Tuesday, January 29, 2013


قمّة أوباما - بوتين: تعبيد الطريق أمام التسويات
الإثنين 28 كانون الثاني 2013، جوني منير - "الجمهورية"




فيما يحضّر الرئيس الاميركي باراك أوباما للقاء - القمّة الذي سيجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر المقبل، حيث من المفترض ان يجري فتح الملفات الشائكة بين البلدين، والتي تشمل القضايا المعقدة والمصالح المتضاربة، بدءاً من العمق الاوروبي والدرع الصاروخي وأسواق الغاز الروسي والقواعد العسكرية الاميركية في الجمهوريات الجنوبية لروسيا، والملف التركي المتشعّب، والحرب الدائرة في سوريا، وبطبيعة الحال التمَدد الايراني في الشرق الاوسط والواصل الى تخوم منابع النفط، كان التورّط العسكري الفرنسي في افريقيا يُراكِم المصاعب التي تواجه المصالح الاميركية في العالم، ويرفع مستوى المواجهة مع القاعدة في القارة السوداء التي تختزن ثروة طبيعية هائلة في باطنها ونسبة فقر قياسية بين سكانها، ما يشكّل بيئة مثالية لتغلغل التيارات المتطرفة والارهابية، الأمر الذي سيصعّب على واشنطن طموحها، لا بل جموحها، للسيطرة على الكنوز الافريقية.

وينطلق أوباما للقاء بوتين وعَينه على "الربيع العربي" الذي هزّ استقرار مصر او القاعدة الاستراتيجية لواشنطن في الشرق الاوسط وافريقيا، والذي انفجر في ليبيا وأصاب بشظاياه الانظمة المهترئة في افريقيا حيث سقطت الحدود بين الدول وأضحَت ليبيا مستودع السلاح لكلّ انواع التنظيمات الاسلامية المتشددة.

وبَدا ذلك بوضوح في آخر شهادة لهيلاري كلينتون بصفتها وزيرة لخارجية بلدها، وكان إنذارها واضحا بضرورة اعادة الحسابات الاميركية ممّا يجري في البلدان العربية.

وعلى رغم "الذعر" الفرنسي من مواجهة المتشددين الاسلاميين خشية وصول الصراع الى الاراضي الفرنسية، وهو ما تطلب اتخاذ السلطات الفرنسية إجراءات أمنية استثنائية على مستوى الامن الداخلي، الّا انه كان لا بدّ لباريس من إنزال قوّاتها في مالي حيث المصالح كبيرة لناحية مخزون اليورانيوم والاحتياطي الهائل للغاز الطبيعي، إضافة الى معادن اخرى، خصوصاً انّ فرنسا تعتمد بنسبة 80 في المئة من إنتاج طاقتها الكهربائية على المفاعلات النووية.

لكن هذا التورّط العسكري، وعلى عكس المواقف المُعلنة، لم يَلق موافقة اوروبية واميركية لدرجة انّ الدعم الحاصل لفرنسا انما يأتي من باب رفع العتب.

والذريعة الرسمية للبيت الابيض بأنّ هذا التدخل المباشر سيحَفّز مشاعر الكراهية ضد الغربيين، وسيؤدي الى شَنّ هجمات ارهابية ضد المصالح الغربية كما حصل في الجزائر، الّا انّ الاعتقاد السائد هو انّ واشنطن التي وضعت افريقيا في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة أولوياتها الخارجية، انما تريد الاستيلاء على هذه الثروات الطبيعية.

لكنها ايضا شعرت بالقلق الكبير لتحرّك القاعدة في الجزائر، حيث تَرَأس المجموعة شخص يحمل الجنسية الكندية. وهي تدرك جيداً انّ القاعدة ركّزت خلال الاعوام الماضية على تجنيد عناصر لها من الدول الـ 36 التي لا يحتاج مواطنوها الى "فيزا" للدخول الى اراضيها.

لكنّ الاهم ما ورد اليها من معلومات حول دخول ايراني على الخط لإثارة المزيد من المشاكل بوَجه المصالح الغربية في افريقيا، بُغية تخفيف الضغط الحاصل في الشرق الاوسط.

لذلك، لا بد ان يحوز الملف الايراني جانباً واسعاً من المحادثات الاميركية - الروسية، ولكن وفق السياسة التي يقترحها جون كيري بهدف استيعاب ايران من خلال ازدواجية تشديد العقوبات عليها وفتح ابواب التفاوض في آن معاً.

ومن المفترض ان يَسبق القمة الاميركية - الروسية لقاء بين وزيري خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف للتمهيد جيداً للقمة، على ان يقوم كيري بعدها بجولة على بعض بلدان الشرق الاوسط ستكون الاولى له كوزير للخارجية.

وصحيح انه جرى الاعلان بشكل غير رسمي عن محطات زيارته، من دون ان تشمل لبنان، الّا ان مصادر ديبلوماسية غربية رجّحت ان يزور كيري بيروت لبضع ساعات يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين، وانّ سبب عدم الإعلان مسبقاً عن الزيارة يعود لأسباب امنية.

المهم ان كيري، الذي يستعد لتطبيق سياسة الضغط والاحتواء تجاه ايران، سيعمل على التمهيد كذلك من خلال الإمساك بالمفتاح السحري لكلّ ازمات المنطقة، أي الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني. وحسب مصادر معينة فإنه سيعمل على اعادة تنشيط المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، وإنجاز تقدّم ملموس على صعيد فكرة قيام الدولتين، قبل ان يلقي بكلّ ثقله في مجال التفاوض مع طهران.

وفيما تستمر الاوساط الديبلوماسية المعنية بإطلاق توقعات متفائلة حول هذا المسار، لا بدّ من رصد ساحتين تشكلان اختبارا مسبقا وواضحا لما ستؤول اليه الامور: لبنان وسوريا.

ففي لبنان ازمة سياسية حادة تتمحور ظاهراً حول قانون الانتخابات، فيما الحقيقة انها تتعلق بالمرحلة اللاحقة واتجاهات الصراع الداخلي الذي يشكّل وجهاً من اوجه المواجهة الاقليمية.

وفيما بَدت زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي السعودية، ولقائه كبار المسؤولين فيها، إشارة إيجابية مهمة في هذا الاطار، توقعت مصادر مطلعة حصول تطورات ايجابية لاحقاً على مستوى أزمة قانون الانتخابات، ما يؤدي الى تبريد الساحة اللبنانية وضمان المرحلة اللاحقة، على رغم انّ المعطيات الحالية تعطي صورة قاتمة وأفقا مسدوداً.

أما على مستوى الساحة السورية فلا بدّ من ملاحظة حرية الحركة التي بدأ الرئيس السوري بانتهاجها، لا سيما لناحية نَقل نشاطاته مباشرة على الهواء (خطاب الاوبرا واحتفال المولد النبوي الشريف)، في موازاة ما حكي عن حصول لقاءين سوري- سعودي في الاردن، ولَو حول نقاط محددة.

ويأتي ذلك في موازاة تصاعد الاعتقاد في الغرب حول التيارات المتطرفة الموجودة في المعارضة السورية، إضافة الى فشل هذه المعارضة في تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة بسبب الخلافات الداخلية العاصفة.

وفي هذا الإطار أشارت معلومات الى انّ السلطات السورية تلقّت عبر مرفأ طرطوس أسلحة جديدة من روسيا تتمثّل بدبابات صغيرة الحجم تصلح لحرب الشوارع، إضافة الى ذخائر وصواريخ للطائرات.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: