Wednesday, September 5, 2012


04‏/09‏/2012





ايديعوت احرونوت - رون بن يشاي
إن التقليص بحجم القوة البشرية والمنظومات الأميركية التي من المفترض مشاركتها هذا العام بالمناورة مع اسرائيل تعكس بشكل كبير الوضع الإقتصادي للولايات المتحدة الأميركية أكثر من انعدام الثقة بين القدس وواشنطن. وإن كان اسم المناورة "Austere Chalenge 12" ("تحدي [اعتراض] صارم 12" يشير الى ذلك.



تصادق جهات أمنية في إسرائيل ما أفاد به متحدثون باسم البنتاغون والجيش الأميركي: المخطط والسيناريوهات التنفيذية للمناورة التي ستجري نهاية شهر تشرين الأول لم يتم تغييرها ومن هنا فإن هذه المناورة ستكون في الواقع مناورة التعاون الأميركية-الإسرائيلية للدفاع حيال الصواريخ والطائرات الأكبر والأكثر تعقيدا من حيث نوعها. وفي هذه النقطة تجدر الإشارة الى أن في الحقيقة يدور الحديث عن مناورة محاكاة فعلية تتدرب فيها تشكيلات التشخيص، الكشف والإعتراض الأميركية على التعاون فيما بينها وتتدرب على هذا التعاون. عناصر عربات كشف ومراقبة النيران في بطاريات الباتريوت الأميركية ومركز عمليات مدمرة الصواريخ يتدربون على كيفية التحدث مع نظرائهم في مراكز التحكم والسيطرة الخاصة بسلاح الجو وتقسيم العمل فيما بينهم.

لذلك، فإن حجم المناورة لم يتم تحديده وفقا لعدد الأشخاص الذين سيشغلون بطاريات الباتريوت. أصلا لا حاجة لمشغلي القاذفات لأن أصلا لن يتم إطلاق أي صاروخ. كل شيء سيُدار عبر منظومات الإتصال وعلى شاشات حاسوب وفقا لسيناريوهات تم جمعها مسبقا للمناورة. من هنا فإن تقليص حجم القوة البشرية المشاركة في المناورة ومشاركة مدمرة صواريخ واحدة بدلا من اثنتين ليس أمر مهما. وبحسب مصادر موثوق بها في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فإن التقليص المادي للمناورة ناتج عن أسباب مالية أميركية وتم تنسيقه على مدى شهور طويلة مع اسرائيل.

قرار ارسال مدمرة Aegis واحدة بدلا من اثنتين أُبلغت به إسرائيل قبل شهر ونصف. في الجيش أحداً لم يستغرب أو يعطي أهمية للمسألة باستثناء ناحية التوفير بالموارد. ففي الجيش يعرفون بالتأكيد أن الأميركيين يعززون حاليا قوتهم البحرية في منطقة الخليج الفارسي وأنهم بحاجة هناك الى كل وسيلة من شأنها اعتراض صواريخ. لا حاجة للقول بأن هذا التعزيز يخدم المصالح الإسرائيلية أيضا.

ويدعي عدة أشخاص من ذوي الوظائف العالية في قطاعات مختلفة في المؤسسة الأمنية، أن "عموما، التعاون والتنسيق مع الأميركيين فيما يتعلق بالمناورة هو أمر يومي ويتم في كل المستويات. من أعلاها الى أدناها". كذلك على سبيل المثال، فقد أبلغ رجال البنتاغون عناصر شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي منذ ما قبل عدة شهور أن عدة عناصر من قيادة المناورة الأميركية سوف يعملون انطلاقا من قواعدهم في أوروبا من أجل توفير نفقات النقل والسكن في اسرائيل لمئات الضباط الأميركيين دون أن تكون لذلك ضرورة عملية أثناء المناورة. والجهة المسؤولة عن التعاون مع اسرائيل ولذلك أيضا مسؤولة عن المناورة هي القيادة الأوروبية، "يوكوم" التابعة للقوات المسلحة للولايات المتحدة الأميركية. وتجري المناورة أصلا على شاشات كمبيوتر ومراقبة، ولذلك يمكن إدارة عناصر من داخلها إنطلاقا من أوروبا. كذلك عدد عناصر بطاريات الباتريوت تقلص للسبب ذاته لدى طواقم التحكم والمراقبة.

بالإضافة الى المحاكاة العملياتية، التي يُفترض أنها فعلية، فإن الدرس المادي الذي تحاول المناورة استخلاصه هو القدرة على إنزال في اسرائيل، وبوقت قصير، بطاريات باتريوت أميركية تعزز تشكيل الباتريوت الإسرائيلي. هذا العنصر سيتم بكامله أيضا حتى إن لم يكن هناك مئات الجنود الأميركيين يجلسون بدون عمل في الشمس الإسرائيلية الحارقة. الهدف الرئيسي للمناورة ليس عسكريا-ماديا بل سياسيا: مجرد إجراءها كل عدة سنوات يهدف الى إثبات الدعم الأميركي لإسرائيل أمام دول المنطقة، الشعب الإسرائيلي وجمهور الناخبين الأميركي. ويقول مسؤول رفيع المستوى في الكريا في تل أبيب: "ثمة دلالة لوجود آلاف العسكريين الأميركيين في اسرائيل. لكن لا فارق كبير إذا ما كان الحديث يدور عن 5000 أو فقط 1500. فمجرد الإستعداد الذي تظهره إدارة أوباما لإرسال آلاف العسكريين الى اسرائيل هو المهم وأيضا المؤثر".

ومن أجل فهم المسألة يجب ذكر أن المناورة "الإعتراض الصارم 12" كان من المفترض أن تنظم في أيار من هذه السنة. كان من المفترض أن يكون حجمها المادي أكبر من سابقتها من ناحية حجم القوة البشرية المشاركة فيها. وبدلا من مدمرة واحدة في المناورات السابقة كان يجب أن تصل الى اسرائيل مدمرتان مجهزتان بأجهزة Aegis لاعتراض صواريخ باليستية من مديات طويلة وبارتفاعات لا يمكن لمنظومة الحتس حتى الآن اعتراضها.


أوباما لن ينفذ عملاً يتم تفسيره كعداء
كان التقدير في اسرائيل أن الإدارة الأميركية مهتمة باستخدام الدفاع الجوي المشترك كإستعراض دعم هائل لإحتياجات اسرائيل الأمنية. الهدف: إعطاء الحافز لنتنياهو وباراك لمهاجمة إيران وجمع نقاط للرئيس أوباما في سنة انتخابات وسط جمهور الناخبين اليهودي والناخبين من غير اليهود المؤيدين لإسرائيل. وفي تلك الفترة (كانون الثاني 2012) قدروا في واشنطن أن اسرائيل تنوي مهاجمة إيران في الربيع - حيث تنجلي السماء ولا يقيد المناخ عمل سلاح الجو الإسرائيلي. لكن حينذاك فاجأت اسرائيل أوباما حيث طلب وزير الدفاع باراك تأجيل المناورة. والذريعة الرسمية كانت "مشاكل في الجدول الزمني والموازنة في اسرائيل".



كان ثمة من قدر أن اسرائيل طلبت تأجيل المناورة من أجل منع وضع تهاجم فيها إيران بينما يتواجد جنود أميركيون على أرضها. فتواجد كهذا كان سيورط الولايات المتحدة على الساحة الدولية كمتعاونة في الهجوم الإسرائيلي وكذلك كانت سيعرّض حياة عناصر الجيش الأميركيين للخطر نتيجة الرد الإيراني ورد حزب الله. لذلك، في حديث بين وزير الدفاع باراك ونظيره الأميركي بانتا، تقرر تأجيل تنفيذ المناورة من أيار الى نهاية تشرين الأول من هذه السنة. لكن عندئذ قفز البنتاغون فوق الواقع مستغلا طلب التأجيل الإسرائيلي بغية توفير عشرات ملايين الدولارات، ربما حتى عدة مئات، من موازنته التي اقتُطعت هذا العام بشكل صارم.

مع ذلك تلقى المخططون للمناورة في البنتاغون أمرا بعدم المس بالمخطط التنفيذي للمناورة أو بالأهداف السياسية التي أرادت الإدارة استخلاصها منها. ومن المنطقي افتراض أيضا أن ادارة أوباما لن ينفذ ثلاثة شهور قبل ألإنتخابات عملا يتم تفسيره كعداء من قِبل الناخبين في بلاده ويؤكد مقولة رومني خصمه بأنه يرسل اسرائيل الى تحت عجلات الباص.

لا شك أبدا بأن ثمة توتر في المرحلة الحالية، عدم ثقة بين أوباما والحكومة الإسرائيلية على خلفية خلافات الرأي في الموضوع الإيراني. حتى أنه يمكن تمييز عداء، لكن في هذه الساعة بالذات إجراء المناورة المشتركة هو مصلحة أميركية، تماما لتلك الأسباب ذاتها التي من أجلها أراد الأميركيون بشكل كبير تقدير المناورة في أيار من هذا العام. فإسرائيل، كما ذُكر هي من طلبت تأجيل التنفيذ، لكي تحتفظ على ما يبدو لنفسها بحرية عمل عسكري ضد إيران. لذلك فإن التقليص الذي نفذه البنتاغون بحجم القوات المشاركة في المناورة ليس له أهمية غير الرغبة بالتوفير. وفقط في حال إلغاء المناورة بشكل نهائي - أو في حال تأجيلها مجددا - سيكون ذلك سبب جدي للدهشة والتحليلات.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: