Monday, July 22, 2013

"اسرائيل" تفشل في رد التحية وتنكفئ وراء الباتريوت

"اسرائيل" تفشل في رد التحية وتنكفئ وراء الباتريوت

22 تموز , 2013 00

"اسرائيل" وبحسابات خاطئة ذهبت إلى انه بات بإمكانها تفعيل نظرية الحرب الاستباقية - أسسها بوش الابن وحاول إيجاد نص قانوني لها في الأمم المتحدة - لكن هذه المرة ليس في السودان أو جنوب لبنان وإنما في الداخل السوري. وحتى الأمس القريب كان مجرد التفكير بهذا الاتجاه يجر مخاطرة كبيرة.

حاولت "اسرائيل" اللعب في الواقع اللوجيستي للجيش السوري من خلال ضرب شحنات السلاح التي يتزود بها، وبالفعل نفّذت غارتين استخدم في الثانية منها قنبلة نووية تكتيكية. وجد السوري نفسه مجدداً في نفس الموضع الذي وضِعَ فيه خلال عناقيد الغضب عندما حاول الاسرائيلي اللعب بالمعادلة "باستهداف مراكز قيادة قوات الردع السورية العاملة في لبنان مقابل كل صاروخ كاتيوشا ينطلق باتجاه المستعمرات العبرية" وتم بالفعل استهداف رادارين سوريين بغارتين منفصلتين، وصرّح يومها أحد قادة العدو (سنغير قواعد اللعبة) قبل أن يرد عليه وزير الخارجية السوري آنذاك، السيد فاروق الشرع، ومن بيروت (سنعيد قواعد اللعبة) وبالفعل فوجئ الجميع باستهداف رادار اسرائيلي في مزارع شبعا وكان التكتيك كالتالي : اشغال بالنيران من قبل المقاومة للموقع الهدف والمواقع المحيطة بينما يتم توجيه ضربة صاروخية له مباشرة من الداخل السوري وبذلك يتم تقديم قراءتين للهجوم. إحداهما إعلامية، تفيد بأن المقاومة اشتد عودها ولديها مطالب وعلى المجتمع الدولي الانصات لها، والثانية أمنية يقرأها الإسرائيلي والأميركي بأن لا يختبروا عزم سوريا. وهنا لحس الاسرائيلي بصقته وعاد إلى اللعب بالشروط السورية .

بعد الغارة على قاسيون عاد السوريون ليدرسوا خياراتهم والمعروف عنهم أنهم لم يلعبوا يوماً بتوقيت أو شروط أعدائهم وهذا جزء من غموضهم. كان أمام النظام خياران، أن يجبر على العمل في ظروف "معادلة" تقود حسابات رتبها العدو مسبقاً، وإما أن يدخل في معركة كسر عظم "جانبية" ؟! من هنا جاء القرار بضرب مستودعات بحرية في إيلات.
ولنفهم ماذا أراد القول في هذه الضربة علينا أن نعرف طبيعة الهدف الذي انتخب للضربة :المستودعات التي ضربت هي مستودعات للجيش الأميركي وتشكل نقطة دعم لوجستي للجيوش الأميركية العاملة في المنطقة، إضافة لإمكانية استفادة الإسرائيلي منها عند الضرورة. إذاً الآن نحن بصدد شروط عمل جديدة تحت عنوان "اللوجستي باللوجستي ".

أراد العدو التذاكي قليلاً بترسيخ تفاهم (اللعب تحت الطاولة بلا شروط) فلم يتم الإعلان عن الضربة، وهنا لم نجد الأميركي يسرب معلومات للوكالات العالمية! الضربة الصاروخية توحي بأن من أدارها دماغ متمكن من التكنولوجيا المعقدة وتتقاطع في بعض تفاصيلها مع الضربة الصاروخية التي دمرت الرادار في عناقيد الغضب من حيث قدرة الصواريخ على تغيير مسارها وصعوبة رصدها حتى بأجهزة الإنذار المبكر ودقتها الفائقة والقدرة التدميرية الكبيرة للتحصينات. فجأة يجد العدو نفسه في وضع المتلقي للضربات وعليه أن يفعل شيئاً لمسح الإهانة ...

السوريون ضربوا مستودعات لمعدات استراتيجية لذلك كان القرار بضرب مخازن سلاح استراتيجي، تدميره يجعل البحرية السورية تتحرك تحت نيران الناتو بلا إمكانية فعالة، طبعاً بشرط ضمان عدم تعويض الفاقد، فضرب ما يعتقد أنه مستودعات للصاروخ البحري الياخونت في قرية السامية. وهذا حقيقة ما فاجئ الكثير من المعنيين في المنطقة وفي مقدمتهم الدماغ العسكري السوري، المفاجئة لم تكن في التكنولوجيا المستخدمة في الهجوم ولا في التوقيت، إنما في حجم كل هذا الغباء الذي يحمله الدماغ الأمني الإسرائيلي ! حقيقة الضربة كشفت أن الصهاينة لا يعرفون عدوهم بالقدر الكافي، بل وبعد أربعين عاماً من "العشرة" لم يتمكنوا من فهم آلية تفكيره وما الذي يؤثر في مزاجه. اعتمدوا في تحديد أهدافهم على نتيجة خرجوا بها بعد العديد من التجارب هي "توقع من السوريين ما لا تتوقعه" وهذا أمر شاق بالطبع. العمل بهذه النتيجة بالإضافة لذكائهم التكنولوجي والبشري التراكمي قادهم للإستنتاج بأنه مستودع مكشوف تماماً، بلا حماية كافية حيث يوحي المكان بأنه شبه مهجور وتوجد فيه الأسرار الكبيرة ..

ملاحظة صغيرة: أصبح لدي قناعة بأن جهاز الموساد كالقطاع العام في سوريا في بعض أجزائه، استنزاف كبير لخزينة الدولة وإنتاجية لا تعادل جهد ثورين يفلحان.

شدة انفجارات ذخيرة المستودع المتواضعة قياساً بالعنوان العريض "سلاح استراتيجي" كانت كافية ليدرك الإسرائيلي أنه في هذه اللحظات هناك رجال بعضهم اغرورقت عينيه بالدمع وبعضهم انقلب على ظهره من شدة الضحك في غرفة عمليات شديدة التحصين في دمشق، فقرر العدو تدارك اخفاق أمني بحجم "فضيحة"، فتحرك سلاح الجو على الفور ليبدأ عملية أوسع وتحمل صفة أعمال حربية مفتوحة، لكن مزاج السوريين في ذلك اليوم كان عالياً، ويبدوا أنه كان لديهم الوقت الكافي ليديروا معركتين داخلية وإقليمية في آن معا، فبمجرد صعود الطيران الحربي الإسرائيلي في الجو وبداية تشكيل السرب القتالي، كانت المفاجأة الاستراتيجية الثانية عندما تدخل لأول مرة في الصراع صاروخ الأس 300 وأنهى النقاش الحاد وبرد الرؤوس الحامية فأسقط المقاتلة الأهم في سلاح الجو العبري، ولهذه الحادثة دلالات لا بد من الوقوف عندها :

أولا- مازلنا نملك إمكانية المبادرة ومازال لدينا مفاجآت غير سارة للعدو .

ثانيا- إسقاط المقاتلة فوق سواحل فلسطين رسالة كبيرة وضعت في بريد الناتو وقُرأت بعناية، إذاً مساحة عمل الطيران العبري بالكاد تكون فوق مطاراته والبريطاني قبل غيره أدرك أن طائراته التي كان يستعرض بها فوق المتوسط إنما كانت بمثابة البط في حقل الرماية .

ثالثا- تخلف التكنولوجيا الغربية عن نظريتها الروسية بعدة أشواط.

رابعا- كشف أنه في أية حرب مقبلة على نتنياهو أن يربط طياريه مرة أخرى بمقعد الطائرة تماماً كما فعل أسلافه في حرب تشرين التحريرية .

أمام هذا السلوك السوري غير المتوقع تراجع العدو للوراء خطوة واكتفى بنشر الباتريوت في إيلات .هكذا هم السوريون دائماً يعملون بصمت وبلا ضجيج وعندما يتعلق الأمر بالأصدقاء فإنهم يغادرون المكان بخفة ولا ينتظرون كلمة شكر .


» وليام الأحمد / كاتب سوري
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: