Monday, April 8, 2013


حين يصنع الامن السياسة والحكومات: استراتيجية حزب لله

الإثنين 08 نيسان 2013،  أنطون الخوري حرب -
يكثر الحديث السياسي عن حكومة "المصلحة الوطنية" وهذا مرادف لمصطلحات اخرى شكلت عناوين تسميات تسووية حكومية بين فرقاء الانقسام السياسي اللبناني، كالوحدة الوطنية والوفاق الوطني، والارادة الوطنية الجامعة... وذلك منذ عهد اللاغالب واللامغلوب. وما هي الا تسميات عديدة لتسويات واحدة. ويسهب السياسيون في التشديد على اهمية هكذا حكومة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، وهذه المقولة ايضاً منذ عهد اللاغالب واللامغلوب، وحرصاً من رئيس الحكومة المكلّف على المصلحة الوطنية، اتخذت هذه الصفة تموضعها في الخطاب السياسي للسسياسيين كافة.
لكن بعيداً عن هذه الاجواء، قدّر لـ"النشرة" ان تشهد على قراءة اعترافات نخبة الفريق الاكثر قوة ونفوذاً على الساحة اللبنانية بشكل منفرد، اي حزب لله ومقاومته. فهذا الفريق لا يعير اهمية تذكر لما يتم تداوله سياسياً وحكومياً، بل ان له سلّم اولوياته الخاص الذي يتجاوز المعطيات الآنيّة الى المعطيات الاستراتيجية. ويندرج هذا السلّم ضمن مجموعة ملفات تكاد تتساوى في اهميتها. فالبنسبة الى ازمة سوريا، يضع هذا الفريق احتمال سقوط النظام في مواجهة المعارضة المسلحة وراءه، ويكشف ان المرحلة الحالية تعني الاستعداد لمواجهة وخوض معادلات ابعد من سلاح المقاومة وهدفه في لبنان، الى الواقع الاقليمي والشرق اوسطي بشكل عام، مع كل ما يحضّر وينفّذ من مشاريع فيها واختفاء كيانات وظهور اخرى، وتعديل خرائط وحدود وخلق انظمة جديدة تتشارك مشروع الفوضى العامّة في المنطقة، والتي تصفها اميركا "بالخلاّقة". وكان هذا الفريق مرتاحاً نسبياً لسياسة "النأي بالنفس" التي كانت شعار الحكومة السابقة، رغم كل الشوائب التي اكتنفتها. ولايخفي تفاعله مع الازمة السورية ويدرج قضية بلدة "القصير" الحدودية مع سوريا كبرهان. كما ي ينفي هذا الفريق تجاوز اهمية سلاح المقاومة النطاق اللبناني الى النطاق الاقليمي. فهو ضمانة للبنان في وجه اسرائيل من جهة، ومادة صمود استراتيجي في خضمّ ما تشهده المنطقة وسوريا بالتحديد.
بالنسبة للمشاركة في الحكومة الجديدة، فان تعامل هذا الفريق بمرونة مع تسمية النائب تمّام سلام لتشكيل الحكومة لا يتعارض حتى الساعة مع قرار مركزي لديه وهو الحؤول دون عودة فريق 14 آذار الى الهيمنة على القرار الحكومي من بوابة تيار المستقبل عبر رئاسة الحكومة.اما ان يقبل 14آذار بانتهاج سياسة النأي بالنفس بالنسبة لسوريا، ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة في لبنان، فان هذا امر ايجابي بنظر هذا الفريق يسهّل الامور ويرسي الاستقرار، وهذا لا يعني تفرّد 14 آذار بالتشكيل،ولا خروجها  من السلطة، وهذا يعني بدوره تعذّر تشكيل حكومة لبنانية جديدة ليراوح الوضع بين رئيس مكلّف ورئيس مع حكومة لتصريف الاعمال لفترة يصعب تقديرها الآن.
عندما تطرح صيغة حكومة ثلاثينية ثلثها للثلاثي سليمان سلام جنبلاط،والثلث الثاني ل 14آذار والثالث لـ8 آذار، فان هذا الفريق يبدي تقبّلاً للفكرة،وعندما تطرح صيغة تكنوقراط تلاثينية موزعة كما سلف، فانه يبدي ايضاً الايجابية، وحين تطرح صيغة حكومة اكثريتها لـ14آذار واكثر من ثلثها لـ8آّذار، فان الايجابية تستمر لدى هذا الفريق. المحرّمات محددة، لا لحكومة تهيمن عليها 14 آذار، ولا لحكومة دون 8آذار، ولايخفى في هذه الحال اطمئنان هذا الفريق لاعتماده على النائب وليد جنبلاط.
اما عن مصير الانتخابات النيابية فهو ليس مبتوتاً نهائياً حتى اللحظة، فلبس سرّاً ان التمسك بحكومة سياسية وفاقية، سيليه تمديد المجلس النيابي الحالي لنفسه لفترة "متوسطة" ومن المستبعد لحكومة تصريف اعمال ان تقدر على اجراء الانتخابات حتى لو طال امدها فهي غير مخوّلة اجرائها لان الانتخابان التشريعية عملية دستورية مصيرية  اكبر واهم بكثير من تصريف الاعمال.
ليس من المستغرب ان تشهد المرحلة المقبلة مساراً طويلاً قاسيا من التجاذبات حول تشكيل الحكومة ، ذلك لان للفرقاء او اللاعبين المؤثرين في اللعبة منفريدين، كلٌّ حساباته للمرحلة،وعندما تتناقض هذه الحسابات تعمّ الفوضى بسبب عجز اي فريق عن حسم الانتصار على الفريق الآخر.فممثلو الطوائف لا يحتاجون الى جهد لتمثيل طوائفهم في الحكومة، وهو حق ميثاقي دستوري يتجاوز الحكومة الى الحكم او النظام السياسي. باستثناء منقسمي التمثيل الطائفي المسيحي،المتعادلين في انقسامهم العامودي والافقي.فلا يعتدّن احد بالنسبة الساحقة من التاييد البرلماني للنائب سلام، ليبني عليها تفاؤله بالمستقبل.فالمنطقة تسير وفق استراتيجيات غير مكترثة حالياً بالمواقف اللبنانية الداخلية، لذلك فان لحظة تسمية سلام تلازمت مع لحظة انشغال اقليمي ودولي بملفات اخرى،لكن المنطقة باسرها مضطربة.


Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: