ماذا ينبغي أن ندعم الثوار في سوريا؟
بقلم: موشيه ماعوز*
موقف اسرائيل بالنسبة للحرب الأهلية النازفة في سوريا بقي مشوشا. بعض من مسؤولي الحكومة والجيش يهددون سوريا باعمال رد عسكرية قاسية اذا واصلت اطلاق النار من سلاح خفيف ضد أهداف في الجولان. آخرون، وبينهم على ما يبدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايضا، يلمحون أو يسربون بان علينا ان نتمنى انتصار بشار الأسد، لأنه برأيهم هو "الشيطان المعروف" الذي لا يزال يسيطر على جيشه ومخزونات السلاح الكيميائي، برغماتي في موقفه من اسرائيل، ومقبول كشريك للتسوية السياسية. وبتقديرهم، بديل الأسد هم مسلمون متطرفون كرجال القاعدة من كارهي اسرائيل الواضحين، ممن سيعرضوننا للخطر بشكل متطرف.
ويوجد مسؤولون يفضلون ان تستمر الحرب الأهلية مع القتل المتبادل وانقسام سوريا الى مناطق مستقبلية ذات حكم ذاتي للعلويين، الدروز والأكراد. وبرأيهم، حذار على اسرائيل أن تتدخل في هذه الحرب او ان تتمنى انعدام أو تفكك سوريا.
من الصعب تقدير التطورات في سوريا، لكن يحتمل أن يكون ممكنا التأثير عليها انطلاقا من الحرص على المصالح الاستراتيجية، الاقليمية والعالمية لاسرائيل، والحساسية الانسانية الجارية خلف حدودنا الشمالية، لأنه كيف يمكن لدولة اليهود أن تقف جانبا عندما يواصل الأسد ذبح شعبه (80 – 90 ألف نسمة قتلوا حتى الآن)؟.
من الجانب الاقليمي، نظام الأسد هو الحلقة الضعيفة في محور الشر المتطرف – الشيعي بقيادة ايران (وبمشاركة حزب الله). هذا هو عدونا الأخطر، وكذا لدول اسلامية سنية مثل تركيا، السعودية، الأردن وبعض دول الخليج. ومثل هذه الدول، على حكومة اسرائيل أن تعرب علنا عن تأييدها لـ "الجيش السوري الحر"، وللقيادة المدنية للتيار المركزي للثوار المسلمين، علمانيين ومتدينين (بمن فيهم الاخوان المسلمون)، الذين سيكون معهم ايضا ممكنا اجراء مفاوضات عند وصولهم الى الحكم. هكذا تلمح اسرائيل للثوار السنة وللدول السنية بأنها ترغب في الارتباط في حلف استراتيجي اقليمي يعمل على اسقاط نظام الأسد ويضعف ايران وحزب الله ايضا.
لكن من أجل المضي في هذا الحلف قدما على اسرائيل أن تقبل مبادئ مبادرة السلام للجامعة العربية من العام 2002، التي اقرت مؤخرا بصيغة اكثر اعتدالا وتحظى بتأييد اغلبية الدول السنية. مثل هذه الخطوة كفيلة بان تساعد في انخراط اسرائيل في منظومة استراتيجية اقليمية جديدة، برعاية الولايات المتحدة.
الحقيقة هي أن الجيش السوري الحر ليس متبلورا وقويا بما فيه الكفاية، القيادة المدنية للثوار لا تزال منقسمة، وفي اوساط الثوار ايضا مقاتلون من القاعدة وجماعات سلفية متطرفة اخرى. لكن رغم الدافعية والايديولوجيا الراديكالية لهذه المجموعات، فانها تعد بضعة آلاف من المقاتلين، معظمهم ليسوا سوريين وهم لا يمثلون التيار المركزي للسكان المسلمين السنة في سوريا.
في جهد مشترك ومنهاجي لتركيا، السعودية، قطر والأردن، وبمساعدة مكثفة من الولايات المتحدة والناتو، سيكون ممكنا تعزيز وبلورة الجيش السوري الحر (الذي يعد نحو 50 ألف مقاتلا اليوم)، لخلق مناطق فصل واسعة داخل الحدود الشمالية لسوريا ومنع نشاط سلاح الجو السوري في هذه المنطقة. واضح أن ايران وروسيا ستعارضان خطوات عربية – غربية كهذه، وستواصل دعم حكم الأسد وصد نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. المؤتمر الدولي في هذا الموضوع (الذي كان يفترض أن يعقد في بداية الشهر)، لن يحل المشكلة بل سيطيل فقط أيام الأسد في الحكم.
مثلما في كوسوفو، على الناتو والولايات المتحدة أن يتخذا سياسة التدخل العسكري لمنع ذبح المواطنين، قطع الحلف بين الأسد وايران ومساعدة ممثلي الأغلبية الاسلامية السنية (70 في المئة) على الاستيلاء على الحكم في دمشق. على اسرائيل بالطبع ألا تكون متدخلة مباشرة من ناحية عسكرية في سوريا، لكن يمكنها أن تساعد سرا في المعلومات الاستخبارية الدقيقة عن المنظومة العسكرية للأسد، وكذا توسع المساعدة الانسانية للاجئين والمصابين السوريين. كم أن اسرائيل ملزمة بان تستغل علاقاتها الطيبة مع الولايات المتحدة كي تحركها نحو منح رعاية عسكرية استراتيجية للثوار.
-
* بروفيسور خبير في الشؤون السورية
المصدر:
هآرتس
0 comments: