Saturday, September 22, 2012

حلمي موسى: كشف المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، أن تدريبات ومناورات الجيش الإسرائيلي لسيناريوهات الحركة في الجبهة اللبنانية «لا تقوم على أساس عملية عسكرية بل على أساس حرب». وأشار إلى أن حركة طائرات ومروحيات وأرتال من العربات العسكرية، بل شاحنات تجارية تحمل راجمات صواريخ وهمية أثارت القلق مؤخرا في طرق الجليل وأيضا في لبنان. فقد ذكّرت الإسرائيليين بمظاهر «حرب لبنان الثانية»، كما أنها تعزز الشبهات الدائمة في الجانب اللبناني بوجود مؤامرات صهيونية خطيرة. ولكن هذه التحركات كانت جزءا من مناورة واسعة بدأت مطلع الأسبوع وجرى التخطيط لها منذ شهور كجزء من خطة التدريبات السنوية للجيش الإسرائيلي.
وكرست المناورة لـ«فرقة الجليل»، المعروفة بـ«الفرقة 91»، والتي كانت أول من أصيب بصدمة حرب تموز 2006. والكل في الفرقة يتذكر تلك الحرب في كل زاوية وحركة، خصوصا في المناورة التي تستند إلى العودة تقريبا إلى المناطق التي لم تنجح فيها الحرب السابقة.
ويشير هارئيل إلى أن قيادة الفرقة تقع على مقربة من الحدود اللبنانية ويقودها الآن العميد هرتسي هاليفي الذي سبق وقاد «وحدة النخبة» في هيئة الأركان المعروفة باسم «سييرت متكال» وقاد «لواء المظليين» في الحرب الأخيرة على غزة وترأس وحدة العمليات في شعبة الاستخبارات، وهذا الأسبوع، تولى قيادة المناورة الكبرى للفرقة ليس على أساس سيناريو عملية واسعة بل على أساس سيناريو حرب مع لبنان.
وقد أشار رئيس الأركان الجنرال بني غانتس، الذي حضر يومين مع الفرقة ميدانيا، إلى مستوى المصاعب التي وضعت أمام الفرقة ووحداتها، وقال إن «الرجال طحنوا» المهمات التي انطوت على أعباء مادية ومعنوية.
وبحسب التقرير في «هآرتس» فإن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام المقبل، تشير إلى تدني احتمالات شن الحرب على إسرائيل من جانب أي من الجيوش العربية.
وفي المقابل، فإن فرضية العمل في هيئة الأركان تعطي احتمالا عاليا نسبيا لاحتمال أن يقود التوتر في أي من القطاعات إلى حرب واسعة، غير مخطط لها.
ويعتبر أن لا تناقض بين التقديرين. فلا سوريا ولا مصر، نظرا لأزمتيهما الداخليتين، ستشنان حربا، ولكن عدم الاستقرار في كل القطاعات زاد خطر تشوش الظروف. وبين جملة المخاطر القائمة يحتل لبنان مكانا مركزيا، وفق هارئيل. ويضيف: برغم تقديرات الاستخبارات بأن «حزب الله» لا يزال يخشى المواجهة، جراء جراحات حرب 2006، لكنه قد يجد نفسه ملزما بالعمل ضد إسرائيل إذا ما هاجمت الأخيرة منشآت إيران النووية. كما أنه ليس مستبعدا أن تشتعل الجبهة اللبنانية لاعتبارات محلية كما حدث قبل ست سنوات جراء اشتداد النقد لـ«حزب الله» والمطالبة بنزع سلاحه. ولاحظ هارئيل حساسية الموضوع اللبناني من حجم كبار الزائرين لقيادة المناورة هذا الأسبوع. وأشار الى أنه تم التركيز على اتجاهات تطور المعركة سواء في القتال أو في النظر إلى المستقبل. وهنا، الحديث يدور عن قتال مشبع بالعمل الاستخباري حيث يتم ضخ المعلومات فورا للمراتب الميدانية.
والأمر يتعلق أيضا بـ«بنك الأهداف». فكلما أفلح الجيش في أن يحدد لنفسه سلفا عددا أكبر من الأهداف، كلما زادت فعالية العملية. وتبين لاحقا أنه في تلك الحرب لم يتوافر لقيادة الجبهة الشمالية سوى 83 هدفا تضمنتها خطة القتال القيادية. وخلال أربعة أيام هاجم الجيش كل هذه الأهداف بواسطة سلاحي الجو والمدفعية، وهو أمر لم يمنع «حزب الله» من مواصلة إطلاق الـ«كاتيوشا» على الشمال طوال ثلاثين يوما أخرى.
ويشددون في الجيش الإسرائيلي على أن عدد الأهداف في الحرب المقبلة سيكون أكبر بما لا يقاس. وهناك مسألة الحركة البرية. في الحرب السابقة عملت في لبنان أربع قوى تابعة لفرق مختلفة، وتم تفعيلها بتردد، عبر تغيير متواصل في المهمات. ولكن في المرة المقبلة يرى الجيش وجوب إرسال القوات بسرعة وعبر تنسيق ومن دون تضييع الوقت. ولكن قد لا يكون هذا حلا بالضرورة للخلافات حيث عاد الجيش للاهتمام بالتحرك البري والتدرب عليه. وهناك قناعة متزايدة في الجيش بأن هامش الوقت لن يسمح بخطوات برية فعالة وأن إسرائيل ستضطر للاستناد إلى الضربات الجوية المكثفة.
ونقلت «هآرتس» عن ضابط كبير في قيادة الجبهة الشمالية قوله: «نحن نفهم أنه ينتظرنا في لبنان قتال صعب. لا أحد يفكر في أنها نزهة أو أن هناك حلاً بضربة واحدة لمشكلة إطلاق الصواريخ. ولكن ينبغي أن نفهم سلفا أنه إذا نشبت الحرب فستكون على نطاق شامل، وليس عملية، وهي تستدعي عملا واسعا بقوات مناسبة». وقال العميد هاليفي لـ«هآرتس»: «إن العدو في لبنان ينتشر في المنطقة المأهولة طولا وعرضا. وهذا يتطلب منا الوصول إلى الكثير من الأماكن دفعة واحدة والتصرف بشكل مشتت لدعم القوات لوقت طويل. واليوم نحن نبذل جهودنا لرسم صورة الحرب بكل أجزائها. وكلما فعلنا ذلك، فستكون النتيجة تغييرا جوهريا نحو الأفضل عندما نواجه الاختبار الحقيقي».
السفير، بيروت، 15/9/2012
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: