Friday, July 12, 2013

جيش إسرائيلي مختلف عمّا عرفناه

جيش إسرائيلي مختلف عمّا عرفناه


بقلم: اليكس فيشمان
قبل أن يقر وزراء المجلس الوزاري الخطة متعددة السنوات الجديدة للجيش الإسرائيلي عليهم أن يفهموا بأنهم لا يوقعون على خطة أخرى للتقليصات في الجيش. ومع أن الحديث لا يدور عن فكرة اخرى تتعلق بـ "جيش صغير وذكي" – المفهوم الذي يطيب لرجال الجيش أن يتباهوا به – ولكن بالمقابل لا يدور الحديث ايضا عن مناورة تضليل وتخويف اخرى، كما يطيب لرجال المالية أن يقولوا. فخلف الارقام، الرسوم البيانية، والمليارات يعرض رئيس الاركان غانتس جيشا سيكون له مفهوم استخدام مختلف تماما عن ذاك الذي عرفناه حتى الان – وهذه خطوة جريئة، ثورية وذات مغزى أكثر بكثير من الثقب الذي في القرش.
يعمل رئيس الاركان على هذه الخطة منذ سنتين، بحيث إن مفهوم الاستخدام هذا لم يولد من الاضطرار الذي تفرضه الميزانية الجديدة. في جوهرها، تذكرنا الخطة جدا بالعقيدة التي استخدمها الأميركيون في حرب الخليج الثانية تحت عنوان "الصدمة والرعب"، مع التعديلات اللازمة على شروط ساحتنا: استخدام قوة قصوى من اللحظة الاولى للمعركة لغرض إبادة الاهداف من الجو، من البحر، ومن البر، بوساطة السلاح الدقيق، ولاحقا مناورة برية سريعة وبقوة قصوى لتحقيق الحسم في غضون فترة زمنية قصيرة.
لقد أصدر غانتس التعليمات: البعد الزمني حرج ويجب تقصير مدة المعركة لان الجبهة الداخلية تدفع ثمنا باهظا. مفهوم الاستخدام الجديد يعرض انتقالا سريعا من وضع النشاط الامني الجاري الى الحرب، بالتوازي مع حشد القوات المناورة وتفعيل عقيدة "الصدمة والرعب" حتى تحقيق أهداف المعركة في غضون أيام قليلة.
من أجل تحقيق مفهوم الاستخدام هذا يطالب الجيش بتأهيل قوات خاصة مختلفة للمهام المختلفة. على اساس الجيش البري – الذي سيقلص – سيبني الجيش الإسرائيلي ثلاثة أنواع من الفرق: فرق تعنى بحماية الجبهات المختلفة، فرق تكون جزءاً من المخزون في القيادات، وفرق خفيفة تكون قادرة على تنفيذ المناورات داخل أراضي العدو، بشكل متوازن في عدة جبهات. إضافة الى ذلك سيعطى الى جانب كل هذا وزن كبير لتطوير قدرات القوات الخاصة.
لن يكون مفر أمام الجيش. حتى لو لم تكن لديه مشكلة ميزانية، فانه ملزم بتغيير مفهوم الاستخدام ومبناه كي يكيف نفسه مع التهديدات الجديدة في الساحة. وحسب التقديرات فان لديه نافذة فرص من سنتين على الاقل – في ضوء الازمة في العالم العربي – كي يبدأ في تنفيذ هذه التغييرات دون أن يأخذ مخاطرة اكبر مما ينبغي وبشكل يتسبب له بان يظهر بانه غير جاهز للمواجهة. إن لم يكن غانتس، فان رئيس الاركان التالي سيكون ملزماً بعمل ذلك.
في إطار مفهوم الاستخدام الجديد يصبح الجيش البري اصغر ويتخلى عن تلك القوات المدرعة القديمة التي لن تنجو في ميدان المعركة في الغد. بالمقابل، فان التعويض عن التخفيض في الكمية يجب أن تأتي في نوعية الدبابات والتكنولوجيات التي ستكون تحت تصرف الجيش البري. لن تنتج ما يكفي من الدبابات الجديدة؟ الجيش البري سيبقى مجرد جيش صغير، وحتى غير ذكي. الجيش يمكنه أن يسمح لنفسه بان يتخلى عن جزء من المنصات الارضية والجوية، وذلك لان المعلومات الاستخبارية والتنصت المتقدم الذي في حوزته توفر قدرا اكبر من المعطيات الدقيقة على قدر اكبر من الاهداف لقدر اكبر من الوسائل القتالية. وهذا يكون بوسعه، بوساطة النار الدقيقة، ان ينفذ ابادة بحجم لم نعرفها من قبل: ما تفعله اليوم رباعية واحدة في الهواء لم يفعله قبل ثلاثين سنة سرب كامل.
يدعي الجيش بانه في ضوء التقليص الواسع في حجوم القوة فانه يحتاج الى وسائل قتالية ومنظومات متطورة تسمح له بتحقيق مفهوم الاستخدام الجديد. والمعنى: زيادة ما لا يقل عن 10 مليارات شيقل في السنوات الخمس القادمة. وهنا أيضا يكمن بعض الرهان في الخطة التي سيعرضها غانتس على الحكومة. فهو يبني على أنه رغم التقليص، في نهاية المطاف سيحصل الجيش على علاوة معينة لميزانيته.
غير أن غانتس يفعل اكثر من هذا. فهو يبني على أن هذه الحكومة ستبقى أربع سنوات على الاقل وانه في 2015 ستنتهي أزمة الميزانية. إذا لم يتحقق هذان الشرطان او واحد منهما، فان الجيش سيبقى مع نصف اصلاح في يده، وهذا هو الامر الاسوأ الذي يمكن أن يحصل للجهاز العسكري ولنا على حد سواء.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: