Thursday, January 17, 2013


من يرشح أوباما للخارجية و الدفاع ؟










خاص – من واشنطن 


ترشيحات اوباما المرتقبة لمنصب وزيري الخارجية والدفاع ستعطي مؤشرا على نواياه المقبلة لادارة عدة ملفات سياسية على نطاق العالم اجمع، تشمل الاوضاع الملتهبة في الشرق الاوسط والمواجهة بين ايران والدول الغربية وجهود انهاء الحرب في افغانستان.

حتى اللحظة، فان الاوفر حظا من المرشحين لمنصب وزير الخارجية هو السيناتور جون كيري، و تشك هيغل عن الحزب الجمهوري لوزارة الدفاع، على الارجح.

هيغل، الذي لم يجر ترشيحه رسميا للمنصب، هو احد رؤساء المجلس الاستشاري لشؤون الاستخبارات التابع مباشرة للرئيس اوباما، ويحسب على معسكر الاعتدال. اختيار هيغل سيوفر للرئيس ارضية افضل للعمل والمناورة مع قيادات الحزب الجمهوري، لا سيما في الملفات الحرجة وحادة الاستقطاب المتمثلة في نظام الضرائب والانفاق الحكومي، التي ينبغي التوصل لحل سريع لها قبل انقضاء العام الجاري لتفادي "السقوط في الهاوية المالية."

اختيار هيغل ايضا يعد استمرارا لتقليد رئاسي بتعيين شخصية سياسية من الحزب الجمهوري لوزارة الدفاع منذ ولاية الرئيس الاسبق بيل كلينتون، الذي عين السيناتور الجمهوري وليام كوهين لتولي وزارة الدفاع؛ كما ان اوباما احتفظ بالجمهوري روبرت غيتس من عهد سلفه جورج بوش الابن لبعض الزمن في ولايته الرئاسية الاولى.

ينظر البعض الى ان ترشيح هيغل يرمي لطمأنة قادة الحزب الجمهوري بصدق نوايا الرئيس اوباما للعمل والتعاون معهم، حتى لو لم يكتمل السياق الرسمي للترشيح. ومن بين المرشحين الاخرين لمنصب وزير الدفاع المسؤولة السابقة في البنتاغون، ميشيل فلورنوي، ونائب وزير الدفاع آشتون كارتر.

العلاقة بين هيغل وجون ماكين شهدت التصاقا وثيقا بينهما في البداية ابان حملة الاخير الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2000، وكان هيغل احد رؤساء الحملة الانتخابية لماكين. موقف هيغل الرافض للحرب على العراق، 2003، شكل احد المزايا التي دفعت الرئيس اوباما اختياره، لا سيما وان مناهضة هيغل للحرب المذكورة دفعت به الى الواجهة السياسية بقوة.

يتحلى هيغل بسجل سياسي عريق، اذ امضى فترتي تمثيل لولايته نبراسكا في مجلس الشيوخ وغادره عام 2008 ليتفرغ للتدريس الجامعي في جامعة جورج تاون، فضلا عن خدمته العسكرية في فييتنام ابان الحرب الاميركية عليها في ستينيات القرن المنصرم.

كان هيغل من ابرز منتقدي سياسة حزبه الجمهوري منذ استقالتة من الكونغرس. اذ قال في مقابلة صحفية مع "فاينانشال تايمز" اللندنية، 2011، انه مصاب "بالغثيان والاشمئزاز من التصرفات غير المسؤولة" لقادة الحزب الجمهوري اثناء بحث السقف الاعلى للمديونية الاميركية.

هيغل بمواقفه البراغماتية المعروفة لسنوات عدة كان يبتعد عن الحزب الجمهوري، ولم تعد سرا رغبته في تولي حقيبة وزارية في ولاية الرئيس اوباما الثانية. اذ رافق الاخير في زيارته للعراق عام 2008 ابان ترشيحه لمنصب الرئيس، بل اوضح انه ميال للانضمام للحزب الديموقراطي، فضلا عن عضويته في اللجنة الاستشارية للأمن القومي منذ عام 2009. كما افصح عن دعمه للمرشح الديموقراطي لولاية بنسلفانيا، جو سيستاك، امام خصمه الجمهوري بات تومي في الانتخابات النصفية لعام 2010؛ ايضا، دعم مرشح ولاية نبراسكا الديموقراطي بوب كيري امام خصمه ديبي فيشر في الانتخابات الماضية.

تبلورت مواقف هيغل المتباينة عن موقف الحزب الجمهوري في سنواته الاخيرة في مجلس الشيوخ. اذ بالتماثل مع السيناتور آنذاك باراك اوباما، عارض تصعيد الحرب في العراق بضخ قوات عسكرية اضافية في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وسبق ان صوت لصالح قرار شن الحرب على العراق يوم 11 تشرين الأول/ اكتوبر 2002، وما لبث ان تخلى عن قراره. كما انفرد من بين اقرانه الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ بالتصويت لجانب جو بايدن ضد ضخ قوات اضافية للعراق.

انتقادات هيغل الواضحة لسياسات الحزب الجمهوري ولدت له متاعب اضافية وتعقيد حظوظه في الترشيح لمنصب وزاري. اذ درجت العادة تعامل مجلس الشيوخ برفق عند النظر في ترشيح زملاء سابقين لهم الشيوخ لمناصب وزارية والتصويت لصالحهم. الا ان الامر لا يبدو كذلك في حال تشك هيغل.

سياسة "اسرائيل" ومواقف هيغل المتباينة معها شكلت ارضية السواد الاعظم لمعارضي ترشيحه، بل مضى المحافظون الجدد لاتهامه بـ "معاداة السامية." اذ رفض هيغل دعم السياسات العدوانية والغارات الاسرائيلية ضد المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية، لا سيما خلال الانتفاضة الثانية عام 2000. وشرع هيغل في الدفاع الجريء عن مواقفه في مقابلة صحفية اجراها عام 2008، اذ قال نفوذ "اللوبي اليهودي يخيف عددا كبيرا من الساسة هنا (في واشنطن)." كما رفض هيغل الانضمام لعريضة جمعت توقيعات نحو 88 من اقرانه الشيوخ لمطالبة الاتحاد الاوروبي ادراج حزب الله رسميا على قائمة المنظمات الارهابية؛ والتي من شانها الاسهام في تجفيف منابع الدعم المالي له. كما انتقد تضخم الجهاز البيروقراطي لوزارة الخارجية الاميركية.

في الجانب الآخر، لا تتطابق وجهتي نظر هيغل مع الرئيس اوباما في شؤون الامن القومي، بل قد تصطدم مواقفهما حياله. ففي الشأن الايراني وتخصيب اليورانيوم، على سبيل المثال، دعا الرئيس اوباما الى اتخاذ عقوبات "تعطل وتشلّ" الاقتصاد الايراني والاصرار على ابقاء كافة الخيارت مطروحة على الطاولة. بالمقابل، حث السيناتور هيغل الرئيس السابق جورج بوش الابن الدخول في مفاوضات "غير مشروطة" مع ايران، فضلا عن اتساق استمرار ادلائه بصوته المعارض لانزال العقوبات. كما حذر هيغل من مغبة اي عدوان تشنه الولايات المتحدة على ايران بصرف النظر عن المدى الذي وصل اليه برنامج سلاحها النووي.

بناء على ما تقدم، فان مستقبل ترشيح الرئيس اوباما لهيغل لمنصب وزير الدفاع يلفه الغموض، خاصة وان الاول لم يقدم على طرح الترشيح بشكل رسمي، فضلا عن ان عددا من الساسة الجمهوريين قد احجم عن الادلاء برأيه لحين عقد جلسات المواجهة والمسائلة. وقد يتوصل هؤلاء الى نتيجة مفادها ان هيغل هو الافضل من بين المرشحين الاخرين لتولي حقيبة الدفاع، الامر الذي دفع البعض للمضي باعتبار نجاحه امرا مفروغ منه.

جون كيري:

لم يخف جون كيري طموحه بتولي منصب وزير الخارجية فور اعلان هيلاري كلينتون عن نيتها التخلي عن منصبها عقب اعادة ترشيح الرئيس اوباما لولاية رئاسية ثانية. ويمتلك كيري كافة المواصفات والخبرة العملية المطلوبة لتبوأ المنصب، نظرا لرئاسته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ فضلا عن خبرته الطويلة في الشؤون الخارجية. ونظرا لمكانته الراهنة كممثل في مجلس الشيوخ، فمن المتوقع ان يلقى مناخا داعما لتوليه المنصب من بين اقرانه الشيوخ.

ينتمي كيري الى المدرسة البراغماتية في السياسة والدعوة لاشراك الاطراف الاخرى. ولفت النظر مبكرا الى عوامل "الامتحان العالمي" التي ينبغي توفرها في مكونات السياسات الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة، اثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 2004.

اشتهر كيري بانقلابه على مواقفه السابقة في مجال السياسة الخارجية، اذ شنت عليه يومية وول ستريت جورنال حملة قاسية العام الماضي قائلة "من ابرز الداعمين للرئيس الاسد في واشنطن يبرز جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. اذ عقد المرشح الرئاسي السابق بضع جلسات للتفاوض مع الرئيس الاسد في السنوات الاخيرة، وذلك استنادا الى طاقمه الاداري. وسعى الرجلين لترسيم شروط استئناف المفاوضات السلمية على المسار السوري – الاسرائيلي. حتى اثناء الشهور الاولى لاحداث سورية، بينما تجتاحها الاحتجاجات، ذكر كيري انه يعتقد ان "الرئيس السوري بامكانه لعب دور في عملية التغيير." في الفترة الراهنة، يطالب كيري بتقديم الدعم الاميركي للمتمردين بغية انهاء "عصر الاسد الارهابي."

كما تقلب كيري في مواقفه ناحية الحرب على العراق، اذ صوت لصالح قرار الحرب على العراق مدعيا لاحقا انه انما فعل ذلك من اجل التهديد باستخدام القوة، وليس لتفويض استخدام القوة حقا. كما أيّد بداية قرار تمويل الحرب على العراق اواخر عام 2003 وما لبث ان عارض القرار عينه، مما دفعه لتبرير ملتبس لموقفه حين قال "لقد صوتّ لصالح قرار التمويل بمبلغ 87 مليار دولار قبل ان اصوت ضده."



لا يخفى المام كيري الواسع بتعقيدات السياسة الخارجية، كما ان مواقفه عرضة "للتأرجح" والميل باتجاه الرياح السياسية القادمة. ومن المتوقع ان يوكل اوباما لكيري مهمة السفر المتواصل وزيارة العواصم العالمية عوضا عن اشراكه بشكل فاعل في ترسيم سياسة الامن القومي.

مركز الدراسات الأميركية والعربية
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: