قبرص تساعد في النزاع البحري بين إسرائيل ولبنان
الكاتب: سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد
واشنطن./ 10 كانون الثاني/يناير 2013
المصدر: معهد واشنطن
قد تُشكل المحادثات التي جرت في بيروت بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان
والرئيس القبرصي ديميتريس كريستوفياس نقطة تحول في النزاع الحدودي البحري الذي
تسبب في توتر العلاقات بين البلدين طيلة سنوات عديدة. بيد أن القضايا معقدة، ولم
يقدم سليمان سوى كلمات حذرة عقب اللقاء حيث قال: "إننا اولوينا اهتماماً
خاصاً بالنفط والغاز المتوافرين في بحرنا واتفقنا على زيادة وتيرة التنسيق للاتفاق
على مبادئ وآليات سليمة تسمح لبلدينا باستخراج هذه الثروة".
وتنبع المشكلة من اتفاقيتي الحدود البحرية الأخيرتين اللتين تفاوضت عليهما
قبرص مع لبنان في عام 2007 ومع إسرائيل في عام 2010. وتحدد هاتين الاتفاقيتين
المناطق الاقتصادية الحصرية لتلك البلدان - وهي المناطق البحرية التي يمكن لتلك
الدول أن تدّعي السيادة على احتياطياتها من النفط والغاز الطبيعي. إن الاكتشافات
الأخيرة في المياه قبالة سواحل إسرائيل والساحل الجنوبي لقبرص سوف تمد كلا البلدين
بكميات كافية من الغاز لتلبية الطلب الداخلي على مدى عقود، فضلاً عن إتاحة فائض
للتصدير. وسوف تسمح لبنان - المبتلاة باقتصاد ضعيف ونقص في الطاقة - بأعمال
التنقيب قبالة سواحلها عما قريب.
وتنص اتفاقية "الأمم المتحدة لقانون البحار" على السماح للدول
بالمطالبة بالسيادة على مساحة تمتد 200 ميلاً بحرياً من سواحلها وذلك لاستخدامها
في أغراض اقتصادية. وعندما يكون هناك بلد آخر يقع على مسافة تقل عن 400 ميلاً
بحرياً (كما هو الحال في حالة قبرص بالنسبة إلى لبنان وإسرائيل)، يُتوقع من
الحكومات أن تتفاوض على خط مقبول للطرفين. وينطبق ذلك أيضاً على البلدان ذات
الخطوط الساحلية المتاخمة مثل إسرائيل ولبنان، رغم عدم إجراء أي محادثات بين
البلدين في ضوء غياب العلاقات الدبلوماسية، وهو الوضع الذي تُفاقم من حدته حالياً
الحكومة التي يقودها «حزب الله» في بيروت. (ولم توقع إسرائيل على "اتفاقية
الأمم المتحدة لقانون البحار" ولكنها توافق على معظم مبادئها.)
والتحدي الدبلوماسي الفوري هو أن قبرص ولبنان اتفقتا على حدود بحرية تمتد
جنوباً إلى بقعة مصممة على أنها "النقطة 1"؛ ثم تفاوضت قبرص على خط مع
إسرائيل يبدأ عند "النقطة 1" ويمتد بعيداً إلى الجنوب. بيد، تشير
"اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" لمثل هذا الوضع إلى أن الحدود
البحرية لقبرص مع إسرائيل ولبنان سوف تتقاطع في نقطة متساوية البعد من البلدان
الثلاثة، والتي ستقع نحو أحد عشر ميلاً جنوب "النقطة 1". ومحصلة ذلك أن
هناك مثلث بحري يمتد على مسافة 300 ميلاً مربعاً هو محل نزاع.
وحتى الآن لا يقع أي من اكتشافات الغاز الإسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها
أو بالقرب منها، على الرغم من ادعاءات «حزب الله» على عكس ذلك. لكن هذا الوضع قد
يتغير مع استمرار أعمال التنقيب. لقد نجحت الدبلوماسية الأمريكية في وضع خطة يبدو
أنها توزع الاختلافات بين المزاعم الإسرائيلية واللبنانية بالتساوي، بيد أنه لم
يتم بعد كشف التفاصيل. ولا ينبغي لغياب العلاقات بين البلدين أن يعيق قيام اتفاق
لو قدم كليهما إقرارات متبادلة ومتزامنة إلى الأمم المتحدة بشأن خطوطهما البحرية.
بيد لم تظهر أياً من الحكومتين حماسها لاقتراح واشنطن.
ونشير في هذا السياق إلى أن زيارة كريستوفياس - وهو يساري حصل على تعليمه في
روسيا ولن يُعاد انتخابه الشهر المقبل - قد تكون بدافع القلق على إرثه وإن جزئياً.
وتواجه قبرص أزمة مالية طاحنة ولم توافق بعد على خطة الإنقاذ التي قدمها الاتحاد
الأوروبي. وتتجنب الجزيرة عادة التورط في قضايا الشرق الأوسط، إلا أن أحد عملاء
«حزب الله» ذو جنسية مزدوجة لبنانية وسويدية، يخضع حالياً للمحاكمة في قبرص
لاستهدافه المزعوم لسياح إسرائيليين هناك. وفي ضوء التحديات الأخرى المرتبطة بغاز
الشرق الأوسط - بما في ذلك رفض تركيا الاعتراف بقبرص وإدانتها للاتفاق البحري بين
قبرص وإسرائيل - فلا شك أن واشنطن تأمل في أن اللقاء الذي جرى في بيروت في 10
كانون الثاني/يناير لم يتسبب في أي ضرر.
0 comments: