مصادر وسطيّة : إتهامات الحريري لـ «حزب الله» تتعارض مع نصائح جنبلاط
Tuesday, September 18, 2012
هشام يحي
مصادر وسطيّة : إتهامات الحريري لـ «حزب الله» تتعارض مع نصائح جنبلاط
هل تتكرّر ردود الأحزاب الشيعيّة في حماية ضبّـاطها مع قضية استدعاء السيّد؟
هشام يحيى
فيما تتوالى المعلومات التي تتوقع أن تشهد الساحة المحلية خضات أمنية وسياسية وقضائية كبيرة بعد تمرير زيارة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر التاريخية للبنان، توقفت أوساط سياسية بارزة عند الإتهامات العالية السقف المتبادلة بين ركنين أساسيين في المعادلة الداخلية في لبنان وفي المعادلة الإقليمية التي يرتبط فيها الداخل اللبناني وهما حزب الله وتيار المستقبل.
فبعد الإتهامات المتكررة التي ساقها أكثر من مسؤول في حزب الله ضد فريق 14 آذار بأنه متورط بالمشاركة «في العدوان على سوريا عبر التحريض الاعلامي وبالمال والسلاح والمسلحين»، مؤكداً أن الحرب في سورية لا تتصل ابدا بأبعاد داخلية، فالأزمة في سورية حرب تحدد معالم المنطقة والحرب المقبلة مع اسرائيل، وهناك قوى عربية ارتضت ان تكون اداة لمشروع اميركي لإضعاف سورية بالتمويل والتسليح والتحريض الاعلامي والسياسي، وتعمل على تعميق الجراح السورية».
جاء الرد على هذه الإتهامات من قبل رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري من قلب أوروبا في باريس بعد لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الايليزيه حيث اتهم حزب الله بارسال سلاح الى سوريا، وكان الحريري عشية لقائه بالرئيس الفرنسي قد استبق هذا الكلام في حديث لإحدى الصحف الفرنسية باتهام أشد حدة لحزب الله بأنه متورط بكل الطرق الممكنة في قمع الإنتفاضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، مؤكداً بأن حزب الله يرسل المقاتلين والسلاح في سبيل هذه الغاية...
واللافت بما جاء في اتهامات حزب الله لفريق 14 آذار بأنها حملت الطابع التخويني العدواني الحاد وهذه مصطلحات لا يستخدمها الحزب عادة إلا في صراعه ومواجهته المفتوحة ضد العدو الصهيوني.
أما اللافت في اتهامات الرئيس سعد الحريري وبحسب مصادر وسطية فإنها أتت في سياق خارج النصائح التي قدمها رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إلى الحريري خلال لقائهما الأخير في باريس، حيث أن نصيحة جنبلاط كانت ولا تزال تجنيب لبنان كأس الفتنة المذهبية لا سيما على الساحة الإسلامية - الإسلامية ، وبأن تحقيق هذا الأمر يقتضي تحييد حزب الله وتركيز الهجوم على النظام في سوريا في المرحلة الراهنة خصوصاً في ظل استمرار الأزمة السورية إلى آجال مفتوحة، كما أن هذا الأمر يقتضي استيعاب حزب الله كمكون أساسي من مكونات النسيج اللبناني، وهذا ما يتطلب بطبيعة الحال وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين المستقبل وحزب الله الذي يجب معالجة الخلافات معه فقط من خلال الحوار... فحماية البلد، تقول المصادر ذاتها تتطلب إعادة بناء جسور التواصل وفتح قنوات الإتصال التي تمهد إلى فتح أبواب الحوار بين الحريري وحزب الله والذي يجب أن تكون منطلقاته مرتكزة على قاعدة أن حماية البلاد من الفتنة وصون العيش الوطني المشترك تبقى فوق كل الخلافات، وذلك قبل فوات الأوان وخراب البصرة فوق رؤوس الجميع.
واللافت أيضاًَ على حدّ ما تقول مصادر وسطية في الاتهامات التي ساقها الرئيس سعد الحريري ضد حزب الله بعد زيارته لفرنسا المعروفة بموقعها ضمن المحور الغربي المناوئ لنظام بشار الأسد، بأنها أتت قبل أقل من 48 ساعة على إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على عدد من قادة «حزب الله»، وفي طليعتهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، بحجة دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
المصادر نفسها أشارت الى أنه في ظل استعار الإحتقان الداخلي على وقع ما تحمله متابعة محاكمة الوزير والنائب السابق ميشال سماحة التي تتوسع مجرياتها من مفاجآت غير متوقعة الإنعكاسات لا سيما بعد تسطير مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية المدعي العام العسكري القاضي صقر صقر تكليفاً لفرع المعلومات في مديرية قوى الأمن الداخلي، لتزويده بكل الأسماء الواردة في التحقيق في قضية نقل سماحة للمتفجرات، تمهيداً لإحالة تلك الأسماء إلى قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا لإجراء المقتضى القانوني حيالها،فإن الإتهامات المتبادلة بين الحريري وحزب الله لا يمكن قراءتها إلا في سياق زيادة منسوب التوتر السياسي بكل أبعاده المذهبية التي تهدد بانفجار الفتنة السنية - الشيعية على أرض لبنان.
المصادر الوسطية اشارت الى أن هذه الفتنة الإسلامية - الإسلامية القابعة على قاب قوسين من اشتعال فتيل الإنفجار خصوصا في ظل استعار هذا التراشق المتواصل بين أكبر زعيم للشارع السني والحزب الأقوى تأثيراً على الساحة الشيعية في لبنان، ثمة عناصر عديدة قد تسرع في وتيرة وقوعها خصوصاً أن قضية سماحة التي تزداد تعقيداً مرشحة لخلق مزيد من أجواء التصعيد المذهبي في البلاد، وذلك في ظل الحديث عن امكانية استدعاء الضابط المتقاعد الشيعي جميل السيد إلى القضاء وتوقيفه.
ولفتت المصادر نفسها الى ان هذا الإستدعاء والتوقيف المحتمل يستحضر بالذاكرة السياسية والأمنية والقضائية جملة معطيات ووقائع أبرزها، واقعة إقالة قائد جهاز أمن المطار وفيق شقير من موقعه وإعادته إلى ملاك الجيش اللبناني في آيار 2008، والتي اعتبرتها آنذاك المرجعيات السياسية في الطائفة الشيعية «ملامسة للمحرمات وليس فقط للخطوط الحمراء» وهذا ما دفع آنذاك قوى المعارضة ولا سيما حركة أمل وحزب الله الى الرد بقوة على قرار الحكومة ميدانياً عبر أحداث 7 آيار الدامية التي مازال لبنان يدفع وزر تداعياتها مزيداً من التخبط و الإنقسامات والخلافات التي تهدد أمن البلد واستقراره وسلمه الأهلي.
كما يستحضر بطبيعة الحال على حدّ ما تقوله المصادر العراضة الأمنية والعسكرية التي اجتاح فيها حزب الله مطار بيروت في 18 أيلول 2010 لاستقبال وصول المدير العام السابق للأمن العام في لبنان اللواء جميل السيد، وذلك في رسالة كان فحواها آنذاك رفض مثول «السيّد» أمام القضاء مدعىً عليه بتهديد رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، واحتضان كلّ ما أدلى به اللواء المتقاعد ومكرراً مضامينه، لجهة إنهاء المحكمة الدولية وتغيير الوقائع بالتهديد والقوّة.
وتسأل المصادر الوسطية ما هو رد الأحزاب الشيعية حزب الله - أمل على مسألة استدعاء وتوقيف القضاء للضابط الشيعي المتقاعد جميل السيد على خلفية قضية سماحة؟ والسؤال الأكثر اشكالية يتمحور حول الحزب في هذه الظروف مستعداً لخوض مغامرة داخلية على غرار حملة 7 آيار تطيح بالإستقرار والحكومة أم إن حكمته ونظرته البعيدة والإستراتيجية للأمور ستتجاوز الأفخاخ التي تستهدف معادلة الجيش والشعب والمقاومة في لبنان عبر استدراج الفتنة المذهبية التي إن وقعت لن تخدم سوى العدو الاسرائيلي ومشروعه التقسيمي والتفتيتي لكل المنطقة..!؟
0 comments: