Saturday, November 24, 2012


حسابات الربح والخسارة لعملية "عامود السحاب" ترجح الكفة الاميركية - الايرانية

الجمعة 23 تشرين الثاني 2012،    أنطوان الحايك - مقالات النشرة
ما ان إنتهت عملية "عامود السحاب" التي شنها الجيش الاسرائيلي على  قطاع غزة باتفاق على وقف اطلاق النار حتى بادر المعنيون بالأمر إلى الشروع بحسابات الربح والخسارة، كما بادر الأمنيون من الفريقين إلى تشريح الموقف الميداني لاستخلاص نقاط القوة والضعف لدى كل منهما. فالواضح حتى الآن أن اتفاق التهدئة جاء وفق تطلعات حركة "حماس" ومصلحتها، باعتباره يضم بنداً يقضي بتخفيف الحصار عن القطاع وفتح المعابر أمام الحاجات الضرورية والمواد الغذائية والطبية، وآخر ينص على وقف عمليات الإغتيال المنظمة بحق قياديي الحركات المقاومة. فيما خسرت اسرائيل هيبة جيشها من خلال سقوط مقولة القدرة الاسرائيلية على الردع  بعد فشل منظومة القبة الحديدية أو الدرع الصاروخي في حماية الأمن الاستراتيجي للعمق الاسرائيلي.
ومن ناجية أخرى، بدا أن واشنطن التي تتحضر لابرام صفقة كبرى مع موسكو من خلال اعادة هيكلة الادارة الجديدة باستبدال الحمائم بالصقور، على حد تعبير مصدر أممي واسع الاطلاع،  كانت الأكثر حماسة إلى احتساب الربح والخسارة لكل من الحكومة الاسرائيلية ورئيسها بنيامين نتانياهو، ومحور المقاومة برمته، فصحيح أن سوريا خسرت الورقة الفلسطينية الرابحة بعد خروج قيادة حركة "حماس" من حضنها السياسي، والصحيح ايضاً أن احداً لم يستعيد الورقة المفقودة  بعد، بل جاءت خسارتها لمصلحة حركات المقاومة الرديفة لحركة "حماس"، والتي ثبت أنها في صميم عمل الحاضنة الايرانية ومنظومتها الخارجية. غير أن الاصح يبقى في خسارة نتانياهو لمعركته ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدما بات عاجزاً عن الضغط باتجاه إرغام واشنطن على القيام بعمل عسكري ضد ايران الداخلة بقوة إلى نادي كبار اللاعبين على الساحة الاقليمية.
في حسابات الربح، يعتبر الخبراء أن" مصر الإخوان" إستعادت دورها كلاعب أقليمي مؤثر، فواقع أنها كانت تفاوض بلسان واشنطن لا يلغي أنها ضغطت باتجاه ترتيب وقف إطلاق نار يفي الجانب الفلسطيني بعضاً من حقوقه، ويعطيه أوراقاً سياسية يمكن التأسيس عليها لابرام هدنة سياسية وعسكرية طويلة الأمد قد تستمر لعقود يحتاجها الجميع لاعادة جدولة سلم الأولويات بعد أن ثبت أن الأمن الاستراتيجي للدول الاقليمية دخل في دائرة التهديد المباشر بعد سقوط الخطوط الحمراء.
ولا يخفي هؤلاء أن الربح طاول بشكل كبير ايران وأذرعتها المنتشرة حول دول الطوق، خصوصا بعد أن تحول صاروخ "فجر خمسة" الإيراني الصنع  إلى نجم المعركة الغزاوية من دون منازع، فضلا عن ربح يفوقه قيمة سياسية ومعنوية الا هو الدفع بالدول المعروفة بعرب الاعتدال إلى البحث جدياً عن الخلل الذي سمح لطهران بادخال هذا الكم من الصواريخ إلى غزة بالرغم من الحصار الاسرائيلي والمصري على حد سواء. وتالياً قدرتها على اللعب بالأمن الاستراتيجي لهذه الدول من خلال خلاياها النائمة بانتظار الوقت المناسب، والفائدة الأكبر هي في إرغام اسرائيل وواشنطن على التفكير ملياً قبل الإقدام على أي عمل عسكري ضد ايران خوفاً من المفاجآت على غرار تلك التي طبعت معارك غزة.
وفي ظل هذه الحسابات المبدئية القابلة لمزيد من التعمق والتمحيص، يشير متصلون بالعاصمة الأميركية إلى أن حكومة نتانياهو دخلت مرحلة الخطر الشديد على ابواب الانتخابات بعد أن فشلت بتحقيق أي هدف استراتيجي من كل هذه المعمعة، بل على العكس تماما فانها ساعدت على كشف نقاط الضعف الاسرائيلية في هذه اللحظة الاقليمية البالغة الدقة.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: