كـــيري يسـتـيـقــظ مـــن الحلـــم!
بقلم: ايتان هابر
يتراكض وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، هذه الأيام بين القدس ورام الله. يرغب كيري جدا في أن يكون الرجل الذي يحقق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. في أحلامه في لياليه الشرق أوسطية يبتسم من الأذن الى الأذن. بعيني روحه يرى آلاف الضيوف في ساحات البيت الأبيض، الابتسامات، والمصافحات، الاحتفال أمام كاميرات العالم، والمديح على لسان الرئيس: "يا جون، لقد فعلنا هذا". وسيكون له بالطبع ما يقوله عن "فعلنا"، عن هذه الشراكة الحميمة، ولكن كيري يتذكر وسيتذكر دوما كيف يكون سخياً في النصر.
وعندها، وهو لا يزال يغمر بالابتسامات من الحلم، يوقظه هاتف "ساعة المنبه" في الفندق، ويتفوه وزير الخارجية الأميركي بشتيمة لذيذة. فهو يوشك على أن يلتقي في الساعة القريبة القادمة بالكوليرا. وبعد بضع ساعات سيلتقي بالطاعون. "أف"، يتذمر كيري.
في الوقت ذاته يجلس في منازلهم خلف الخط الاخضر أصحاب أسماء كانت ذات مرة عناوين رئيسة، مثل بني كتسوفار، بنحاس فالرشتاين، دانييلا فايس وآخرين، ويسخرون بهدوء. فقد سبق أن تعلموا منذ زمن غير بعيد الا يضحكوا من علو القفزة. 13 – 14 وزير خارجية أميركي مروا عليهم منذ 1974، جون كيري أيضا سيمر. وهم لا يتأثرون بتصميم الأميركي، وبرغبته في أن يكون الرجل الاخير الذي يعنى بالنزاع الدموي، "اجتزنا فرعون"، يقولون، والتتمة معروفة.
الاسماء التي ذكرتها في هذا اللحظة لم يعودوا يديرون "الأمور"، وحل آخرون محلهم. ولكن الأسماء الأميركية أيضاً باتت جزءاً من أرشيفهم الوطني: فمن يتذكر بيكر، هيغ، فانس، باول، هيلاري كلينتون، اولبرايت، شولتز؟ أين هم وأين نحن؟ في هذه الاثناء، أضيف اليوم طفل آخر في ألون موريه، مقطورة اخرى في هار براخا، طريق آخر قرب ايتمار. كتسوفار، فالرشتاين، فايس ورفاقهم يواصلون. "والسائرون منا سيهتفون: نحن هنا!".
يبدو أن الجولة الخامسة لكيري المصمم هي الاخرى لن يخرج منها شيء. ولا من السادسة. السابعة والثامنة. وحتى لو جرى لقاء اسرائيلي – فلسطيني، فان احتمالات أن تولد "نهاية النزاع" طفيفة حتى الصفر. بنيامين نتنياهو يفهم جيدا بأن الزمن يعمل في طالح دولة اسرائيل. ولكن عندما يلم فكره القلق على مستقبل الدولة، على الفور تستيقظ في عقله الشحنة اليمينية وعلى الفور يظهر ابوه في أحلامه ويقول لنفسه: ما يضيرنا؟ السوريون يذبحون السوريين في الشمال. نصرالله يهدأ في لبنان، المصريون يقتلون الواحد الاخر ويحافظون على اتفاق السلام. الأردن يحمينا ونحن نحميه. ومع الفلسطينيين نحيي هذه الايام 46 سنة "تحرير"، "احتلال". لعله ينبغي منذ الان تشكيل فريق لاحتفالات الخمسين على حرب "الايام الستة" وعودتنا الى "آبار المياه، المدينة والميدان"؟
من جهة، لعل نتنياهو يريد، ولكنه لا يستطيع. فهو سيفقد "الليكود" والحكومة. من جهة اخرى ليس لابو مازن ايضا ما يسارع اليه. فهو يرى فكرة "الدولتين" تغرق، ويعرف أنه بات قريباً اليوم الذي سيكون فيه الفلسطينيون و"عرب اسرائيل" أغلبية في "بلاد اسرائيل الغربية"، بين البحر والنهر. فعلى ماذا يسارع؟ الساعة تقوم بالعمل بدلاً منه. فما هي 50 سنة في التاريخ مقارنة بالأبد؟ ملاحظة هامشية مع نجمة في كتب التاريخ؟
المشكلة الحقيقية مع نتنياهو وابو مازن هي أنهما، كل على حدة ومعا، لم يتأزرا بعد بالشجاعة للقيام بالخطوة الواحدة، الاضافية. كلاهما لم يبدل القرص بعد، مثلما حصل لمناحيم بيغن، اسحق رابين، شمعون بيريس، ايهود باراك، اريك شارون، ايهود اولمرت، تسيبي لفني وكثيرين آخرين. الى جانب مبررات الماضي، لديهما، برأيهما، كل الزمن الذي في العالم. و "الزمن سيفعل فعله". لا يمكن أن نعرف ماذا يحصل. "حاليا، على الاقل منذ 46 سنة، نحن نتدبر أمرنا". نتنياهو وأبو مازن يعتقدان بأن الثورات الآن في ساحتيهما ستقلب العالم، ستشوش النظريات والايديولوجيات لأجيال وسنين، وستخلق صدمات لا تشفى. نتنياهو وابو مازن لن يصنعا التاريخ ولن يدخلا الى كتب التاريخ.
المصدر:
يديعوت أحرونوت
0 comments: