية (2006)، والرد الذي يتعين على الجيش الإسرائيلي توفيره ضد هذا التهديد، إذا تحقق، سيبقى بمعظمه في المجال الهجومي». من جهته، انتقد بن كسبيت في «معاريف»، الوضع القائم على الجبهة الجنوبية الإسرائيلية، حيث يعيش «مليون نسمة في ظل صافرات الإنذار ولا يمكنهم أن يخططوا عرساً أو إجازة ويُعتبرون رهائن لمزاج عصابات الإرهاب المسلحة».
تمت ترقية نيتسان ألون لرتبة جنرال وعُين قائداً لقيادة المنطقة الوسطى
الجنرال ألون استبدل الجنرال أڨي ميزراحي الذي شغل هذا المنصب في الأعوام الثلاثة المنصرمة. رئيس هيئة الأركان العامة للجنرال ألون: خبرتك الميدانية ستساعدك في تنفيذ هذه المهمة المعقدة
تاريخ: 09/03/2012, 12:41 ص الكاتب: موقع جيش الدفاع الاسرائيلي
تم خلال اليوم (الخميس) تعيين العميد نيتسان ألون في منصب قائد قيادة المنطقة الوسطى وتمت ترقيته لرتبة جنرال في مراسم احتفالية أجريت في مقر هيئة الأركان في معسكر " رابين " (الكرياة) في تل أبيب. أجريت المراسم بحضور وزير الدفاع السيد ايهود باراك, رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بنيامين (بني) غانتس, وبحضور أعضاء منتدى هيئة الأركان العامة وعائلات القادة.
الجنرال ألون استبدل الجنرال أڨي ميزراحي الذي شغل هذا المنصب في الأعوام الثلاثة المنصرمة والذي من المتوقع أن يسافر الى الولايات المتحدة لمواصلة دراسته.
وزير الدفاع السيد ايهود باراك, قام بتهنئة الجنرال ميزراحي وقال له أنه أحضر معه الى هذا المنصب " خبرة طويلة وترك بصمته على الوحدات العسكرية واستعدادها للحرب وأيضاً على النسيج المركب لهذه المنطقة". هذا وأضاف وزير الدفاع في سياق كلمته التي وجهها الى الجنرال ألون, أنه " دخل اليوم الى واقع أكثر تعقيداً, والتي مررت فيها خلال العامين المنصرمين وأنت تحصل اليوم على المسؤولية الكاملة عليها. أنا أريد أن أتمنى لك الكثير من النجاح".
وكان رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بنيامين (بني) غانتس, قد وجه شكره لقائد قيادة المنطقة الوسطى المنتهية ولايته على الخدمة التي قدمها على مدار الأعوام في جميع الجبهات وأبدى تقديره لحكمته, لنشاطه ولجهوده الميدانية. وقدم رئيس هيئة الأركان العامة تهانيه لقائد قيادة المنطقة الوسطى الجديد وقال له أن خبرته الميدانية الكبيرة ستساعده في تنفيذ هذه المهمة المعقدة.
وكان قائد قيادة المنطقة الوسطى المنتهية ولايته, الجنرال أڨي ميزراحي, قد أشار الى أن " هذا هو المنصب الأكثر تحدٍ, تعقيداً والأصعب الذي قمت بشغله خلال سنوات خدمتي. أنا سعيد بالفرصة التي قُدمت لي, ألا وهي الاشتراك في بناء مستقبل دولة اسرائيل".
قائد قيادة المنطقة الوسطى الجديد, الجنرال ألون نيتسان, وجه شكره لوزير الدفاع ولرئيس هيئة الأركان العامة على الثقة التي أبدوها في اختياره لهذا المنصب وقال " أريد أن أوجه شكري لاختياري لهذا المنصب وسأعمل كل ما بوسعي لكي أقوم بإتمامه على أكمل وجه
".
يتدرب المقاتلون أكثر وأكثر من خلال المحاكاة
تم هذه السنة تسجيل ارتفاع في مُدربات القوات البرية حيث وصلت الى نسبة 75% بالاستخدام والتدريبات, حيث قام المقاتلون "باطلاق" ما مجموعه 7 ملايين رصاصة افتراضية
تاريخ: 02/03/2012, 11:55 ص الكاتب: عيدان سونسينو, موقع جيش الدفاع الاسرائيلي
ثلاثة مُدربات جديدة للقوات البرية (محاكاة) ستصل الى قاعدة التدريب اللوائية التابعة للقوات البرية, هكذا وحتى العام 2014 سيتم تزويد كل قاعدة تدريبات لوائية بمُدرب حديث نموذج iEST-2000. المُدرب في قاعدة التدريبات اللوائية جولاني سيكون نشطاً في العام 2013, وستكون باقي المُدربات قتالية في العام 2014, المُدرب في قاعدة التدريبات اللوائية جيڨعاتي, سيكون مرفق كبير ومميز بحيث يشمل على ثلاثة قاعات للتدرب على إطلاق النار بدل اثنتان, كذلك الأمر في بكاعوت, قاعدة التدريبات اللوائية للواء كفير.
مُدربات القوات البرية, والتي تمكن على التدرب بشكلٍ مُكثف وواقعي بدون إنفاق الكثير من الذخيرة الحقيقية, تم اتخاذها في الجيش كأداة مُفيدة وذات أهمية لتحسين الكفاءة الميدانية. تم خلال هذه السنة, تسجيل زيادة بنسبة تصل الى حوالي 75% بالاستخدام والتدريب, مقارنةً مع السنة المنصرمة. حيث قام المقاتلون "باطلاق" ما مجموعه 7 ملايين رصاصة من خلال الأسلحة الخفيفة وما يقارب المليون قذيفة من دون ان "يضيعوا" ولو رصاصة واحدة.
" الكثير عرفوا كيف يقومون باستغلال هذه الأداة الممتازة لزيادة كفاءة المقاتلين ولمساعدتهم", قالت لموقع موظف مدني جيش الدفاع الاسرائيلي, نوريت بولشيك, رئيس فرع مُدربات القوات البرية ومكافحة الارهاب. " تقوم العديد من الوحدات العسكرية من جميع أرجاء البلاد, على سبيل المثال, بالمجيء الى المُدربات الموجودة في مدرسة الهندسة العسكرية, وذلك بهدف التدرب".
تُمكن مُدربات القوات البرية, بعد الانتهاء من التدريب, أن يتم من خلال الحاسوب إعادة مشاهدة التدريب وذلك لكي يتم استخلاص العبر. " جراء إمكانية استخلاص العبر والتي نقدمها للجنود في نهاية التدريب, أظهر الجنود تحسناً ملحوظاً في أداء إطلاق النار حيث وصلت نسبة التحسن الى خمسة وعشرون بالمئة".
إضافةً الى ذلك, سيتم خلال الفترة القريبة إضافة وسائل قتالية لهذه التدريبات. حتى الآن قام المقاتلون الذي اعتادوا على استخدام بندقية من نوع تابور الى القيام بهذه التدريبات من ال- M-16. في هذه الأيام, يقومون بإضافة الى هذه المُدربات إمكانية إطلاق النار من خلال بندقية تابور, تابور – مُصغر وميتادور, قذيفة الكتف والتي يستخدمها المقاتلون باختراق المباني المُحصنة. هذا وسيتم إدخال ما يقارب الثلاث مائة بندقية تابور جديدة الى المُدربات خلال الفترة القريبة, والتي ستكون مزودة بالكهرباء والاتصال من دون ان تُلحق الضرر في الهيكل الحقيقي للسلاح.
إحدى التغييرات الهامة التي من المقرر أن تدخل هذه السنة الى مجال مُدربات القوات البرية هو إجبار جميع الجنود بعدد مُعين من ساعات التدريبات على المُدرب كجزء من التدريبات الأساسية له, بشكلٍ شبيهٍ لتأهيل طاقم الطيران مع مُدرب التحليق. من المفترض أيضاً أن يتم إدخال أداة جديدة لتدريبات الليزر الى الكرياة.
إضافةً الى ذلك, فلا تزال شعبة التدريبات للقوات البرية بمواصلة تطوير نطاقات خاصة للقوات الخاصة. هذا ومن المقرر ان يتم خلال السنة القريبة تعزيز منظومة الأهداف الخاصة لقوات القناصة, والتي سيتم إدخالها هذا العام وتوفر شاشة عرض الى جانب مُطلقي النار وتوفر صورة واضحة ودقيقة لإصابة الهدف. إضافةً الى ذلك, فمن المقرر أن يتم إدخال المزيد من النطاقات التي تحوي على أهداف متحركة من أجل تدريب ذات تحدٍ, مميز وواقعي أكثر للمقاتلين
.
"معاريف"، 9/3/2012
موفاز: على إسرائيل ألاّ تهاجم إيران وحدها ومشروعي للحل
هو قيام دولة فلسطينية على 65٪ من أراضي الضفة
من دون إخلاء المستوطنين
يخوض شاوول موفاز الانتخابات لرئاسة حزب كاديما ضد تسيبي ليفني، الرئيسة الحالية للحزب، ومن المنتظر أن تحدد هذه الانتخابات المستقبل السياسي لموفاز الذي يقول إنه ينوي في حال الخسارة الاستقالة من الحزب. فيما يلي بعض ما جاء في المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة:
س: ما أهمية فوزك في انتخابات كاديما في ظل ما تظهره استطلاعات الرأي من أن نتنياهو سيفوز بأصوات توازي ثلاث مرات الأصوات التي ستحصل عليها؟
ج: "سأحصل على عدد أكبر من الأصوات التي سيحصل عليها نتنياهو، فالجمهور لن ينتخبه للمرة الثالثة. إن سبب فوز نتنياهو في استطلاعات الرأي هو عدم وجود بديل، فتسيبي ليفني وأفيغدور ليبرمان أو شيلي يحيموفيتس أو يئير لبيد لا يشكلون بديلاً. عندما سأُنتخب رئيساً لكاديما سأشكل فريقاً موحداً في مواجهة نتنياهو وسوف نهزمه معاً، وسنقدم برنامج عمل اجتماعي جديد لإسرائيل."
س: ما سبب ثقتك بأنك ستفوز برئاسة كاديما؟
ج: "في الذكرى الـ 64 لاستقلال إسرائيل في نيسان/أبريل المقبل، سأصبح رئيساً للمعارضة، وفي الذكرى الـ 65 للاستقلال سأكون رئيساً للحكومة، ويومها سأكون في الخامسة والستين من العمر."
س: هل تعتقد أن إسرائيل قادرة وحدها على توجيه ضربة عسكرية لإيران؟
ج: "إذا لم نحصل على المظلة الأميركية وعلى دعم دول الغرب، فإن المخاطر التي ستواجهها إسرائيل في اليوم التالي للحرب ستكون مصيرية."
س: قبل أسبوعين قال نائب رئيس الحكومة موشيه يعالون في مقابلة أجرتها معه الصحيفة إن إيران ستمتلك خلال عام القنبلة القذرة، فما رأيك؟
ج: "علينا التفكير ملياً قبل استخدام الخيار العسكري ضد إيران. وفي رأيي، ثمة مجال لاستخدام العقوبات والمساعي الدبلوماسية وغيرها من أجل وقف المشروع النووي الإيراني. ويجب ألاّ ننسى أنه قبل أربعة أعوام قيل لنا إن إيران ستمتلك القنبلة النووية خلال عامين، الأمر الذي لم يحدث. إن الإيرانيين يتقدمون ببطء، وهذا يشكل جزءاً من سياستهم. في حال هاجمنا إيران وحدنا سيكون من السهل توجيه إصبع الاتهام إلينا، وسوف يتدهور الوضع بصورة خطيرة، إذ ستقوم إيران بالرد، وسيرد أيضاً من لبنان حزب الله، الذي تحول إلى دولة شيعية، ولا سيما أن حزب الله أقوى من الجيش اللبناني، كما أن سورية التي تشكل جزءاً من المحور الراديكالي ما زالت تحتفظ بقوتها العسكرية وقد تتدخل، وهناك أيضاً "حماس". ومعنى ذلك أن إسرائيل ستتعرض لسقوط آلاف الصواريخ."
س: لقد تحدث وزير الدفاع عن احتمال وقوع 500 قتيل نتيجة هجوم صاروخي على إسرائيل؟
ج: "أنا لا أتحدث عن ذلك، لكنني أتحدث عما سيجري في اليوم التالي للحرب وعن النتائج الاقتصادية، فالبورصة ستنهار والمستثمرون سيرحلون، وليس لدى أحد فكرة عما سيصبح عليه ثمن ليتر الوقود بعد الهجوم. أعتقد أن على الولايات المتحدة أن تقود المعركة ضد إيران، وأظن أن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص في القيادة العسكرية يفكرون مثلي."
س: لقد أدى انشغال العالم بالموضوع الإيراني إلى نسيان الموضوع الفلسطيني، ألا تعتبر هذا إنجازاً؟
ج: "لقد سعى نتنياهو لتحقيق ذلك، لكن الوقت لا يعمل لمصلحتنا. ففي المستقبل سيصعب علينا أكثر التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. ومن دون هذه التسوية لا يمكننا القيام بإصلاح اجتماعي داخلي. إن خطتي هي إقامة دولة فلسطينية على نحو 65 ٪ من أراضي الضفة الغربية من دون إخلاء مستوطنات، ومن ثم نستطيع الاتفاق على الحدود الدائمة وتحديد الترتيبات الأمنية. وعندما سيتحقق ذلك، فإن الوضع الاقتصادي والاستراتيجي لإسرائيل سيتحسن بصورة كبيرة،
طائرة ستخترق اجواء الاردن والعراق وصولا الى اهدافها المترامية100
Thursday, March 15, 2012 - 10:12 AM
رسمت شبكة "سي أن أن" الأميركية سيناريو للضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، التي وصفتها بأنها تختلف عن الضربة التي وجهتها إسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981 وللمفاعل النووي السوري عام 2007 .الضربة الإسرائيلية ضد إيران ستكون، مركبة حيث سيشارك فيها 100 طائرة تضم مقاتلات وطائرات تزود بالوقود في الجو، يتوجب عليها قطع مسافة تبلغ مئات الكيلومترات لكي توجه ضربات لثمانية مواقع داخل الإراضي الإيرانية.وبعكس العراق وسوريا حيث كان يتطلب في كل منهما ضرب هدف واحد، فإن المنشآت النووية الإيرانية موزعة على عدة مواقع في الدولة وتحظى بحماية دفاعات جوية، خاصة موقع "بوردو" الواقع على مقربة من قم.قصف المنشآت النووية الإيرانية مهمة أكثر تعقيدا، يقول أفرايم كام، مدير معهد الأمن القومي، لأنها أكثر اتساعا من ضرب المفاعل النووي العراقي الذي تم قبل 30 عاما، ويقول كام وآخرون، إن المهمة ستنفذ بواسطة طائرات "F-15i" و"F-16i"، وليس وليس بواسطة صواريخ يتم إطلاقها من غواصات. ويضيف أن إيقاع أضرار للمنشآت لنووية يتطلب استخدام أسلحة دقيقة الإصابة ،والصواريخ لا تفي بهذا الغرض.حسب المجلة الأمنية "جينس"، التي تتمتع بالكثير من المصداقية، تملك إسرائيل سربا واحدا من طائرات الـ"F-15i" راعم) ما يقارب 25 طائرة، وأربعة أسراب من طائرات الـ"F-16i" ( سوفا)، ناهيك عن أن سلاح الجو الإسرائيلي سيضطر إلى استخدام طائرات التزود بالوقود. وحسب داغلاس باري، من معهد الأبحاث الإستراتيجية الدولي في لندن، يملك الجيش الإسرائيلي سبع طائرات تزود بالوقود من طراز "كي سي 707" وأربع طائرات هركولس.الخبير الأمني يعتقد أن الطائرات الإسرائيلية ستحمل قنابل من طراز "جي بي يو 28" التي يبلغ وزنها 2200 كغم، وتستطيع إصابة أهداف تحت الأرض، وكل طائرة "F-15i" تستطيع حمل حتى ثلاث قنابل.
يشار إلى أن الجيش الأمريكي يملك قنابل من نوع "جي بي يو 57" التي تبلغ زنتها 13600 كغم، ولكن لا توجد مؤشرات على أن إسرائيل طلبت التزود بها، ناهيك عن أنها لا تملك طائرات من طراز "بي "2 و"بي 52" القادرة على حملها. إذا وجهت إسرائيل ضربة في الآونة القريبة فإنها ستفعل ذلك دون مساعدة أمريكية، يقول الخبير المذكور، وهو ما يشاركه مع العديد من الخبراء.اميلي تسورلي، خبيرة أمنية في "جينس" تقول، إن هناك أربعة أهداف رئيسية للضربة الإسرائيلية، منشآت تخصيب اليورانيوم في نتنز وبوردو، منشأة أصفهان والمنشأة النووية في آراك، وهي تشير إلى أن منشأة أصفهان ومنشأة آراك تقعان فوق الأرض ومن السهل ضربهما، في حين تقع منشأة نتنز تحت الأرض ويصعب ضربها. بالمقابل فإن منشأة بوردو أكثر صعوبة لأنها تكمن في قلب الجبل.تسورلي تضيف، إن قصف منشأة بوردو من شأنه أن يجلب نتائج عكسية، إذ أن انهيار مدخل المنشأة من دون التسبب بتدميرها سيحميها من ضربة إضافية، وهي غير واثقة بقدرة إسرائيل على تدمير منشأة بوردو بقصف جوي وتدمير منشآت آراك وأصفهان دون تدمير بوردو لا يستحق المخاطرة. تقول الخبيرة الأمنية مذكرة إنه تم نقل الكثير من أجهزة الطرد المركزي إلى المنشأة النووية في بوردو الواقعة بالقرب من قم
.
[حركة الجهاد الإسلامي خرجت منتصرة من
جولة المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل]
ليس من المبالغة القول إن حركة الجهاد الإسلامي هي التي خرجت منتصرة من جولة المواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وقطاع غزة، ذلك بأنها نجحت في أن تحشر حركة "حماس" في الزاوية، وفي أن تحظى بمزيد من التأييد في أوساط الشارع الفلسطيني في القطاع.
ومعروف أن حركة الجهاد الإسلامي ما زالت تتلقى الدعم المالي والأسلحة والوسائل القتالية من إيران. في المقابل فإن الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة في القطاع زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى سلطة "حماس". وفي ضوء ذلك تحولت حركة الجهاد إلى القوة الرئيسية التي تهدد هيمنة "حماس"، وخصوصاً في كل ما يتعلق بمقاومة إسرائيل.
ولا شك في أن هذا الوضع يتسبب بإحراج "حماس"، وقد حاول عدد من قادة هذه الحركة أن يعربوا ظاهرياً عن تأييدهم المواجهة العسكرية مع إسرائيل، لكنهم في الواقع عملوا من خلال مصر على التوصل سريعاً إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
إن سبب هذا الفارق بين حركة الجهاد وحركة "حماس" يعود إلى أن الأولى شأنها شأن لجان المقاومة الشعبية تتبنى أيديولوجيا المقاومة فقط، بينما تتطلع الثانية إلى تسلم زمام السلطة في جميع المناطق [المحتلة] ولذا فإنها تتصرف بمسؤولية، وتسعى للحصول على شرعية عربية ودولية.
وبالنسبة إلى التهدئة التي تم التوصل إليها أمس (الثلاثاء) بوساطة مصر، لا بد من القول إنها موقتة، ذلك بأن إسرائيل لا يمكنها أن تبقى مكتوفة اليدين إزاء تعاظم قوة الفصائل الفلسطينية في القطاع، ولا سيما حركة الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية، من الناحية العسكرية.
نحمان شاي - عضو كنيست عن حزب كاديما
"معاريف"، 14/3/2012
[على إسرائيل أن تدرس على المدى الطويل
التفاوض مع حركة "حماس"]
في المواجهة الأخيرة التي دارت بين إسرائيل ولجان المقاومة الشعبية، سارت إسرائيل إلى حافة الهاوية. فعلى الرغم من الإنجازات التكنولوجية التي حققتها القبة الحديدية والطائرات من دون طيار والهجمات الدقيقة على الأهداف الأرضية التي تشبه العمليات الجراحية والتي لم تؤد إلى سقوط ضحايا من المدنيين، إلاّ إنه كلما طال وقت المواجهة كلما ازداد احتمال وقوع ضحايا مدنيين من الطرفين.
يرى كارل كلاوزفيتس، أحد كبار المفكرين العسكريين، أن "الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى". أمّا في إسرائيل فنحن نفعل عكس ذلك، فالدبلوماسية هي استمرار للحرب والصراع المسلح، وعندما يتوقف إطلاق النار يحين وقت التحاور، ويتعين علينا أن نبدأ بالتفاوض.
أعلم أنه لا يمكن أن تتفاوض إسرائيل مع "حماس" ما دامت الحركة لم تقبل بشروط الرباعية الدولية [ومن بينها نبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات السابقة المعقودة مع إسرائيل]، ولم تتخل عن سياستها الداعية إلى القضاء على إسرائيل. لذا، نحن لا نتفاوض مع "حماس"، لكن هذا لا يمنعنا من تبادل الرسائل معها، إذ نكون بهذه الطريقة قد اعترفنا بأنها هي صاحبة الأمر في غزة، وأنها الطرف الناضج والمسؤول الذي حاول مؤخراً لجم التدهور.
إن حركة "حماس"، مثلها مثل حزب الله في الشمال، بدأت تتروض بالتدريج، وبالتصرف كسلطة تدرك حدود قوتها، وترغب في الحصول على الاعتراف الدولي. وفي إمكان إسرائيل والمجتمع الدولي أن يستخدما حوافز جديدة تجاه "حماس" لا تعتمد على القوة العسكرية أو العقوبات، وإنما حوافز أكثر ليونة من شأنها أن تشجعها على تبني أساليب العمل الطبيعية للكيانات السياسية.
لقد تصالحت "حماس" مع السلطة الفلسطينية، وتجري الآن محاولة تشكيل حكومة وحدة وطنية. ولهذا لا تستطيع إسرائيل البقاء في موقع اللامبالي إزاء المسار الناضج الذي تقطعه "حماس". من المحتمل، على المدى القصير، أن نكون مضطرين على مواصلة استخدام القوة العسكرية من أجل تحقيق التهدئة التي تخدم الطرفين. لكن، على المدى البعيد، يتعين على إسرائيل أن تدرس بجدية احتمال تحول "حماس" إلى شريك في المفاوضات.
إسرائيل تضبط ردة فعلها على إطلاق الصواريخ
من القطاع بهدف وقف جولة المواجهة العسكرية الحالية]
"يديعوت أحرونوت"، 13/3/2012
على الرغم من استمرار إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على المستوطنات والمدن الجنوبية، والتي سقط جزء منها في مناطق مأهولة بالسكان من دون أن يتسبب بسقوط قتلى، حاولت إسرائيل طوال نهار أمس (الاثنين) أن تكون ردة فعلها منضبطة قليلاً، وذلك بهدف وقف جولة المواجهة العسكرية الحالية التي تدور بينها وبين عدة فصائل فلسطينية في القطاع، في مقدمها حركة الجهاد الإسلامي، منذ نهاية الأسبوع الفائت.
وفي موازاة ذلك ازدادت المحاولات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، لكن حتى ساعة إغلاق هذا العدد لم تسفر أي من هذه المحاولات عن نتائج ملموسة.
في المقابل قال مصدر أمني رفيع المستوى في العاصمة المصرية القاهرة أمس (الاثنين) لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إنه تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين منذ منتصف الليلة الفائتة، وأعرب عن أمله بأن يحترم الجانبان هذا الاتفاق.
وعلمت الصحيفة أن مصر كانت من أبرز الجهات التي بذلت محاولات مكثفة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
مع ذلك أكدت مصادر رفيعة المستوى في القدس أن إسرائيل ما زالت تتمسك بموقفها، وفحواه عدم إجراء أي اتصالات مع حركة "حماس"، واعتبار هذه الحركة مسؤولة عن عمليات إطلاق الصواريخ من القطاع على المناطق الجنوبية، والاحتفاظ بحقها في مهاجمة كل من يتعرّض لها.
في الوقت نفسه أقرت هذه المصادر بأن هناك اتصالات تجري عبر عدة قنوات وتهدف إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، وشكرت المسؤولين المصريين على الجهود التي يبذلونها في هذا الصدد.
وقال بيان صادر عن حركة الجهاد الإسلامي إن على الذين يرغبون في وقف إطلاق النار أن يتوجهوا إلى إسرائيل لا إلى الحركة. وأكد البيان أنه في حال عدم وجود استعداد لدى إسرائيل لوقف إطلاق النار، فإن إطلاق الصواريخ عليها سيستمر، بما في ذلك إطلاق صواريخ يمكن أن تصل إلى ما بعد مدينة تل أبيب في وسط إسرائيل.
وأشار رئيس حكومة "حماس" المقالة إسماعيل هنية أمس (الاثنين) إلى أن مصر تبذل جهوداً حثيثة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، لكنه امتنع من الحديث على وقف إطلاق النار. وقال يونس الأسطل، أحد قادة "حماس" في القطاع، إن على إسرائيل أن توقف إطلاق النار لأنها هي التي بدأت هذا العدوان.
تجدر الإشارة إلى أن حركة "حماس" تتعرّض لضغوط كبيرة للانضمام إلى عمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وذلك منذ أن شهدت منطقة الحدود مع قطاع غزة تصعيداً أمنياً كبيراً عقب قيام إسرائيل يوم الجمعة الفائت باغتيال قائد لجان المقاومة الشعبية في القطاع زهير القيسي بواسطة قصف السيارة التي كان يستقلها بصاروخ من الجو.
"هآرتس"، 13/3/2012
[القبة الحديدية لا تشكل بديلاً من المفاوضات السياسية]
دخل معطى جديد وخادع على الحرب الدائرة في الجنوب، فإلى جانب تعداد القتلى والجرحى برزت الأعجوبة التكنولوجية التي اسمها القبة الحديدية وتحولت إلى البطل الحقيقي للأحداث. لم يعد سبب اندلاع الحرب أمراً مهماً، وانصب الاهتمام على تعداد عدد الصواريخ التي نجحت القبة الحديدية في اعتراضها، وبات هذا العدد هو مقياس النجاح أوالفشل. لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي: هل كان من الضروري بعد هذه الفترة الطويلة من الهدوء الدخول في مواجهة أجبرت مليون مواطن إسرائيلي على البقاء في الملاجىء؟ وهل يوازي اغتيال الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الثمن الذي دفعته الدولة نتيجة توقف الحياة الطبيعية، والضرر الذي لحق بالاقتصاد؟ والأهم من هذا كله، هل يستحق الاغتيال احتمال تدهور الوضع والانجرار إلى عملية عسكرية برية في غزة؟
لقد أشار وزير الدفاع إيهودا باراك إلى أن هذه الجولة من العنف في غزة بدأت بعد اغتيال زهير القيسي، أحد قادة لجان المقاومة الشعبية، الذي كان يخطط لهجوم كبير، وقد اعترف باراك بأنه ليس متأكداً من أنه قد تم إحباط هذا الهجوم. فإذا كان القيسي هو "قنبلة موقوتة"، فلا خلاف على أن تفكيكها أمر ضروري، لكن عندما يكون باراك غير متأكد من أن الهجوم نفسه قد أُحبط، فإننا نتساءل عما إذا جرى الأخذ في الحسبان تداعيات اغتيال القيسي كلها؟
بيد أن الأخطر من هذا كله هو أن يكون الاغتيال ذريعة للقيام بهجوم أوسع، وذلك استناداً إلى ما قاله رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قبل أسابيع بشأن اضطرار إسرائيل إلى القيام بعملية واسعة في غزة.
لقد فهم سكان جنوب إسرائيل مغزى الحرب ضد الإرهاب في غزة. وجاء الآن دور متخذي القرارات السياسية كي يدركوا أن القبة الحديدية لا تشكل بديلاً من وجود سياسة واضحة. من هنا يجب أن تتوقف الحرب الدائرة في الجنوب فوراً، فهي لن تقضي على الإرهاب ولن تقلل من أهمية الخطر المتربص بنا من غزة.
إن الحل يكمن في مكان آخر، في العودة إلى المفاوضات التي تتهرب منها الحكومة، محتمية بالقبة الحديدية.
شموئيل زاكاي- عميد احتياط والقائد السابق
لفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي
"يديعوت أحرونوت"، 13/3/2012
[على إسرائيل شن عملية عسكرية برية ضد
قطاع غزة وعدم الاعتماد على "القبة الحديدية" فقط]
إن النجاح الكبير الذي أحرزته منظومة "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ قصيرة المدى] خلال جولة المواجهة العسكرية الحالية مع قطاع غزة من شأنه أن يخلق وهماً قاتلاً فحواه أنه يمكن الاعتماد على هذه المنظومة فقط لحل المشكلات المعقدة التي ستواجهها إسرائيل في القطاع في المستقبل. وبرأيي فإن التصريحات التي صدرت عن بعض القادة العسكريين والمسؤولين السياسيين الإسرائيليين في إثر ذلك والتي تضمنت التباهي بنجاح هذه المنظومة، والاستخفاف بقوة المنظمات "الإرهابية" في القطاع، تثير القلق الشديد إزاء ما سيحدث في المستقبل.
إزاء هذا لا بد من القول إن منظومة "القبة الحديدية" لن تحل المشكلات التي نواجهها في المنطقة الجنوبية، وإقدام إسرائيل يوم الجمعة الفائت على اغتيال زهير القيسي، قائد لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة، يشكل تعبيراً عن تصاعد قوة هذه المنظمات. في الوقت نفسه فإن سقوط النظام السابق في مصر، وتحوّل شبه جزيرة سيناء إلى قاعدة "إرهابية"، لا يبقيان خياراً أمام إسرائيل لكبح "الإرهاب" الذي يتم تصديره إلى مصر إلا من خلال القطاع فقط.
ولا شك في أن المعادلة التي أوجدتها المنظمات الفلسطينية وفحواها أن أي عملية اغتيال بحق نشيطين فلسطينيين تجرّ وراءها عمليات إطلاق صواريخ مكثفة على إسرائيل، هي معادلة خطرة للغاية بالنسبة إلينا، وتقويضها يحتاج إلى ما هو أكثر من "القبة الحديدية" وسائر الوسائل الدفاعية.
على الحكومة الإسرائيلية أن تستوعب جيداً أن هناك واقعاً جديداً في المنطقة الجنوبية، وأن هذا الواقع يستلزم وسائل دفاعية فعالة أكثر تشمل وسائل هجومية، وذلك كي يكون في إمكانها أن تتجاوز التآكل الذي طرأ على قوة الردع الإسرائيلية منذ شن عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية قبل أكثر من ثلاثة أعوام.
كما يتعين على الحكومة أن تستوعب أن تعاظم قوة الفصائل الفلسطينية في القطاع، ولا سيما حركة الجهاد الإسلامي، من الناحية العسكرية، تقرّب اللحظة التي لا بد فيها من شن عملية عسكرية واسعة النطاق على القطاع. وبناء على ذلك يجب منذ الآن أن نحدد الأهداف القصوى لهذه العملية، وأن نهتم بالحصول على تأييد دولي واسع لها. ولدى شنّ هذه العملية على الحكومة أن تأخذ في الاعتبار أيضاً عدة عوامل أخرى، منها: انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة؛ الأوضاع الحساسة في مصر؛ إمكان صرف أنظار الرأي العام في العالم عن أعمال القتل التي يرتكبها نظام بشار الأسد في سورية ضد أبناء شعبه؛ تداعيات عملية كهذه على علاقات إسرائيل مع كل من الأردن وتركيـا.
[باراك: جولة المواجهة العسكرية الحالية
مع قطاع غزة قد تستمر فترة طويلة]
"هآرتس"، 12/3/2012
عقد كل من وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء بني غانتس، ورئيس جهاز الأمن العام [شاباك] يورام كوهين، أمس (الأحد) اجتماعاً خُصص لتقويم الوضع في منطقة الحدود مع قطاع غزة.
وقد شهدت هذه المنطقة تصعيداً أمنياً كبيراً عقب قيام إسرائيل يوم الجمعة الفائت باغتيال قائد لجان المقاومة الشعبية في القطاع زهير القيسي بواسطة قصف السيارة التي كان يستقلها بصاروخ أطلق من الجو، وفي إثر ذلك قام نشيطو لجان المقاومة وحركة الجهاد الإسلامي بإطلاق مئات الصواريخ وقذائف الهاون على المستوطنات والمدن الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وعلمت صحيفة "هآرتس" أن هذا الاجتماع الأمني خلص إلى عدة استنتاجات في مقدمها أن إسرائيل حققت عدة إنجازات خلال جولة المواجهة العسكرية الجديدة هذه، منها: التعرّض لنشيطين آخرين من لجان المقاومة الشعبية على الرغم من استمرارهم في إطلاق الصواريخ ولا سيما قصيرة المدى على إسرائيل؛ التعرّض لنشيطين من حركة الجهاد الإسلامي وخصوصاً الذين يطلقون الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل؛ تمكن منظومة "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ قصيرة المدى] من توفير الحماية للسكان المدنيين في المستوطنات والمدن الجنوبية.
وقال وزير الدفاع أمس (الأحد) إنه ينوي أن يطلب من الحكومة الإسرائيلية اعتبار منظومات الدفاع ضد الصواريخ وقذائف الهاون على أنها "مشروع طوارئ قومي"، الأمر الذي من شأنه أن يتيح إمكان إنتاج مزيد من منظومات "القبة الحديدية" ونصبها في عدة مواقع.
ومن المتوقع أن يتم في غضون الأسابيع القليلة المقبلة استخدام منظومة رابعة من "القبة الحديدية" من جانب الجيش الإسرائيلي.
وأشار وزير الدفاع أيضاً إلى أن المواجهة العسكرية الحالية التي تخوضها إسرائيل مع عدة منظمات فلسطينية في القطاع يمكن أن تستمر فترة طويلة لأن الجيش ينوي أن يرد على أي صاروخ يُطلق على المنطقة الجنوبية.
وأكد رئيس هيئة الأركان العامة أن الجيش الإسرائيلي سيرد بقوة شديدة على أي صاروخ يطلق من القطاع، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن إسرائيل غير معنية بتصعيد الوضع، وترى أن حركة "حماس" تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يحدث في القطاع.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد) إن إيران تقف وراء التصعيد الأخير الذي تشهده منطقة الحدود مع قطاع غزة، وذلك من خلال تأييدها حركة الجهاد الإسلامي، وحثها هذه الحركة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
ونقلت صحيفة "معاريف" (12/3/2012) عن ضباط كبار في قيادة الجيش الإسرائيلي قولهم إن نجاح منظومة "القبة الحديدية" في إسقاط معظم الصواريخ التي تم إطلاقها على المناطق المأهولة بالسكان يشكل فرصة لزيادة وطأة الضغوط على المنظمات "الإرهابية" في قطاع غزة، بما في ذلك حركة "حماس"، ولتعزيز قوة الردع الإسرائيلية التي تآكلت كثيراً بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية.
وأضافت الصحيفة أن عدداً من أعضاء "طاقم الوزراء الثمانية" يعارض نية وزير الدفاع باراك تزويد الجيش الإسرائيلي بمزيد من منظومات "القبة الحديدية"، وذلك بحجة أن تخصيص ميزانيات طائلة لتطوير منظومات دفاعية سيكون على حساب استمرار تطوير القدرات الهجومية لدى الجيش الإسرائيلي.
[نتنياهو يصدر أوامر تقضي بإغلاق الطريق على طول
منطقة الحدود مع مصر تحسباً من احتمال شن عمليات "إرهابية" منها]
"يديعوت أحرونوت"، 12/3/2012
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه أصدر أوامر تقضي بإغلاق الطريق على طول منطقة الحدود مع مصر، تحسباً من احتمال شن عمليات "إرهابية" انطلاقاً من تلك المنطقة. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في حالة تأهب قصوى لمواجهة إمكان وقوع عمليات كهذه.
وجاءت أقواله هذه في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، وقد أشار فيها إلى أن إسرائيل عمدت يوم الجمعة الفائت إلى "اغتيال مخرب كبير كان قد دبر الكثير من الاعتداءات التخريبية ضد دولة إسرائيل [يقصد قائد لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة زهير القيسي]".
وأضاف أن القيسي كان في غمرة التخطيط لارتكاب اعتداء "إرهابي" يستهدف منطقة الحدود الجنوبية مع مصر لكن عملية اغتياله شوّشت التخطيط للاعتداء المذكور، وأن الأيام المقبلة ستكشف مدى جدوى هذه الخطوة على الرغم من أنها أدت إلى اندلاع جولة جديدة من المواجهة العسكرية مع لجان المقاومة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى.
وأكد رئيس الحكومة أن الجيش الإسرائيلي سيستمر في ضرب هذه المنظمات بقوة، وكال المديح لعملية اغتيال القيسي التي نفذها الجيش والدوائر الأمنية والاستخباراتية الأخرى، والتي جعلت العناصر "الإرهابية" الفلسطينية تدفع ثمناً باهظاً، وشدد على أن إسرائيل ستستمر في جباية الثمن من هذه العناصر، وستقوم بالعمليات العسكرية اللازمة كلما تطلّب الأمر ذلك.
وأضاف نتنياهو: "كما يجب التنويه بأن منظومة القبة الحديدية أثبتت فعاليتها بشكل جيد، وسوف نحرص على زيادة إنتاجها وتوسيع دائرة نصبها في غضون الأشهر والأعوام المقبلة. غير أن القوة الأشد المتوفرة لدينا هي قوة الصمود من جانب السكان ورؤساء السلطات المحلية والمواطنين الإسرائيليين والحكومة. وهذا يعني أننا نتخذ الإجراءات الدفاعية اللازمة لكننا نعتمد أيضاً على الوسائل الهجومية. ولا يساورني أدنى شك بالنسبة إلى استمرار تعاملنا الناجح مع التهديدات الإرهابية المحيطة بنا بفضل هذا التكامل بين الوسائل الهجومية والدفاعية والمناعة الداخلية المطلوبة."
[الجنرال نيتسان ألون يتسلم مهمات
قائد المنطقة العسكرية الوسطى]
"يديعوت أحرونوت"، 12/3/2012
تسلم الجنرال نيتسان ألون أمس (الأحد) مهمات قائد المنطقة العسكرية الوسطى خلفاً للجنرال آفي مزراحي الذي شغل هذا المنصب خلال الأعوام الثلاثة الفائتة.
وجرت مراسم تقليد ألون مهمات منصبه هذا باشتراك رئيس هيئة الأركان العامة اللواء بني غانتس. وفي هذه المناسبة تكلم قائد المنطقة العسكرية الوسطى المنتهية ولايته الجنرال مزراحي فدعا قادة المستوطنين إلى التنصل من عمليات "جباية الثمن" التي تنفذ ضد الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم، وضد قوات الجيش الإسرائيلي. وأضاف أنه لا بد أيضاً من التنصل من نشاط حركة "شبيبة التلال" الاستيطانية التي يعتبر جزء من أعمالها إرهاباً بكل ما في الكلمة من معنى.
وتولى ألون حتى فترة قريبة منصب قائد فرقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في الجيش الإسرائيلي، وقد اتسمت علاقته بزعامة المستوطنين في الضفة الغربية بقدر كبير من التوتر والمشاحنات. وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى قد أكدت في وقت سابق أن تعيينه في منصب قائد المنطقة العسكرية الوسطى الذي يعتبر المسؤول العسكري الأرفع مستوى عن مناطق الضفة الغربية كلها ينطوي على رسالة من جانب قيادة المؤسسة الأمنية إلى المستوطنين فحواها أن هذه المؤسسة تدعم الضباط الذين يقفون بالمرصاد لممارساتهم التي تفاقمت في الآونة الأخيرة.
كان إعلان تعيين ألون في هذا المنصب في كانون الأول/ ديسمبر الفائت قد أثار غضباً عارماً في صفوف المستوطنين وأحزاب اليمين المتطرف، واشار هؤلاء إلى أن ألون ينكّـل بالمستوطنين لأن زوجته نشيطة في منظمة "محسوم ووتش" التي تراقب سلوك جنود الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في الحواجز العسكرية المنتشرة في شتى أنحاء المناطق [المحتلة]. وقال باروخ مارزل، أحد نشيطي اليمين المتطرف، إن تعيين ألون قائداً للمنطقة العسكرية الوسطى يثبت أن وزير الدفاع إيهود باراك يسعى لحرب أهلية، بينما قال نوعام فيدرمان، من زعماء المستوطنين في الخليل، إن هذا التعيين يشكل إعلان حرب على المستوطنات.
تسفي برئيل - محلل سياسي
"هآرتس"، 12/3/2012
التصعيد في الجنوب يخدم إسرائيل
[الحكومة الإسرائيلية تريد استدراج "حماس" إلى مواجهة عسكرية
كي تثبت عدم "وجود محاور" فلسطيني]
لا يمكن أن يحصل مؤيدو الهجوم على إيران على مشهد مقنع أكثر من مشهد تبادل إطلاق النار الحاصل بين إسرائيل وغزة كي يقولوا إن المليون مواطن إسرائيلي الذين يعيشون حالياً تحت النار في جنوب إسرائيل، هم نموذج لما سيحدث عندما ستمتلك إيران السلاح النووي، حينها سيكون هناك سبعة ملايين إسرائيلي تحت خطر السلاح النووي. وعلى الأرجح فإن مؤيدي شن هجوم على إيران سيستخدمون ما يجري للتشديد على ضرورة القيام بهذا الهجوم، مدعين أن الوقت الحالي هو الوقت الأفضل نظراً إلى ملاءمة الطقس، وإلى أن الدبلوماسية الدولية مشغولة بسورية، كذلك سيقولون إن النجاعة التي أثبتتها منظومة القبة الحديدية لدى اعتراضها نحو 95٪ من الصواريخ التي أُطلقت في الأيام الأخيرة من غزة على إسرائيل هي أفضل دليل على أن مهاجمة إيران لن تلحق ضرراً بمواطني إسرائيل. من هنا فإن التصعيد الأخير يخدم هذه الفئة من الإسرائيليين التي ترى أن لا مفر من مهاجمة إيران.
من ناحية أخرى، من الصعب معرفة الافتراض الذي تستند إليه إسرائيل في قولها إنها لا ترغب في تصعيد الوضع. فهي، على الأرجح، توقعت أن تتسبب عملية اغتيال القيسي برد مسلح من جانب لجان المقاومة الشعبية والجهاد الإسلامي. لكن، هل أخذت إسرائيل في اعتبارها احتمال أن يؤدي الرد على عملية الاغتيال إلى وقوع عدد من القتلى الإسرائيليين أكبر من العدد الذي كان يمكن أن يقع بسبب الهجوم الذي كان يخطط له القيسي؟
إن عدم وجود جواب واضح عن هذا السؤال يدفعنا إلى الافتراض أن متخذي قرار تصفية القيسي استندوا في قرارهم إلى استراتيجيا الرد المحدود، أي الاستراتيجيا التي تقوم على مبدأ اغتيال وردة فعل ورد على الرد، بحيث يبقى مستوى المواجهة مضبوطاً من جانب الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى التصريحات المعتادة القائلة إن "إسرائيل لا ترغب في تصعيد الوضع"، فهل هذا صحيح؟
كيف نفسر تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قبل بضعة أسابيع، والتي أشار فيها إلى حتمية القيام بعملية واسعة في غزة؟ وماذا لو لم يتبن الجهاد الإسلامي الاستراتيجيا الإسرائيلية، ولم يوقف إطلاق النار؟ فهل سيقوم رئيس الأركان بتنفيذ تهديده، وتشن إسرائيل عملية "رصاص مسبوك ثانية"؟
في مقابل ذلك، يبدو سعي "حماس" لوقف التصعيد، الذي أخذها على حين غرة، مفهوماً. إذ تعاني الحركة من خلاف سياسي داخلي، وتبحث قيادتها بعد مغادرتها سورية عن مقر لها، وحتى الآن لم يثمر الحوار مع "فتح" عن اتفاق على حكومة وحدة وطنية. كذلك تواجه الحركة نقاشاً أيديولوجياً في ظل إعلان حركة الإخوان المسلمين، التي تشكل مرجعها الأيديولوجي، استعدادها التحاور مع الولايات المتحدة ودرس اتفاقات كامب ديفيد.
لقد استطاعت حركة "حماس"، على الرغم من عدم سيطرتها الكاملة على جميع التنظيمات الناشطة في غزة، إلى التوصل إلى تفاهمات مهمة مع مختلف هذه التنظيمات، بمن فيهم الجهاد الإسلامي، من أجل المشاركة في عملية المصالحة مع "فتح". كما تقود "حماس" سياسة خارجية مكثفة، ولا سيما مع مصر التي تضمن انتقال المواطنين الفلسطينيين عبر معبر رفح وتساعد في مرور البضائع عبر الأنفاق وتؤمن مادة السولار الضرورية من أجل توليد الكهرباء في غزة. ومما لا شك فيه أنه لم يعد في مقدور "حماس" الانفصال عن مصر، وهي باتت تابعة للسياسة المصرية تجاه إسرائيل، وقد ساهمت هذه التبعية لمصر في التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل أثبت صموده، ولا سيما بعد توقيع المصالحة مع "فتح"، وتصريحات خالد مشعل التي قال فيها إن "حماس" ستتبنى النضال غير المسلح ضد إسرائيل.
لكن يبدو أن هذا التغيير في مواقف "حماس" لم يقنع إسرائيل، ناهيك عن أنه يؤذي سياستها القائلة بعدم "وجود محاور فلسطيني"، ويعرقل مساعيها الرامية إلى منع قيام حكومة وحدة فلسطينية، والتي في حال قيامها ستؤدي إلى تجديد المطالبة الفلسطينية من الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. لذا، من الضروي بالنسبة إلى إسرائيل استدراج "حماس" إلى عملية عسكرية ضدها.
حتى الآن لم يحدث ذلك، فما زالت "حماس" تفضل المسعى الدبلوماسي، وقد أجرت في الأيام الأخيرة لقاءات مكثفة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر.
وعلى الأرجح سيكون على إسرائيل انتظار مناسبة أخرى لاستدراج "حماس". لكن يمكن القول إنها نجحت، ولو لزمن قصير، في تحويل انتباه الدبلوماسية العربية من الموضوع السوري إلى الموضوع الإسرائيلي– الفلسطيني.
حاييم شان - محلل سياسي
"يسرائيل هَيوم"، 12/3/2012
[الوضع في الجنوب والمواجهة مع إيران]
تجد دولة إسرائيل نفسها بين فكي كماشة إرهابية، "حماس" في الجنوب وحزب الله في الشمال. فهي محاطة بكيانين إرهابيين يستطيعان في أي لحظة تعطيل الحياة في إسرائيل، وهذان الكيانان الإجراميان يتحركان وسط السكان المدنيين ويستخدمانهم كدروع بشرية من دون أن يُحاسبا من أي جهة دولية.
تستخدم إيران "حماس" وحزب الله كسلاح استراتيجي في معركتها الكبرى ضد إسرائيل، وهي معركة تشمل أيضاً إعداد البنية التحتية للقتال النووي. ووسط هذه المعمعة، نجد أيضاً سورية التي تملك ترسانة ضخمة من السلاح الكيماوي، في وقت يمر فيه النظام السوري بمرحلة حرجة قد تدفعه إلى استخدام هذا السلاح.
إن التصعيد في الجنوب دليل على يأس العرب (الذين من الخطأ تسميتهم فلسطينيين)، والذي سببه نجاح إسرائيل في تحويل الاهتمام عن المشكلة الفلسطينية، إذ إن اهتمام العالم اليوم منصب على إيران وسورية. ومن أجل تخفيف الضغط على إيران وسورية وإعادة القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال قررت التنظيمات في غزة الدخول في جولة عنف جديدة ضد إسرائيل.
لا يمكن لدولة إسرائيل أن تسمح ببقاء الملايين من الإسرائيليين رهينة في أيدي الإرهابيين. كما ليس في إمكان العقيدة الدفاعية الإسرائيلية، التي تستند إلى القبة الحديدية والتحصين والاغتيالات المركزة، أن تظل ناجعة لفترة طويلة، ولا سيما في ظل تطور قدرة العدو على إطلاق الصواريخ.
إن اللغة الوحيدة التي يفهمها الشرق الأوسط هي لغة القوة، وأي تأجيل لاستخدام القوة سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات في المستقبل. ومن حق إسرائيل، كما في مقدروها، أن توقف إطلاق النار من الجنوب.
عاموس يادلين ويوئيل غوزانسكي
التهديد الإيراني بإغلاق مضائق هرمز:
التحدي والرد عليه
"إيران لا تعتزم تكرار تحذيرها... لقد غادرت حاملة طائرات العدو إلى بحر عُمان بسبب المناورات التي نفّذناها في مضيق هرمز. أقترح على حاملة الطائرات الأميركية عدم العودة إلى الخليج الفارسي."
عطاء الله صالحي، رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني، 3/1/2012
مدخل
نفّذت إيران في مطلع كانون الثاني/يناير 2012 إحدى أوسع المناورات البحرية في تاريخها (ولاية 90) شرقي مضائق هرمز. وتعتبر هذه المناورات، على غرار مثيلاتها في الأعوام الأخيرة، جزءاً من الاستعدادات العسكرية والحملة الدعائية التي تضمنت تهديدات واضحة بإغلاق المضائق.( ) وتهدف هذه المناورات والتصريحات بشأن إغلاق المضائق، إلى ردع المجتمع الدولي عن مهاجمة إيران وعن اتخاذ خطوات خطيرة ضدها، دون مستوى الحرب وذلك ضمن إطار الحرب عليها، كالعقوبات القاسية أو الحصار البحري، وإلى رفع التكلفة المحتملة لأي مواجهة معها في المستقبل. وهكذا بدأت تتكرر تصريحات إيران بشأن عدم ترددها في إغلاق الممرات المائية، وأصبحت هذه التصريحات أكثر حدة، وذلك بهدف إقناع أعداء إيران بقدرتها العملانية على تنفيذ تهديدها بإغلاق هذه الممرات في أي نزاع مستقبلي.( )
تناقش هذه الدراسة الفرص المتاحة أمام إيران من أجل تنفيذ تهديداتها، كما تتناول تداعيات سيناريو تعطيل حركة النقل البحري في المضائق التي تشكل ممراً لما نسبته 40٪ من تجارة النفط العالمية، وهو سيناريو غايته ردع المجتمع الدولي عن تشديد الضغوط السياسية على إيران، وعن استخدام القوة العسكرية لضرب منشآتها النووية.
تعتبر مضائق هرمز من أهم الممرات المائية في العالم، وكل تعطيل لحرية حركة ناقلات النفط العابرة فيها ينعكس فوراً على أسواق الطاقة العالمية، إذ إن نسبة 90٪ من الصادرات النفطية التي منشؤها الخليج [العربي الفارسي] تعبر هذه المضائق الخاضعة لسيادة كل من عُمان وإيران. ويبلغ اتساع المضائق 33 كيلومتراً في أضيق نقطة،( ) بيد أن عرض قناة الشحن الدولية [ممر الدخول والخروج] أضيق بكثير، إذ لا يتجاوز 10 كيلومترات. ولقد عبر المضائق في سنة 2011 قرابة 17 مليون برميل من النفط في اليوم الواحد، أي بمعدل 15 ناقلة في اليوم كانت تنقل نفط العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وإيران والعراق (والغاز السائل من قطر)، إلى الأسواق الآسيوية أساساً. إن هذه المعطيات، بالإضافة إلى سيطرة إيران على بعض الجزر المركزية القريبة من المضائق، تمكّنها، نظرياً على الأقل، من تعطيل حركة النقل البحري بسهولة نسبية. ويتعين علينا أن نأخذ هذه المعطيات بالحسبان في أي سيناريو مواجهة مقبلة مع إيران.
وفي رأينا، إن ما يشاع بشأن قدرة إيران على إغلاق المضائق بصورة محكمة ولفترة طويلة، والذي يُطرح بين الفينة والأخرى،( ) هو موضع شك، لأن لدى المجتمع الدولي اليوم أدوات أفضل من السابق لمواجهة كل تعطيل لحركة الملاحة في المضائق.وحتى لو افترضنا أن إيران قادرة فعلاً على إغلاق المضائق بصورة محكمة لفترة طويلة، فإن هذا من شأنه أن يتعارض مع مصالحها الحيوية، وأن يهدد استقرار النظام [الإيراني] ويلحق ضرراً بالاقتصاد الإيراني – أي بواردات المشتقات النفطية [مثل وقود السيارات]، وبعائــدات صادرات النفــط الخــام التــي تؤمن 80٪ من مداخيــل النظام - كما من شأن ذلك أن يؤدي إلى مواجهة مع أسطول الولايات المتحدة الأميركية، وأساطيل دول أخرى تتفوق على الأسطول الإيراني. ومن غير المستبعد أن يؤدي تعطيل إيران لحركة الملاحة عبر المضائق، إلى رد أميركي واسع النطاق قد يشمل، بالإضافة إلى مهاجمة معظم قدرات إيران البحرية، ضرب منشآت استراتيجية في إيران، ومن بينها المنشآت النووية. وقبل أن نحلل المنطق الكامن وراء تهديد إيران بإغلاق المضائق، وقدرتها على "شل" إمدادات النفط من الخليج، وخياراتها، وفرص نجاح هذا الخيار أو ذاك - وهي أسئلة مركزية في كل نقاش بشأن هذا الموضوع - يتعين علينا معرفة قدرة إيران الفعلية على تهديد حركة الشحن البحري في المضائق، وعلى إلحاق أضرار جسيمة بمنشآت النفط في العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى المصدرة للنفط.
وفي هذا السياق، يمكننا تقسيم قوة إيران العسكرية إلى سلاحين: القوة البحرية، والقوة الصاروخية.
أ- تهديد بحري مباشر لحركة النقل البحري في الخليج
أدى ضعف الأسطول البحري الإيراني النظامي والتفوق البحري الأميركي في منطقة الخليج، إلى إعطاء إيران الأولوية لشراء وبناء عدد كبير من الزوارق الصغيرة والسريعة (بعضها غير مأهول)، والغواصات الصغيرة جداً، كما عدّلت سفناً مدنية وحولتها لأداء مهمات عسكرية (وكان أسطول الحرس الثوري الإيراني الذي يشغّل هذه الزوارق والسفن، هو الذي تولى المسؤولية عن الخليج في سنة 2007). وقد جرى تجهيز بعض زوارق الحرس الثوري بصواريخ مضادة للسفن، وأُعدّ بعضها لزرع ألغام بحرية، والبعض الآخر حُمّل بالمتفجرات. ومن الأسباب التي أدت إلى اعتماد هذه الوسائل هي إمكان التبرؤ من المسؤولية عن أي اعتداء ينفَّذ بهذه الوسائل، على اعتبار أن الرد على هذا النوع من الاعتداءات سيكون أقل شدة إذا كان من الصعب إلقاء تبعته على إيران. من هنا، يتبين أن سلاح البحرية الإيرانية في الخليج قد اعتمد أسلوب حرب العصابات: غواصات صغيرة لإنزال قوات مغاوير، وزوارق سريعة لتنفيذ مهمات "الكر والفر" حسب تكتيك "السرب" swarm، أي هجوم متزامن لعدد كبير من الزوارق القادرة على المراوغة والتملص. ويشكل الطابع التكتيكي "البدائي" لهذه العمليات - التي تؤثر الكم على النوع - تحدياً في حد ذاته للأسطول الأميركي في أية مواجهة محتملة، لأنه يعوض عن تفوق الأسطول الخامس. على سبيل المثال، وعلى الرغم من تحسين الولايات المتحدة قدرتها على نزع الألغام البحرية (ولا سيما من خلال استخدام منصات غير مأهولة)، فإنها لا تزال تحتاج إلى مساعدة الدول الأخرى، في أية مواجهة مع إيران، من أجل نزع الألغام (لدى الولايات المتحدة أربع كاسحات ألغام "فقط" متمركزة بصورة دائمة في منطقة الخليج). وفي الأعوام الأخيرة، تناقلت وسائل الإعلام تقارير كثيرة عن حوادث استفزاز قامت بها زوارق وقوارب الحرس الثوري تجاه المراكب والسفن الغربية في الخليج. ولقد كان الطابع الاستعراضي لهذه المناوشات أكبر من ضررها الفعلي، حقاً، إذ لم تتعرض السفن الغربية إلى أي اعتداءات، إلاّ إن هذه الأعمال الاستفزازية أظهرت نيات إيران وقدراتها. كذلك شكلت هذه الاستفزازات رسالة موجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية وفحواها أن إيران تعتبر منطقة الخليج بمثابة "ساحتها الخلفية"، وأنها لن تتردد في تدفيع من يهاجمها ثمناً باهظاً – ومؤخراً، كانت بمثابة رد فعل على تشديد العقوبات عليها. وفي سنة 2011، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تصاعد حدة الاحتكاك بين الأسطولين، والناجم عن تزايد عدد الحوادث التي كان يمكن أن تتفاقم إلى مواجهة شاملة.( ) ودفعت هذه الحوادث الولايات المتحدة إلى أن تقترح على إيران إقامة "خط اتصال مباشر" (خط ساخن) بين الأسطولين، لكن إيران رفضت هذا الاقتراح بحجة أن الوجود الأميركي في الخليج غير شرعي.( )
ب- تهديد صاروخي غير مباشر للمنشآت العسكرية والنفطية على السواحل الغربية للخليج
تحتفظ إيران بترسانة من صواريخ أرض-أرض هي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. وتشمل هذه الترسانة بحسب التقديرات نحو ألف صاروخ بمدى يتراوح بين 150 و2000 كلم.( ) وإذا كانت هذه الصواريخ غير مجدية من أجل على تعطيل حركة الملاحة في الخليج، فإن مداها يمكّنها من إلحاق أضرار جسيمة بالمنشآت النفطية الحيوية في دول الخليج. ولعل إيران لن تكون هي المبادرة إلى إطلاق الصواريخ على منطقة المضائق، لكنها تهدد بالرد على أي إجراء أميركي ضد النشاط الإيراني في المضائق بإجراء مضاد يشمل إلحاق أضرار جسيمة بالبنى التحتية النفطية لدول الخليج. وبسبب تقادم أسطول إيران الجوي وصعوبة حصوله على قطع غيار أصلية من الدول الغربية، فضّلت إيران التركيز على تدعيم تدريجي ومنهجي لترسانتها من الصواريخ البالستية. وفي الوقت ذاته، تعمل إيران على زيادة مدى صواريخها، ودقتها، وقوتها التدميرية، وتعمل على تقصير "وقت التعرض" (باستخدام الوقود الصلب). من هنا، تزداد مخاوف دول الخليج من أن تصبح منشآتها الاستراتيجية، في حال اندلاع نزاع مسلح مع إيران، عرضة لإطلاق عدد كبير من الصواريخ عليها، وأن يستمر ذلك لمدة زمنية أطول.( ) ولقد لوّح الأميرال علي شمخاني، وزير الدفاع الإيراني سابقاً والمستشار العسكري لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي في تصريح نادر له، بـ "إمطار دول الخليج العربي بوابل من الصواريخ" في حال التعرض لمنشآتها النووية، موضحاً أن "الصواريخ لن تستهدف القواعد الأميركية في المنطقة فحسب، بل ستضرب أهدافاً استراتيجية مثل مصافي النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية... بهدف شلّ النظام الدفاعي الأميركي عبر إطلاق متزامن لعشرات، وربما لمئات الصواريخ على أهداف مختارة."( ) وتشكّل مهاجمة إيران لمنشآت في دول الخليج، سواء القواعد الأميركية فيها أو منشآت النفط الرئيسية، التهديد الأول والأخطر بالنسبة إلى أنظمة دول الخليج. وفي هذا الشأن، تكلم مسؤول سعودي نيابة عن الملك [عبد الله بن عبد العزيز] فقال "إننا قلقون من أن تُطلق صواريخ إيرانية ضد المنشآت النفطية السعودية أكثر من قلقنا من التعرض لهجوم إرهابي... لأنه في إمكاننا اتخاذ تدابير احترازية ضد الإرهاب، لكن ليس في إمكاننا أن نفعل ذلك ضد الصواريخ الإيرانية."( ) ونظراً إلى الصعوبة التي ستلاقيها إيران في إغلاق المضائق بصورة محكمة، ولأنه من شبه المؤكد أن محاولة كهذه ستؤدي إلى مواجهة مع الأسطول الأميركي الذي يتفوق على الأسطول الإيراني، تخشى الدول الخليجية من أن تركّز إيران قوتها على مهاجمة منشآت هذه الدول بالصواريخ.
وبناء على تقدير إيران لمصالحها وقدراتها، يمكن الافتراض أنها ستدرس [ثلاثة] خيارات لاستهداف إمّا دول الخليج، وإمّا الأسطول الأميركي، وإمّا حركة النقل البحري في الخليج، طبقاً لثلاث فئات من الاعتبارات الاستراتيجية:
1- تحرش منهجي ذو وتيرة منخفضة يستمر لفترة طويلة، وذلك سعياً لتقليل المخاطر وعدم إلحاق الضرر بصادرات الخام الإيراني. ومن هنا، وما دام ذلك ممكناً، ستعتمد إيران أسلوب التحرش المنهجي والمنخفض الوتيرة بالسفن الدولية، بحيث يبقى الممر البحري في الخليج مفتوحاً أمام حركة صادراتها النفطية، وتتملّص هي من المسؤولية عن الحوادث التي قد تقع. وفي هذا السياق، قد تلجأ إيران إلى استخدام قوارب "مدنية" جرى تعديلها، أو إلى الإرهاب بواسطة أتباعها، أو تبتعد عن مياهها الإقليمية لإبعاد الشبهة عنها. وهكذا، تقلص من إمكان المواجهة الشاملة مع الأسطول الأميركي من جهة، وتحمّل أسواق الطاقة العالمية كلفة باهظة من جهة أخرى، ولو بسبب ارتفاع تكاليف التأمين. ومن شأن هذا الأسلوب أن يخلق مناخاً من الأزمة، وأن يكون تأثيره سلبياً في الأسواق. وبحسب اعتقادنا، سيصعب على إيران الاستمرار في الإنكار لفترة طويلة، وعلى وجه الخصوص بسبب الحساسية البالغة تجاه الأوضاع في المضائق، وازدياد حدة الحملة الدولية ضد برنامجها النووي. وبالإضافة إلى ذلك، حتى في السيناريو "المتفائل" - إغلاق جزئي للمضائق، ولو لفترة وجيزة، وتحرك دولي فاعل وسريع لفتحها – فإن تأثير معركة محدودة كهذه على أسواق الطاقة العالمية ستكون له تداعيات تفوق الآثار المباشرة للأحداث نفسها، بسبب تعطيل حركة إمدادات النفط من الخليج لفترة طويلة.
2- محاولة "صاخبة" لإغلاق المضائق، انطلاقاً من منطق أن قوة إقليمية يمكن أن تنفّذ تهديداتها بالفعل، وأن تشهر "قبضة حديدية" في وجه أعدائها،( ) ردّاً على مهاجمة منشآتها النووية ومرافقها الاستراتيجية الأخرى، أو في حال تشديد العقوبات عليها وحشرها في الزاوية، فإن إيران قد تلجأ إلى زرع الألغام في ممرات الملاحة الرئيسية، وإلى مهاجمة ناقلات النفط وسفن الشحن العابرة من وإلى الخليج بصواريخ بر - بحر. لكن، وبسبب الضعف الأساسي لسلاح الجو الإيراني، والقدرة الأميركية العالية على إسكات بطاريات الصواريخ برّ - بحر، وقدرتها على فتح ممر عبر حقول الألغام الإيرانية بسرعة نسبية، تستطيع الولايات المتحدة إعادة فتح المضيق بتكلفة "معقولة". وبحسب التقديرات "المتفائلة"، يستطيع الأسطول الخامس الأميركي إعادة فتح المضيق خلال أسبوعين، لكن ثمة تقديرات تتسم بمسحة من التشاؤم، إذ تستبعد إعادة فتح المضائق قبل مضيّ شهرين.( )
3- توسيع المواجهة إلى خارج الممرات المائية، ومنطقها توسيع المواجهة بحيث تصل إلى الخاصرة الضعيفة للعدو رداً على مهاجمة [الغرب] لإيران. وبسبب مركزية المضائق، يصعب وضع حدود لنطاق المواجهة حول الممرات المائية، والتحكم بمكانها وزمانها. فعلى سبيل المثال، قد تحاول الولايات المتحدة "معاقبة" إيران بتوسيع المواجهة بحيث تشمل عمق الأراضي الإيرانية، في حين قد تختار إيران إطلاق صواريخ أرض - أرض أو تنفيذ عمليات إرهابية، مستهدفة المحطات الطرفية ومصافي النفط في الخليج:
إطلاق صواريخ أرض - أرض: بحسب تقديرنا، لن تنجح محاولة إغلاق مضيق هرمز إلاّ جزئياً. ولذا ينبغي درس احتمال إطلاق [إيران] صواريخ أرض-أرض ضد المنشآت النفطية على الساحل الغربي للخليج. ولقد هدد مسؤولون إيرانيون كبار في الأعوام الأخيرة بإمطار هذه المنشآت بوابل من الصواريخ (انظر أعلاه). ونعتقد أن للهجوم الصاروخي أرض-أرض على منشآت النفط في دول الخليج، وإلحاق أضرار بها، تداعيات خطيرة على أسواق الطاقة العالمية - أشد وطأة من نجاح [إيران] في إغلاق المضيق- لأنه يعطل عملية إنتاج النفط بحد ذاتها لفترة طويلة. وحتى الآن تُعنى معظم دراسات مدى تأثير المواجهة مع إيران في أسواق الطاقة العالمية بتحليل مفاعيل تعطيل [إيران] لحركة الملاحة في المضائق، وقلما يحظى احتمال أن تختار إيران مهاجمة منشآت النفط بصواريخ أرض-أرض بالاهتمام الذي يستقطبه الخيار الأول.( )
تعاملت دول الخليج بجدية مع التهديدات الإيرانية لمنشآتها النفطية الاستراتيجية، وبذلت جهداً في الأعوام الأخيرة لتعزيز قدرة دفاعاتها على اعتراض الضربات الصاروخية من خلال التزود بمنظومات باتريوت PAC-3 (كما تعتزم شراء منظومات Aegis BMD Systems وTHAAD)، مع أن بعضها لم يدخل الخدمة العملانية حتى الآن. وبما أن العربية السعودية تملك أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام، وهي أكبر منتج ومصدِّر للنفط في العالم، فمن المرجح أن تشكل الهدف المركزي لهجمات إيران. فأي هجوم ناجح على منشآت النفط الرئيسية في المملكة، مثل رأس تنورة وبقيق (المنشأة التي تمتد على مساحة ثلاثة كلم٢ والتي تكرر ثلثي النفط السعودي)، اللتين تبعدان مسافة 300 كلم عن الساحل الإيراني، سيكون مدمراً لأسواق الطاقة العالمية.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى نتائج أول دراسة من نوعها، متوافرة ومنشورة في سنة 2011، والتي تؤكد محدودية هذه القدرات الإيرانية بالذات، وأن التهديد الصاروخي الإيراني للبنى التحتية في الخليج يتم تصويره بشكل مضخّم.( ) بالإضافة إلى ذلك، يجوز الافتراض أن إيران ستحاول تفادي رد عقابي أميركي مدمر، وأنها ستتردد في توسيع المواجهة لتشمل الاعتداء على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. من هنا، فإن التهديدات التي تطلقها إيران لغايات الردع هي ليست كالحسابات الفعلية "للتكلفة في مقابل الجدوى" التي سيجريها حكام إيران عندما يحين أوان تنفيذ هذه التهديدات رداً على تعرّضها لضربة عسكرية. لكن هذا لا يعني أن إيران لن تنفّذ هجمات موضعية، جواً وبحراً وبراً على بعض المنشآت الحيوية. وأبعد من ذلك، فإن المعطيات الخاصة بترسانة إيران من الصواريخ، ومداها ودقتها، المذكورة أعلاه، يعوزها التحديث، لأنها على الأرجح مقدّرة بأقل من حجمها الفعلي. أخيراً، من شأن الاعتداء على منشأة نفطية رئيسية في العربية السعودية أن يحدث ذعراً في أسواق النفط وارتفاعاً في الأسعار، بغض النظر عن الضرر الفعلي الذي يلحقه بالمنشأة.
تخريب وإرهاب: شهد العقد الأخير اعتداءات على منشآت وناقلات نفط في مضائق هرمز، أو بالقرب منها. ففي سنة 2002، تعرّضت ناقلة النفط الفرنسية "ليمبرغ"، لهجوم خارج المضيق، من زورق سباق محمّل بالمتفجرات. وأدى هذا الاعتداء، المنسوب إلى تنظيم القاعدة، إلى مقتل شخص وتسرّب 90,000 برميل من النفط في البحر. وفشلت محاولة مماثلة لإغراق الناقلة اليابانية "إم ستار" في المضائق في سنة 2010، من قبل كتائب عبد الله عزّام المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقد تلجأ إيران إلى هذا النمط من العمليات. وبحسب المصادر البريطانية، سُجلت في نيسان/أبريل 2011، محاولة قارب محمّل بالمتفجرات، إيراني على ما يبدو، الاصطدام بسفينة بريطانية راسية في البحرين، على غرار الاعتداء على المدمرة الأميركية كول في مرفأ عدن في اليمن سنة 2000.( ) وتُظهر نتائج هذه الاعتداءات صعوبةَ إغراق ناقلات النفط جراء حجمها وهيكلها الداخلي وخصائص احتراق النفط، كما تُثبت أن مقاومتها لصواريخ ساحل - بحر وللألغام هي أكثر من مقاومة السفن الحربية.( ) وفضلاً عن استهداف الناقلات، قد تهاجم إيران المنشآت النفطية على الساحل الغربي للخليج، وعلى رأسها منشآت المنطقة الشرقية للسعودية، حيث أنها تتمتع إلى حد ما بتأييد السكان الشيعة الذين يشكلون الأغلبية في المنطقة. ولقد خصصت العربية السعودية في الأعوام الأخيرة موارد ملحوظة لتشكّل، بمساعدة الولايات المتحدة، قوة ضاربة (قوامها 30 ألف جندي) مهمتها الدفاع عن المنشآت الاستراتيجية للمملكة، وعلى رأسها المنشآت النفطية. ويعدّ تشكيل هذه القوة الضاربة أحد الدروس المستخلصة من اعتداء القاعدة الفاشل على منشأة بقيق في سنة 2006. وتجدر الإشارة إلى تزايد الأحداث العنيفة وسط السكان الشيعة في المناطق النفطية في أواخر سنة 2011، ويبدو أن عنفها آخذ بالتصاعد المرة تلو الأخرى، مع ما لهذا الأمر من تداعيات على أمن وسلامة منشآت النفط في المنطقة.
بحسب تقديرنا، تستطيع إيران تعطيل إمدادات النفط من الخليج بواسطة إعاقة حركة الملاحة الدولية في المضائق، لكن لفترة زمنية وجيزة فقط، ولو بسبب الالتزام الأميركي الثابت بالمحافظة على حرية تدفق النفط من الخليج. ولقد ردت الولايات المتحدة على التهديدات الصريحة التي أطلقها كبار القادة الإيرانيين بإغلاق المضائق، بقولها: "إنها لن تسكت عن تعطيل حرية حركة الملاحة البحرية، وإن البحرية الأميركية ستتصدى لكل محاولة شريرة كهذه."( ) وذكرت مصادر مطلعة في كانون الثاني/ يناير 2012 أن إدارة أوباما وجهت رسالة مباشرة بهذا المعنى إلى مرشد إيران علي خامنئي، جاء فيها أن تعطيل الممرات المائية الدولية هو "خط أحمر لا ينبغي تجاوزه"، وأن الولايات المتحدة لن تسكت عنه.( ) وفعلاً، وعلى الرغم من التهديدات الإيرانية، استمرت السفن الحربية الأميركية والبريطانية والفرنسية في الإبحار من وإلى الخليج عبر مضائق هرمز.( )
في أواخر الحرب الإيرانية - العراقية، وخلال الفترة المسماة "حرب الناقلات"، وفي أعقاب اعتداء إيران على سفن الملاحة، سيّرت الولايات المتحدة مواكبة لناقلات النفط الكويتية من وإلى الخليج لحمايتها من أي هجوم (عملية Earnest Will). وفي مناسبة أخرى، وفي عقب اصطدام فرقاطة أميركية بلغم بحري إيراني، دمّر الأميركيون القسم الأعظم من القوة البحرية الإيرانية العاملة في الخليج (عملية Praying Mantis). ورد مؤخراً وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، على التهديدات الإيرانية، مشدداً على خطورة [إغلاق الممرات المائية]، وأيضاً خطورة تطوير سلاح نووي، فقال إن "الولايات المتحدة لن تسكت عن إغلاق المضائق... هذا خط أحمر بالنسبة إلينا (بالإضافة إلى البرنامج النووي)... وسنرد عليه."( ) واعترف الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، بقدرة إيران على "إغلاق المضائق لفترة وجيزة"، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستعيد فتحها، قائلاً "استثمرنا في وسائل تكفل لنا الغلبة في مثل هذه الحالة."( )
من هنا، تحتفظ الولايات المتحدة بوجود بحري وجوي ملحوظ في الخليج، ولديها قواعد عسكرية في معظم دول الخليج العربية، وعلى رأسها القيادة الإقليمية لقيادة المنطقة الوسطى في قطر، وقيادة الأسطول الخامس في البحرين. ولدى المجتمع الدولي اليوم أدوات أخرى، من بينها الوجود العسكري المتعدد الجنسيات بالقرب من المضائق.( ) وأنشأت فرنسا قاعدة عسكرية بحرية وجوية في الإمارات العربية المتحدة، وهناك "فرق مهمات" دولية عاملة في البحرين تناط بها المحافظة على حرية الملاحة في المنطقة. وأفادت تقارير في مطلع سنة 2012 بأن الأميركيين، وفي أعقاب تصاعد التوتر مع إيران، زادوا نظام القوات الدائمة المتمركزة في الخليج "بهدف التصدي بشكل أفضل لكل التطورات المحتملة مع إيران."( ) ومع ذلك، علينا أن ندرس ما هي الانعكاسات على صادرات النفط من الخليج، فيما لو أقدمت إيران على تنفيذ تهديداتها بتعطيل حركة االملاحة في الممرات المائية على نحو ما عرضناه أعلاه. إن إغلاق المضائق سيُلحق الضرر بمعظم صادرات النفط من الخليج، وعلى رأسها صادرات العربية السعودية. ونذكر، على سبيل المقارنة، أن بداية الحرب على العراق (آذار/مارس- كانون الأول/ديسمبر 2003) أدت إلى انخفاض صادرات النفط بمقدار 2,3 مليون برميل من النفط في اليوم، وأن احتلال العراق للكويت (آب/أغسطس 1990- كانون الثاني/يناير 1991) أدى إلى انخفاض كميات النفط المعروضة في الأسواق بمقدار 4,3 مليون برميل في اليوم.( ) وينطوي تعطيل حركة الملاحة في الممرات المائية على تداعيات اقتصادية وسياسية، على إيران نفسها، بسبب اعتماد النظام شبه المطلق على صادرات النفط الخام (تقدّر عائدات تصدير النفط الخام بنحو 100 مليار دولار في سنة 2012). وخلافاً لدول الخليج العربية والعراق، تصدّر إيران معظم خامها عبر المضائق: نحو 90٪ من واردات إيران ونحو 99٪ من صادراتها تُشحن بحراً – ومعظمها عبر مضائق هرمز.( ) وتنتج إيران نحو 3,5 مليون برميل من النفط في اليوم، وتصدّر قرابة مليوني برميل من النفط في اليوم (ويُعتقد أنه بسبب تقادم حقول النفط الحالية، والعقوبات [التي تمنع تطوير حقول جديدة]، تخسر إيران إنتاج 300 ألف برميل من النفط يومياً). ومن شأن توقف الصادرات النفطية الإيرانية أن يخلق زيادة فورية في الطلب عليه، لكن "سلاح النفط" الرئيسي لإيران لا يكمن في سحب صادراتها من الأسواق، وإنما في قدرتها على إلحاق الأذى بصادرات دول الخليج الأخرى.( )
تقليص الضرر الإيراني على أسواق النفط العالمية
إذا قررت إيران رغم ذلك إغلاق المضائق (انظر الخيارين أ و ب أعلاه)، فلدى الولايات المتحدة وحلفائها أدوات أفضل من الماضي لتقليل أضرار تعطيل حركة إمدادات النفط، وهي:
1- استعمال المخزونات الاستراتيجية: معظم الاحتياطي العالمي مخزّن حالياً في الولايات المتحدة والصين، وهو يكفي بحسب التقديرات لنحو 45 إلى 90 يوماً (1,5 مليار برميل). ويمكن سحب كميات من هذا المخزون وطرحها في أسواق النفط العالمية لزيادة العرض وكبح ارتفاع الأسعار. ومن شأن استخدام هذا المخزون أن يمنع تعطيل الحركة الاقتصادية العالمية الجارية بفعل الصدمة النفطية.( ) ومع أن تحرير مخزون النفط هو خطوة استثنائية (استُخدم المخزون النفطي إبان اجتياح العراق للكويت سنة 1991، وبعد الأضرار التي خلّفها إعصار "كاترين" في سنة 2005)، فقد أعلنت وكالة الطاقة الدولية في 23/6/2011 عن سحب 60 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي اعتباراً من شهر تموز/يوليو (نحو مليوني برميل في اليوم). وهذا ما أدى إلى خفض فوري في أسعار النفط، لكن سرعان ما عادت تلك الأسعار خلال عدة أيام إلى الارتفاع مجدداً. وعُزيت هذه الخطوة إلى توقف إنتاج النفط في ليبيا، وإلى الأزمة الاقتصادية العالمية. وهناك تدبير جُرّب بنجاح في مطلع تسعينيات القرن الماضي، إبان اجتياح الكويت، ألا وهو تخزين النفط (غير المباع) في ناقلات بالقرب من الأسواق. ومن هنا، يمكن لمخزونات دول وكالة الطاقة الدولية كافة إذا جرى تحريرها بوتيرة سريعة، في أقصى تدفّقها، أن تعوّض نقصان 14 مليون برميل في اليوم لفترة شهر (من أصل 17 مليون برميل في اليوم مشحونة بحراً عبر المضائق).( )
2 - استخدام خطوط إمداد بديلة: يوجد في السعودية خط أنابيب ممتد من الشرق إلى الغرب بطول 1400 كيلومتر، من بقيق في شرق المملكة إلى مدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر، بطاقة استيعابية تبلغ 5 مليون برميل في اليوم (يَستخدم هذا الخط نصف طاقته الاستيعابية لأن معظم النفط السعودي يُصدَّر إلى دول الشرق الأقصى). لكن، في حال أمكن زيادة طاقته الاستيعابية، وإذا ما حُرّر المخزون الاستراتيجي، فإن هذين الأمرين يكفيان لتعويض خسارة نفط الخليج لفترة 90 يوماً. وبموازاة خط الأنابيب المذكور، هناك خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي (بطاقة استيعابية تبلغ 0,5 مليون متر مكعب في اليوم). وهناك خطوط أنابيب أخرى ممتدة في الأراضي السعودية، مثل خط البصرة - الرياض وصولاً إلى البحر الأحمر (IPSA)، الذي استُخدم لتصدير النفط العراقي إبان الحرب الإيرانية - العراقية. ومن شأن إعادة تفعيل قسم من هذا الخط (الذي ينقل حالياً الغاز الطبيعي) داخل الأراضي السعودية، أن تسمح على المدى البعيد، بتدفق نفط الكويت (وهي الدولة الوحيدة التي تصدّر كميات كبيرة من النفط والتي ليس لها ميناء خارج المضائق). وهناك خط أنابيب التابلاين الممتد من الظهران إلى مدينة صيدا اللبنانية، عبر الأراضي الأردنية، والذي توقف العمل به في أعقاب دعم الأردن لصدام حسين في حرب الخليج الأولى. وتبلغ الطاقة الاستيعابية الإجمالية لهذين الخطين قرابة 2,15 مليون برميل من النفط في اليوم. بالإضافة إلى ذلك، ينتج العراق نحو 2,5 مليون برميل من النفط في اليوم، ويمكن نقل قسم من هذه الكميات عبر خطوط الأنابيب الممتدة من العراق إلى كل من تركيا وسورية (لأن نصف كميات النفط المستخرج في العراق فقط تُنقل عبر الممرات المائية، لكن هذه الخطوط كانت معرّضة لأعمال التخريب والإرهاب في الأعوام الأخيرة). أخيراً، لقد استُكمل، في أواخر سنة 2011، مد خط أنابيب يلتف على المضائق، ويعبر أراضي الإمارات العربية المتحدة، من أبو ظبي إلى الفجيرة. وكان من المفترض أن يبدأ خط الأنابيب هذا بنقل النفط في كانون الثاني/يناير 2012، لكن، وبسبب التأخير في إنجازه، أُرجىء العمل به إلى منتصف سنة 2012.( ) ويستطيع هذا الخط، الذي بلغت تكاليف إنشائه نحو 3,3 مليار دولار، أن ينقل 2,5 مليون برميل من النفط في اليوم، أي ما يناهز الطاقة الإنتاجية الإجمالية للإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، هناك خط أنابيب "دولفين" الذي ينقل الغاز الطبيعي من قطر إلى كل من الإمارات العربية المتحدة وعُمان، اعتباراً من سنة 2007، بناتج [عائد من الغاز] منخفض، وبغرض الاستهلاك الداخلي. وتُعزى ضآلة الناتج، بين أمور عدة، إلى الخلافات فيما بين دول الخليج. ويمكن تعزيز الطاقة الإنتاجية لهذا الخط، الذي "يلتف على مضائق هرمز"، عبر استخدام وسائل مختلفة، ومن ضمنها مواد كيميائية. وعلى سبيل المثال، من شأن استخدام "مواد مضافة" في خط الأنابيب "الممتد من الشرق إلى الغرب" [في السعودية] أن يرفع الطاقة الاستيعابية بنحو 65٪، إلى نحو 8 مليون برميل نفط في اليوم (هذا يسمح بتجنب استخدام المضائق، لكنه يزيد تكلفة نقل النفط لأنه يصدَّر بمعظمه إلى الأسواق الآسيوية).( ) وعلى المدى البعيد، يمكن ربط شبكتَي أنابيب السعودية وعُمان، وبالتالي تفادي المرور عبر المضائق. لكن، في هذه المرحلة، ما زالت الطاقة الاستيعابية الكامنة غير متحققة بسبب خلافات بشأن ترسيم الحدود، وعدم رغبة أية دولة في عبور مصدر مدخولها الوحيد إلى أراضي دول مجاورة. لكن، في وقت الأزمات مستقبلاً، وفي غياب بديل النقل البحري، قد يطرأ تغيير على شبكة خطوط الأنابيب.
3- استغلال فائض الطاقة الإنتاجية للعربية السعودية: إن السعودية هي الدولة الوحيدة التي لديها طاقة إنتاجية فائضة (swing capacity) ملحوظة. وتشير المصادر السعودية إلى أن فائض الطاقة الإنتاجية قد يصل إلى 4 مليون برميل من النفط في اليوم، أي أكثر من مجمل الإنتاج الإيراني.( ) لكن هناك تقديرات تزعم أن الطاقة الإنتاجية للسعودية لا تزيد على 12,5 مليون برميل من النفط في اليوم. وعليه، وبناء على حقيقة أن السعودية كانت تنتج في كانون الثاني/يناير 2012 نحو 10 مليون برميل من النفط في اليوم، يكون هامش الفائض في الطاقة الإنتاجية حالياً هو 2,5 مليون برميل من النفط في اليوم، وهذه الكمية هي أكبر من مجمل صادرات الخام الإيراني.( ) ولقد عمدت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة إنتاجها من النفط لكبح ارتفاع الأسعار، وذلك في خطوة أحادية الجانب بسبب رفض كل من إيران والعراق وفنزويلا زيادة حصص الإنتاج لأوبك. وبالتالي، يمكن نقل فائض الإنتاج السعودي الحالي، أي نحو 2,5 مليون برميل من النفط في اليوم، عبر خطوط الأنابيب الحالية. وعلاوة على ذلك، ذكرت مصادر مطلعة أن السعودية وافقت على زيادة وتيرة إنتاجها للتعويض عن الكميات المطلوبة في حال سحب النفط الإيراني من الأسواق بفعل العقوبات على إيران، أو بفعل إجراءات عقابية تلجأ إليها إيران نفسها.( )
خاتمة
بحسب تقديرنا، ستتفادى إيران المواجهة الشاملة في الخليج، لأن تكاليفها العسكرية والسياسية والاقتصادية ستكون باهظة، لكنها ستواصل توظيف التهديد بإغلاق المضائق، بما يحقق هدف الردع الاستراتيجي، من خلال استغلال الأوضاع الجغرافية الفريدة [لإطلالتها على] الممرات المائية، والحساسية الدولية تجاه أي هزّة تصيب أسواق الطاقة العالمية. وللدلالة على ذلك، نذكّر بأن هذه المضائق ظلت مفتوحة في ذروة "حرب الناقلات" (1984-1987)، أضف إلى ذلك أن إغلاق الممرات المائية مخالف لقانون [البحار] الدولي [الذي يضمن حرية الملاحة]، وقد يبرر إعلان الحرب على إيران.( ) وإن كان النقاش بشأن هذا الموضوع مبنياً في الأعوام الأخيرة على فرضية أن إيران عازمة على إغلاق المضائق، فإن مؤلفي هذه الدراسة يرفضان اعتبار هذه الفرضية أمراً بديهياً، لأن هذا الإغلاق لا يخدم مصالحها الحيوية. كما أن قدرة إيران على إغلاق المضائق بفاعلية ولفترة زمنية طويلة أمر غير بديهي، لأن كل عمل من هذا القبيل سيستدعي رد الولايات المتحدة الأميركية التي ستعمل على إعادة فتح ممرات الملاحة الدولية أمام ناقلات النفط. وفي الواقع، من شأن أهمية المضائق وهشاشتها النسبية، وحساسية الاقتصاد العالمي إزاء زعزعة أسواق الطاقة (ولا سيما إبان فصل الشتاء في دول الشمال)، تضخيم كل حادثة. بيد أن أسواق النفط العالمية لا تتأثر بالعوامل النفسية فقط، بل هي خاضعة أساساً، وعلى المدى البعيد، لشروط العرض والطلب. من هنا، فإن استغلال فائض الإنتاج السعودي، واستخدام خطوط الأنابيب البديلة، وتحرير المخزونات الاستراتيجية، من شأنه أن يتيح منذ اليوم، تخفيف مفاعيل إغلاق المضائق، في حال حدوثه.
وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بتوقعات نشوب حرب، يجوز القول إن قدرة الولايات المتحدة العسكرية تمكّنها من إعادة فتح المضائق بتكلفة "معقولة". فضلاً عن ذلك، يسمح استخدام خطوط الأنابيب الممتدة على اليابسة بالتعويض عن تعطيل حركة إمدادات النفط الخليجي عبر الممرات المائية. ويمكن زيادة الطاقة الاستيعابية لهذه الأنابيب من خلال استخدام "مواد مضافة تحسّن التدفق"، ومن خلال إعادة تفعيل الشبكات القائمة. وإذا ما أضفنا إلى هذه الزيادة كميات النفط المستخرجة من المخزون الاستراتيجي، سيصبح ممكناً تعويض كميات النفط المنقول في الأيام العادية عبر مضائق هرمز. لكن فاعلية هذه الخطوات تدوم لفترة 45 إلى 90 يوماً فقط، ومن الطبيعي أن تهبط هذه الفاعلية كلما طالت الأزمة. وهناك احتمال أقل ترجيحاً، وهو أن تختار إيران، بالإضافة إلى إغلاق المضائق، مهاجمة المنشآت النفطية لدول الخليج بصواريخ أرض - أرض، أو بواسطة خلايا إرهابية، وفي هذه الحالة، تغدو المفاعيل السلبية للأزمة على قدرة تصدير النفط من الخليج، أخطر بكثير. لكن من المرجح أن تمتنع إيران، بسبب تكلفة هذا الخيار، من تنفيذ تهديداتها، إلاّ في حالة الرد على عمل عسكري ضدها. وتجدر الإشارة إلى أن التهديدات الإيرانية ترافقت في العام الأخير مع تصعيد الأعمال الاستفزازية ضد سفن الأسطول الخامس الأميركي والأسطول البريطاني المتمركزين في مياه الخليج.( ) وحتى الآن، قوبلت جميع محاولات الولايات المتحدة لإقامة "خط ساخن" بين الأسطولين [الأميركي والإيراني] بالرفض، الأمر الذي يزيد المخاوف من تصاعد غير مقصود للتوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الممرات المائية، ومن المحتمل أن كل حادث تكتيكي إلى حادث له تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي وعلى استقرار المنطقة.
وتوجد اليوم في يد المجتمع الدولي أدوات أكثر ملاءمة لمواجهة إغلاق محتمل للمضائق. مع ذلك، من المهم مواصلة تطوير قدرة التعامل مع الانعكاسات المحتملة لحادث يقع في مياه المضائق، وذلك من خلال الخطوات التي عرضناها أعلاه. ففي المدى القصير، ينبغي زيادة الطاقة الاستيعابية لخطوط الأنابيب القائمة، وإعادة تفعيل خطوط الأنابيب الأخرى. وعلى المديين المتوسط والبعيد، ينبغي مدّ خطوط أنابيب بديلة تلتف على مضائق هرمز وفق النموذج المعتمد هذه الأيام في الإمارات العربية المتحدة. ويبدو أن التهديدات والمناورات الإيرانية المتكررة بالقرب من المضائق قد أيقظت لدى قادة دول الخليج إحساساً بخطورة الحالة الراهنة في هذا الشأن.( ) كذلك يجب أن تؤدي الصين - الدولة التي ستتأثر أكثر من سائر الدول الأخرى بتعطيل إمدادات النفط عبر المضائق - دوراً أكبر في ضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية، وأن تنبّه إيران إلى الثمن الباهظ التي ستدفعه إن هي لجأت إلى خطوات قصوى. وبسبب الصعوبة التي تعاني منها دول الخليج وحدها في التصدي لقدرات إيران اللامتكافئة، ونظراً إلى الشكوك التي تساور هذه الدول بين الفينة والأخرى إزاء استعداد الولايات المتحدة لنجدتها، فإن المطلوب اليوم رد أميركي أقوى ومدعوم دولياً يتضمن حضوراً عسكرياً مستمراً، وخياراً عسكرياً ذي صدقية في مواجهة التهديد الإيراني.
الشأن الاقليمي :
تسفي برئيل - محلل سياسي
"هآرتس"، 14/3/2012
بعد مرور عام على الأحداث في سورية:
الأسد في وضع صعب لكنه صامد
في 10 آذار/مارس من العام الماضي وتحديداً بعد مرور شهر ونصف الشهر على المقابلة التي أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" مع الرئيس بشار الأسد، والتي أكد فيها أن سورية ستبقى واحة للهدوء والاستقرار في المنطقة، اندلعت المواجهات في مدينتي درعا والحسكة ومعها بدأت الثورة السورية. يومها تنبأ المحللون والمعلقون بأن سورية تسير على خطى مصر وليبيا، وأن أيام الأسد في الحكم باتت معدودة، وذهب البعض في توقعاتهم بأن سقوط الأسد سيتم في غضون أسابيع أو أشهر كحد أقصى. لكن هذه التوقعات لم تتحقق، فلا يزال الأسد يسيطر على السلطة في بلده، وما زالت النخبة الحاكمة في سورية ملتفة حوله، ولم يتجاوز عدد المنشقين من الجيش الـ 30-40 ألف جندي، بينهم عدد قليل من الجنرالات وصغار الضباط الذين لا يشكلون خطراً على القوات النظامية في سورية، كما أن الدعم الذي يحظى به الأسد من روسيا والصين وإيران ما زال قادراً على لجم أي هجوم عسكري خارجي على نظامه.
ما الذي يجعل سورية تختلف عن ليبيا؟ وما هو السبب الذي يجعل أغلبية دول الغرب والدول العربية غير مستعدة للقيام بهجوم على النظام السوري؟ إن الفارق الأساسي بين سورية وليبيا يكمن في موقع سورية الاستراتيجي وفي تحالفها مع إيران وروسيا. قبل بضعة أسابيع أوضح عدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية لـ "هآرتس"، أن الخوف الأساسي هو من أن يؤدي الهجوم العسكري على سورية إلى رد إيراني في الخليج الفارسي. وقال دبلوماسي أميركي عمل لأعوام عديدة في الشرق الأوسط إنه "يكفي أن تفتح إيران النار على أهداف في البحرين أو في الخليج كي تنشأ أزمة دولية تحول الأنظار من سورية إلى الخليج."
ومن الأمور الأخرى التي تثير القلق ردة فعل روسيا التي شعرت بأنها خُدعت في موضوع ليبيا عندما وافقت على قرار مجلس الأمن بإقامة مناطق حظر جوي لأسباب إنسانية ولحماية المدنيين الليبيين، فإذا بقوات الناتو تستخدم القرار للبدء بهجوم واسع على قوات القذافي شمل هجمات من الجو وقصف صاروخي من البحر، وقد استُبعدت روسيا عن المعركة الدائرة في ليبيا، الأمر الذي جعلها تخسر فرصة التحالف مع النظام الجديد.
إن الدروس المستخلصة من تجربة ليبيا هي التي جعلت روسيا في طليعة المعارضين لأي عملية عسكرية ضد سورية، وقد ترافق هذا الموقف مع إظهار روسيا دعمها اللوجستي للأسد، من خلال إرسال سفنها إلى ميناء طرطوس في سورية حيث تملك قاعدة بحرية، ومن خلال التصريحات الحادة بأنها لن تسمح بهجوم عسكري على سورية.
دفعت التهديدات الإيرانية والروسية دول الناتو ودول الاتحاد الأوروبي إلى الاقتناع بأن الأسد عو عكس القذافي الذي لم يكن يحظى بالدعم الاستراتيجي من أي دولة عظمى. فعلى الرغم من ضعف الأسد العسكري، وعدم امتلاك بلده ثروات طبيعية تستحق القتال من أجلها، ومع أن دولته على حافة الإفلاس، إلاّ إنه قادر على أن يتسبب باندلاع حرب إقليمية. لكن، ومع ذلك، ليس فقط الدعم الاستراتيجي الذي يحظى به الأسد هو الذي حال دون سقوطه، فالدول العربية تمتنع من تقديم الدعم، الذي قدمته سابقاً لمهاجمة القذافي، من أجل مهاجمة الأسد. كذلك كانت فكرة إقامة مناطق حظر للطيران في ليبيا هي فكرة الجامعة العربية التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن، وهي التي مهدت الطريق للهجوم على ليبيا، لكن فيما يتعلق بسورية فإن أغلبية الدول العربية ما زالت مترددة في هذا الشأن. فما هو السبب الذي جعل الدول العربية تدعم الهجوم على ليبيا وتتردد في اتخاذ موقف مشابه إزاء سورية؟ يبدو أن الجواب له علاقة بدروس الثورات العربية كما يراها عدد من الدول العربية، ولا سيما في ظل ما يحدث في مصر التي ما زالت تبحث عن سبيل لتحقيق الديمقراطية والتي بات مستقبلها السياسي بين أيدي الإخوان المسلمين، وفي ظل النزاع الذي تشهده ليبيا بين محافظتيها الشرقية والغربية والصراع بين العصابات التي تحاول السيطرة على أجزاء من المدن، ونتيجة الوضع في اليمن الذي بات مسرحاً لانفجار العبوات الناسفة وللحرب التي يشنها الأميركيون ضد القاعدة. جميع هذه الأسباب لا تشجع الدول العربية على تقديم المساعدة من أجل إسقاط النظام في سورية في وقت ما زال فيه البديل مجهولاً.
وهنا يكمن العائق الأساسي الذي يميز سورية عن ليبيا حيث برزت منذ المراحل الأولى للثورة معارضة قوية ذات قيادة وجيش، كما كان انهيار الجيش الليبي سريعاً، وساهم الاتفاق بين المواطنين والمقاتلين والزعامة الجديدة في ليبيا في تقديم البديل الحقيقي للسلطة هناك.
في المقابل، ما زالت المعارضة السورية بعيدة عن النموذج الليبي، فلا يملك الجيش السوري الحر، الذي لديه كتائب عسكرية في كل المدن السورية الكبرى، السلاح الذي كان لدى المعارضة الليبية، وما زال عدد دباباته محدوداً، وأغلبية السلاح الذي لديه هو عبارة عن رشاشات وبنادق وراجمات وقنابل. صحيح أن هذا الجيش يحصل على مساعدة مالية من السعودية وقطر، لكنه يواجه صعوبة في الحصول على السلاح وإدخاله إلى سورية، والأهم من هذا كله أن أغلبية المنشقين عن الجيش لم تنضم إلى صفوفه، وقد انضم عدد من هؤلاء إلى الجنرال مصطفى الشيخ الذي أقام مجلساً عسكرياً خاصاً به، وهو يقوم بعمليات مسلحة منفردة. وهذا التنظيمان العسكريان ( إلى جانب الميليشيات التابعة للعشائر) لا ينسقان عملياتهما مع المعارضة المدنية ولا مع المجلس الوطني السوري الموجود خارج سورية والذي يعاني هو أيضاً من الخلافات الداخلية. والحصيلة الإجمالية لهذا كله عدم وجود هيئة أو شخص في سورية يمكن الاعتماد عليه لأن يشكل بديلاً للحكم الحالي. وحتى لو وافقت الدول العربية على الطلب من قوات الغرب مهاجمة سورية، وحتى لو وافقت الدول الغربية على الطلب وقامت بإسقاط الأسد، فثمة حاجة إلى تعيين حكومة موقتة في وقت ليس معروفاً ما سيؤول إليه الوضع في سورية، هل سيكون مشابهاً لما حدث في العراق أم مشابهاً لما حدث في أفغانستان؟
لقد دخلت سورية العام الثاني للثورة، قد يبدو نظام الأسد متصدعاً لكنه لم ينهار. وما دامت كل من إيران وروسيا تقف إلى جانبه، وما دامت عائلة الأسد تسيطر على الجيش، وما دام الجيش يدعم هذه العائلة، وما دام الأسد لم يقرر التنحي شخصياً، فإن هذا النظام ما زال قادراً على الصمود.
0 comments: