Thursday, July 11, 2013

عملية خلة وردة ١٢ تموز ٢٠٠٦، عصر الانتصارات

عملية خلة وردة ١٢ تموز ٢٠٠٦، عصر الانتصارات


شكلت خلة وردة، خلال فترة وجود المقاومة الفلسطينية في القرى الحدودية، ممرا للعمل الفدائ باتجاه فلسطين والمواقع الاسرائيلية المتاخمة للحدود.
لكن، ولأنها مكشوفة، تمكن الإسرائيليون من رصد أكثر من مجموعة فدائية فيها. وقتلها. إلا أن الخلة تمتاز، في المقابل، بموقع جغرافي يسمح بإمكانية تنفيذ عمليات منها، مثل عمليات الأسر، أو حتى التسلل إلى داخل فلسطين المحتلة، ولكن فقط إذا نفذت العملية بدقة متناهية كما فعل المقاومون. فهي تشكل الامتداد الطبيعي لحرج عيتا، المكمل بدوره لحرج مستوطنة زرعيت، (تشكل المستوطنة جزءا من بلدة طربيخا، إحدى القرى السبع)، وهي ميزة حرجية غير متوفرة في نقاط حدودية أخرى، وربما كانت منطقة مزارع شبعا هي الوحيدة المشابهة لها في ذلك. في 12 تموز ,2006 حصلت عملية الأسر عند نقطة متداخلة مع زرعيت، وهي عبارة عن نزلة وكوع (مفترق) يقعان على طريق المستوطنة الحدودي. 

جرت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز 2006 في خلة وردة. وخلة وردة تقع أسفل المواقع الاسرائيلية مباشرة. يعرف أهالي المنطقة، من خلال تجربتهم مع الاحتلال، أن الخلة تعتبر «ساقطة عسكرياً»، لأنها منخفضة عن المواقع مما يتيح لجنود الاحتلال مراقبة أي تحرك فيها، ويمكنهم الوصول إليها بسهولة عبر موقع رامية القريب. وبسهولة يمكنهم الدخول من الخلة إلى عيتا. 

لا يستطيع الجنود المتمركزون في موقعي رامية والراهب، رؤية الدورية عندما تصل تلك النقطة، لكن المرور فيها يستمر لحظات فقط. وهي اللحظات التي اختيرت لتنفيذ عملية الأسر. بقي المقاومون عند النقاط الحدودية في حالة رصد ومراقبة دائمة للتحركات الاسرائيلية، حتى أصبحوا يعرفون عدد الدوريات التي تمر يوميا، وتوقيت مرورها، وما هي المهمات التي تقوم بها. اكتشفوا ضعف النقطة الحدودية في عيتا، واختاروها مكانا محتملا للأسر. وشارك أكثر من قيادي في المقاومة في وضع خطط المراقبة: كم دورية تمر يوميا على طريق مستوطنة زرعيت، ما هي الآليات المستخدمة، عددها، نوعيتها، وأوقات مرورها. حتى حفظوا خطة سير الدوريات الاسرائيلية وتبديلاتها وحركتها بين المراكز، فاختاروا لتنفيذ الأسر الهجوم على آلية «هامر» لأنها هدف أسهل من الدبابة والملالة. يقول البعض إنه تمت مراقبة النقطة التي اختيرت لتنفيذ عملية الأسر لمدة سنتين من أجل التأكد من السبيل الذي يجعل الأسر ممكنا، بينما يقول البعض الآخر إن مقاومي حزب الله اكتشفوا النقطة الضعيفة وبدأوا بمراقبتها قبل السنتين بكثير. أما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فقد ذكر مؤخرا أن المقاومين رصدوا النقطة نحو ثلاثة أشهر قبل أن يتمكنوا من تنفيذ العملية، وذلك لأن السيارات التي كانت تمر منها كانت سيارات مدنية، وأحيانا سيارات مدنية يرافقها جنود. وكان المقاومون حريصين على أسر جنود لا مدنيين. بالاضافة إلى عمليات الرصد، جرى تثبيت آلات تصوير للمراقبة في المنطقة الحرجية، وفي مواقع مرتفعة محيطة بالبلدة، والشريط الشائك هو عبارة عن سياج الكتروني، محاط بحقول من الألغام يتراوح عرضها بين خمسين مترا في بعض الأماكن وستة أمتار في أماكن أخرى. وبالاضافة إلى حقول الألغام، هناك أجهزة تنصت حديثة وأجهزة تلتقط حرارة الأجساد البشرية إذا مرت قرب الشريط. كيف إذاً يمكن تجاوز كل تلك الأنظمة التي يكاد لا يفلت منها عصفور طائر؟ تم التعامل مع أجهزة المراقبة الاسرائيلية تبعا لخصائص الحياة في المنطقة، لأنها خصائص حياة المقاومين أنفسهم بوصفهم أبناء القرى والبلدات المحاذية للشريط الشائك.

وكما أدوا دور فريق كرة قدم خلال عملية الأسر في شبعا في العام ,2000 أدوا هذه المرة دور الفلاحين في عملية الأسر في عيتا. كان المزارعون في حقولهم في التوقيت الذي اختير لعملية الأسر، يقطفون التبغ والخضار، كما يفعلون عادة في الصباح. ربما كان هناك بينهم مقاومون... يعملون في الأرض. ربما قامت مجموعة أخرى من بينهم بلفت انتباه الجنود الاسرائيليين في المستوطنة إلى مكان آخر عبر مراقبتهم بالمنظار بطريقة ظاهرة تجعلهم يرونها. ربما قاد أحدهم سيارة أو دراجة بطريقة أثارت ريبة الجنود وجعلتهم يلتهون بمراقبته. كانت الاحتمالات متعددة للاقتراب من الشريط أو لفت نظر الجنود، لأنها احتمالات تتعلق بحركة الناس اليومية، ولا يمكن لمراكز إسرائيلية منع الناس من الحركة في قراهم. أما كيف يستطيع المقاومون تجاوز الشريط فتلك المهمة الأصعب، لكنهم قاموا بذلك ويستطيعون القيام به ما داموا يستطيعون الوصول إلى الحدود. يقول بعض الأهالي إن أجراس الانذار عند الشريط الحدودي، كانت تدق أكثر من مرة ويتبين أن هناك معزاة شردت أو غنمة أو بقرة من قطيع فلمست الشريط، ربما تكون إحدى تلك الحيوانات لمسته وكان المقاومون ينتظرون حصول ذلك، وقد تبين في ما بعد من رواية الزميل ابراهيم الأمين أن المقاومين كانوا يقومون أيضا بالتحرش بالسياج الحدودي. 

استدعت العملية مساهمة مجموعات عدة، للمراقبة والرصد والاسناد والأسر، ثم الجهوزية لاحتمالات ما بعد الأسر. في صباح الثاني عشر من تموز، ضربت آلية «الهامر» وسحب الجنديان من الآلية، شارك في العملية عشرة مقاومين، نقلوا الجنديين في سيارتين إلى خارج المنطقة، ثم جرى تبديل السيارتين، قبل انتقالهما في رحلة طويلة. في الوقت نفسه، كانت مجموعات من المقاومين تتمركز في نقاط محددة قريبة من البلدة لمعالجة أي رد فعل إسرائيلي. كانت المجموعات مجهزة بالصواريخ. تمركز أحد المقاومين تحت شجرة تين عند طرف الحارة القديمة وأمامه مجموعة صواريخ. بالقرب من موقعه، جلست سيدة عجوز تتشـــمس وهي لا تعـرف ماذا يجري عند خلة وردة، لكنها سمعت القصف الإسرائيلي. شاهدت المقاوم يقصف صاروخا باتجاه الخلة، فرحت به لأنه يرد على القصف وقالت له إذا قصفت الاسرائيليين بعد سوف أقدم لك «لفلوفة لبنة» مع فنجان شاي، ضحك لها وقال: «يللا ناطرك». خرج شبان من منزل الجيران وساعدوا المقاوم على نقل الصواريخ وتثبيتها، كان يشعر بالأمان بينهم، فقصف طواقم الانقاذ الاسرائيلية لمنعها من سحب القتلى من دبابة الميركافا بعد تفجيرها وقتل طاقمها المؤلف من أربعة جنود، وبقي الجنود في أرض الاشتباكات لمدة ثلاثة أيام. 
*المقاوم المذكور بقي في عيتا واستشهد لاحقاً في معاركها. كما استشهد القائد خالد بزي الذي شارك في الاشراف على عملية الأسر.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: