د.أسعد أبوشرخ
حين قرر مجرمو الحرب الصهاينة من المستويين
السياسي والعسكري قتل القائد الشهيد ابو محمد الجعبري بطائرة امريكية الصنع
والتسليح و التدريب قدروا وحسبوا ان الشعب الفلسطيني سيبتلع الطعم وقد يكون الرد
قذيفة هناك او هناك،وكان العامل الاساسي في تقديراتهم الفاشلة وحساباتهم الخاطئة
مبني على اساس حرب الابادة 9/2008 التي اسموها صهيونياً الرصاص المصبوب والحرب
النفسية التي شنوها دوماً تذكيرا للشعب الفلسطيني بما سببته هذه الحرب من ويلات
والتصريح في كل مناسبة ان أي حرب اخرى على غزة ستكون اكثر هولاً وتدميراً من
الرصاص المصبوب،والتي ستتبع بالرصاص المصبوب4،3،2 الخ... ،ومن يراجع التصريحات
الصادرة عن هؤلاء المجرمين من عسكريين وسياسيين و حاخامات وصحفيين واعلاميين يتبين
له شراسة هذه الحملة النفسية بل الحرب النفسية "PSYCHOLOGICAL
WAR FARE" التي لم تتوقف على مدى السنوات الاربع الماضية ولم تكن هذه
التصريحات تصدر من باب التبجح والغطرسة فحسب،بل كانت حسب خطة ممنهجة قائمة على
نظريات في حرب الدعاية المستمدةمن علم النفس السلوكي "BEHAVIOURIST
PSYCHOLOGY"القائم على الأسس التالية:
-الحافز والإستجابة
-التكرار
-التعزيز
-الربط
-الإشراط
اذ ان تذكير الشعب الفلسطيني بحرب الابادة 9/2008
وتكرار الفكرة وتعزيزها وربطها بالويلات التي سببتها بالصورة والصوت ووضع شروط بأن
الحرب لن تتوقف الا بتحقيق أهدافها الصهيونية والا فالويل و الثبور... كل ذلك قد
يجعل المقاومة الفلسطينية تحجم عن الرد،ظناً من الصهاينة أنها مردوعة،كما يهيء لهم
خيالهم المريض منذ حرب الابادة 2009/2008 ،كان خبراء الحرب النفسية الصهاينة سواء
في وزارة الحرب او مكتب نتنياهو او ليبرمان هم وكبار الجنرالات والساسة يتبنون هذا
الرأي الذي كان يأخذ صيغة تصريحات تصدر عنهم مباشرة أو مسربة الى وسائل الاعلام
الصهيونية العبرية والانجليزية،بل وبعض وسائل الاعلام الغربية المرئية والمسموعة
والمكتوبة والصحفية،وهذا بالضبط ماحصل أيضا أثناء الحرب الاجرامية الصهيونية عالى
لبنان عام 2006 والتي تكللت بهزيمة نكراء،كهزيمتهم الحالية في غزة نوفمبر2012لكن
الحسابات الخاطئة والتقديرات السيئة تؤدي دوماً إلى نتائج خاطئة وإلى فشل ولهذا
سارع المحللون والخبراء إلى الإستنتاج أن حرب إسرائيل على غزة كانت كما قال أحد
الخبراء الغربين بأنها Fiascoإي فشل ذريع وليسFailure
أي فشل فحسب.إن العدو الصهيوني الذي ظن انه فاجأ المقاومة بقتل القائد الجعبري
,خاصةً بعد عملية تضليل قبلها بيومين بالإتفاق على تهدئة مع الجانب المصري ثم قام
بالخداع و الخديعة ,فوجئ بالرد الفلسطيني العزوم والحزوم والحسوم في عقر مستوطناته
وضرب بقرته المقدسة تل ابيب ,واكتشف أنه من اقصاه إلى اقصاه مكشوف وقد أمسك به وقد
سقط بنطاله عن مؤخرته كما كتب أحدهم يقول بالإنجليزية "He
Was Taken With His Pants Down!"فالرد الفلسطيني ,في تقديرنا بني على مربع العناصر التالية:
صمود,تصدي,رد,ردع(أي توازن الرعب) على المستوى القتالي والعملياتي والامني والنفسي
والميداني وكانت أضلاع هذا المربع تطوق هذا العدو,وكان هو الهدف الواقع في مركز
هذا المربع تحيط به أضلعه الأربعة من كل جانب وكانت القيادة الفلسطينية السياسية
كما القتالية تتحلى بأقصى درجات التماسك والثبات والأعصاب الحديدية وإدارة المعركة
بكفاءة متميزة وروح قتالية متميزة وروح معنوية فوق السحاب في وقتٍ كانت تنهارُ فيه
معنويات القيادة الإسرائيلية والمستوطنين ,كما رأيناهم يهرولون إلى الملاجئ أمام
ضربات المجاهدين التي زلزلت أقدامهم فعلاً وقولاً وعاشوا في جحورهم خوفاً ورعباً
وإنتظاراً فيما يحمله المجهول القادم من سماء غزة من رسائل صاروخية مختلفة الأوزان
والأحجام والأطوال والأشكال والمفاجئات.
ومفاجآت غزة ليس كمفاجآت أي مدينة أخرى ,لأنها مرتبطة
في اللاشعور اليهودي الصهيوني بقتل شمشون الجبار وهزائمهم وينظرون إليها كمدينةٍ
لعينة كما يعتقدون ,تمنى ذات يومٍ مجرم الحرب رابين أن يبتلعها البحر ,فإذا ببحر
غزة يبتلعهم! كما إبتلع بحر المجدل ذات يومٍ مجرم الحرب رفائيل إيتان وقذفه بحر
المجدل إلى الشاطئ مذموماً مدحوراً مقتولاً ! وعند الحديث والتهديد بالحرب البرية
كجزء من الحرب النفسية على أهل غزة،خرج وفي الوقت المناسب خرج القائد العام للقسام
أبو خالد...
الأسطورة الشبح وعلى شكل شبح مرعب يلوح بسبباته
،مهدداً ومتوعداً ،وكانت الصورة السوداء الغامضة والكلمات القليلة الجلية الحاسمة
تذكرهم بما جرى لدباباتهم ومدرعاتهم من إبادة وتدمير في سهول ووديان وجبال لبنان
على 2006 على يد أبطال حزب الله ،فغزة تنتظر دباباتكم على أحر من الجمر لتدميرها
وسحقها فتتناثر جثث جنودكم كما تناثرت عندما أصاب صاروخ كورنت أحد عرباتكم العسكرية
على الحدود فانفجرت العربة بمن فيها كما أوضحت الصورة التي نشرتها وسائل الإعلام
فهزم العدو نفسياً قبل أن ينهزم عسكرياً مما أجبره على التخلي عن جميع شروطه
والقبول بالمطالب الفلسطينية ومن هنا هذا الإنجاز الكبير الذي أكل كسر صورة الجندي
الصهيوني الذي أصبح مقهوراً ومبهوراً. بعض الإستنتاجات والدروس والعبر على الجانب
الفلسطيني
-أثبتت المعركة أن الرأي ،الرأي الفيصل هو
للمقاومة وليس للمفاوضة لأن المقاومة تأتي بالنتائج والمفاوضة بالعبث.
-حاز الفلسطيني ، وخاصة الغزي ،على إحترام وتقدير
كبير في العالم وأصبحت غزة القيادة ومركز المقاومة ومحط الأنظار والآمال !.
-تجلت الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني في أفضل
صورها في الضفة وغزة وفلسطين 48 والمنافي والداخل والخارج ،وأكدت على الحاجة
لأنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية القائمة على خيار المقاومة والتمسك
بالثوابت وعلى رأسها حق العودة .
-أثبتت المعركة أن هذا العدو خلق لنفسه هالة كاذبة
من القوة ،لكن في حقيقته أوهن من بيت العنكبوت وانكشفت نقاط ضعفه لدى المقاومة
الفلسطينية.
-تأكد على أرض الواقع أن القيادة لمن يقاوم ،وهذا
شعار أو مبدأ فلسطيني قديم بدأ مع بداية الثورة عام 1965 اذا كانت الأطروحة التي
وجهت للأحزاب السياسية الفلسطينية التي كانت تضيع الوقت في التنظير هي أن اللقاء
على أرض المعركة ومن التحق بالمعركة شارك في القيادة ومن تخلف أصبح على الهامش أو
نسيه التاريخ منذ ذلك الزمن .
-أوضحت المعركة إمكانية هزيمة العدو ودحره بل
وطرده من فلسطين إذا ما أحسن الأعداد الجيد وامتلكنا القدرات والعزيمة والإرادة
الصلبة .
-أوضحت المعركة استعداد الشعب الفلسطيني على
التضحية بلا حدود في سبيل تحرره وتحقيق أهدافه وتحرير وطنه.
-أوضحت المعركة مدى عجز النظام الرسمي العربي رغم
إمتلاكه لكل هذه الإمكانات الهائلة من نفط وأموال وجيوش ولكنه لا يستفيد منها في
تحقيق مصالحه او مصالح أمته بل أنه يتواطأ ضد ذاته وأن خلل الأمة يتركز في النظام
الرسمي ورموزه الحاكمة من ملوك وأمراء ورؤساء وحكام وشيوخ!
-اوضحت المعركة أهمية استمرار الربيع العربي في
تغيير الأنظمة التابعة للغرب وان كل الدلائل تشير إلى أهمية تغيير هذه الانظمة كي
تنسجم مع طموحات شعوبها .
-كشفت المعركة,ومازالت الوجه القبيح لأمريكا
والغرب الذي يؤكد سلوكاً وقولاً وفعلاً أن إسرائيل "ليست سوى دولة مارقة
صليبية غربية"تهدد الأمن والسلم الغربي والإسلامي بل العالمي.
-ايقظت المعركة الروح لدى الشعوب الإسلامية بتحرير
فلسطين من البحر إلى النهر.
على الجانب الإسرائيلي:
1.كشفت أكذوبة الردع التي تغنى بها هذا العدو
الصهيوني,واصبح العدو نفسه يعاني من الردع المضاد.
2.كشفت الهالة الكاذبة حول جيش الإحتلال الذي احاط
نفسه بهالة نفسيه ومن الحرب النفسية التي تجعله يستمر في اكذوبة انه "جندي
سوبر" لدرجة انه صدق نفسه فانكشفت الخديعة والاكذوبه على حقيقتها بلا رتوش.
3.اثبتت المعركة ارتباك قادة العدو في إدارة
المعركة إذا لم يكن لديهم من بنك الأهداف سوى قتل الأطفال والمدنين وتدمير المباني
ولم يتمكنوا من منصات الصواريخ او أبطال المقاومة.
-اثبتت المعركة خطأ القيادة الإسرائيلية في
حساباتها وفي قدرتها
على التحليل فيما سيكون عليه رد الفعل الفلسطيني
خاصة المقاومة.
-انكشفت ثالوث الشر نتنياهو-باراك-ليبرمان أمام
الإسرائيلين لأن ثالوث الشر أراد بهذه المعركة كسب معركة الإنتخابات المقبلة فإذا
به يتورط ويتمأزق وتتراجع شعبيتة.
-أثبتت المعركة مدى هشاشة هذا التجمع الصهيوني
الذي قضى أيام المعركة في جحوره ومخابأه تحت الأرض.
-خسرت هذه الدولة المارقة البلايين من الشواقل
,وظهرت على وجهها القبيح الإجرامي أمام العالم وانكشفت أكذوبة الجيش الذي لا يهزم
للعالم.
-أفهمت هذه المعركة الصهاينة أن الشعب الفلسطيني
متمسك بوطنه فلسطين أكثر من أي وقت مضى وأنه مصر على الصمود و التصدي والتحرير
بإرادة فولاذية وعزيمة لا تلين.
-تبين للإسرائيلين والأمريكين والعالم أن من يقود
الشعب الفلسطيني هو من يقاوم أي أن مشروع المقاومة هو صاحب القرار وليس مشروع
المفاوضة.
-كشفت هذه المعركة مدى هشاشة هذا العدو وتهديداته
للدول الإقليمية والجحيم الذي يتوقعه إن فكر بحماقة الهجوم على أي دولة والذي قد
يكلفه وجوده.
-ادرك الإسرائيليون انهم ان عادوا إلى الحماقة فإن
مشعل بعزيمته سيشعلها عليهم ناراً حامية وشلح بإرادته يشلحهم من كل اوهام القوة
وغرورها وصلفها.
وباختصار، فإن هذه المعركة دللت للعالم على أن
قيادة المقاومة هي قيادة الشعب الفلسطيني وانه لا يمكن التوصل إلى حل أو تسوية إلا
عبر قيادة المقاومة ,التي تملك وسائل وادوات القتال والصراع والمقاومة ولهذا رأينا
جعجعة المدافع وقعقعة وهدير الصواريخ "الغزاوية" تفرض معادلة جديدة و
رأيها القاطع على طاولة المفاوضات غيرالمباشرة مجسدة مقولة التفاوض بالسلاح وعبر
المقاومة!
وبهذا توجت غزة نفسها مركزاً ومقراً لقيادة الشعب الفلسطيني
وعاصمة المقاومة الفلسطينية التي يلتف حولها الشعب الفسطيني في الداخل والخارج
وأختاً عزيزةً منيعةً للقدس العاصمة الخالدة لفلسطين بل لكل العرب و المسلمين.
24/11/2012
د.فايز أبو شمالة
انتبه الجميع إلى الأسلحة المتطورة التي استخدمتها
المقاومة الفلسطينية في حربها ضد الاحتلال، ولم ينتبه أحدٌ إلى الأسلحة التي لم
تستخدمها المقاومة بعد، تلك الأسلحة التي ظلت طي الكتمان، وسرًّا مجهولًا، وهي
تنتظر الجولة القادمة من الحرب التي لن تنتهي ما وجد صهيوني واحد يغتصب أرض
فلسطين.
من تلك الأسلحة التي لم تستخدمها المقاومة، وظلت
حبيسة المخابئ:
1ـ السلاح المضاد للدروع، وهذا السلاح الذي أثبت
جدارته قبل الحرب على غزة بأيام، حين نجح المقاومون في تفجير دبابة صهيونية على
مسافة آلاف الأمتار، هذا سلاح تمتلك منه المقاومة الفلسطينية آلاف القطع القادرة
على مواجهة دروع الاحتلال، وأزعم أن مخابرات الاحتلال تعرف بوجود هذا السلاح،
ولكنها تجهل أنواعه، وأعداده، وأماكن انتشاره، ومدى فعاليته، وأزعم أن هذا السلاح
قد أرعب الجيش الصهيوني قبل استخدامه، وحال دون نشوب الحرب البرية على قطاع غزة.
2ـ سلاح الأنفاق، وهذا السلاح الخطير الذي تعرف به
مخابرات الاحتلال، ولكنها تجهل تفاصيله، فهي لا تعرف من أي نقطة ستنشق أرض فلسطين؛
ليخرج منها رجال أشداء، يقصمون ظهر الجيش المتجه إلى أرض غزة، سلاح الأنفاق هذا
سيمكن المقاومين الفلسطينيين من الوصول إلى مسافات بعيدة داخل الأراضي المغتصبة سنة
1948م، وسيمكنهم من شن عمليات عسكرية داخل عمق أراضي الـ(48)، ويقطع خطوط الإمداد
عن الجيش الصهيوني، وسيعطي هذا السلاح للمقاومين فرصة الكر والفر دون انكشاف
أمرهم، وسيمكن المقاومة من تحرير مساحات شاسعة من الأراضي المغتصبة، إنه السلاح
الذي لم يدخل المعركة بعد.
3ـ سلاح العبوات الناسفة الشديدة الانفجار، التي
تفنن المقاومون في إخفائها تحت الأرض، وفي أماكن لا تخطر في بال جنود الاحتلال،
وبأشكال إبداعية تتجاوز المألوف في التفكير، فقد استوعب رجال المقاومة درس الحرب
التي شنت على غزة قبل أربع سنوات، وأعدوا عبواتهم لسحق آليات العدو، ولكن هذا
السلاح ظل على حاله، ولم يستخدم بعد.
4ـ سلاح الغواصين، وهم أولئك الرجال الذين تدربوا
على فن العوم، وتعودوا الغوص تحت الماء مسافات بعيدة، هؤلاء الذين دُربوا، وسُلحوا
بمعدات بحرية حديثة، وكان بمقدورهم أن يدمروا الكثير من قطع البحرية المعادية في
حال احتدام القتال، واقتراب سفن العدو من شواطئ قطاع غزة، هذا السلاح مازال لغزًا،
ولم يشارك في المعركة بعد.
5ـ ولكن السلاح الأهم من كل ما سبق كان سلاح
الإنسان الفلسطيني الجديد، فقد أعدت المقاومة الفلسطينية رجالًا لا يعرفون الخوف،
ولا يهابون الردى، رجالًا أسقطوا من قاموسهم لفظة الهزيمة، رجالًا صدقوا ما عاهدوا
الله عليه، وكظموا غيظهم، وكتموا سرهم، واستعدوا إلى ملاقاة عدوهم، وكلٌّ منهم
يعرف مهمته، وكلٌّ منهم يعرف اللحظة التي سينقض فيها على الهدف الذي تدرب على
تفجيره، هؤلاء ظلوا بعيدًا عن أرض المعركة، في انتظار الجولة القادمة.
لقد نجا جيش الاحتلال من هزيمة محققة، وفاز
بالتهدئة، وهذا ما دفع رئيس الأركان ليقول: "كان قرار وقف الحرب على غزة أكبر
نصر يحققه الجيش (الإسرائيلي)"!
فلسطين أون لاين، 25/11/2012
غيورا أيلاند- جنرال احتياط والرئيس
الأسبق لشعبة -الاستخبارات العسكرية [أمان] ومجلس الأمن القومي
"يديعوت أحرونوت"، 25/11/2012
[كان على إسرائيل أن تلحق أضرارًا فادحة بالبنى
التحتية الوطنية في القطاع لتحقيق ردع أكبر في مقابل "حماس"]
- أعتقد أن
المؤسسة السياسية في إسرائيل كانت على حق بشأن ثلاثة أمور رئيسية تتعلق
بعملية "عمود السحاب" التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
وهذه الأمور هي: أولاً، تحديد أهداف متواضعة للعملية؛ ثانيًا، الامتناع من شن
عملية عسكرية برية؛ ثالثًا، الموافقة على وقف إطلاق النار.
- في الوقت نفسه
أعتقد أن المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل ارتكبتا خطأ عندما قررتا
أن تصنفا الأهداف التي قام سلاح الجو بقصفها ضمن مجموعتين فقط: مجموعة أهداف
عسكرية لا بُد من قصفها، ومجموعة أهداف مدنية لا يجوز قصفها. وكان يتعين على
هاتين المؤسستين أن تصنفا الأهداف ضمن ثلاث مجموعات، وأن تضيفا إلى
المجموعتين المذكورتين مجموعة أهداف ثالثة تتعلق بالبنى التحتية الوطنية، وأن
تعتبرا قصفها شرعيًا.
- لماذا أقول
ذلك؟ لأن إسرائيل لا تقاتل [في قطاع غزة] منظمات "إرهابية"، وإنما
تقاتل دولة. فمنذ حزيران/ يونيو 2007 تحوّل القطاع وإن بصورة غير مباشرة إلى
دولة. وبرأيي، يعتبر هذا الأمر أفضل بالنسبة إلى إسرائيل، سواء من حيث عامل
الردع، أو من حيث إمكان التوصل إلى اتفاقيات. وفي ضوء هذا الوضع كان من
الأجدر قصف أهداف تخدم سلطة هذه الدولة، مثل المباني الحكومية، ومحطات
الوقود، ومراكز الاتصالات، والجسور، وشبكة الكهرباء وغيرها. كما أنه كان من
الممكن توسيع نطاق عملية "عمود السحاب" من خلال شمل هذه البنى
التحتية ضمن هجمات سلاح الجو، لا من خلال شن عملية عسكرية برية.
- ولو تم ذلك
ولحق بالقطاع دمار كبير، لكان في إمكاننا بثقة عالية أن نقدّر بأن هدف ترميم
قوة الردع الإسرائيلية قد تحقق. ولا شك في أن هذا الدرس مهم في أي جولة حربية
مقبلة، ولا سيما فيما يتعلق بلبنان، ذلك بأنه إذا خضنا "حرب لبنان
الثالثة" ضد الأهداف العسكرية لحزب الله فقط، فإننا سنخسرها. بناء على
ذلك يتعين على إسرائيل أن تنظر إلى حزب الله باعتباره جزءًا من مؤسسة الدولة
اللبنانية، مثلما أن حركة "حماس" هي جزء من مؤسسة دولة غزة، وأن
تخوض الحرب ضد الدولة اللبنانية كلها.
- يستحق الجيش
الإسرائيلي الكثير من المديح على قيامه بتدمير معظم ترسانة الصواريخ الموجودة
في حيازة "حماس". مع ذلك لا بُد من القول إننا أهدرنا خلال عملية
"عمود السحاب" فرصة كبيرة لإلحاق أضرار فادحة بقدرة حركة
"حماس" على الحكم، وذلك بهدف ضمان ردع أكبر، وتحقيق أحد الأهداف
الرئيسية لهذه العملية.
موشيه أرينز، عضو
كنيست سابق عن الليكود-"هآرتس"،
26/11/2012
[عملية "عمود
السحاب" لم تحقق هدفها في تدمير
المخزون الصاورخي "لحماس"]
- إذا كان هدف عملية "عمود السحاب" تخليص سكان الجنوب من خطر
الصواريخ التي يطلقهاعليهم المخربون في قطاع غزة، فإن العملية لم تحقق هذا
الهدف. فالراهن اليوم في إثر التوصل إلى وقف إطلاق النار، أن السكان في جنوب
إسرائيل ما زالوا عرضة لخطر هذه الصواريخ كما كانوا سابقاً. وقد أظهرت العملية العسكرية
الأخيرة أن هذه الصواريخ تهدد تل أبيب أيضاً، وأن نصف دولة إسرائيل واقع في
مرمى الصواريخ التي تنطلق من القطاع. ويجب أن نكون شديدي التفاؤل كي نصدق بأن
الضربة التي وجهتها إسرائيل إلى "حماس" و"الجهاد
الإسلامي" وسائر التنظيمات ستجعلهم يحجمون عن اطلاق صواريخهم مجدداً في
اتجاهها.
- لقد كان هدف العملية كما حدده رئيس الحكومة هدفاً متواضعاً، وبسببه
حظيت الحكومة على الثناء من أكثر من طرف على موقفها المسؤول ولأنها لم تعلن
عن اي هدف لا تستطيع تنفيذه، وبدا أن تحديد أهداف متواضعة للعملية الأخيرة جاء
نتيجة دروس الماضي. من هنا فقد أعلنت الحكومة أن هدف العملية العسكرية تغيير
الوضع الأمني، واعادة الهدوء إلى الجنوب، ووقف اطلاق الصواريخ. والسؤال الذي
نطرحه هل فعلاً تغير الوضع الأمني بعد الانتهاء من العملية؟
- قد يكون صحيحاً أن مخزون الصواريخ في القطاع قد انخفض بصورة كبيرة،
لكن انخفض أيضاً مخزون الصواريخ التابعة "للقبة الحديدية"، وليس
هناك أدنى شك في أن المخزونين سيمتلآن خلال وقت قصير. ومن الصحيح أيضاً أن
القوة البشرية في التنظيمات الارهابية قد تقلت ضربات قاسية من الجو، لكن ليس
هناك مشكلة لهذه القوة البشرية في ايجاد بديل لخسائرها، كما أنه من الممكن
اعادة بناء البنية التحتية للارهاب التي تضررت، ولن يمر وقت قليل حتى يصبح من
الصعب ملاحظة التغيير الذي احدثته عملية "عمود السحاب" على الوضع
الأمني بالمقارنة مع الماضي.
- أما فيما يتعلق بالردع، فهل يمكننا الافتراض بأن ثمانية أيام من اطلاق
الصواريخ على إسرائيل ومن القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف على غزة، ستجعل
المخربين يستنتجون بأنه من الأفضل ألا يفعلوا ذلك من جديد؟ وهل سيستطيع
الرئيس المصري محمد مرسي اجبار هؤلاء على التخلي عن قصف السكان المدنيين في
إسرائيل بالصواريخ؟ وهل سيحظى سكان إسرائيل بعد هذه العملية بعدة أعوام من
الهدوء؟ وهل صحيح بأنه لم يكن هناك بديل للتوسط مع "حماس" غير
وساطة الرئيس المصري محمد مرسي الحليف الإيديولوجي للحركة؟ من الصعب تصديق
ذلك، مما يعني أن العملية لم تغير الوضع الأمني تغييراً مهماً.
لقد كان يتطلب احداث
تغيير فعلي للوضع الأمني في جنوب إسرائيل تدمير مخزون الصواريخ في غزة والمنشآت
التي تصنعها، وغلق كل الطرق عبر سيناء التي بواسطتها يجري تجديد هذا المخزون.
ونظراً لصغر مساحة القطاع فليس من المفترض أن تكون هذه بالمهمة الصعبة بالنسبة
للجيش الإسرائيلي، لكن في الوقت نفسه لم يكن في الامكان أن يتحقق ذلك من خلال
القصف الجوي فقط، من هنا فقد كان ضرورياً ادخال قوات برية إلى القطاع، من دون أن
يتطلب ذلك بقاء هذه القوات لمدة طويلة هناك، ومن دون أن تكون هناك حاجة إلى اسقاط
سلطة "حماس"، فقد كان المطلوب تدمير مخزونها الصاروخي فقط. صحيح أن مثل
هذه العملية قد تؤدي إلى وقوع خسائر، لكن حان الوقت لأن يقف الجنود بدلاً من
السكان المدنيين على خط الجبهة
0 comments: